2012/07/04

أمل بوشوشة في دراما البيئة الشامية.. هل الخيار صحيح.؟!
أمل بوشوشة في دراما البيئة الشامية.. هل الخيار صحيح.؟!


خلدون عليا – تشرين

لاشك في أن امتداد الدراما السورية عربياً ومشاركة نجوم من مختلف الجنسيات العربية فيها أمر جيد وخصوصا أن الفن لا يعرف الحدود،

ولكن وبكل تأكيد فإن مشاركة الفنانين العرب في الدراما السورية يجب أن تكون مدروسة وفي الوقت نفسه أن تكون مفيدة للعمل الدرامي الذي يشاركون فيه، أي أن تحقق هذه المشاركة قيمة مضافة «بالمعنى الاقتصادي» للعمل الدرامي، وهذا هو مسوغ دخولنا في مسألة مشاركة الفنانة الجزائرية أمل بوشوشة في مسلسل البيئة الشامية «زمن البرغوت» للكاتب محمد الزيد والمخرج أحمد إبراهيم أحمد، حيث تؤدي في العمل دور «رويدة».. وبنظرة موضوعية وواقعية لمشاركات «بوشوشة» السابقة في الدراما السورية نجد أنها شاركت في عملين هما «ذاكرة الجسد» للمخرج نجدت أنزور و«جلسات نسائية» للمخرج المثنى صبح وفي العمل الأول كان هناك مسوغات وأسباب عديدة لحضور «بوشوشة» وخصوصا أنها جزائرية وتجيد اللهجة، أما في العمل الثاني فإننا لاحظنا بكل صراحة أن أداءها كان عادياً جداً ولم يرقَ إلى مستوى أداء الفنانات السوريات المشاركات في العمل فلاحظنا على الرغم من محاولات المثنى صبح تحقيق تقارب إلا أن ذلك لم يحدث وبقي الفرق واضحاً في نظر الكثير من المتابعين والنقاد.

ببساطة لم نجد في «بوشوشة» مواصفات الفنانة التي تقدم إضافات كبيرة للشخصية التي أدتها في «جلسات نسائية» فهي لا تملك على الأقل تكنيك الممثل وفي الوقت  نفسه بدا واضحاً أنها غير موفقة في «ردات الفعل» تجاه الأحداث التي تتعرض لها الشخصية أو ما يسمى «الري أكشن» وهي نقطة مهمة بل ومهمة جداً في الدراما وخصوصا أن الصورة والإحساس اللذين يصلان إلى الجمهور في مشهد أو لقطة كثيراً ما يكونان أبلغ بكثير من جمل عديدة قد يقولها الممثل في ذلك المشهد، وبالتالي فإن جمال «بوشوشة» الخلقي ضروري ومن المعروف أن الجمال له دور كبير في الدراما ولكنه ليس عاملاً كافياً وحده لصناعة ممثلة جيدة جداً والأمثلة على ذلك كثيرة، وبالتالي فإن ميزة الجمال التي تمتلكها الفنانة الجزائرية لم تكن كافية لإقحامها في دراما البيئة الشامية، وفي الوقت نفسه فإنه بدا واضحاً أن أمل بوشوشة كانت بعيدة عن إجادة اللهجة السورية الخفيفة أو ما تسمى «اللهجة البيضاء» وهذا ما بدا جليا في مسلسل «جلسات نسائية» ولذلك فإنه من حقنا أن نتساءل: لو تم إسناد شخصية «رويدا» في العمل لممثلة سورية كيف سيكون الحال؟! ... أليس أفضل؟! .... الجواب متروك للجمهور.....؟

بالطبع هذا الكلام هو قراءة بسيطة في تجربة «بوشوشة» في العملين السابقين وهو يقودنا إلى مشاركة الفنانة الجزائرية في مسلسل «زمن البرغوت» وهو عمل بيئة شامية ومن المعروف للجميع أن اللهجة الشامية تعد من اللهجات الصعبة، وحاليا فإن قسماً من الممثلين السوريين يخطئون ببعض الكلمات التي كانت سائدة في تلك الفترات، فكيف سيكون الحال مع ممثلة لم تتقن اللهجة السورية البيضاء «الخفيفة»... بالطبع لن يكون الوضع سهلا وبسيطا بل سيكون صعباً، وهذا يقودنا إلى سؤال صناع العمل عن مبرراتهم لإقحام بوشوشة في هذا العمل؟!... فإذا كان الداعي تسويقياً فإنه يمكننا القول: إن العديد من الفنانات السوريات يملكن هذه الميزة «الاسم البياع» كما أن الدراما السورية غنية بالمواهب والأسماء القادرة على خوض غمار هذه التجربة وبنسبب نجاح أكبر بكثير.

البعض قد يفهم أننا ضد المشاركة العربية في الدراما السورية أو مشاركة «بوشوشة» بحد ذاتها وهنا نؤكد أنهم مخطئون في ذلك، فنحن من المشجعين لهذه المشاركة لكن بشرط أن تكون في مكانها وزمانها الصحيحين وأن تشكل هذه المشاركات قيما مضافة للدراما السورية فنياً وتمثيلياً وتسويقياً وانتشاراً ومكانةً، وأن تعطي أهمية للعمل الدرامي وألا تكون مشاركة لمجرد المشاركة أو من دون أهداف واضحة سوى المشاركة بحد ذاتها؟... وإذا ما قارنّا استعانة الدراما المصرية بالنجوم السوريين نجد أن المصريين استعانوا بنجوم سوريين كبار لهم تجربتهم وحضورهم القوي على الصعيدين المحلي والعربي ولم يستعينوا بأسماء غير معروفة أو تخوض تجربتها الأولى، ومن ناحية ثانية نلحظ أن استعانة الدراما السورية بممثلين لبنانيين مثلا خطوة موفقة لأنه تمت الاستعانة بأسماء إما أنها تملك تاريخاً وحضوراً كبيرين أو تتمتع بالموهبة الكبيرة ولم تتم الاستعانة بأسماء مغمورة، وكذلك الأمر بالنسبة للدراما العربية وبالتالي فإن الحضور العربي في الدراما السورية يجب أن يكون مدروساً ومحسوباً وألا يكون حضوراً لمجرد التجريب فقط أو لمجرد «البروظة» في حين أن الدراما السورية تعاني أزمة حقيقية في الموسم الحالي وهي بحاجة لتضافر جميع الجهود للوقوف معها وليست بحاجة إلى تجارب ليست في وقتها..

في النهاية نؤكد مرة أخرى أننا لسنا ضد مشاركة الفنانين العرب في الدراما السورية ومشاركة الفنانين السوريين في الدراما العربية، ولسنا ضد أمل بوشوشة لشخصها بل من الحكمة أن نصفق لها ونشيد بأدائها عند النجاح ولكن التجارب السابقة تعطي دلائل سلبية على الأقل على صعيد اللهجة فكيف باللهجة الشامية التقليدية، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن الخيار الإنتاجي والإخراجي للقائمين على مسلسل زمن البرغوت متمنين أن يكذّب أداء بوشوشة كلامنا.