2017/03/22

سلاف فواخرجي ترد على بيان المؤسسة العامة للسينما
سلاف فواخرجي ترد على بيان المؤسسة العامة للسينما

بوسطة - بيان صحفي 

 أصدر المكتب الصحفي في المؤسّسة العامة للسينما بياناً يردّ على تصريحٍ أدلت به الممثلة سلاف فواخرجي لموقع بوسطة، حيث عبّرت الأخيرة عن استيائها من الذهنية الإنتاجية التي حكمت عمل المؤسّسة مؤخّراً.
 بعدَ تقديمٍ مشكورٍ يستعرض تاريخاً من التعاون بين المؤسّسة وبين الممثلة السورية، تحدّث بيان المؤسسة العامة للسينما عن فيلم "مدد"، الّذي تقدّمت به فواخرجي ليكون مشروعها الثاني على مستوى إخراج الأفلام الروائية الطويلة، بعد شريط "رسائل الكرز" الّذي حقّق حضوراً وازناً في المهرجانات العربية والعالمية، وانقسم بيان المؤسّسة، فيما يخصّ "مدد"، إلى قسمين اثنين.
 القِسم الأوّل إجرائيّ، يُفنّد تصريحات سلاف فواخرجي، ويُشير إلى أنّ اعتذار المؤسّسة عن عدم تنفيذ الفيلم، بحجّة عدم حصول النّص على مصادقات القرّاء، لم يستغرق إلّا أسابيع قليلة، وليس سنتين اثنتين كما جاء في حديث الممثلة السورية.


 تستطيع المؤسّسة أن تتنصّل من الوعود الشفهية التي مُنحت لسلاف فواخرجي، بدءاً من محادثات شهر نيسان 2016 مع الإدارة السابقة، وصولاً إلى محادثات شهر أيلول 2016 مع الإدارة الحالية، وبإمكان المؤسّسة أن تنحيّ الارتباط الأدبيّ جانباً، ويحقّ لمكتبها الصحفي أن يُقدّم مستنداتٍ ووثائق لسنا نُنكر صحّتها، لكنّ للصّورة تتمّةً تعامى عنها البيان، فنحن تعاملنا مع المؤسّسة وفق العرف الّذي درّجه مديرها السّابق، ووزير الثقافة الحاليّ، الأستاذ محمد الأحمد، الّذي منح الفنّان السوريّ قيمةً اعتبارية، واحتفى به في المناسبات كلّها، إذ لم يُدِر ظهره للإجراءات الورقية، لكنّه جعلها في نهاية سلّم اهتمامات المُخرجين موجهّاً إيّاهم نحو التركيز على الشقّين التقني والإبداعي، وضمن هذا السّياق، قدمّت فواخرجي مسوّدة "مدد" واستمعت إلى الملاحظات وتجاوبت معها، وحصلت على موافقةٍ شفهيّة وأخلاقية من الإدارة الحالية، وعلى هذا الأساس جرى إدخال النّص إلى الديوان، وفق التاريخ الّذي جاء في بيان المؤسّسة، وتمّ الاتفاق على تصحيح مواطن الضعف والاشتغال على تجويد النّص، لنُفاجأ لاحقاً بحذف المشروع عن خارطة 2017.
 ورقيّاً، وإجرائيّاً، وبروتوكوليّاً، فإنّ بيان المؤسّسة العامة للسينما مُصيبٍ ولا لبسَ فيه، لكنّه يُشبه من قال "لا إله" ثمّ صمت، فحوّل التوحيد إلى كفر، إذ تجاهل الجانبَ الأخلاقيّ الّذي عوّلت عليه سلاف فواخرجي من خلال اتفاقها الشّفهي مع الإدارة السابقة، ممثّلة بشخص السّيد وزير الثقافة، والّذي جرى التنكّر له فيما بعد ، والحديث هنا عن الاتّفاق، من قبل الإدارة الحالية الّتي ردّت على انتقادات الممثلة السورية من زاويةٍ إجرائية. هذا السّلوك يمكن أن يكون عادياً من الناحية الثبوتية ، لكنّه يصير أقربَ إلى ذرّ الرماد في العيون حين يتعلّق الأمر بالعمل الفنيّ، القائم على الأخلاق والنزاهة والإخلاص والإبداع.


 وإذا كانت المؤسسة متشبّثةً بقدسيّة النص كما يؤكّد بيانها، فما تفسيرها لصدور الأوامر الإداريّة لعدد من الأفلام، والمباشرة في تحضيرها، بناءً على مسودات وتصوّرات مبدئية، بعضها لا يتجاوز عدّة صفحات، خلال الفترات السابقة؟ إدارة المؤسّسة تعرف تماماً أنّ هذا ما يحصل، حتى لو أنكرته أو أوردت أوراقاً رسمية حياله. على الأقل، فإنّ نص "مدد" مكتمل، والفنانة سلاف فواخرجي أبدت انفتاحها على التطوير والتعديل، حسب اتفاقها الشفهي المذكور.
 القِسم الثاني من البيان تحدّث عن خللٍ عضويّ في النّص تجلّى، حسب المكتب الصحفي للمؤسسة، بثلاث نقاط. النقطتان الأوليان تتحدّثان عن تجاهل النص لدور الجيش العربي السوريّ في الأزمة، وتعاميه عن تضحياتهم وعدم تقديمِ روايةٍ دراميةٍ تعترف بالجنديّ السوريّ "بطلاً للمرحلة".


 ولأنّ النقطة الثالثة تحدّثت عن "تفاصيل وعلاقات غير مقنعة، وثغرات عديدة لا مجال للإسهاب في الحديث عنها" فسوف نكتفي بتفنيد النقطتين الأوليين.
 إذا افترضنا حُسن النوايا، واعتبرنا أنّ بيان المؤسسة يناقش النّص من زاويةٍ فكرية، فإنّنا في "مدد" قرّرنا أن نُقدّم مقاربةً مختلفةً لـ"أفلام القضيّة"، بعيداً عن الخطابة والشعاراتية التي انتهجتها أغلبَ إنتاجات المؤسّسة خلال الحرب.
 إن إجراء مراجعةٍ بسيطة لتاريخ السينما، في العالم والمنطقة، يُثبت أنّ الأفلام التعبوية لا تُنتج فكراً، ولا تَصنع اختراقاً. لَن نتحدّث عن مِصر ولن نستشهد بالسينما الإيرانية الّتي أدّت دوراً فكرياً وتوعياً استثنائيّاً على المستويين المحليّ والعالمي، وسنكتفي بالالتفات إلى السينما اللبنانية التي استطاعت، على الرغم من تواضع الإمكانات والأدوات، أن تنقل وجهة نظرِ أصحابها وصنّاعها إلى أهمّ المنصّات في أوروبا والعالم، وهذا ما كنّا وسنظلّ نسعى إليه من خلال تطويرِ آلية تفكيرنا وأساليب الطّرح وطرائق صناعة الحكاية السينمائية.
 كنّا دائماً وأبداً معنيين بالشعب السوريّ، وحريصين على تقديمِ فيلمٍ يليق بإدراكه لمفردات المرحلة، لكنّنا في "مدد" أردنا أن نخاطبَ جزءاً من العالم لا زال يظنّ أنّ السوريين يعيشون في الصّحارى ويركبون الجمال.
 ضمن هذا السّياق، قرّرنا أن نشتغل على مقاربةٍ تُدافع عن هوية البلاد وحضارتها، وتُقدّم الرّاهن من خلالِ شريطٍ يترك أثره في شارعٍ لا يعرف عن سوريّتنا إلّا ما يُشاهده ويسمعه في الميديا الغربية، وإذا كان المعنيون في المؤسسة العامة للسينما يعتبرون هذا الصّنف من السّينما يُقلّل من أهمية دور الجيش فهذا أمرٌ يدعو إلى الأسف أوّلاً، وإلى إعادة الحسابات ثانياً.


 بعضَ القُرّاء ساءهم البيان، ووجدوا فيه غمزاً نحوَ تنكّر سلاف فواخرجي لدور الجيش العربيّ السوريّ باعتباره المدافع الأوّل عن شرفِ البلاد وسيادتها. استناداً إلى ثقتنا بحُسن نوايا من صاغ بيان المؤسّسة وصادق عليه، واعتماداً على يقيننا بأنّ الحسّ الكيديّ في البيان لم يَكن مقصوداً، فإنّنا وحرصاً على صدقية العلاقة بين سلاف فواخرجي والجمهورين السوري والعربي نقول:
 لم تُجاهر سلاف فواخرجي يوماً بما رفضته من عروضٍ أراد أصحابها أن يُقايضوا الممثلة السورية على انتمائها وهويّتها الوطنية، ولم تتردّد مُخرجة "رسائل الكرز" في المجاهرة بوجهات نظرها على المستويين السياسيّ والوطنيّ، فأعلنت ولاءها للأرض والشعب والجيش في المنابر كلّها.
 وإذا كنتم، أيّها القراء الأعزّاء، قد تحسّستم في البيان الصادر عن المؤسّسة العامة للسينما، كلاماً يُراد به الاصطياد في الماء العكر، فإنّنا نؤكّد أنّ ولاءَ سلاف فواخرجي لم ولن يتغيّر، وأنّ درجة انتمائها لسوريّتها، أرضاً وجيشاً وشعباً وعلماً ونشيداً، لا يُمكن أنّ يمسّ بها بيانٌ صحافيّ بصورةٍ مقصودةٍ أو غير مقصودة.
 إنّ لجوء المؤسسة العامّة للسينما إلى ذكر البديهيات والرموز الوطنيّة المقدّسة التي نفتخر بها، يهدف إلى حرف الانتباه عمّا حصل حقيقةً، ونقل النقاش إلى مستوى آخر، ووضع صاحب الحق في موضع الدفاع عن وطنيّته وعن خياراته التي لا يرقى إليها الشك. من المؤسف أن نتلمّس أسلوباً غير لائق كهذا، في التعامل مع إجحاف فنيّ وأدبي وأخلاقي بحق نجمة عربيّة، شرّفت الفنّ السوري في شتى المحافل والمنابر.


 يؤلمنا أن تُهاجم بعضُ مؤسّساتنا الوطنيّة من الشّعب الّذي تشتغل بإسمه وبماله، ويؤسفنا أن نرى بعضَ الصفحات المعنية بالشأن الفنيّ السوريّ، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تكتبُ عن شلليّة ومنافع ومحسوبيات تجتاح مؤسّسة السينما وتحكمها، ونشعر بعميق الحزن حين نعجز عن الإجابة على أسئلة تبحث في ما ورائيات منح مخرجين محددين فرصِ أخراجٍ متتالية مع كل الاحترام لهم بينما يُحرم مُخرجون آخرون من العمل لاعتباراتٍ تُقنّعها المؤسسة، حسب ما تتداوله الصفحات السابقة، بأسبابٍ تتعلّق بجودة النصّ.
 لطالما ثمّنّا تضحيات الجيش، واعتبرنا شهداءه خطّ الدفاع الأوّل عن البلاد، وانطلاقاً من هذه الرؤية ومن هذا الانتماء ومن هذه العلانية، فإنّنا نعتبر النهوضَ بالفنّ السوريّ، لجهة التجريب والخروج عن المألوف وتطويرِ الأدوات وتجاوز السائد، بما يُفيد لإيصال صوتنا الوطنيّ إلى العالم كلّه، نعتبره جزءاً لا يتجزّأ من مفردات الولاء لدماء أبطال المرحلة من العسكريين والمدنيين.

المكتب الصحفي للممثلة السورية سلاف فواخرجي.