2019/12/16

خاص بوسطة – جلال رومية

البيروقراطية عند البعض حالت دون تقديمي برنامجٍ تلفزيوني

"المختار" أقصاني عن حالة الترفيه الموجودة في الراديو

الخيار الأفضل بالنسبة لي حالياً هو "المختار"

أحياناً أستضيف أشخاصاً لا أكون مقتنعاً بهم

 

في الحلقة الأخيرة من الموسم الثامن لبرنامج "المختار"، وضع الإعلامي باسل محرز نفسه على كرسي المُحاوَر أمام عدد من زملاء المهنة، وفرد حصاد ثمان سنوات على الطاولة للوقوف على سؤال: هل قدم المختار ما هو كافٍ؟ ليجيب محرز: "عندما أجد أن هناك شيئاً يقدم للناس أهم مما يقدمه المختار، سأوقفه"، لكن مختار السوريين لم يتوقف، وأكمل بموسم تاسع.

باسل محرز وفي حوارٍ مع "موقع بوسطة"، تحدث عن سبب عودتهم بموسم جديد، والبيروقراطية التي حالت بينه وبين تقديم برنامج تلفزيوني، وعما إن كان قد تم تهديدهم بإيقاف "المختار"، وكشف إلى أين يفكر الوصول بالبرنامج.

 

- قُدمت الحلقة الأخيرة من الموسم الماضي للمختار وكأن البرنامج انتهى، إلا أنه أكمل هذا العام بموسمه التاسع، لماذا عدتم بموسم جديد؟

لم يكن هناك قرار بأن تكون الحلقة الأخيرة، وإنما نوع من التفكير حول ما إن كان البرنامج قد قدم ما هو كافٍ، أم لا زلنا بحاجة موسم جديد، وبالفعل تمت دراسة الموضوع بشكل كبير، وسبق أن قلت في الحلقة الأخيرة من الموسم الماضي، عندما أجد أن هناك شيئاً يقدم للناس أهم مما يقدمه "المختار"، سأوقفه، وللأمانة لم أجد ذلك، فلا زال "المختار" باسمه ومفهومه والشيء الذي قدمه للناس، الخيار الأفضل بالنسبة لي في المرحلة الحالية، فمن خلاله استطعت تقديم أكثر شيء أحب إيصاله للناس المحبين له، لهذا السبب كان قرار العودة بموسم جديد، وهذا ما جعلنا نتأخر حتى شهر كانون الأول، على عكس المواسم السابقة التي كانت تبدأ في أوائل تشرين الثاني. 

 - هل ممكن أن يوقعك الاستمرار بنوع واحد من البرامج في فخ التكرار؟

ضمن برنامج مثل "المختار" لا يمكن ذلك، لأن نظامه يحتوي كل شيء، فهو ليس برنامجاً فنياً أو ثقافياً أو اجتماعياً ولا رياضياً أو اقتصادياً أو خدمات وشكاوى، بل هو كل هذه الأنواع، لذلك هو بعيد جداً عن التكرار، وهذا ما يدفعني للاستمرار به، فهذا النمط من البرامج لا يشعرك أنك تكررت، لأنه في كل يوم مواضيع مختلفة، ومقابلات مع أشخاص جدد.

الشيء الوحيد الذي فعله "المختار"، أنه أقصاني عن حالة الترفيه الموجودة في الراديو، كونه غير مناسب للمحتوى الذي أقدمه.

  - ما أكثر الأشياء صعوبة في إعداد وتقديم هذه النوعية من البرامج، خاصة أن المختار سقفه عالٍ، ومتابع على مستوى واسع ومن شرائح متنوعة؟

أصعب شيء هو الحفاظ على سوية واحدة لا تتغير، وتقديم برنامج بذات الزخم على مدار تسع سنوات، وبالتالي يجب أن تستمر في البحث عن مواضيع اجتماعية لم تناقش، وظواهر لم يتم الحديث عنها، وأفكار لم تقدم، ومشاريع لم تغطّ، وهذا ما نقوم به طوال فترة الصيف أثناء توقف البرنامج، إضافة للمواضيع التي تحدث بشكل يومي ونناقشها آنياً، وهذا أصعب ما في تقديم المحتوى الجديد، القادر على شد المستمع رغم مرور السنين. 

 - كيف كان تعاون الجهات الإعلامية المسؤولة بسوريا معكم خلال تعرضكم لمعوقات؟

بالعموم المؤسسات الرسمية في بداية البرنامج، أي في عام 2011 لم تتقبل وجود برنامج على إذاعة خاصة يتواصل معهم بشكل مباشر، كانوا معتادين إرسال أخبارهم المعدودة سلفاً لوكالة الأخبار السورية "سانا" والمحطات والصحف الرسمية كي تُنشر، لم يكونوا معتادين على أن يتصل أحد بمكتب الوزير أو بمعاونه أو أي مسؤول ليأخذ منه تصريحاً على الهواء مباشرةً، هذا كان جديداً عليهم، وتعذبنا على هذا الصعيد خلال تلك الفترة، إلا أنه عندما بدأت الحرب، أصبح الانتباه لموضوع الراديو، وإلى دور الإذاعات الخاصة أكثر، فقد أدركوا أهمية التعاون معها، وضرورة أن يكونوا على علاقة مباشرة مع هذه الوسائل الإعلامية، وللأمانة معظم المؤسسات تتعاطى معنا بإيجابية، أما فيما يتعلق بوزارة الإعلام واتحاد الصحافيين، لا أريد القول بأن ليس هناك تعاون لأنه لا علاقة بالأساس.

وإن كان القصد حول إذا كانوا قد وقفوا إلى جانبنا عند تعرضنا لأحد المواقف، فللأمانة نحن لم نتعرض لشيء من هذا القبيل، وحتى إن حصل فلا أظن أن هناك شيئاً ما يقومون به، لأننا بالنتيجة وسيلة إعلامية خاصة، وبالتالي لا يوجد هذا النوع من التعاون في مثل هذه المواقف.

 - هل هُددتم سابقاً بإيقاف البرنامج؟

البرنامج أثار حفيظة كثير من الناس، بعضهم مسؤولين، وبعضهم من قطاع الإعلام، أو من مؤسسات حساسة، وأزعجهم ما قيل من كلام في البرنامج، وأرادوا أن يحكى بشكل مخالف أو ألا يقال أبداً، لكنهم لم يستطيعوا أن يأثروا أو يهددوا، ونحن لا نستجيب أبداً لأي كلام من هذا القبيل، هذا لم يحدث ولا أتوقع أن يحدث.

 - على أي أساس تختار ضيوف الليوان من الفنانين؟

ضيوف الليوان حتماً هم أشخاص لديهم رصيد فني كبير، أو يقدمون حالة جميلة للجمهور، فأحياناً استضيف فنانين لازالوا في بداية مشوارهم الفني، لكن بكل تأكيد لديهم شيء مختلف وجديد، لذلك أحب أن أكرّس الحلقة لهم، وأحياناً أخرى أستضيف الأسماء التي تحبها الناس، وغالباً يجب أن يكون لدى الضيف محتوى وفكر، وألا يكون سطحياً أو مكرراً، وأحاول جاهداً ألا أكرر. 

لا شك أني في بعض الأحيان قد أستضيف أشخاصاً لا أكون مقتنعاً بهم، وهذا يحدث عندما يستمر البرنامج لعدد كبير من المواسم، فلا يمكن الحفاظ على مستوى معين، ومن المؤكد أن تكون بعض الحلقات أضعف من غيرها، وهذا شيء طبيعي.

 - مَن مِن الفنانين دعوته للبرنامج ولم يقبل، وما السبب؟

للصراحة لم يرفض أيًّ من الفنانين دعوة البرنامج، بعضهم لا يقبلون لأنهم لا يظهرون على الإعلام، وهؤلاء الفنانين لم أدعوهم للصراحة لأني أعلم ذلك مسبقاً، مثل الفنانة سمر سامي، أما من يظهر على الإعلام فلم يعتذر أحد منهم.

 - هل فكرت بتحويل "المختار" إلى برنامج تلفزيوني؟

عُرضت عليّ أكثر من مرة فكرة تقديم البرنامج على التلفزيون والراديو أيضاً، لكن لا أتخيل أن ضمن القنوات السورية الموجودة حالياً، هناك قناة تحمل محتوى "المختار"، لأن سقفه عالٍ، ولا يوجد به خطوط حمراء، إلا الأخلاقية والأساسية التي لا يختلف عليها اثنان، أما المحطات التلفزيونية فلديهم خطوط أكثر من هذه وحسابات مختلفة، قد لا تتماشى مع ما أقدمه، فأنا لا أقبل أن يطلب مني عدم الحديث في ملف أو موضوع معين، وأن يكون هناك نوع من الرقابة على شيء يقدم في "المختار"، لذلك لم أجد حتى الآن المحطة التي تسمح بتقديم "المختار" دون أي تدخل منهم، ولهذا أفضل أن يبقى حالياً على الراديو.

وإن كنت سأتجه نحو التقديم التلفزيوني، فلن يكون "المختار"، وكان هناك فكرة برنامج تلفزيوني مختلف، لكن البيروقراطية الموجودة عند البعض لغت الفكرة.

 - إذا لديك الرغبة في خوض تجربة التقديم التلفزيوني؟

طبعاً، لدي رغبة في ذلك، لكن متى يحصل لا أعلم، هو مشروع موجود، لأني بكل تأكيد لدي شيء أقدمه يختلف عما يُقدم، ولكن ضمن الظرف والشرط المحيط المناسبين، وهنا أتكلم عن الإعلام السوري، فلا أرى حتى الآن أني أستطيع تقديم ما يشبهني على أي محطة من المحطات الموجودة، وفي حال فتحت لي محطة ما باباً أنا لا أراه، فسأحاول بكل جهدي أن أقدم ما هو مختلف. 

 - إلى أين تفكر أن تصل بالمختار، وتقول بعدها "المختار" فعلاً حقق مبتغاه الحقيقي؟

أحاول الوصول لكل بيت، وإلى كل سوري داخل سوريا وخارجها، وأن أزرع أفكار معينة وأدفع الناس لتعيد تفكيرها بأشياء بسيطة تحدث أثراً في المجتمع، أسعى للوصول إلى فكر جميع الناس، وأطور أجزاء معينة من الأمور السلبية التي يمكن أن نقوم بها جميعنا، لذلك لا أتصور أن يتحقق هذا الهدف، وتنتهي هذه الرسالة، طالما يوجد سوري بحاجة لأن نتحدث عنه أو نحاوره أو نقدم له فكرة، لهذا سيبقى "المختار" موجوداً، حتى وإن لم يكن على الهواء، سيبقى كفكرة، لأن "المختار" ببساطة، فكرة عن سوريا التي نحبها أن تكون، وسوريا مثل ما أنا أحبها هي خلاصة "المختار"، ويمكن القول إنه عندما تصبح سوريا بكل ما فيها مثلما أنا أحبها، يكون لا داعي لوجود "المختار".