2012/07/04

شكري الريان

الشباب في أي مكان في العالم لهم الحق بأن يحلموا بمهنهم المستقبلية كما يشاؤون، ولهم الحق بأن يحلموا بأن يمارسوا تلك المهن في بلادهم بالتحديد، وليس في أي مكان آخر في العالم.. والسبب أن تحقيق حلم كهذا في مكان آخر بعيدا عن بلادهم يتطلب  أسبقية بمجموعة من الأحلام قبل الوصول إليه.. وقد يصبح حلم المهنة في المرتبة الثالثة أو بعدها.. إذ يجب أن يسبقه حلم السفر أولا، والتحصيل العلمي المناسب لممارسة المهنة ثانيا، ومن ثم ممارسة المهنة ذاتها، إن وجدت الفرصة لهكذا ممارسة.. ولأن الشباب، ليس في بلادنا فحسب بل في كل بلاد العالم، نفسهم قصير، لذلك فإن الرقم واحد يجب أن يكون قابلا للتحقيق وشاملا وغير معقد ولا يتطلب شروطا (أحلام) مسبقة ليتحقق.. لذلك فإن كثيرا من الأحلام ابتعدت من تلقاء نفسها عن مخيلة كان يجب أن تكون بسعة الأرض والسماء... ولو قدر لنا بمناسبة احتفالية السينما السنوية عندنا، أن نجمع مجموعة من شباب سوريا ونسألهم عن مهنة المستقبل التي يحلمون بها، فلست ابالغ إذ قلت أننا لن نجد حتى واحدا من بين عشرة قد أدخل مهنة سينمائية في حيز أحلامه... طبعا السبب معروف وقد يقول البعض لا داعي للاستفاضة.. ولكني حقيقة لا أفهم لم تعاودني نفس الأفكار مرة محددة كل عام.. أهو مهرجاننا وما يثيره في النفس من شؤون وشجون وهموم؟!!!.. ربما.. وربما بات من الأجزى مراجعة فكرة المهرجان من أساسها، ليس بسبب "إنجازاته" التي لم يلاحظها أحد من قصار النظر مثلي.. بل بسبب تلك الشؤون والشجون والهموم التي تأتينا كمرض موسمي كل عام..   ولأنني في مقالتي السابقة "تحدثت عن" السيد مدير عام المؤسسة العامة للسينما ولم "يراجعني" أحد... بعد.. فإنني "سأمط" حديثي قليلا باتجاه الوزارة التي يجب أو يفترض، لا أدري ما هي الكلمة المناسبة من باب التهيب، فهنا نحن نتحدث لهيئة أعلى.. يجب أو يفترض أن تكون هي الراعية الرسمية المسؤولة عن هكذا نوع من "الأحلام"، وبالذات في الجانب الأكاديمي، حيث في كل بلاد الدنيا معاهد للسينما إلا عندنا.. هل وصلت إلى وزارة التعليم العالي؟!!.. ولكنها غير معنية بالشأن الثقافي، أيضا لا أدري لماذا!!.. المهم أن وزارة الثقافة هي من أخذت على عاتقها هذا "الحمل" ولم تقم به كما يجب.. وأيضا إن سأل أحد لماذا، فهذا سؤال لا أملك إجابته.. ولا أعتقد أن وزارتنا العتيدة قادرة على إعطاء جواب مقنع فيه، إلا إن كانت السينما رفاهية يمكن تأجيل البت فيها أمام متطلبات معيشية لها الأولوية.. وهنا أصبحنا في وزارة التموين...  لا توجد لدينا أيضا معاهد للتلفزيون، ومع ذلك لدينا قاعدة وبنية تحية لا بأس بهما.. وهذا يعني أن ورشة العمل القائم أنجزت جزءا من المطلوب، ولو أنه غير كاف.. مع ذلك الكحل أحسن من العمى.. وفي السينما يأتي العمى من العينين مباشرة.. لا معاهد ولا ورشة ولا هم يحزنون، وبالتالي لا أحلام قابلة للتحقق.. إلا اللهم لو كان أحدهم يمتلك مع قدرته على الحلم، بعض الواقعية ويقرر أن الهجرة هي سبيله للوصول إلى ما يريد.. فهل هذا ما نريد إيصاله إلى أحلام شبابنا اللذين قد يصدف أن يكون أحدهم "طيبا" لدرجة يقرر فيها أن يعمل في السينما؟!!.. أو أن علينا، مادمنا قادرين على النفاذ إلى أحلام شبابنا، أن نضع قائمة للممنوعات من الأحلام ونسربها إلى هناك.. ونريح أنفسنا من عناء مواجهة أحلام لا تريد ولا تفهم ولا يمكنها أن تتنتظر سينما "حقيقية" لابد آتية بعد بضع عشرة مهرجان آخر، بشرنا بها السيد المدير العام!!!!..