2012/07/04

أبو القاســم : أخـاف على الدراما الســـــــورية أن تهوي!.. والفساد جزء مهم من مهرجاناتنا!
أبو القاســم : أخـاف على الدراما الســـــــورية أن تهوي!.. والفساد جزء مهم من مهرجاناتنا!


سهر مهنا - البعث

عرف الفنان المسرحي الكبير عبد الرحمن أبو القاسم بـ" ابن الرومية " في الشارع السوري... ولأنه أشهر من أن يعرّف، فقد دخلنا في حوارنا معه مباشرة ودون مقدمات، وقد وصف الأعمال المدبلجة بأنها جاءت متأخرة لأنه كان في سورية عدد كبير من الفنانين الذين ركنوا على الرف، فلما جاءت هذه الأعمال أصبحت مورد رزقهم. وأكد أنه لن يتعامل مع الأتراك بقدر ما سيتعامل مع الإيرانيين في هذا المجال الفني. موضحاً لـ "تلي دراما" البعث أنّ ما قدم أخيراً على شاشتنا الوطنية ليس له علاقة بالبيئة الشامية على الإطلاق.

>  كان الفنان فيما مضى على صلة مباشرة بالجمهور يوصل رسالته الفنية، اليوم تعددت الوسائل وأصبحت صلة الفنان بجمهوره غير مباشرة هل مازالت الرسالة بالقوة نفسها؟

>> الرسالة لا تختلف في طريقة بثها للمتلقي سواءً كان قديماً أو حديثاً فالغاية هي وصول الرسالة إليه، أما بالنسبة للوسيلة فالوسائل مختلفة لكن الأهم هي الغاية، لذلك أنا لا أعتقد أن ثمة اختلافاً.

> هل أنت مع موجة "المدبلجات" التي غزت الفضائيات، وإن كان ثمة إيجابيات في هذا الغزو هل لك أن تحدثنا عنها؟

>> الأعمال المدبلجة جاءت متأخرة إلى بلدنا ولكن أهلاً وسهلاً بها لأنه كان لدينا عدد من الفنانين الذين كانوا مركونين على الرف، فلما جاءت هذه الدبلجة أصبح لديهم مورد رزق من خلال العمل في هذه المحطات ،لكن إلى أي مدى يمكن أن يفيد هذا أو يضر مجتمعنا، أظن هذا يقع على عاتق العامل في مسألة الدوبلاج فيجب أن ينتقى ما يناسب ويهم مجتمعنا أكثر يعني أنا لا أستطيع أن أدبلج عملاً تركياً مثلاً والحياة في تركيا أقرب إلى الأوروبية منها إلى العربية، فأنا لدي استوديوهين للدوبلاج لكن أنا أؤجر فقط ولا أنتج الدوبلاج. الآن هناك مشروع أن أدخل على الدبلجة من خلال تلفزيون العالم التابع لإيران وإن كان لي نصيب في هذه الدبلجة سأختار الأعمال التاريخية والدينية، فالإيرانيون ينتجون أعمالاً أقرب إلينا من الأتراك على الرغم من أن كليهما إسلامي لكن الاهتمام بالقيم والعادات والتقاليد الاجتماعية أكثر في إيران من تركيا التي هي أكثر انفتاحاً على الغرب.

> الأعمال الدرامية التي تناولت البيئة الشامية أفرزت آراءً متقاطعة بين قبول ورضا ورفض. كفنان كيف ترى مثل هذا السجال وقد أخذ منحى المبالغة سواء لجهة الإنتاج أو لجهة التقييم؟

>> مشكلتنا نحن العرب بشكل عام والسوريون بشكل خاص أنه إذا درجت بضاعة من نوع معين نكرر هذه البضاعة على عدة مستويات ونقدمها بأكثر من قالب، قد يكون قدّمت في البدايات أعمالاً دمشقية تهم الحراك الدمشقي فأنا من المعاصرين له منذ البدايات لذلك أنا أعرف تاريخ البيئة الشامية الحقيقية، أما الآن أكاد أجزم أن ما قدم أخيراً على شاشتنا الوطنية ليس له علاقة بالبيئة الشامية على الإطلاق هم فقط يتحدثون باللهجة الشامية وإذا لم يجد الممثل الحديث باللهجة الشامية يستثنونه على الرغم من أنهم حاولوا أن يقدموا ما يشبه الحالة الوطنية أو الشعبية أو البيئية أقول الحالة ولكنها ليست الحالة المفترضة لذلك أتمنى على شركات الإنتاج أن تتوخى الدقة في اختيار أعمال البيئة السورية بالعموم، فمن الأهمية أن نحقق الشيء القريب من الواقع للمتلقي لأن جيل الشباب يفتحون الآن عيونهم على الأعمال الدرامية بتنوعها، وأخشى أن يعتبروا أن هذه الأشياء هي البيئة الدمشقية الحقيقية وهي ليست كذلك.

> شاركت هذا الموسم في مسلسل (الحسن والحسين ) الذي أثار كثيراً من الجدل رغم حصوله على الحصانة! كفنان كيف وجدت العمل بالقياس إلى حجم النقد؟

>> أنا من القائلين أنه ليس هناك ممنوعات في الفن طالما نريد أن نقدم فناً ملتزماً يهم الجماهير سواءً على الصعيد السياسي والديني ، فالحسن والحسين كنص أجيز من المرجعيات الدينية المختلفة. يعني هناك جهات دينية ورقابية مهمة أجازته فصوّر العمل وأنا كممثل لا أتحمل مسؤولية إذا كان مسموحاً أن يظهر أسباط رسول الله " ص "على الشاشة أو لا يظهر، والمخرج والمنتج أيضاً في مثل هذه الحالة لا يتحملان المسؤولية لأن جهات مرجعية هي التي أجازت العمل، لذا أعتقد أن الذين منعوا العمل غالوا في مسألة المسموح والممنوع، فسيدنا المسيح عليه السلام شاهدناه على التلفاز مجسداً.

> ذكرت في إحدى اللقاءات بأنك في الأعمال التلفزيونية على استعداد لتقديم التنازلات المادية، أما بالمسرح فالمشاركة لديك أهم من الأجر، هل تفسر لنا ذلك؟

>> هذا صحيح بمعنى أن المسرح الآن لا يطعم خبزاً ولكن يطعم ثقافةً وأدباً وانتماءً. أنا في المسرح لا أساوم على الإطلاق في هذه المسألة ولا أقدم إلّا ما يجب أن أقدمه من الشيء الذي يعني المتلقي، فالمسرح بالنسبة لي هو رسالتي الحياتية وسأموت وفي نفسي شيء من المسرح، أما فيما يخص الدراما التلفزيونية حقيقة فقد أتنازل أحياناً. فنحن نعتاش من خلال مهنة التمثيل في التلفزيون فإذا قلت هذا لا أريده وهذا أريده، سوف أحرم من فرص كثيرة قد تعود علي بمردود مادي حيث أستر نفسي وعائلتي من عوز الأيام وهذا في اعتقادي شيء مشروع، وبالعموم حتى أنا أوافق على أعمال تلفزيونية قد لا أتوافق معها بالمعنى والفكر الذي يقدم من خلالها ، ولكن إذا أتيح لي أن أختار أنتقي العمل الأفضل الذي ينتمي إلى الناس أكثر ويقول مقولة ما لمجتمعنا الإنساني السوري والعربي فهذه هي رسالتي أيضاً.

> هل يرتبط أداؤك بالمسرح بشكل أو بآخر بأدائك في التلفزيون، وأيهما أقرب إليك؟.

>> أنا لا أشعر أن ثمة فرقاً في الأداء بين المسرح والتلفزيون، فأنا لا   أستعير صوتاً أو حالةً ما عندما أكون في المسرح ثم أغفلها في التلفزيون، فالممثل هكذا يقدم سواء كان في المسرح أو التلفزيون أو السينما لكن المواضيع هي فقط التي تختلف.. المسرح أقرب إلى روحي لكن لو كان المسرح يطعمني خبزاً لاخترته.

> عملت طويلاً في المسرح الفلسطيني ممثلاً ومديراً، وكان لك رأي سياسي في أهم الأحداث الفلسطينية آنذاك. هل ما زال الهم السياسي الفلسطيني يلقي بظله عليك كفنان؟

>>لا يمكن للهم السياسي الفلسطيني خصوصاً والعربي عموماً أن يبتعد عن ذهني ولا حتى للحظة واحدة، هذا الهم هم حياتي فنحن نعيشه شئنا أم أبينا على سبيل المثال فيما يخص الوضع الفلسطيني أنا يحزّ في قلبي جداً أن تكون هناك حالة عدم وفاق فلسطينية بين الفصائل الفلسطينية، ففلسطين بالنسبة لنا هي ليلى واحدة! وبالتالي هذا يقضّ مضجعي. كما لا أستطيع أن أكون فناناً سياحياً في المسألة العربية، الحراك الجديد في الشارع العربي أثلج صدري، كلٌ يحاول أن يقدم لمجتمعه الشيء الأفضل وهنا لا يمكن أن أكون حيادياً تجاه المسألة السورية، فهناك مطالب كثيرة شخّصها السيد الرئيس نفسه.. الحراك السياسي الذي يجري في سورية اليوم بين قوىً معارضة وطنية والحكومة سيغير حتماً الخارطة السياسية أنا أتحدث بألم عن القتلى والشهداء من مدنيين وشرطة وجيش، هؤلاء أبناؤنا فيجب أن نتوحد باتجاه أن نكون جسداً واحداً من أجل أن نبني هذا الوطن، لأن هذا الوطن دون تضحيات ودون خطوات تاريخية، كالإصلاح ومحاربة الفساد بكل أشكاله لايمكن أن يبنى ويتطور.

> أنت مقبل اليوم على تجربة مهمة في مسرح المونودراما يكتبها لك موفق مسعود. أي الآمال تعولها على هذه التجربة التي فيما يبدو أنها تعني لك الشيء الكثير؟

>> اتفقنا أنا والأستاذ موفق مسعود وهو شاب جميل يكتب للمسرح ويتعاطى في الدراما المسرحية ألا نكون سواحاً في هذا الزمن الذي نعيش فيه. اتفقنا أن نقدم عملاً مسرحياً، منودراما نتحدث فيها عما يحدث في الوطن العربي وما يسمى الربيع العربي، وأن نتحدث عما يحدث في بلدنا وعلاقة مايحدث هنا وهناك بالقضية الفلسطينية نريد ألا نكون طارئين، كما نريد أن نقدم رأياً موضوعياً تجاه المسألة الوطنية التي تجري وتنبت أمام أعيننا.

> وكيف تقيّم المسرح السوري؟

>> بداية كنا نعمل في المسرح بروح الهواة، كنا نحب المسرح وتعلمناه من إخواننا المصريين لأنهم السبّاقين إلى هذا الفن.. كنا نقدم العمل بحب وندفع من جيوبنا المواصلات والأكل والشرب حتى نستطيع أن نقدم عملاً مسرحياً ومع مرور الوقت أصبح المسرح جزءاً من حياتنا اليومية، وهنا أوجه رسالة إلى السيد وزيرالثقافة رياض عصمت من على منبر تلي دراما البعث "يا سيدي الوزير أكيد أنت تعرف أن المبالغ التي تقدم للعاملين في المسرح مبالغ متواضعة لاتغني ولا تسمن، أرجو أن ترفع سقوف هذه المبالغ والمكافآت، لأنه كما يقول نابليون بونابرت: (الجيوش تسير على بطونها)".

> السؤال السابق يأخذنا إلى الحديث عن الطريقة التي قدمت بها المهرجانات المسرحية السورية؟

>> في كل مرة تطالعنا وزارة الثقافة في سورية بحزمة من الإصلاحات فيما يخص المهرجانات المسرحية، لكنني لا أرى أن هناك إصلاحات فالمحسوبية جزء أساسي من هذه العروض والفساد جزء مهم من معضلة المهرجانات، لذلك أنا عندما أتحدث عن الفساد أريد أن نستأصل الفساد من كل المرابع الحياتية في حياتنا اليومية. المهرجانات المسرحية جزء من حياتنا اليومية، وإذا لم تكن هناك شفافية في نقد وطريقة تقديم هذه المهرجانات وأن يكون هناك ألق وشرف وغيرية فلا فائدة من الحديث والتشخيص أصلاً.. المهرجانات مزرعة خصبة ومناسبة للفساد، فالكمية المخصصة لهذا المهرجان من الأموال نصفها يذهب هدراً لذا فالتخلص من الفساد سيسهم في تقديم مهرجانات أهم بكثير مما قدمناه في السابق. لدينا الآن وزير للثقافة جديد هو د. رياض عصمت وهذا الوزير صديق الفنانين الشخصي وأنا أتمنى عليه أن يقف وقفة حقيقية تجاه هذه المسألة وألا يفسح المجال للمفسدين أن يفسدوا مرة أخرى .

> ما تقييمك للدراما السورية الموسم المنصرم؟

>> أنا من المتحمسين والقائلين بأن الدراما السورية بخير، فنحن في قفزة نوعية استطعنا أن نسجل حضوراً درامياً تلفزيونياً على الساحة العربية قاطبةً وليس على الساحة السورية فقط، لكنني أخاف على هذه الدراما أن تهوي. فعلى ما يبدو أصبح هناك استسهال في العمل. درامانا مازالت بخير ونحن استطعنا أن نسجل رقماً صعباً، فلنتوقف قليلاً ولنعمل براحة .