2012/07/04

شكري الريان

العنوان أعلاه يوحي بأننا يجب أن نقبل بأي شيء يعرض علينا، وهذا غير صحيح بالمعنَيين: المعنى العام، والمعنى المقصود من هذه المقالة. والمقصود هو الدراما السورية التي لا يراها البعض منا إلا عوراء، في أحسن الأحوال، أو أعور، لنكمل المثل أعلاه في العنوان.

لا ندعي، ولا يمكن لأحد أن يدعي، بأنه وصل إلى الكمال.. وفيما يخص درامانا نحن بعيدون مسافات ضوئية عن وعود الإبداع، ولكن هذا لا يعني أن كل ما يقدم هو في حقيقته بضاعة بائرة، أو في أحسن الأحوال بضاعة غيرنا ملطوشة من قبلنا، فهناك محاولات، عرجاء أو سواه.. تبقى محاولات، يحاول أصحابها أن يقدموا شيئاً سيتطور إلى الأفضل حتماً مع مرور الوقت.. والحكم على هذا التطور بأنه بات من ضروب المستحيلات، يعني الحكم على احتمالات الحياة في ربوعنا، وليس المشهد الدرامي فقط، بأنها صورة أخرى (أكثر تطوراً) للموت!!!..

ولأننا نؤمن بالحياة وبقدرتها على إدهاشنا دائماً، وهو إيمان لا يجب أن ينضب، وإلا بات الموت هو عنوان أوحد لكل أوجه حياتنا، فمن الطبيعي أن نبحث أولاً عن النقطة البيضاء، حتى ولو كانت في بحر من السواد. ولكن أن نبحث عن السواد وحده في هذا البحر الفسيح من الظلمات.. فهذا يعني أننا لم نقدم شيئاً، وكفى الله (هل يحق لنا أن نقول المؤمنين؟!!) شر القتال، فلمَ يتعبون أنفسهم ليصفوا السواد بالسواد؟!

حتى البياض، ولو كان أكثر من مليون نقطة، سيضيع بدوره وسط هذه العتمة المفروضة لأن أحدهم لم يعجبه المشهد فيضيع الصالح بالطالح، ويعيَّر الجميع بـ (أصولهم) وتنسى (أعمالهم) التي من المفترض أن يعيروا بها، أو يكافؤوا عليها، وذلك حسب نوعية العمل... ونعود مرة أخرى إلى نفس نغمة (مخاتير الضيع) و(مين هادا فلان) و(الله يرحم أيام زمان)!

وبالعودة إلى أيام زمان.. أقول إنه عندنا صناعة وطنية نجحت في الصمود وصدرت إلى جميع أنحاء... الدول المجاورة. وهذا بالمقارنة مع غيره أكثر من ممتاز. وهذه الصناعة، أي الدراما التلفزيونية، بدأت عجلتها بالدوران حتى قبل أن يخلق بعض ممن يبصقون عليها الآن. وربما كان بعضهم يلعب في الحواري وقتها، ولم يكن ليقف عن لعبه إلا ورنة (قبقاب) غوار قد خرجت من أقرب نافذة مطلة على الطريق. فهل بقي لهذه الرنة رصيد يستطيع أن يبشر بأفضل، ولو قليلاً، من هذا السواد المراد لنا أن نموت فيه؟!. فالغريق يتعلق بقشة، ورسل الموت لم يتركوا لنا إلا (قبقاباً) نواجههم به، فهل سيحرموننا منه هو الآخر؟!

ولكننا نحكي عن اليوم بالذات، حيث كبرت صناعتنا وصار فيها (عضوات). وعضوات الدراما في يومنا هذا أشكال وألوان: بعضهم يقدم ويثبت أنه فنان، حتى ولو كان يوما ما قهوجياً. والبعض الآخر يبقى (عضواً) منتصبا في وجه جميع ناقديه، حتى ولو تخرج من أكاديمية. ولا حاجة بنا لفقء عين أحد ما دام الجميع يرى ويعرف ويميز ويعطي لكل ذي حق حقه. إلا إذا كان الجميع، بنظر البعض، عمياناً بشكل كامل، وبحاجة إلى نصائح تبقي على "عذرية" عماهم إلى أبد الدهر!