2016/03/28

صندوق الدنيا: احتفالية أم مرثيّة في وداع المسرح السوري؟!
صندوق الدنيا: احتفالية أم مرثيّة في وداع المسرح السوري؟!

خاص بوسطة- شذى الموعي

شهدت خشبة مسرح الحمراء في دمشق احتفالية يوم المسرح العالمي، بعنوان "صندوق الدنيا... مسرح الحياة"، (إعداد وإشراف فني فؤاد حسن)، وذلك يوم الأحد (27 نيسان 2016).

قدمت الاحتفالية فقراتٍ عديدة، كان فيها صندوق الفرجة مدخلاً للإضاءة، على ألوانٍ متنوعة من فنون الأداء، حاولت تلخيص تاريخ المسرح السوري عبر حواراتٍ بدأت بالعنتريات، وصوّرت مرارة واقع السوريين في ظل الحرب، لكنّها تركت الباب موارباً للتفاؤل قليلاً.

 تخلل العرض مواد فلميّة ذات طابعٍ وثائقي، تم توليفها مع الفقرات المقدّمة، التي تنوّعت بين التمثيل والرقص، والحكواتي، ومسرح الدمى، و"خيال الظل" بشخصيتيه الشهيرتين "كاراكوز وعيواظ"، الذين تبادلا مع والدهما (الصيني) حواراً، يستلهم مفردات "الأزمة السورية"، وانعكاساتها (كالهجرة)، أما كلمة يوم المسرح العالمي (كتبها هذا العام المخرج الروسي أناتولي فاسلييف)، فقدّمت مصوّرةً، وألقاها مجموعة من المسرحيين السوريين، تناوبوا على إلقاء مقاطعها، بطريقةٍ أقرب ما تكون للأداء المسرحي.

الاحتفالية بدت متقشّفة إلى حدٍ كبير، بما لا يليق مع  أهميّة المناسبة التي كانت تحظى بألقٍ كبير خلال سنوات ما قبل الحرب، وبدا لافتاً غياب وزير الثقافة عنها، وكذلك رموز المسرح السوري المعروفين، من ممثلين ومخرجين اعتادوا التباكي على حاله،بينما يصرفون معظم أوقاتهم هذه الأيّام، في مواقع تصوير الأعمال التلفزيونية، للحاق بموسم العرض الرمضاني.

 المخرج المسرحي مأمون الخطيب علّق على ذلك قائلاً:"المؤسف ليس فقط غياب المسؤولين عن الثقافة لهذه المناسبة، بل سياسة التطفيش من المسرح الذين يتبّعونها مع المسرحيين السوريين، والتي ربمّا دفعتهم لعدم الحضور."

ووصف في تصريحه لـ "بوسطة" أجواء الاحتفالية بأنّها: "تدعو للحزن، حيث لم يكن فيها أي ملمح للحديث حول ما يجب أن يكون عليه المسرح السوري، وما شاهدناه هو عبارة عن مرثيّة في وداعه."

 وحاول مأمون الخطيب تفسير الشكل والمضمون، الذي انتهت إليه احتفالية يوم المسرح العالمي هذا العام، بالقول: "الأمر أولاً وأخيراً يعود للمخرج، فهوَ مَن يضع الفكرة، لكن يبدو أن الحالة الثقافية السائدة، وغياب الدعم المطلوب، والتوجه إلى إحباط المسرحيين، كل ذلك مجتمعاً يقودنا لإنتاج أفكار كالتي شاهدناها اليوم، ولو أردنا الحديث عن نجاح أي مسرحية، فذلك يعود بتقديري لاجتهاداتٍ شخصية (إعلامية وإعلانية)، وفي هذا العرض؛ لا أعتقد أن المعنيين بذلوا جهوداً موازية لقيمة هذه المناسبة المعنوية."

لكّن الخطيب نوّه بالمقابل لبعض الجوانب الإيجابية في عرض الاحتفالية كـ "الإضاءة والمؤثرات، وكلمة يوم المسرح العالمي التي نفذت بطريقة جيدة وجديدة، لكن فكرته كانت تدعو للحزن وفقدان الأمل." على حد قوله.

 أحد أبرز الحضور؛ ميشيل جبّور العامل بمسرح "الحمراء" منذ عام 1965، والذي تقاعد مؤخراً، وفي حديثه لـ "بوسطة" تجاهل سؤالنا حول رأيه بالاحتفالية، واكتفى بمقارنةٍ من ذاكرته بين مسرح اليوم والماضي، طغت عليها الخيبة: "للأسف كل شيء تغير، حيث كان العرض بالماضي يستمر لما يقارب الثلاثة ساعات دون كلل، والجمهور متعطشاً للمسرح، يستمتع،ويشاهد المسرحية حتى إن لم تسنح له فرصة الجلوس، وطوابير الناس تقف في كل مكان متاح لتشاهده إلى نهايته، رغم أن الممثلين كانوا هواةً وليسوا خريجي معهد متخصص، أما هذه الأيّام، فلا تمرّ ساعة على بدء المسرحية حتى نرى الملل يسود الصالة، والممثل يمّلُ قبل الحضور، وغاب الجمهور الذوّاقلفن المسرح، وبات الحضور مقتصراً على أهل وأصدقاء الفنان بأغلب الأوقات."

حبّ المسرح لازال يسري في دماء ميشيل، الذي قضى سنوات طويلةً من عمره يحرسه، ويعمل بـ "الديكورات، والملابس، والإكسسوارات وكل ما يساعد في ظهور المسرحية بالشكل الأمثل للجمهور، ويجعله سعيداً بالعرض."

 جبّور أنحى باللائمة في تدهور الحركة المسرحية السوريّة على "الفنّان الذييبيع المسرح بما فيه مقابل أجر أعلى يتقاضاه بالتلفزيون والدوبلاج."، ورغم أنّه لا ينكر أهمية الجانب المادي، لكنّه دعا  بمناسبة يوم المسرح العالمي إلى احترام "أبو الفنون"، ومساعدته لينهض من جديد، فهو: "الفضاء الذي يسمح باللقاء الصادق مع الجمهور."

عرض "صندوق الدنيا" الذي أريد له أن يكون احتفالية تحوّلت لـ"مرثية في وداع المسرح السوري"، شارك فيه الممثلون: محمد شما، زهير البقاعي، كامل نجمة، روجينا رحمون، خوشناف ظاظا، لجين شما.

والراقصون: مهى الأطرش، رأفت زهر الدين، ملاك العبد، جمال تركماني، وصمّم الأخير رقصات العرض.