2012/07/04

أسامة الرحباني: «دون كيشوت» صرخة الحلم النبيل داخل كل إنسان
أسامة الرحباني: «دون كيشوت» صرخة الحلم النبيل داخل كل إنسان

عبادة ابراهيم – خمس الحواس

تحمل أعمال أسامة الرحباني مضموناً فكرياً بين طياتها ورسائل سياسية واجتماعية في غاية الأهمية والجرأة، منطلقة من رؤية انتقادية وعميقة ل لمجتمع العربي، ومن رغبة صادقة في تقديم فن هادف، يساعد المجتمعات على التغيير للأفضل.

يرى أن النجم داخل عالم الرحابنة مختلف عن خارجه، لأنهم يهتمون بتسليح الفنان بالثقافة الموسيقية والإنسانية والتراثية معاً، ليكون على علم واف بالتاريخ والفلسفة، ويؤكد أن الانحدار الثقافي لم يطاول الأعمال الفنية من غناء وشعر وموسيقى وإخراج وبرامج تلفزيونية وإذاعية فحسب، بل امتد إلى السلطة الرابعة التي من المفترض أن تكون رقيبا على تلك الفنون.

متمنياً أن تؤثر الثورات العربية في تغير خارطة الفن للأفضل. «الحواس الخمس» التقى أسامة الرحباني على هامش فعاليات مهرجان أبوظبي 2011، ليحدثنا عن الرسائل التي يرغب في إيصالها للمشاهد عبر مسرحية «دون كيشوت»، وأسباب تبنيه صوت هبة الطوجي، في السطور التالية.

تحرصون في أعمالكم على تقديم شخصيات روائية لإيصال رسائل سياسية. من هذا المنطلق ما هي الرسائل التي تريدون إيصالها للجمهور من خلال مسرحية «دونكي شوت» في ظل الثورات التي يمر بها العالم العربي؟

تعد «دون كيشوت» من أشهر الروايات في تاريخ الأدب العالمي، ويعتبرها نقاد كثيرون أهم رواية غربية على الإطلاق، وذلك لأنها أعطت إنسانية للحياة البشرية، فالأحلام التي كان يتغنى به «دونكي شوت» في عصره هي الحلم لكل إنسان نبيل في الحياة، لأنه شخص متعطش للشهامة والفروسية، وعرض هذه الفكرة في هذا الزمن هو تذكير الناس بهذه المبادئ والأخلاق، وأتمنى أن تتحول هذه العدوى الإيجابية إلى مجتمعاتنا، وأن تنتشر في جميع أرواح وقلوب الناس.

ما السبب وراء تبنيك صوت هبة الطوجي؟

هبه فنانة متميزة، تمتلك جميع المقومات التي تؤهلها لأن تكون نجمة، فهي تمتلك ثقافة واسعة وذكاء حاداً، وإطلالة مختلفة، وتدرس الإخراج والتمثيل، إضافة إلى أنها سوبرانو وصوتها يغطي 4 أوكتافات وتتميز بغناء الموسيقى الشرقية والغربية.

هل لا يزال بوسعنا توصيف الرحابنة بأنه مسرح لإطلاق المواهب الجديدة، وما هو الهدف من ذلك؟

مسرح الرحابنة يحتضن المواهب الجادة، ويهتم بضرورة تسلح الفنان بالثقافة الموسيقية والثقافة الإنسانية والتراثية معاً، ويكون على علم واف بالتاريخ والفلسفة.

صرحت مؤخرا «أن كل من عملوا من الرحابنة أصبحوا نجوما»، ولكن هناك من قال انه أصبح نجما محاصرا بعالم الرحابنة وضمن إطارهم؛ فهل النجم داخل عالم الرحابنة مختلف عن خارج عالمهم؟

لقد خرّجت مدرسة الرحابنة عشرات الفنانين المتميزين، وأفرزت خلال مسيرتها الطويلة إبداعات فنية على صعيد الموسيقى، الغناء، التمثيل، الرقص، الدبكة الشعبية والشعر، فنحن نحتضن المواهب الجدية في التعاطي، دون احتكار، لذلك فالنجم داخل عالم الرحابنة مختلف عن خارجه. ثم إن أعمال الرحابنة تركت ولا تزال تأثيرها على الكثير من الذين يتعاطون التلحين في العالم العربي، فالموسيقى بالنسبة لنا ليست مجرد لغة العواطف فحسب، بل هي لغة الفكر والفهم أيضا. إنها لغة النفس الإنسانية بكل ظواهرها وبواطنها.

بعد الثورات العربية التي يشهدها الوطن العربي، كيف سيكون مستقبل برامج الهواة، وهل ستختلف عن السابق؟

من المفترض أن يكون هناك نوع من التغيير، ولكننا في عالمنا العربي نثور ثم نهدأ، فعواطفنا هي التي تتحكم في تصرفاتنا، غير آبهين بالعقل الذي دفع مختلف الدول الأوروبية للتقدم، ولكني أتمنى أن تغير هذه الثورات خارطة الفن بصورة عامة للأفضل.

هل ستشارك في الموسم الجديد لبرنامج «ستار أكاديمي»؟

لا أعرف حتى الآن، فلدي العديد من الأعمال التي تشغلني كثيرا هذه الفترة وأحضر لها.

كيف تقيم مستوى الفن حاليا، من وجهة نظرك؟

للأسف مستوى الفن حاليا أقل من المقبول، فهناك نوع من الاستخفاف بعقول المشاهدين نظرا إلى حالة الفساد التي تعاني منها الساحة الفنية، وذلك يعود لأسباب عدة، من ضمنها كثرة القنوات والفضائيات المهتمة بالملابس والحركات والألوان وليس بالصوت والقيمة والرسالة، فقد خرجت هذه القنوات على أساس واحد وهو تحقيق الأرباح المادية، إضافة إلى الوسائل التكنولوجية التي تتحكم في صوت الفنان.

المعارك التي يصنعها الإعلام ويساعد على تأجيجها، من وجهة نظرك؛ هل الإعلام فقط هو مسؤول عنها أم النجوم لهم يد في الأمر؟

يبدو أن الانحدار الثقافي لم يطاول الأعمال الفنية من غناء وشعر وموسيقى وإخراج وبرامج تلفزيونية وإذاعية فحسب، بل امتد إلى السلطة الرابعة التي من المفترض أن تكون رقيبا على تلك الفنون، محاسبا أحيانا، ومكافئا أحيانا أخرى بعيدا عن التّصفيق والتطبيل والتزلف.

والحد الذي وصلت إليه الصحافة الفنية لم يعد يبشر بالخير، فعوضا عن تصويب الوضع الفني المنحرف، أصبحت الصحافة جزءا من تلك الظاهرة الخطيرة، على الرغم من وجود استثناءات قليلة ومنابر إعلامية تحترم ذاتها، وقراءها، فلم يعد هناك نقد موضوعي بناء، إضافة للوجوه الفنية التي ترغب بتسليط الضوء عليها بأي شكل، متخذة سبلا ملتوية، مصطنعة خلافات بينها وبين نجوم آخرين ليس لها أساس من الصحة.

ماذا عن حفل مهرجان أبوظبي الذي قمت بإحيائه؟

سررت كثيرا بالمشاركة في هذا المهرجان، خصوصاً أن أبوظبي تعد منبرا لكبار الموسيقيين من مختلف الأنحاء، ووجهة ثقافية مهمة تحمل أبعادا إنسانية وتعليمية وحضارية، وقد قدمت مقطوعات موسيقية متنوعة، وروائع من مكتبة الأدب العربي لأبي الطيب المتنبي وأبي فراس الحمداني وجبران خليل جبران.

ما هو السبب وراء ترك كارول سماحة المسرح الرحباني وسلوكها سكة خاصة في الغناء؟

كل شخص حر في اتخاذ قراراته، وهي لها الحق في سلوك سكة خاصة في الغناء. لقد عملت جاهداً على كارول وفرضتها لتقديم «صباح الألف الثالث»، وكذلك فرضتها على المسرح الرحباني، فهي تعد من أفضل من وقف على المسرح الرحابني، وخصوصا في دور «زنوبيا» الذي يعتبر أصعب دور مسرحي نسائي.

أنت الأكثر قرباً من الراحل منصور الرحباني من بين أبنائه ومقيماً معه. ما الأثر الذي تركه رحيله على نفسك؟

منصور الرحباني كان يمثل بالنسبة لي، الأخ والصديق، فقد تميز بعطائه الكبير وثقافته الواسعة، ونبل أخلاقه، تعلمت منه كل هذه الأشياء، فقد عشت وتربيت مع إنسان أضاف الكثير للحضارة والموسيقى العربية.

كيف تصف بعبارة واحدة صوت كل من:

هبة طوجي: صوت ليس له حدود

لطيفة: أحترمها كإنسانة.