2012/07/04

أعمال السيرة الذاتية بين الترغيب والترهيب
أعمال السيرة الذاتية بين الترغيب والترهيب

بوسطة - وكالات

بينما ترفض «شادية» أن تقدم حياتها في مسلسل تلفزيوني، على الرغم من المحاولات التي لا تنقطع من عدد من الفنانين المقربين إليها مثل «شهيرة» لإقناعها بالسماح بتنفيذ المسلسل، ولكنها أغلقت هذا الباب نهائيا واتصلت بأشرف زكي، نقيب الممثلين المصريين، تطلب منه أن يتدخل بصفته الاعتبارية ليمنع شركات الإنتاج التلفزيوني من الاقتراب من حياتها، حيث اكتشفنا أن أكثر من نجمة شابة كان لديها مشروع لتقديم حياة «شادية»، كانت «بشرى» هي أول من بدأت بالمشروع، ثم «دنيا سمير غانم» فكرت في استكمال مشروع كانت قد بدأته والدتها «دلال عبد العزيز» قبل 25 عاما.. على الجانب الآخر، نجد أن نجمة كبيرة مثل «صباح» تؤازر مسلسل «الشحرورة» حتى يتم تصويره، بل هي التي تبوح بكل تفاصيل حياتها وتسجلها لتصبح هي المادة الأولية لصناعة مسلسل نراه في رمضان المقبل.. وعلى الرغم من أنه من المعروف أن «صباح» لا تعرف سوى الصراحة، فإنها لن تستطيع أن تبوح بكل شيء، خاصة ما يتعلق بسيرة حياة أقرب الناس إليها ونقطة ضعفها في الوقت نفسه وأقصد «هويدا».. «هويدا» هي ابنة «صباح» من عازف الكمان المصري الراحل الشهير «أنور منسي»، وغنت «صباح» لها أكثر من أغنية حققت شهرة عريضة، مثل: «أكلك منين يا بطة» و«أمورتي الحلوة بقت طعمة»، «حبيبة أمها» وغيرها.. «هويدا» طلبت من أمها ألا تفعل ذلك أبدا لأن «هويدا» كان لها أيضا نقاط ضعفها البشرية وهي لا تريد أن تكشف الكثير من أسرارها على الملأ، وأتصور أيضا أن قلب الأم - أي أم – لا يطاوعها على أن تفضح مثالب ابنتها.. ورثة الإعلامي الكبير الراحل «أحمد فراج» الذي تزوج بـ«صباح» في مطلع الستينات، وكان يقدم برنامجا دينيا شهيرا في التلفزيون المصري «نور على نور» - طلبوا ذلك، وأغلب الظن أنها سوف تستجيب لابنتها فهي لا تستطيع أن تقول لها: لا، وبالتالي فمن حق ورثة الآخرين المطالبة بالمعاملة بالمثل.. وسبق أن سجل «عبد الوهاب» و«عبد الحليم» و«أم كلثوم» و«ليلى مراد» و«إسماعيل ياسين» وغيرهم شذرات من قصة حياتهم بأصواتهم، ولكن لم يلتفت إليها أحد إلا بعد رحيلهم، والكثير من الأعمال الدرامية التي قدمت عن حياة هؤلاء اعتبرت أن هذه التسجيلات مجرد مصدر ولكنها ليست كل المصادر، فلقد أغفل الفنانون عن عمد الكثير من الحقائق أثناء تسجيلهم لتلك المذكرات، مثلا «عبد الحليم» لم يذكر شيئا عن السنوات التي قضاها في الملجأ.. «أم كلثوم» لم تتعرض في تسجيل حياتها إلى أي مواقف عاطفية عاشتها.. على الرغم من ذلك، لو كان الفنانون الذين قدمت حياتهم في مسلسلات على قيد الحياة وشاهدوها الآن، المؤكد أنهم سوف يملؤون الدنيا غضبا على الكثير مما رأيناه وسمعناه.. آخر مطربة قدمت قصة حياتها في مسلسل هي «ليلى مراد»، وجاء المسلسل مخيبا للآمال وأقام ورثتها دعوى قضائية ضد صناع المسلسل لا تزال تنظرها ساحة القضاء!! من بين المشاريع التي سوف ترى النور قريبا حياة الشاعر «أحمد فؤاد نجم» الشهير بالفاجومي. وحياة «نجم» التي يقدمها المخرج والكاتب «عصام الشماع» هذه المرة في فيلم سينمائي، سوف نرى خلالها الشخصيات ولكن بأسماء مستعارة.. «خالد الصاوي» يؤدي دور «أحمد فؤاد نجم»، وفي الفيلم يحمل اسم «أدهم نسر»، والشيخ «إمام عيسى» الملحن الضرير الذي ارتبط بأحمد فؤاد نجم وقدم معه أروع الأغنيات، يحمل اسم «همام موسى» ويؤدي دوره «صلاح عبد الله»، وتلعب الفنانة السورية «كنده علوش» دور زوجته الكاتبة الكبيرة «صافيناز كاظم»، وتلعب «فرح يوسف» دور المطربة «عزة بلبع» التي تزوجت أيضا الشيخ «إمام»، وكانت المفارقة هي أن «عزة» من أسرة ثرية وتتحدث الفرنسية، إلا أنها وافقت على أن تعيش مع «فؤاد نجم» في منطقة شعبية بل وعشوائية وهي «حوش آدم»، وتلعب «جيهان فاضل» دور امرأة أحبها «نجم». ويبقى أن عدم الإفصاح مباشرة عن الأسماء ربما تصبح حيلة قانونية لحماية كاتب السيناريو المخرج إذا اعترض أحد الشخصيات.. والمعروف أن مشروع فيلم يقدم حياة «أحمد فؤاد نجم» طرح على الحياة السينمائية قبل أكثر من 15 عاما، وتتابع على الترشيح لأدائه «عادل إمام» ثم «أحمد زكي» حتى وصل إلى «خالد الصاوي»، كان «عادل إمام» قد اعترض على موقفين في حياة «نجم»، أولا: قصيدة كتبها «نجم» اسمها «كلب الست» تسخر من «أم كلثوم»، التي عقر كلبها أحد المارة، ولم يرض «عادل» أن ينتقد «أم كلثوم» وطلب حذف هذا المشهد، بينما أصر «نجم» على الإبقاء عليه. الموقف الثاني هو العلاقة الخاصة بين «عبد الحليم حافظ» و«أحمد فؤاد نجم»، حيث كانا زميلين في الملجأ وهما أطفال، ولكن «عبد الحليم حافظ» تنكر لنجم ولم يكن يذكر أبدا تلك الواقعة، ويروي «نجم» في مذكراته لماذا لم يغن له «عبد الحليم حافظ» طبقا لما يقوله «نجم»، حتى لا يذكر الناس بالسنوات التي أمضاها معه في ملجأ.. كان الترشيح التالي لعادل إمام هو «أحمد زكي»، لكن القدر لم يمهله. وهكذا جاء الفيلم إلى «خالد الصاوي»، لم يعترض على أي واقعة، على اعتبار أن كل هذه الحكايات موثقة وكتبها «نجم» في مذكراته، وبالطبع فإن «فؤاد نجم» هو واحد من أكثر الشعراء المصريين المعارضين، فلقد عرف السجن في عهد كل من الرئيس «جمال عبد الناصر» و«أنور السادات»، وهو من معارضي الرئيس «حسني مبارك». و«خالد الصاوي» أيضا من الفنانين القلائل الذين يشاركون في المظاهرات التي تنتقد الدولة والنظام!! لجوء المخرج «عصام الشماع»، حتى لا يتعرض لمساءلات قانونية، إلى حيلة تغيير الأسماء، ولا أتصورها سوف تحل مشكلات قانونية، لو تصورنا مثلا أن «صافيناز كاظم» أو «عزة بلبع» اعترضتا على الصورة النهائية للفيلم أو على بعض الوقائع التي يقدم من خلالها الفيلم، على الرغم من أن «عصام الشماع» استند مباشرة إلى المذكرات التي كتبها «نجم» الذي ستستمع إلى صوته، ليس فقط كشاعر ولكنه سوف يردد مقاطع من بعض أغانيه!! وتبدو السينما كاستثناء في دراما السيرة الذاتية، لأن التلفزيون هو الملعب الأساسي، وفي الخطة حياة عالم الذرة «مصطفى مشرفة» الذي يقدم دوره «أحمد شاكر»، قالت لي «إنعام محمد علي» المخرجة إن أسرته رحبت، والمسلسل حاليا يتم إجراء المونتاج النهائي له ليعرض في الأسابيع المقبلة، لأنه لن يتنافس مع مسلسلات رمضان 2011.. بينما مسلسل «تحية كاريوكا» الذي تلعب بطولته «وفاء عامر»، فلقد انقسم الورثة حوله، وسوف يعرض في ماراثون رمضان.. ويتم إعداد مسلسل عن حياة الشاعر «محمود درويش» يخرجه السوري «نجدت أنزور»، ويلعب بطولته «فراس إبراهيم».. ومسلسل عن الشاعر «بيرم التونسي» باسم «أهل الهوى» كتبه «محفوظ عبد الرحمن» ومخرجه الأردني «عباس أرناؤوط».. المسلسل يتناول حقبة مهمة من تاريخ مصر وعلاقة «بيرم التونسي» مع الملك «فؤاد»، حيث كان مطاردا خارج الحدود، لكنه عاد لمصر مع حكم الملك «فاروق».. يتناول المسلسل كل المعارك التي خاضها «بيرم» وعلاقته مع «أم كلثوم» وصراعه مع «أحمد رامي» شاعرها الأول، حيث إن «بيرم» كتب منتقدا «رامي» زجلا صار شهيرا، والكثيرون يعتقدون أنه ينتقد الغناء الرديء، ولكنه كان يعتبر من فرط التنافس مع «رامي» أنه عنوان الرداءة، وهكذا كتب «يا أهل المغنى دماغنا وجعنا دقيقة سكوت لله» وهو يقصد «رامي».. تعيش مسلسلات السيرة الذاتية حاليا بين الترغيب والترهيب.. «صباح» و«فؤاد نجم» لا يكتفيان بالترغيب ولكن يشاركان أيضا في المساهمة بالإعداد الفني، وأغلب ورثة الفنانين لا يزالون يقولون: لا، ويهددون شركات الإنتاج والفنانين ويرهبونهم بإقامة دعاوى قضائية!!