2014/07/02

وراء يم مشهدي ولو على "السومرية"
وراء يم مشهدي ولو على "السومرية"

بوسطة- محمد الأزن

ليست قناة "السومرية" العراقية من القنوات الأكثر شعبية لدى الجمهور السوري، لكنّها الوضع تغيّر بدءاً من  الأيام الأولى لشهر رمضان الجاري، والسبب أنها المحطة الوحيدة التي تعرض مسلسل "قلم حمرة" للكاتبة يم مشهدي، والمخرج حاتم علي.

عليك إذاً أن تحتمل سوء الصورة التي تبثّها المحطّة، أو غرائبية، وربما سماجة برنامج المسابقات "ياجينا ياماجينا" الذي ينتهي كل يوم في موعد، ثّم تعدُ العناوين في موجزٍ إخباري تتمنى انتهاؤه سريعاً، قبل أن تطالعك شارة المسلسل "قلم حمرة"، هنا تنسى الزمان والمكان، وليس لديك إلا رجاءٌ واحد، هو ألا تنقطع الكهرباء، وتخرجك دون سابقِ إنذار من عوالم يم مشهدي.

الكهرباء مستمرة... إذاً أنت في محظوظ،  ستشكر "خميس الشخصية الأشهر لدى السوريين هذ الأيام" في سرّك مضطراً بين الفينة والأخرى، وتسلم حواسك كلها لكل كلمةٍ في الحوار، الحوار بطل هذا العمل، والكل يسلم قياده له، ممثلون، وفنيّون، ومخرج... حوارٌ يشبهنا، يتحدّث عنّا، يؤثر فينا، يضعنا أمام عشرات المرايا، والأسئلة.

لا يمكننا أن ننكر أيضاً الأداء الأخّاذ لسلافة معمار، بدور "ورد" بطلة "قلم حمرة" الرئيسية، ولا بقية النجوم اللذين افتقدنا إطلالاتٍ مميزة لهم منذ زمنٍ طويل: عابد فهد،  كاريس بشّار، رامي حنّا، ناظلي الروّاس، ديما الجندي، والنجمة الشابّة دانا مارديني،... وأيضاً.. وأيضاً، "كوادر" حاتم علي، ومشهديته الرائعة،  وبراعته في تلافي غربة المكان، إذ أن العمل الذي تدور أحداثه في دمشق، تم تصويره بلبنان، ولن يجعلك تحسُّ بالأمر.

لكنّ ذلك كله، يبدو سائراً بمقتضى سيناريو محكم،  يستمد عناصر إدهاشه، من واقعيته، وبراعة كاتبته، بالتقاط حساسياتنا، عبر قصّة كاتبة السيناريو "ورد" التي تعتقل ذات آذار 2013، فتقرر مواجهة تحولها إلى مجرد رقم في زنزانةٍ مظلمة، بسيناريو مسلسل، يبدأ بزواجٍ فاشل، وجنازةٍ محفوفةِ بالشكوك، ولاتزال أحداثه تتدفق علينا، مبرزةً تناقضاتنا، وتقطعها بين صورةٍ وأخرى، مشهد الكاتبة في زنزانتها تواجه لحظات عجزٍ حقيقي،  تتخيل، تُخاتل الزمن، تستعين عليه بتقويمها الفيزيولوجي، تطرح أسئلتها لتلقي حجارتها في مياهنا الراكدة.

تنتهي الحلقة... نعود دائخين إلى أعماق ذاتنا، ونهرع إلى حائط الكاتبة على الموقع الأزرق، نطرق عليه، دهشةً، وطرباً، وحزناً، ونعيد قراءة ما كتبه الأصدقاء، لقد أصبحوا أصدقاءنا فعلياً، إذ يتقاسمون معنا العوالم ذاتها، عوالم يم مشهدي، ويقولون لها:

"قلم حمرة: مش حتقدرتفتح عينيك ولاتغمضون حتى.."

"ماعاد في داعي للتقويم الشمسي والقمري ... صارفي تقويم جديد بيعتمد عالدم والحمرة ... قلم حمرة درس كبيروقاسي بالدراما"

"هي هية الثورة الحقيقية للدراما ..لمابنص الحلقة ماعد فرّق اللي عمشوفو تلفزيون ولا سينما؟!"

"لوكان رواية كنت هلأ ناطرة نسختي واقعد اصفن بكل جملة وعيده ابراسي .. طبعا هاد "المشتهى"..."

"المشتهى" كلمة أعادت يم مشهدي، صياغتها وتركيبتها في ذاكرتنا،  كلمةٌ تختصر سلسلةً من الأحلام البريئة التي تحوّلت لكوابيس.

تتابعون "قلم حمرة" يومياً خلال شهر رمضان... على قناة "السومرية" الساعة الخامسة والنصف عصراً، بتوقيت دمشق... و"ماحولها".