2012/07/04

أوراق ..لحظة الإعلام السوري
أوراق ..لحظة الإعلام السوري


علي الراعي - تشرين

لم يستطع «صديقنا» من درعا، أن يضبط أعصابه، وهو يسمع صداح مذيعة قناة الجزيرة، تؤكد بما يشبه اليقين، أو كأنها قي قلب الحدث، أن «الدبابات السورية تقصف الجامع العمري في المدينة» فما كان من صديقنا «الدرعاوي» إلا أن اتصل بقناة الدنيا السورية، ليفجر بركان غضبه من الشتائم على قناة الجزيرة، مكذباً، ما «تؤكده» مذيعتها بما يشبه اليقين «ياعالم أنا أسكن بالقرب من الجامع العمري، ولا أثر لدبابات هنا..»

تلك هي اللحظة – الفرصة، التي وضعت من قناة استمرت لكثيرٍ من الوقت «تنام» في عسل التواضع، وأقصد هنا قناة الدنيا، بعد أن تخلت قناة الجزيرة في لحظة غدر، وأن تضحي بكامل مهنيتها وموضوعيتها، وتصير في هذه اللحظة، وكأنها قناة تبث من الصومال، وكادت خلالها أن تفرغ من كوادرها الشرفاء.. ‏

في هذه اللحظة كان على الإعلام السوري، أن يتلمس طريقه صوب المهنية، ذلك أنه ليس من وسيلة إعلام في هذا الكون تستطيع أن «تثبت» أنها «حيادية»، قد تكون موضوعية هذا صحيح، وهذا يظهر في نقل الحدث من وجهة نظر ممولها، وما هي أولياته في هذا النقل، «شرط ألا يكذب» والمهنية في تسلسل هذه الأوليات، و..غير ذلك لا أحد يستطيع فعل شيء، لكن الذي ظهر في «الأزمة السورية» أن هذه القناة –الجزيرة- التي استطاعت خداعنا لزمن طويل في الموضوعية والمهنية، سقطت في مطب التأجير و«التجنيد» أي كانت جزءاً، أو دائرة من أجهزة من أعلنوا الحرب على سورية، ومن ثم كانت الصدمة الكبيرة، ثم الخيبة، التي أعطت الفرصة لإعلام «متواضع» كالإعلام السوري، لأن يقوم بمهمة الموضوعية والمهنية، وإن جاء الأمر وكأنه «غصباً عنه» ولاسيما الفضائية السورية، والإخبارية، أما قناة الدنيا، فقد انتقلت من الدفاع والتكذيب، إلى الهجوم، عندما ذهبت أخيراً لنقل أصوات «شهود العيان» الذين ينقلون أحداث «الثورة القطرية».. ‏

طريقة تعامل نقل قناة الدنيا للأحداث، ورد الهجمة العدوانية الإعلامية على سورية –الحرب على سورية إعلامية في 95بالمئة منها- جعلت السوريين يديرون ظهورهم للقنوات التي تمسكت بـ«العهر» الإعلامي، وجعلت من قناة «شام إف إم» مصدراً لأغلب معلوماتهم، وعندما كان السوري يمل من متابعة الأحداث، كان يذهب باتجاه قنوات «طلعت» على الفضاء حديثاً، وتقتصر في معظم بثها على الأغاني الوطنية، التي لعبت هي الأخرى دوراً، أو كانت جزءاً من الميديا السورية، وأقصد هنا الأغاني على قنوات (سورية بلدنا، فرح، موج، حلب tv، وحتى الطبية السورية) فبما سجله المطربون السوريون، وغير السوريين، من أغانٍ كانت تواكب الأحداث، جاءت كأنها تحليلات سياسية، حتى إن خطاب الأغنية السورية، تغير خلال الشهرين السابقين، وكان لذلك أثره المهم جداً لدى السوري، الذي اكتفى بشاشاته الوطنية، وجعلنا ندرك حجم خطأ القائمين على الإعلام السوري، في عدم تشجيع السوريين على الاستثمار في الإعلام، فماذا لو كان لدينا «عشرون فضائية» اليوم؟! فالسوري وصلت به خيبة الأمل من كل ما هو «عربي» إلى حد ‏ الوجع.. ‏