2012/07/04

الدراما السورية  وعقدة  النجوم  والحشيش الذي لن ينبت
الدراما السورية وعقدة النجوم والحشيش الذي لن ينبت

شكري الريان

لا أعرف ما هي مشكلتنا مع النجوم، ولا أعرف صناعة، يصر القائمون عليها على محاربة وسيلة ربحهم الأساسية، إلا في بلادنا التي يفترض فيها أنها قاعدة إنتاج درامي رئيسية لمنطقة تمتد من المحيط إلى الخليج.. ومع ذلك نجد جميع القائمين على هذه القاعدة يعتبرون صناعة النجوم نوع من الانتقاص من قدرهم، إن لم يكن شتيمة!.

لست مبالغاً فيما ذكرته أعلاه ويمكن لمن يريد المزيد من الصُدا... أقصد التأكيدات، ما عليه إلا متابعة ما يقال عبر كافة وسائل الإعلام في أي مناسبة يتم فيها طرح موضوع الإنتاج الدرامي للنقاش. وهذا الأمر لا يتوقف على من هم (خلف الكاميرا) بل ويطال من يقفون أمامها أيضاً، أي الممثلين الذين من المفترض أن يكونوا نجوماً أو مشاريع نجوم (إن وجد أحد يفكر في هذا الأمر بشكل جدي وليس من باب التمني فقط). آخر مثال على ذلك حديث أجرته منذ فترة إذاعة شام إف إم مع الفنان عباس النوري، حيث تطرق الحديث إلى الموضوع الأثير عند معظم، إن لم يكن كل العاملين في القطاع الدرامي عندنا.. وهو ذاك المتعلق بالمقارنة بيننا وبين أخوتنا في مصر.

وهنا تناول الفنان النوري طريقة العمل المصرية محيلاً كل ما يمكن أن يحدث فيها من نقائص أو ثغرات إلى أن الكلمة الأولى والأخيرة في العمل المصري للنجوم وليست لأي شخص آخر، والأمر هنا تم تناوله بدقة من قبل الفنان النوري محيلاً إلى ظاهرة هي حكماً غير صحية.. ولكن أيضاً طريقة التناول كان فيها نوع من إعلان البراءة من حالة بات من الواضح أنها مرفوضة جملة وتفصيلاً، والمقصود ظاهرة النجوم!.

إذا فنحن أمام تطرفين؛ الأول يكون فيه النجم هو الكل والباقي تفاصيل، والحالة الثانية هي تلك التي يصبح فيها النجم عنواناً لكل ما هو سيء، أي ليس تفصيلاً فحسب، بل وشيئاً مرفوضاً أيضاً..

كل ما قيل أعلاه يمكن حذفه بعبارة واحدة (ونحن لدينا نجومنا أيضاً)، وهذا ما أعترض عليه تماماً، إذ أن لدينا ممثلين ممتازين بدون أدنى شك، ولكن من ناحية النجومية، كصناعة، فلتسمحوا لي، نحن بعيدون عن هذه الظاهرة بعدنا عن إقامة محطة فضائية لنا في كوكب المريخ، والحقيقة أن من استطاع أن يكرس حالة من النجومية بين صفوف ممثلينا هو ذاك الطلب العربي عليهم ولأدوار محددة دون أن يكون الأمر مقصوداً من طرفنا، أو مخططاً له للوصول إلى أوسع انتشار ممكن. كما يجب أن يكون هدف أية صناعة.

وبما أننا دخلنا في موضوع الصناعة، فأفضل أن أتريث في الحديث هنا مكتفياً ببضعة تفاصيل حتى لا يتحول الاتهام لي بالمبالغة أو بالتناقض إلى اتهام بالكتابة بلغة لا يفهمها أحد حتى كاتبها.. والتفصيل الأهم بالنسبة لي هو ذاك المتعلق بالطلب الذي يجب أن يدرس من قبل المنتجين ويتم تطوير "المُنتَج" بالاستناد إليه ولاحقاً تطوير الذائقة العامة في السوق باتجاه أفق جديد من الطلب. بحيث يصبح المُنتِج هنا صاحب سبق بالاستناد إلى ما يزوده به السوق من معلومات يستند إليها ليسبق الآخرين ويحقق الانتشار وبالتالي الربح المطلوب، والمُنتَج في حالة صناعتنا الترفيهية هو أولاً، ضمن أشياء أخرى هامة، نجماً أو مجموعة نجوم، بحيث نكون في ذروة الطلب دائماً.

لغة جافة وغير إنسانية، ربما.. ولكن أحداً لا يستطيع الجدل بأنها صحيحة، والمشكلة تبقى لم هذه "الصحة" لا تدق بابنا؟!!.. والإجابة هي فيما يفكر منتجونا بالدرجة الأولى.. أيفكرون بأن يكون لهم السبق أم يستمرون بالتفكير في أن يكون لهم القرار؟!!.. وحتى لا ندخل في متاهة التلغيز سنوضح بأن الخلاصة التي تسيطر على كامل قطاعنا الإنتاجي ويلخصها السؤال التالي الذي يجب أن تكون إجابته جاهزة وقبل أن يطرح السؤال حتى، والسؤال دائماً هو "من هو المعلم؟!". ولأن "المعلم" يخشى أن يطغى "النجم" عليه، فهو لذلك لم ولن يسعى لأن يكرس ذاك النجم نجما.. ناسياً بدوره أنه إنْ كسب السبق فلن يعود موضوع القرار مهماً أو حيوياً إلا في ما يتعلق بجوانب العمل الفنية، وتلك أصلاً يجب أن تكون بين أيدي أصحابها القادرين على القيام بها.. وناسياً أيضا أن المراكمة هي التي تخلق حالة يستفيد منها الجميع وأول وأكثر المستفيدين هو أول من بدأ.. ولكن ماذا نفعل والكل يردد "من بعد حشيشي ما ينبت حشيش".