2015/01/03

نتائج استفتاء بوسطة: ما يراه النقّاد... لا يراه الجمهور.. نتائج مخيبّة وأحكام متناقضة
نتائج استفتاء بوسطة: ما يراه النقّاد... لا يراه الجمهور.. نتائج مخيبّة وأحكام متناقضة

بوسطة
أعطت نتائج استفتاء "بوسطة" حول موسم دراما 2014؛ الأفضلية لسادس أجزاء "باب الحارة" (تأليف عثمان جحى وسليمان عبد العزيز، إخراج عزّام فوق العادة)، حيث تصدّر العمل المراكز الأولى، عن معظم فئات الاستفتاء العشر.
فيما شكلّت فئة "أفضل ممثلة" استثناءً، بفوز النجمة نسرين طافش بالمركز الأوّل (إحدى أبطال مسلسل "حلاوة الروح"، (تأليف رافي وهبي، إخراج شوقي الماجري).
بينما خلت المراتب الثلاثة الأولى لفئة "أفضل ممثلة وجه شاب" من نجوم السلسلة الشاميّة الشهيرة.
أما المركزين الثاني والثالث، فكانا بنسبٍ متفاوتة من نصيب مسلسلات "باب الحارة 6"، "قلم حمرة" (تأليف يم مشهدي، إخراج حاتم علي)، "ضبّوا الشناتي" (تأليف ممدوح حمادة، إخراج الليث حجو)، "حلاوة الروح"، و"لو" (سيناريو بلال الشحادات ونادين جابر، إخراج سامر برقاوي).


وبما أن هكذا استفتاء "إلكتروني"، ولا يستند إلى المنهجية العلمية المتبعّة باستطلاعات الرأي؛ ارتأت إدارة "بوسطة" أخذ آراء نخبة من الصحفيين المتابعين لشؤون الدراما السورية، وشجونها، في هذه النتائج، كيف يقرؤونها، وأين يختلفون، أو يتفقون معها؟


أعمال ظلمت في الترويج... والعرض.. ومن الجمهور
الصحفية أروى الباشا (مقدّمة برنامج بيت الفن على راديو أورينت)، لم يفاجئها حصول "باب الحارة" على أعلى نسبة تصويت، وعقبّت على ذلك قائلةً: "أن يكون العمل متابع جماهيرياً، هذا لا يعني أنّه قد استوفى كافّة الشروط الفنيّة، ربّما حب هذا المسلسل وانتشاره والتصويت له بهذه الكثافة، يبدو أنّه قد أصبح بالعدوى، ومن فئة المراهقين تحديداً إن لم يخب ظنّي.."
وأضافت أروى: "هناك أعمال ظُلمت ولم تأخذ حقّها في الترويج والعرض، كنت أتمنى أن ينتبه الجمهور أكثر للقيمة الفكريّة، والفنيّة، والحوارات العالية المستوى التي حملها "قلم حمرة"، برأيي كان هو العمل الذي يستحق المرتبة الأولى بجدارة،
بالنسبة لأفضل ممثلة .. اللقب جدير أكثر بسلافة معمار أفضل كاتبة ..يم مشهدي أفضل ممثل بسّام كوسا."

 


 جماهيرية بعض الأعمال تحتاج لتفسيرات الطب النفسي
الناقد ماهر منصور، فضّل في تعقيبه على النتائج استخدام مصطلح "أفضل فرصة عرض جماهيرية.. لا أفضل العروض"، وأوضح قائلاً: "إن قراءة واقعية لنتائج استبيان "بوسطة" تقضتي الأخذ بعدة ملاحظات بعين الأعتبار، يأتي في مقدمتها المصطلح الذي يجب استخدامه في الحديث عنها، فما خلصت إليه النتائج هو (الأعمال الأكثر جماهيرية)، وليس (أفضل الأعمال الدرامية).. ومفهوم (الجماهيرية) هنا لا يعني بالضرورة الأعمال، التي لقيت قبولاً من المشاهدين أكثر من سواها، وإنما يعني على وجه التحديد الأعمال التي حظيت بفرصة مشاهدة جماهيرية، نتيجة عرضها على قناة متابعة، أو بروباغندا إعلامية تقف خلفها، أو شعبية أحد نجومها."
منصور تساءل أيضاً: "ماذا عن المضمون..؟"، وأضاف: "بتثبيت المصطلح، يصير لزاماً علينا أمام مضامين الأعمال التي احتلت المراتب الأولى في الاستبيان، وبدت مثيرة للاستنكار النقدي، على الأقل، أن نتساءل ماذا عن ذكاء المشاهد وقدرته على محاكمة ما يعرض له في هذه الأعمال..؟
شخصياً، لا أشك في ذكاء المشاهد ولكني أشك في ذائقته الفنية، هذه مسألة تتعلق بالتربية والتي تبدأ برأيي في المدارس وتغفلها اليوم المناهج الدراسية في بلادنا العربية.
بؤس الذائقة يكشف مستواها البؤس الفني والفكري للأعمال التي احتلت المراتب الأولى، أما ذكاء المشاهد فيكمن في الإجابة عن سؤال واحد، هو ما السر الذي جعل الناس يتابعونها..؟"
وختم ماهر منصور بالقول: "نستطيع التنظير مطولاً في هذا السياق، ربما نقول إن الناس تعبت من الصور الدموية التي تغرقها بها نشرات الأخبار، وتريد شيئاً أبعد ما يكون عن هذه المساحة، ربما نقول إن الدراما ترفيه وليس مطلوباً منها أن تكون مثل المسرح...ثمة احتمالات كثيرة، ولكن يبقى الثابت، وهو ما اعتقدته، وكتبت عنه أكثر من مرة، هو أن جماهيرية بعض الأعمال لا تحتاج لنقاد لتفسيرها، وإنما هي تحتاج لكرسي وثير في عيادة طبيب للأمراض النفسية... بكل الأحوال تتعامل
الفضائيات وشركات الإنتاج على مبدأ (الزبون على حق)، ولكن ذلك لا يعني أن المشكلة في الزبون، ففي كثير من الأحيان يكون الزبون ضحية البائع.
أما مسألة اختيار الأكثر جماهيرية، لا الأفضل كما اتفقنا، من ممثلين وممثلات ومخرجين.....، فتلك الأسماء هي الأكثر جماهيرية من الأعمال التي كانت أكثر مشاهدة..، وهي ليست بالضرورة الأفضل حتى ضمن هذه الأعمال...فالاختيار هنا أيضاً يخضع لمزاجية المشاهد، لعاطفته، ولتاريخ سابق له مع هذا الاسم أو ذاك...وربما لإعجاب بشكله وحسب."


هل الجمهور حقّا "عايز كده"؟
الناقد بديع صنيج (جريدة تشرين)، يطرح هذا السؤال، من وحي نتائج استفتاء (بوسطة)، والتي أعطت نسباً متقاربةً، لأعمالٍ لايمكن محاسبتها بذات المعايير؛ "إن متابعة هذه النتائج تحيلني إلى أمر بات بالنسبة لي، وللكثير من متابعي الدراما أمراً بديهياً، وهي أن سياسة (الجمهور عايز كده) بالنسبة لمواضيع الأعمال الدرامية بعيدة عن الواقع، وإلا ما الذي يفسر النسب المتقاربة لعملين يقعان على ضفتي التناقض، وأقصد هنا (باب الحارة) و(ضبو الشناتي) فالأول، فانتازي بعيد عن الواقع، ويسعى لتشويهه، والأنكى أن الأسلوبية المتبعة، في كتابته وإخراجه، تعتمد في كثير من تفاصيلها على سياسة (جود بالموجود)، بينما الثاني عميق في التصاقه بالواقع، ومكتوب بحرفية عالية، ضمن نمط الحلقات المتصلة المنفصلة، ولا أحد ينكر الجمالية التي حققها الليث حجو رغم أن العمل أقرب إلى (السيت كوم نوعاً ما)، بمعنى أن الجمهور يستطيع تلمس مكامن الجمال الحقيقية في الأعمال الدرامية، وأيضاً ارتفاع نسبة التصويت لمسلسل (قلم حمرة) تؤكد على ذلك، فرغم ما يعانيه من نمطية الشخصيات، إلا أنه يدخل هذا السباق بقوة متكئاً على شعبية كاتبته يم مشهدي، وجمالية صورة مخرجه حاتم علي."
وختم صنيج حديثه لـ"بوسطة" قائلاً: "بالنسبة لبقية فئات التصويت فأعتقد أنها تنتمي، إلى الجانب الشخصي ضمن علاقة كل إنسان بنموذجه المفضل، سواء من الممثلين، أو الممثلات على اختلاف أعمارهم."


نتائج مخيّبة
بدت نتائج استفتاء "بوسطة" عن موسم دراما 2014، مخيّبةً بالنسبة لـ عطيّة عوض(محرر الأخبار الفنيّة في إذاعة شام إف إم، ومقدّم برنامج نبض العاصمة)، وفضّل أن يكون تعقيبه عليها، نوعاً من التصويب، وفقاً لما رآه هو كأحد متابعي الدراما السورية:
بحسب عوض: "يم مشهدي تستحق المرتبة الأولى بجدارة، كأفضل كاتبة عن مسلسل (قلم حمرة) والسبب بكل بساطة أن المسلسل ظلم تسويقياً، ومع ذلك من لم يتمكن من متابعته عند عرضه على التلفزيون، تابعه على موقع "يوتيوب"، والمفروض أن تكون المرتبة الثانية من نصيب المبدع ممدوح حمادة عن مسلسل (ضبو الشناتي)."
وبالنسبة لعطية عوض أيضاً: "أفضل مخرج حاتم علي، والليث حجو في المرتبة الثانية عن (ضبو الشناتي)."
وتساءل حول غياب اسم عابد فهد عن المراتب الأولى في فئة "أفضل ممثل بمسلسلي (قلم حمرة)، و(لو)"، ورأى أن المرتبة الأولى يجب أن تكون من نصيب بسّام كوسا، ورغم إبدائه الاحترام الشديد لآراء الجمهور، لكن عطية اعتبر سلافة معمار هي: "نجمة العام عن دورها بـ(قلم حمرة)، تليها أمل عرفة في "ضبّوا الشناتي"، وميسون أبو أسعد بمسلسل (باب الحارة6)"، ونوّه لدور مرح جبر "المميز" بالعمل ذاته.
أما "أفضل موسيقا تصويرية" فيجب أن تكون المرتبة الأولى برأيه من نصيب "قلم حمرة"، أفضل شارة "غرافيك وموسيقا": "ضبو الشناتي... بلا منازع"، "أفضل أغنية شارة": "لو بالمرتبة الأولى"، و"لا يستحق باب الحارة أبداّ، لقب أفضل عمل متكامل" برأي عطيةّ، الذي وجد أن "قلم حمرة": "الأجدر بذلك".


إعادة الاعتبار لـ حكم الجمهور، ولكن!!
منصور ديب (صحفي- معد برامج بقناة سوريا دراما)؛ "ثمّن" دور موقع "بوسطة": "في إعادة الاعتبار للجمهور بالحكم على الأعمال الدرامية، وليس باعتماد التقييمات النقدية فقط."
واستدرك قائلاً: " ذلك بالرغم من الريبة من نتائج أي استفتاء، حتى لو كانت تجري تحت أفضل الظروف لإجرائها ، وأن هذا الاستفتاء مثلاً يتجاهل عدداً كبيراً من الجمهور غير المتعلم الذي لا يستخدم الإنترنت، أو لا يستطيع الوصول إليه، بسبب الأوضاع في البلاد، أو لم يتفاعل مع هذا الاستفتاء لأسباب قد تتعلق بعدم معرفته بوجوده أصلاً، إلا أننا علينا دراسته بجدية لنعلم على الأقل، أين يذهب جزء مهم من الجمهور العربي، في متابعاته الدرامية، وما هو مزاجه الآن."
وأضاف ديب في تعقيبه على نتائج استفتاء "بوسطة": "إن حصول (باب الحارة6) على هذه النسبة العالية من المتابعة له أسبابه المنطقية، فعودة الفنان عباس النوري
إلى العمل منحته زخماً جديداً، لدى عدد كبير من الجمهور، المتابع لهذا المسلسل والمتعلق، به، الأمر الذي منحه، سبباً إضافيا لمتابعته، وكذا إضافة عدد من الخطوط الجديدة التي دعمت قصة العمل، من بينها خط الفنان أيمن زيدان."
هذا فيما يخص الجمهور، أما بالنسبة للصحفي منصور ديب، ومن متابعته للمسلسلات الرمضانية، فلم يجد "مسلسلاً متكاملاً، وبدا أن معظم الأعمال كانت تحتاج للاشتغال على السيناريو أكثر، بينما ذهب الإخراج في بعضها بجهة، بينما كانت روح المسلسل بجهة أخرى، وهو ما أثر سلباً عليها."


وأوضح كلامه بالقول: "هذا ينطبق على أعمال مثل (قلم حمرة) الذي بدا أن عوامل متكاملة للعمل قد توفرت فيه بالحلقات الأولى، وكان أكثرها إدهاشاً، لكننا مع تقدم الحلقات افتقدنا للإثارة، التي كانت حاضرة في الحلقات الأولى، وبدت الشخصيات وكأنها تكرر أفعالها.
وفي عمل (ضبوا الشناتي)، وهو أقربها للكمال، تفاوتت الحلقات بشكل كبير، فبعد أن يجذبك بحلقة، تجد حلقات أخرى أقل جاذبية.
وأعتقد أن مسلسل (بواب الريح) من الأعمال التي ظلمت في العرض، فهو مسلسل قريب إلى التكامل أيضاً، ولكنه لم يستطع الاستحواذ على قلوب الجمهور العريض، وشخصياته ربما لم تستطع المنافسة، مع شخصيات رمضانية كانت أكثر اثارة."
وأنا بالتأكيد كنت سأعطي واحداً، من هذه المسلسلات المرتبة الثانية، لأنني أعتقد أن ليس هناك مسلسلاً بمرتبة أولى، بمعنى أن افضل مسلسل هو بالمرتبة الثانية وحسب ترتيبي (بواب الريح)، ثم (ضبوا الشناتي)، ثم (قلم حمرة)."
وتابع منصور تقييمه لموسم دراما 2014، كصحفي، وناقد متخصص في هذا المجال: "بالنسبة للإخراج قدم كل مخرج اجتهاده، إلا أنني أجد أن المخرج حاتم علي قدم ما يمكن اعتباره تصميماً مبدعاً للإخراج (بمسلسل قلم حمرة) ، بين الأداء والتقنية، وبدا هذا واضحاً، في تصميم الديكور، واختيار زوايا التصوير، والمونتاج الخلاق، بأسلوبيةٍ تتناغم مع أجواء العمل، وبنية شخصياته، وهذا متوافر أيضا في مسلسل (لو) للمخرج سامر برقاوي، مع اختلاف المضمون، و(ضبو الشناتي) لـليث حجّو، لكن بشكل أقل."


وختم منصور ديب قائلاً: "مع احترامي وتقديري للممثلين الكبار، الذين قدموا أعمالاً في هذا الموسم، إلا أنني أجد أن الفنان رامي حنا، قدم أفضل أدواره في
مسلسل (قلم حمرة)، بينما بدا مكسيم خليل ممثلاً، بمواصفات نجم كبير في مسلسل (حلاوة الروح)، وقاسم ملحو في (ضبو الشناتي).
بالنسبة للممثلات؛ تبدو دانة مارديني في (حلاوة الروح) هي الأولى بنظري بين الممثلات، وضحى الدبس قدمت دوراً استثنائياً في (ضبو الشناتي)، وشكران مرتجى قدمت دورا مهماً، في (نساء من هذا الزمان).
أما شارات المسلسلات؛ فلعل شارة مسلسل (ضبو الشناتي) هي الأكثر تأثيراً، تليها شارة مسلسل (لو) التي استطاعت أن تجعل المسلسل، أكثر قبولاً، لدى عدد كبير من الجمهور، بالرغم من موضوعه الإشكالي جداً."