2012/07/04

«الإنتاج المشترك» ... سينما عربية مختلفة شكلاً ومضموناً
«الإنتاج المشترك» ... سينما عربية مختلفة شكلاً ومضموناً

أسامه عسل - البيان

في السنوات الأخيرة جرى تنظيم مهرجانات سينمائية في أكثر من بلد عربي، وظهر من خلالها تيار السينما المستقلة، وهو شعار رفعه السينمائيون العرب كسينما بديلة عن السائد خصوصا أنها لجأت إلى حالة تمرد على مضامين موضوعات أصبحت نمطية وتقليدية في غالبية الأعمال، واقتربت كثيرا من واقع الإنسان العربي ومشاكله وهمومه اليومية وبات البعض يراها «سوداوية» على الرغم من تماسها مع قضايا لا يستطيع أن ينكرها أحد.

ومن الواضح أن هذا التوجه لاقى الكثير من الدعم والتمويل من دول أخرى مثل (ألمانيا وفرنسا وسويسرا وبلجيكا وإيطاليا) وبلدان أوروبية أخرى، واندفعت شركات إنتاج صغيرة وراء هذا التيار من أجل بحثها عن مصادر للتمويل والتوزيع والتسويق والأهم البقاء والاستمرارية.

يتضح بنظرة متأنية أن غالبية الإنتاج السينمائي المشترك في الأعوام الماضية وحتى عام 2010 الذي شهد أفلاما ناجحة فنيا وذات مضمون عميق، يسهم في ظهور جيل من الشباب يستند في مشاريعه على هيئات وجهات ومؤسسات تدعم سينماه الشابة تحت آليات الإنتاج المشترك.

بل إن المهرجانات السينمائية نفسها أخذت على عاتقها الالتفات إلى هذا الجانب وطرحه ومناقشته بقوة ضمن فعالياتها، وهذا ما حدث مثلا في «القاهرة السينمائي» من خلال ندوة (سياسة الإنتاج المشترك لقناة آرتي الفرنسية)، وتكرر أيضا في «دبي السينمائي» في لقاء استعرض الإنتاج المشترك ضمن المنطقة العربية، وأثار العديد من تساؤلات حول عمليات التمويل والترويج والتوزيع وتوجيه سيناريوهات الأفلام تجاه مواضيع بعينها، والدور الذي يمكن أن يلعبه الإنتاج المشترك في بروز سينما أخرى مختلفة شكلا ومضمونا.

والراصد لوضع السينما العراقية، يجدها حالة خاصة في هذا المجال حيث تعاني بشدة انعدام المخصصات المالية ما يدفع صناع الأفلام بها إلى اللجوء لفكرة الإنتاج المشترك، وهو ما افرزه الواقع السينمائي الحالي في العراق من أعمال قدمها مخرجين عراقيين يحملون جوازات سفر أوروبية، أو مخرجون أجانب اتخذوا من مسرح العراق أحداثا لأعمالهم، وبرؤية سريعة يتضح مثلا أن فيلم «ابن بابل» للمخرج محمد الدراجي إنتاج هولندي إماراتي مصري فلسطيني، وفيلم «غير صالح للعرض» للمخرج عدي رشيد إنتاج هولندي عراقي، و«المغني» للمخرج قاسم حول إنتاج فرنسي وبكادر عراقي فرنسي، و«فجر العالم» للمخرج عباس فاضل الذي تم تصويره في ريف مصر أنتجته جهات فرنسية، والعديد من الأعمال الأخرى التي أفرزت شبابا مغامرين قدموا منجزا سينمائيا حصدوا من خلاله جوائز عديدة من محافل عربية ودولية.

ومن ثم أصبح إشكالية الإنتاج المشترك خصوصا في السينما العراقية تلقي بشباكها حول هوية الفيلم، وهذا ما وضحه تيري فريمو (المندوب العام لمهرجان كان) بقوله: «قد تمنح الأموال المنتجة للفيلم هويته القانونية لكنها لا تعطيه هويته الثقافية، وفي السنوات الأخيرة باتت تعطى هوية الفيلم بناء على جنسية مخرجه وليس جنسية مموله، لأن ما يؤخذ في الحسبان هو روح العمل المقدم وجوهره».

وفي السطور التالية، يرصد (الحواس الخمس) ظاهرة الإنتاج المشترك من خلال عملين عن العراق بتمويل ايطالي أحدهما فيلم «20 سيجارة» للمخرج آورليانو آماديي الناجي المدني الوحيد من اعتداء التفجير الذي استهدف في نوفمبر 2003 المقر العسكري الإيطالي في مدينة الناصرية العراقية، والثاني «أزهار كركوك» أخرجه فاريبوز كامكاري ولد في إيران لعائلة من أصول كردية.