2012/07/04

«كل عار وأنت بخير»: التوأم ملص أكثر نضجاً وجرأةً في مواجهة الجميع
«كل عار وأنت بخير»: التوأم ملص أكثر نضجاً وجرأةً في مواجهة الجميع

خاص بوسطة - علي وجيه


لم تعد عبارة «مسرح الغرفة»، التي تزيّن غرفة التوأم محمد أحمد وملص في العدوي بدمشق، تُكتَب من باب التوصيف النظري العابر أو الآمال البعيدة للشابين. بعد عرض «ميلودراما»، الذي انطلق من هذه الغرفة في 1 شباط/ فبراير 2009، وحقق نجاحاً لافتاً بأكثر من 100 عرض داخل سورية وخارجها، ورشّح لدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأصغر خشبة مسرح في العالم، استضافت الغرفة الصغيرة فعالية مسرحية كاملة بعنوان «تظاهرة مسرح الغرفة الأولى» (13 – 23) آذار/ مارس 2010 بتنظيم من مجلة «شبابلك» الخاصة.

في 5 شباط/ فبراير 2011، أعلن التوأم ملص انطلاق عرضهما الجديد «كل عار وأنت بخير» في نفس الغرفة، «لأننا بعد عرض (ميلودراما)، كما قال أحدهم، صار معنا مثل فيلم (الحدود).. إعلام وشهادات وما إلى ذلك، وبالنهاية عبر الجميع الحدود ونحن لم نعبر»، يقول التوأم ملص في تصريح خاص لـ «بوسطة».

شاعر (أحمد ملص) وعسكري (محمد ملص) يحتفلان بعيد مجهول وهامشي مثلهما. يتبادلان التحسّر على الماضي وترقب المستقبل، ليكتشفا أنّهما نسيا، عن قصد أو من دونه، الزمن الأهم وهو الحاضر. كعادة التوأم ملص، ثمّة حضور لطاقة الممثل ولقدرته على تعويض ضيق المكان وقلة الخيارات وبساطة الإمكانيات. الكوميديا السوداء العالية التي تجيد اللعب على الكلمات وتمزج الضحك بالبكاء موجودة. ما يميّز «كل عار وأنت بخير» أنّ التوأم ملص خرجا من جلدهما وعالمهما الشخصي تماماً إلى شخصيات أرحب وأكثر قابليةً للعب والتمثيل، فهما هنا أكثر نضجاً من «ميلودراما» ولديهما نص أعمق وأكثر حساسيةً وجرأة، وإن انتمى العرضان إلى نفس المناخ العام عموماً. في هذا الإطار، يمكن أن يؤخذ على «كل عار وأنت بخير» بعض التفاصيل المتقاطعة مع «ميلودراما» و«أنا وحالي لحالي» الذي قدّم في تظاهرة مسرح الغرفة، مثل تكرار الحديث عن الوسط الفني والسخرية من الدراما التركية ومسلسلَي «نور» و«سنوات الضياع». هي تفاصيل صغيرة يمكن تجاوزها بسهولة ضمن التركيبة العامة للعرض.

هكذا، يقول العرض ما لديه مباشرةً دون مواربة أو هوادة. يفتح النار على الجميع بدءاً من عنوانه اللافت، فهو «فعل لا ردة فعل كما قال لنا الأستاذ بسام كوسا. أهديناه إلى ألفة الإدلبي، لأنه فعل حدث لروح هذه الكاتبة الرائعة، لا ردة فعل من أجل شخص له علاقة بمؤسسات لها أهداف ضد نجاح الآخرين».

يتابع التوأم حديثهما الصريح لـ «بوسطة» حول توجّه العرض وموقعه في مشوارهما الفني: «لماذا (كل عار وأنت بخير)؟ لأننا في وقت أصبح فيه كل شيء عاراً. الحب عار والرياضة عار والفن عار. لا نريد أن نشكي ونبكي، ولكي نكون صادقين لم نعرض هذا العمل على مديرية المسارح. بدأنا الخطوة بسرعة من البيت، هكذا كان خيارنا».

وحول ارتباطه بطموحهما التلفزيوني والسينمائي، يقول الشابان: «لم نعمل هذا العرض لكي نحقق أهدافنا في التلفزيون والسينما، لأن المسرح في الشرق والتلفزيون والسينما في الغرب. نحن نؤمن أن المسرح يطوّر الممثل، وسنثبت ذلك بإذن الله عندما نأخذ أول فرصة حقيقية.. وجداً.. في التلفزيون أو السينما».

تختتم العروض الأولى للمسرحية في الغرفة يوم 28 شباط/ فبراير الجاري، على أن يشارك في الدورة الخامسة من مهرجان الكوميديا المسرحي (اللاذقية 19 – 27 آذار/ مارس 2011) بعرضَين في اللاذقية وطرطوس، ليعود بعدها إلى الغرفة نتيجة الإقبال الجماهيري الكبير.

مسرح الغرفة:

منذ أن أطلق المؤلف السويدي أوغست سترندبرغ (1849 - 1913) اسم «مسرح الحجرة» على مجموعة من المسرحيات القصيرة التي كتبها بوحي من سيرته الذاتية، وصولاً إلى عرض «ميلودراما» للتوأم ملص الذي قُدّم أكثر من 100 مرة في عدّة أماكن ومسارح ومحافظات، ورُشّح للدخول في موسوعة غينيس كأصغر خشبة مسرح في العالم، مروراً بنص «الغرفة» الذي كتبه هارولد بنتر عام 1957 كأوّل مسرحية له. ظهرت مجموعة من العروض السورية سارت بنفس الاتجاه واتّخذت من الغرفة مكاناً لأحداثها، مثل «المهاجران» لسامر عمران و«أوضة سورية» لعلا الخطيب.

الوطن العربي شهد مسرح المائة كرسي في الأردن 1968 ومسرح القهوة في مصر 1970. وبالتالي فإن الغرفة إحدى الأمكنة البديلة التي تساعد الممثل على البوح، وتشكّل علاقة حميمة بين الجمهور والعرض، ما يدفع المتفرّج إلى التفاعل مع العمل المسرحي بعاطفة أكبر.