2012/07/04

عفراء ميهوب- صحيفة تشرين بالفطرة والإيمان بقوة الإرادة أبداع الإنسان إنجازاته الفنية وغيرها، حيث تعتبر الفنون مقياس حضارة الشعوب تصور حياتها وترسم إيقاعاتها التي يتدرج عليها الناس صوب المستقبل، فمن تمجيد الأرض ومواسمها كان وحي الألحان البكر التي واكبت تطور الإنسان في غدوه ورواحه من خلال ارتباطه بالأرض، وحلمه بالأعالي، فكانت منبع الموسيقا وباقي الفنون من خلال الحوار الذي ابدعته الحاجة إلى الحضارة. أي شعور نبيل تحركه أغنية (هللي ياسنابل هللي) ولماذا تبدو الصحوة هذا الصباح على غير عادة القلق والخوف من الآتي، وأي أمان وسلام تهفو النفس فيه إلى عالم تسوده الهناءة والعطاء؟ ‏ وهل تستطيع كلمات أغنية أن تترك كل هذا الأثر الطيب.. عند الجميع، ولدى الجماعات والشعوب تستيقظ ذاكرة لاتطفئ شعلتها التغيرات ومن لاتختزن ذاكرته شيئاً عن القمح ومواسم الحصاد، فليمعن النظر والتأمل في رغيف الخبز على مائدة الفطور وعلى مائدة الحياة بما فيها من فنون مشرقية صاغت حياة العربي منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا من خلال ارتباطه بالأرض ورحلته الحضارية التي صاغت شخصيته وخصائصها فكان له حضوره وإيقاعه وموسيقاه التي طبعت الكلمة العربية والحرف العربي بموسيقا وإيقاع لايخطئها الدارس. ‏ لماذا اليوم: هللي ياسنابل.. وهل هي المصادفة التي تبشر بالخير ووفرة إنتاج القمح لهذا العام.. ‏ إنه.. الأمل بالغد؟! أرخ له زكي ناصيف بالأغنية وفي (11) آذار كان رحيله وبقاء أعماله التي شكلها بالكلمة واللحن، عصارة من إيقاعات جبال سورية ولبنان والأردن والعراق وفلسطين.. وهو الذي شرح «الدلعونا» فقال «إنها تعني مد، يدّ العون التي كانت شائعة في القرى حيث يتعاون الناس في حصاد السنابل وجمعها أغماراً في بيادر ومن ثم تصبح طعاماً وخيراً وفيراً على العاملين، تلك المعرفة المرهفة التي صاغ صداها إيقاع لحن جديد لحياة الناس: فتغمرهم البهجة في دبكة تظهر ارتباطهم وعزتهم بالأرض وخيراتها ‏ هكذا حملت السنبلة من موحيات الكلمة واللحن مايجعل الفرح سيد الموقف، ومن نهضة الأغنية واللحن ركناً من أركان نهضة البلاد، التي تفتح أبوابها مرحبة بقدوم الأحباب والترحيب بالغياب بعد طول فراق «طلوا حبابنا طلوا».. فالأغاني والألحان وسيلة تواصل مع الكائنات، تشكل إضافة مبدعة باتجاه الصورة المشتهاة، وإتمام الفرح بحضور الخير والأحباب، وكلاهما من أهم عناصر الحياة التي تبعث على الرضى وتنشد الأفضل؟ ‏ ذلك هو الإحساس الصادق الذي ينبع من مظاهر الحياة في فرحها وحزنها باعتبارهما دورين تتناوب عليهما الأيام: من صلف العيش ورخائه.. وبين انحباس المطر وفيض عطائه.. بين العيش بسلام أو التعرض لاعتداءات قاهرة.. وبناء على هذا قالوا بالأصالة التي لايعني استعادة إيقاعاتها فخاً للرتابة والتكرار، وإنما للمضي نحو الأمام وهذا هو المطلوب من الأغاني والألحان المفتوحة على الطرب والحلم بما فيها من عذوبة يمكن تحقيقها بالابتكار والإيقاع المتطور أو المتغير الذي يصل الريف بالمدينة، والمدينة بالعالم، والعالم بالحضارة التي تمجد خلود الإنسان وأمنه وسلامه على أرضه.. ومن ثم الاستئناس بالألوان الجديدة بما لايحيد عن الغايات الأساس.. ‏