2012/07/04

أحمد شهاب: لو كنت في بولونيا لعملوا لي تمثالاً!
أحمد شهاب: لو كنت في بولونيا لعملوا لي تمثالاً!

  خاص بوسطة - يارا صالح في الموقع الذي شهد انطلاقته المهنية، التقينا مشرف الصوت أحمد شهاب، الذي يعمل حالياً في مسلسل "السائرون نياماً" مع المخرج الكبير محمد فاضل، ومع مدير الإنتاج صلاح طعمة.. في قصة دخوله المهنة مفارقات غريبة، فهو انطلق من المكان الذي يعود إليه اليوم كمشرف صوت معروف، وقتها لم يقتنع بالفكرة التي طرحها عليه الأستاذ فيصل مرعي ليصبح مصوراً، وألح على أن يكون مشرف صوت، وهاهو الآن، اسم لامع في عالم الإشراف على الصوت في الدراما.. في مدينة الفارس الذهبي، التقته بوسطة وكان لنا معه هذا الحديث..    حدثنا عن بداية حياتك المهنية.. بدأت حياتي المهنية بعد أن أنهيت الخدمة الإلزامية، وشاءت الصدف أن أعمل  في مدينة الفارس الذهبي، مع المهندس فيصل مرعي، وله الفضل الكبير في دخولي إلى هذا العمل، بحكم صداقته مع أخي الكبير عندما كان موظفاً في التلفزيون. في البداية كان فيصل يريد مني أن أصبح مصوراً نظراً لبنيتي الضخمة، لكنني كنت ملحاً على مهنة مشرف الصوت، وقد نزل عند رغبتي، وهنا دخلت العمل كمساعد ثانٍ ومتدرب، في مسلسل "قريش" مع مشرف الصوت عماد سابا، ومساعده فيصل الخالد، وكان العمل من إخراج اللبناني جورج غياض، وبطولة محمود سعيد، مرح جبر، وليلى جبر، ولكن العمل انتهى بسرعة خلال عشرين يوماً. حتى الآن أعترف بفضل دخول إلى المهنة لأخي الأكبر حسين، وللأستاذ فيصل، الأول لأنه أعطاني أول معلومة في المهنة وهي أن خيال المايكروفون على الحائط يدعى (شادو)، والثاني لأنه منحني أول فرصة في الدراما. وكيف كان شعورك في بداية دخولك الوسط؟ شعور لا يوصف، على الرغم من وجود تعب في البداية، ولكن لا أحد ينتبه لوجود تعب ومشقة في سبيل تعلم مهنة أحبها. وما هو أول عمل شاركت به كغير متدرب؟ بعد فترة دخل فيصل عملاً جديداً مع المخرج محمد عزيزية، كان اسمه في البداية كان "أبو المنقذ"، وبعد فترة تم تبديل الاسم إلى "جمر الكلام"، وأثناء التحضير للعمل تم وضع أسماء الفريق التقني، فكان مشرف الصوت عماد سابا، ومساعده أحمد شهاب، أي أنا، هنا فوجئت بقدر ما كنت سعيداً وفرحاً، لكن المفاجأة كانت كبيرة، فأن أدخل بأول عمل مع مخرج كبير مثل عزيزية، ونظام تصوير بثلاث كاميرات وليس كاميرا واحدة، يعني أنه لا مجال للخطأ. كانت البداية صعبة جداً، لكنها كانت رغبة المشرف الهندسي المهندس معن عاشوري، ورغبة الأستاذ فيصل بأن أبدأ بالصعب، حتى يهون علي أي عمل آخر. بقيت على أعصابي لفترة، إلى أن دخلنا في التصوير، وفي البداية كان هناك صعوبة ومعاناة. حدثنا عن هذه الصعوبات.. أكثر ما يعانيه من يعملون في مجال الصوت هو الإضاءة، فداخل الأستوديو كانت الإضاءة كثيفة من جميع الجهات، ولا تستطيع الهروب، فهناك العديد من مصادر الضوء، وفي كثير من المشاهد كنت آخذ الصوت من فوق شبكة الإضاءة، وكانت هذه إحدى الصعوبات خلال ذالك العمل. بقيت موظفاً في مدينة الفارس الذهبي لفترة من الزمن، وعملت في معظم الأعمال التي صورت في المدينة، وهي كثيرة بحيث لا أستطيع تذكرها. حدثا عن أول عمل قمت بتسلمه أنت بالكامل.. "شو حكينا"، مسلسل كوميدي مع المخرج عماد سيف الدين، قمت بتنفيذه لوحدي كمشرف صوت، وكنت سعيداً جداً، فأنا كنت الرقم 1 في العمل بعد أن كنت الرقم 2، كان لي القرار والمرجعية، وحتى المستوى المادي كان أفضل، بعدها دخلت في عدة أعمال، ثم حصلت على وظيفة في التلفزيون السوري في قسم الصوت، وهذا لا يمنع بأن أعمل في القطاع العام والخاص، حسب فرص العمل. أي الأعمال كان أحب إلى قلبك؟ بشكل عام، العمل الذي تتعب فيه كثيراً تشعر بمتعة عندما تشاهده معروضاً على الشاشات. العملان اللذان أستطيع أن أذكرهما الآن هما "أيام أبو المنقذ" مع المخرج محمد عزيزية، وهو أول عمل قمت به، والثاني هو العمل الذي قدمته العام الماضي، وهو مسلسل "هدوء نسبي" مع شوقي الماجري، وكانا من أصعب الأعمال، وهما لا يذهبان من ذاكرتي. في السعودية أيضاً، عملت في "طاش ما طاش 8" في سورية، وفي عام 1999 "طاش 9". من بدايات دخولك هذه المهنة، منذ 15 عاماً حتى الآن، ماذا استجد في عالم الصوت؟ الأمور صعبة جداً، فهناك التقنين من قبل الشركات المنتجة. هناك معدات عالمية حديثة في عالم الصوت إلا أن الشركات تواكب الإضاءة والكاميرات، وتشتري أحدث الأجهزة، أما من ناحية الصوت فلا يعيرونه الاهتمام الكافي، فهم يعتبرونه مسألة كمالية، وباعتقادهم هو مجرد مايكروفون وعصاة، و(بيمشي الحال)، لكنهم يجب أن ينظروا للأمر بجدية واهتمام أكثر، فهناك نوعيات كثيرة من اللاسلكي تعطيك مجالاً بعيداً بدون أي انقطاع في الصوت، وبدون أي تشويش. هناك العديد من (المايكات) الجيدة والممتازة، لكنها لا تصل إلى البلد بسبب أجور أجهزة الصوت القليلة مقارنة بالكاميرا والإضاءة. ومع ذلك هناك تطور، ففي السابق كنا نتعامل مع (مايكات) متواضعة، أما الآن فهناك نوعيات من اللاسلكي لا تقيد المخرج بأي لقطة، فبوجود اللاسلكي، المخرج يملك مجالاً أكبر للقطات، كيفما شاء. سابقاً كنا نضغط على المخرج لكي يحدد كادره، وعلى الممثل أن يصرخ من أجل أن يكون صوته مسموعاً. في السابق كنا نرى في العمل الفني أكثر من شخص يعمل في الصوت، أما الآن نحن نرى شخصاً واحداً يقوم بكامل العمل، ما السبب برأيك، هل هو تطور المعدات أم هناك أسباب أخرى؟ في هذا العمل، أقوم أنا وزميلي شاكر اللطيف بالمهمة، وهذا حسب طلب المخرج والمنتج للعمل، ولكن في العادة ومنذ مدة، فإن من يقوم بالعمل هو شخص واحد يقوم بدور المشرف والمساعد معاً، وفي النهاية العمل الفني هو عمل اقتصادي وتجاري، فالمنتج يريد الربح والتوفير، وبدلاً من اثنين يقوم بالعمل شخص واحد. برأيي الشخصي، من الأفضل أن يكون في العمل أكثر من شخص، من أجل جودة العمل. في "هدوء نسبي" عانيت كثيراً بسبب وجودي لوحدي كمشرف صوت، وقد قدَّر بعض الفنيين الأجانب البولونيين تعبي، وأخبروني أن أربعة أشخاص يقومون بهذا العمل في بولونيا، ولو كنت هناك لعملوا لي تمثالاً! لكن هنا نوفر مادياً، ونقلص اليد العاملة. هل تعتبر أنك تحصل على حقوقك المادية والمعنوية في هذه المهنة؟ من ناحية الحقوق المعنوية فهذا يأتي من إحساسك بالعمل، إذا كنت راضياً أم لا، فإذا كان العمل على سوية جيدة فأنا سعيد على المستوى المعنوي. عندما يقدر منتج العمل جهدك أيضاً، فالكلمة الجميلة ترضيني معنوياً. أما الحقوق المادية، فأنا أرى أن هذه المهنة لم تأخذ حقها مادياً أسوة بالتصوير والإضاءة،  فلهما النصيب المادي الأكبر الذي يتناسب مع جهدهم وتعبهم، وأرجو، بالمقابل، أن يكون لمهنة الصوت ما يوازي تعبها. بحكم عملك في التلفزيون كموظف فإن دخلك المادي ثابت، نوعاً ما، ولكن هناك الكثير من زملائك غير موظفين، فهل تعتقد بأن عدم الانتظام في العمل يمكن أن يسبب مشكلة في عدم انتظام الدخل؟ كما ذكرت سابقاً أنا موظف، ولدي راتب شهري، سواء عملت أم لا، ولكن الكثير من أصدقائي غير الموظفين ينتظرون موسم العمل الدرامي ليتمكنوا من العمل، وإذا حصلوا عليه يمكن أن يكونوا ضحية للابتزاز والمضاربة. وهل هناك مضاربة في العمل؟ أجل هناك مضاربة، وهناك من يكسر الأجور من أجل العمل، والمنتج لا يهمه إلا الربح فهو يفضل الأرخص بالأجر، على القدير والجيد. لا أحد يبحث عن الاسم والنوعية الجيدة وهذه نقطة سيئة في المهنة، لهذا مهنة الصوت ليس لها عمر مهني طويل. عملت في الكثير من الأعمال، وحتى خارج سورية، في الخليج ومصر وأوروبا، ما هو الفرق بين الدراما السورية والخليجية والمصرية؟ الدراما هي الدراما، ولكن طبيعة العمل تختلف، فالإخوة الخليجيون، وبسبب الأحوال المادية الجيدة بالنسبة لهم، يترفعون عن المهن الفنية، ونادراً ما نرى شاباً منهم يعمل في هذه المهن المتعبة من أجل أجر يراه قليلاً، بل يتجهون لمهن أخرى، كالتصوير والإخراج والإدارة، المهم أن يكون مرتاحاً، وهم يعانون من هذه المشكلة، فعلى مستوى دولة كالكويت مثلاً، لم يجدوا شخصاً واحداً يعمل كمشرف صوت، وأجّلوا عملهم إلى أن يصل مشرف الصوت من سورية أو الأردن أو مصر، وهذا غريب في بلد فيها هذا الكم من الدراما. أما في مصر فهناك جميع المهن وبكثافة، ولكن طريقة العمل قد تختلف نوعاً ما من بلد لآخر. مع من تفضل العمل، السوريين أم المصريين أم الخليجيين؟ برأيي المهنة تبقى نفسها في أي مكان تعمل فيه، والمصطلحات واحدة. حدثنا أكثر عن أعمالك التي قمت بالعمل فيها.. الأعمال كثيرة والحمد لله، فنحن الآن في رحلة "السائرون نياماً"، والعام الماضي كنا في "هدوء نسبي" مع المنتج المنفذ صلاح طعمة والمخرج شوقي الماجري، وقبل "السائرون نياماً" عملت مع الأستاذ ثائر موسى في مسلسل "الهروب"، وهو عمل اجتماعي جميل. عملت مع العديد من المخرجين، هل لاحظت فروقاً بين مخرج وآخر؟ طبعاً هناك فروق، فهذه طبائع، هناك مخرجون يقدرون المهنة، ويشعرون بقيمة الفريق الفني المرافق، أما البعض الآخر فهم ينظرون لهذه المهن كمهن مكملة، كأنها إكسسوارات للعمل الأساسي، وهذا أمر غير صحيح، فالعمل لا يتم إلا بتضافر هذه المهن مع بعضها. هناك مخرجون يناقشون المشهد معنا، ويشرحون رغبتهم بالتفصيل، ماذا يريدون تحديداً، وما هو الصوت الذي يريدونه من المشهد ليخدم العمل، وهناك من لا يقوم بهذا. بصراحة من هو المخرج الذي تعاملت معه، وتود دائماً أن تتعامل معه؟ على الرغم من صعوبة العمل مع محمد عزيزية، فأنا أحب العمل معه، أعماله جميلة وهو مخرج محترم. ولكنك تختلف معه كثيراً، وتتشاجران أيضاً؟ نختلف كثيراً، لكن الاختلاف بالرأي لا يفسد للود قضية، والاختلاف في المشهد لا يولد أي ضغينة أو عدائية، ولكنه يكون لمصلحة العمل، أنا أحب العمل مع عزيزية على الرغم من صعوبته، فالعمل السهل لا يستهويني. هل تعتقد بأنك وصلت لنهاية المهنة وتعلمت كل شيء؟ دائماً هناك جديد، هناك شيء يجب أن أقوم به، وأتمنى حالياً أن أتعلم المكساج على الكومبيوتر، ولكن لضيق الوقت لم أتمكن من تعلم هذه المهنة، في كل عام أقول «بعد هذا العمل سأدخل في دورة للمكساج»، خصوصاً بعد أن أخبرني أصدقائي أنها دورة سهلة وبسيطة، وفي المستقبل أود أن أتعلم ذلك، وأعمل في مجالات أكثر أهمية. أخيراً نتمنى لك التوفيق، وشكراً على وقتك الذي منحتنا إياه. شكراً لكم ولموقع بوسطة الجميل والممتع.