2012/07/04

الحل هو «التت»
الحل هو «التت»


أمينة خيري - دار الحياة


كان اكتشافاً مذهلاً! الجميع شعر بأن قوة عليا أرسلت الملاذ الآمن من المأزق الفظيع. فبعد أشهر طويلة ظنوا خلالها أنهم سيلقون حتفهم بطريقة أو بأخرى، إن لم يكن غيظاً من قنوات التلفزيون الرسمية، فكمداً من القنوات الخاصة، وإن لم يكن غلياناً من القنوات العربية، فسخطاً على الأجنبية، جاءت هذه القناة لتمد يد المعونة النفسية وطوق النجاة الإعلامي.

ساعات لا تنقطع من متابعة أخبار الربيع العربي، نجمت عن أشهر لا تقل طولاً من التحسر على ما آل إليه الربيع المرتقب من برد شتوي قارس تكتنفه الفوضى ويعتريه العنف. قتلى في سورية، كر وفر في اليمن، فوضى في مصر، هدوء ينذر بأزمة في ليبيا، مشاحنات في تونس، والقائمة طويلة! وحين يجد المشاهد نفسه مرابطاً أمام هذه الصور، فإن مشاعر الضيق، وأحاسيس الغضب، وبوادر الأزمات النفسية، تتمكن منه شاء أم أبى.

هذه الملاصقة التي صارت ظاهرة تعتري الملايين من المشاهدين العرب في ظل التطورات الكثيرة والمتلاحقة على مدى العام الفائت تحتاج إلى تدخل سريع، إما علاجي أو جراحي. وبما ان التدخلات الجراحية غير واردة في الحالة العربية، تبقى التدخلات العلاجية الأنسب والأوقع. وهنا ظهر «التت» ليقدم حلاً تخديرياً سحرياً وإن كان موقتاً. فهذه القناة أطلت بجيش عتيد من الراقصات من شتى مغارب الأرض ومشارقها، ليرقصن ويتمايلن على مدار الـ24 ساعة من دون كلل أو ملل. ومع خطواتهن المتلاحقة وحركاتهن المثيرة يصدح مطربو الأغاني الهابطة المصنفة لدى النخبة بـ «المسفة» وبين محبيها بـ «الشعبية» بكلمات تأخذ المشاهد إلى طرف النقيض من مجريات «ميدان التحرير»

أجواء الاكتشاف المذهل خيمت على بيت مصري كاد التوتر يفتك به. هبطت القناة على شاشات التلفزة المتناثرة في أرجاء البيت في الوقت المناسب. اكتشفها الزوج وانغمس فيها بعيداً من أزمته في العمل الذي أصيب في مقتل بسبب الأحداث. وجد الراقصات يأخذنه من هذه الرقصة الخليعة إلى تلك الاهتزازة المثيرة بعيداً من الهزة الاقتصادية العارمة التي أحاطت به، فمال بالطبق الهوائي بعيداً من أخبار الميدان.

أما الزوجة فأدارت التلفزيون ذات مرة عقب مغادرة الزوج، فوجدت «التت»، فما كان منها إلا أن طبقت النظرية الغربية التي تؤكد أن الرقص الشرقي يزيل الضغوط النفسية، وانغمست في الرقص مع بنات جنسها بحثاً عن مخرج من توترات خارج البيت، والتي انعكست بطبيعة الحال على داخله. أما الابن المراهق، فوجد في «التت» بطاقة دخول إلى عالم اكتشاف الجنس الآخر من بوابة تختلف تماماً عن زميلات المدرسة وقريبات الأسرة وصديقات النادي. في الوقت ذاته، اكتشفت الصغيرة أن الرقص الشرقي ألطف وأظرف من دروس الباليه المزعجة التي تحاسب فيها على الخطوة المهتزة أو الحركة المرتعشة، إذ ما عليها سوى الاهتزاز والارتعاش طيلة الوقت في هذا النوع من الفن.

اكتشاف «التت» أول قناة للرقص الشرقي علاج موقت لأزمات عربية ممتدة!