2012/07/04

أنجلينا والسياسة الأميركية.. والأزمة السورية
أنجلينا والسياسة الأميركية.. والأزمة السورية

خاص بوسطة – يارا صالح


نظرية كنا نتداولها منذ أيام الجامعة، تقول إن "كل شيء من حولنا يصب في السياسة".. استنتاج ربما وضعه بعض من درسوا وخاضوا كثيراً في علم السياسة، وقدموه لنا جاهزاً دون أن نتمعن بدورنا في حقيقته، أو تطبيقاته..

والمثال الأبرز لإيضاح النظرية أو القول هنا هو الفن الأميركي، الذي دائماً ما يصب في مصلحة السياسة الأميركية، ولا أعني التكتيكية الآنيّة فقط، بل الأهداف الإستراتيجية التي تتعلق بالعولمة الثقافية، من خلال غرس الأفكار في عقول كل مُشاهد ومُتابع لهذا الفن بأنواعه، بما يخدم تفضيل هذا "الأميركي، الأبيض، البطل.." على جميع أجناس الشعوب من حوله، ففي الأفلام الأميركية مثلاً، البطل دائماً هو الرجل الأميركي البطل الذي يستطيع أن ينشر الحب والسلام في العالم، ويكون عرّاب أي شيء جميل في أي قصاصة فيلمية تقدمها لنا "هوليود"، مركز صناعة الأفلام الأشهر في العالم..

في المثال الثاني نستعرض حادثة ما تزال ماثلة في ذهن أي متابع للأحداث التي تجري في سورية، وهي زيارة النجمة العالمية أنجلينا جولي إلى «مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا هرباً من الجيش السوري الذي دخل إلى مدنهم ليقتل ويخرب ويغتصب النساء ويعتقل الأطفال»، ويطول العنوان المبهّر بالكثير من التوابل المزيفة الآتية من غرب فقد حاسة الذوق لكثرة ما تنشق دخان الحروب التي دائماً ما يشعلها في مناطق متفرقة من العالم..

الزيارة "الأنجلينية"، والتي يقترب اسم صاحبتها من اسم الملاك باللغة الإنكليزية "Angel"، جاءت في وقت تزداد فيه الأهمية الغربية لتسليط الضوء على «جرائم النظام السوري ضد أبناء شعبه»، إلا أنها لم تقدّم شيئاً إضافياً لهؤلاء «اللاجئين»، الذين توفر لهم تركيا كل أسباب البقاء تحت رعايتها ورقة ضغط على النظام السوري، وبالتالي فإنها (الزيارة) من حيث الشكل والرسالة والتوقيت، تصب في خدمة الهدف الأميركي التكتيكي والاستراتيجي معاً، فهي إلى جانب أنها تخدم المقولة الأولى «الأميركي البطل» "The American Hero"، فإنها أيضاً تخدم اللحظة هذه في السياسة الأميركية لناحية تسليط الضوء على «الأزمة السورية» أمام العالم أجمع..

نعود إلى المقولة الأولى: "كل شيء من حولنا يصب في السياسة".. وبعد هذه التجربة الحديثة لنا في سورية مع المتغيرات التي رافقت الأزمة السورية، فإننا قد نضيف أن التجارب أثبتت أيضاً أن كل شيء من حولنا يخدم السياسة وهو مسخر لها، وخصوصاً إذا كان آتياً من غرب يعرف تماماً كيف يضع كل إمكانياته، بذكاء وبراعة شديدة في خدمة مصالحه، وكيف يسوق لهذه الخطوات جيداً..