2015/06/27

سلاف فواخرجي من مسلسل "بانتظار الياسمين"
سلاف فواخرجي من مسلسل "بانتظار الياسمين"

السفير - روز سليمان

في الظاهر، يمكن أن نلاحظ تعزيزاً لحضور مفهوم الخوف في الدراما السوريّة لهذا الموسم. تحضر تيمة الخوف بقوّة في عدّة مسلسلات سورية هذا الموسم، بدءاً من «غداً نلتقي» تأليف إياد أبو الشامات ورامي حنا، وإخراج رامي حنا، وصولاً إلى «بانتظار الياسمين» تأليف أسامة كوكش وإخراج سمير حسين. كذلك يلاحق شبح الخوف شخصيّات «امرأة من رماد» لنجدت أنزور عن نصّ جورج عربجي، وعوالم «عناية مشددة» تأليف علي وجيه ويامن الحجلي وإخراج أحمد إبراهيم أحمد. تمكّنت الأعمال المشار إليها من معالجة الخوف، بعيداً عن ترسيخ المصيبة، كشكل من الدفاع عن حق الوصول إلى الحياة. لكن هل يعدّ ذلك تناولاً «فجّاً» للواقع السوري؟

يصبح إغراء الخوف كمادّة دراميّة خطيراً، كما في «غداً نلتقي» حيث رهانات النصّ عالية، في طرح شؤون النزوح السوري إلى لبنان. في حالة مماثلة، يتحوّل الخوف إلى «فعل» أنيق رتيب بعيداً عن المشاعر والأحاسيس، ليأخذ مساراً جمعياً متشابهاً في بنية الحكاية، وواضحاً في تتابع اللقطات السريعة ليوميات النازحين. رغم الخوف، لكنّ الشخصيّات لا تثير الشفقة، وذلك ضروري كتعامل عقلانيّ مع الحدث السوري، بعيداً عن الانطباعات والعواطف. هكذا، تُبتَلى أعمال تتناول الحياة اليومية للسوريين بوجود واقع أشدّ إيلاماً.

تلاحق الكاميرا خوف المهجرين داخل الخيم في إحدى حدائق دمشق، في مسلسل «بانتظار الياسمين». ذلك ما تؤكّده مشاهد درامية عدّة، من بينها مشهد احتراق أم عزيز (شكران مرتجى). تصبح هذه الحالة «فظّة» عندما تفرط الدراما في تقديم حالات خاصة كهاجس للحكاية، كما في «عناية مشددة». في هذا المسلسل، يتحوّل خوف فردي مبطّن إلى علاقة متبادلة مع المُشاهد، خوف زكوان (مهيار خضور) المؤجل، وخوف هموم (أمانة والي) الشرس، وخوف صبحي (أيمن رضا) الدائم. وكأن الترقّب يتحوّل إلى أمر بعيد الأمد، يبتعد عن انتظار انتهاء حلقة إلى انتظار انتهاء حرب بأكملها. «ماذا لو عشت مثل هذا المشهد؟» هو سؤال الخوف المضمر في قرارات النصّ الخامّ، وفي العلاقة بين الشخصيات في المصلحة والفساد والخيانة.
في «امرأة من رماد» يأخذ الخوف شكل «إتيكيت» معقد لسلوك نفسي عند البطلة جهاد (سوزان نجم الدين)، ثمّ يمتدّ إلى باقي الشخصيَّات مع تصاعد الأحداث. العمل مؤسس على خوف مشترك، مبتور وكامل في نفس اللحظة، الخوف في الحرب ومنها، من التهجير والنزوح والفقدان. فما الذي ينقصنا حتى تكتمل الصورة؟ لا شيء سوى حسابات مُشاهد يرى النهاية. وكأن استقطاب الجمهور يصبح في ظروف البلد الحالية، جائزة يجب البحث عنها من خلال عقلنة الواقع.
من الواضح أن معظم الأعمال الدراميّة السوريّة لم تُنتِج في الأيام العشرة الأولى من العرض تأثيراً مبهراً، وبعضها لا يدّعي أنّه سيفعل ذلك. من المبكر الخوض في هكذا أحكام، لكن من المغري النظر إلى القدرة الكمية الصرف لواقع غني بالأحداث، وإن كان لا يطاق. قد يكون كسل الجمهور النسبي مصدر قوة للدراميين، لكن السؤال العام الذي يُطرَح: من هو الذي يشاهد؟ وكيف نستطيع أن نحتفظ بالجمهور حتى المشهد الأخير من العمل من دون أن يتمرّد على خوفه في أعمال يرى نفسه فيها؟