2013/05/29

السينما السورية ... سينما تائهة بين القطاع العام والخاص
السينما السورية ... سينما تائهة بين القطاع العام والخاص

(أبجد هوز صناعة السينما مجهولة عند أصحاب الشأن )


خاص بوسطة – عوض القدرو


كم هي المرات التي تم في طرح مشكلة السينما السورية ولكن تبقى دون جدوى ملموسة على الأرض ويبقى المشاهد السوري دوماً رهن كل شيء دونما التفكير بمشكلة محبي وعشاق السينما الذين هم دوماً يتابعون بشغف أي خبر عن السينما سواء كان مهم صغير كان أم كبير وهذا أمر طبيعي نتيجة لشٌح الإنتاج السينمائي السوري .

فإنتاج سينما القطاع العام لم ولن يٌلبي حاجة السوق السورية منذ تأسيس المؤسسة العامة للسينما ولغاية يومنا هذا ولعدة أسباب .... منها عدم دخول معادلة الجمهور في حسابات العديد من المخرجين السوريين الذين قدموا أفلامهم من خلال مؤسسة السينما السورية وبالتالي أبتعد جمهور السينما عن سينما القطاع الخاص وصبغها بأنها سينما للمهرجانات ليس أكثر .... بطبيعة الحال ببداية صناعة سينما القطاع العام أجتمع حولها الناس لرؤية ومعرفة توجه هذه السينما لكن ومع مرور الزمن أبتعد الجمهور عن سينما القطاع العام ما عدا القليل الذين أٌطلق عليهم فيما بعد جمهور النخبة ... وبطبيعة الحال لم يخلى الأمر من بعض الأفلام التي حققت حضورا جماهيراً جيداً مثل أفلام ... الفهد لنبيل المالح ... ووجه آخر للحب والمغامرة لمحمد شاهين والمصيدة لوديع يوسف و أحلام المدينة لمحمد ملص وليالي أبن أوى ورسائل شفهية لعبد اللطيف عبد الحميد وللأسف أستطيع القول أن باقي أفلام القطاع العام كانت أفلام خاسرة ولم تحقق الجمهور ولا كلفة إنتاجها و أصبحت مع مرور الزمن مجرد أرقام و عناوين في تاريخ سينما القطاع العام السوري .... ولو حاولنا الدخول في أسباب ذلك فيجب أن نتكلم بشفافية ولا نخجل من ذكر الأسباب فربما من الأسباب هي عدم تعامل مؤسسة السينما مع الكثير من المخرجين كمؤسسة إنتاجية احترافية كونها لا  تضع في بعض  اعتباراتها الإنتاجية الجدوى الاقتصادية  من وراء صناعة هذه الأفلام مما أسهم عند الكثيرين من مخرجي المؤسسة بعدم المبالاة وعدم وضع حسابات المتلقي ضمن مشروعهم السينمائي وبالتالي خرجت بعض أفلام القطاع العام لتجد نفسها وحيدة في صالات العرض وفيما بعد حبيسة العلب وهذا الشيء لم يكن حافزاً مهماً لسينما القطاع الخاص الذي غاب رغم غيابه الطويل ووضع نفسه ضمن سباق الإنتاج التلفزيوني الدرامي معتمداً ومرتكزاً على إرث مهم في تاريخ الدراما التلفزيونية وهي فترة الأعمال الدرامية التي أسست لانتشار واسع للدراما السورية على مستوى الوطن العربي وعلى سبيل المثال ( أخوة التراب ... الجوارح .. خان الحرير ... نهاية رجل شجاع .... وغيرها ) وبالتالي سقطت حسابات الإنتاج السينمائي من حسابات غالبية شركات إنتاج القطاع الخاص ولم يفكروا مجرد التفكير أن الدولة لا تستطيع أن تنهض بمشروع سينمائي سوري يلبي الحاجة الماسة للسينما ولم يحاولوا حتى الاستفادة من تجارب الدول العربية الأخرى وعلى سبيل الحصر مصر .

فالغاية هذا اليوم لم نجد هناك أي تعاون أو أية شراكة تُذكر بين مجموعة من شركات القطاع الخاص لإنتاج فيلم سينمائي أو لإنشاء دار عرض سينمائية و بالتالي كانوا مساهمين بشكل كبير بأزمة السينما السورية بشكل مباشر وبشكل غير مباشر . وعلى الرغم من صدور مجموعة مهمة من المراسيم والقرارات التي سهلت صناعة السينما و إنشاء دور عرض سينمائية لكن كل ذلك يعني احد منهم وبقيت صالات السينما في سورية وصناعة السينما مرهونة بالدولة ....

وبالطبع أستطيع هنا أن أقول شيئا و أنا أتجمل مسؤولية ما سأقول بحكم معرفتي بالحالة السينمائية بسورية .... أستطيع أن أقول وبكل صراحة  في سورية اليوم لا يوجد من يعرف أو ملم بأبجديات صناعة السينما ولا بطريقة إدارة صالة عرض سينمائية و لا حتى على مستوى تسويق فيلم سينمائي وبالتالي أصبح جمهور السينما ومخرجي السينما في سورية هم ضحية فكر سينمائي عقيم ,

ولو نظرنا إلى إنتاج السينما في القطاع الخاص لوجدنا أنه لم يكن إنتاجاً مدروساً و إنما كان إنتاجاً سينمائيا هدفه فقط الظهور  ليس أكثر وحتى لو نظرنا نظرة سريعة للأفلام المنتجة من قبل القطاع الخاص كانت أفلام دون المستوى المطلوب فكانت أفلام فقيرة على مستوى الإنتاج والموضوع والفكر وبالتالي فشلت أيضا محليا وعربيا ولم تُشكل أية إضافة للسينما السورية بشكل عام وبقية عملية الإنتاج السينمائي في سورية  محصورة بالقطاع العام الذي لم ولن يستطيع تلبية الحاجة السينمائية الماسة للمتلقي السوري الذي أدرك تماماً بعدم وجود جدوى أو أمل بتكحيل العيون برؤية سينما سورية جديدة تنفض عن نفسها غبار الركود والغياب وهذا مرتبط حتماً بمدى وعي القائمون على صناعة الدراما التلفزيونية والسينمائية لإيجاد طريقة معينة  لوضع صيغة و إيجاد و استثمار كل المقومات والمراسيم والقوانين  لصناعة سينما سورية تكون على الأقل واضحة في الحراك الثقافي السوري وبالطبع يقع على عاتق القطاع العام والمتمثل بالمؤسسة العامة للسينما بإعادة النظر لتعديل قائمة أسعار تأجير المعدات السينمائية الخاصة بالمؤسسة العامة للسينما  والتي تمتلك معدات فنية على مستوى عالي جدا ولكن لا يوجد أحد يطرق باب المؤسسة لاستئجار شيء من تلك المعدات وذلك لارتفاع قيمة تأجير هذه المعدات ولجوء الكثيرين من شركات القطاع الخاص وبعض الأشخاص لمصادر أخرى لأستئجار معدات سينمائية بقيمة أقل .

وهناك شبه عدم توافق و انسجام بين القطاع العام والخاص فيما يخص صناعة السينما  والمفروض أن يكون هناك وعلى الرغم من صدور الكثير من التسهيلات لتحسين دور عرض السينما والتسهيل لكافة  موزعي وأصحاب دور العرض السينمائية بحرية استيراد الأفلام السينمائية بعد ما كانت حكراً على المؤسسة العامة للسينما إلا أن أحداً لم

يحرك ساكن بشأن ذلك

وأدى ذلك إلى تفاقم مشكلة السينما دونما حل ....

وهذا الشيء شكل نوعاً من الإحباط  لكل من حلم بصناعة فيلم سينمائي سواء كان من المخرجين أو مدراء التصوير .. الخ . الذين عادوا من دراستهم لمختلف فنون السينما خارج سورية  ليجدوا نفسهم تحت وطأة فرصة من مؤسسة السينما كونها لا تستطيع أن  تعطي مزيدا من الفرص بوقت واحد للجميع وهذا أيضاً أدى بدوره إلى المزيد من الحساسيات والمهاترات بين مؤسسة السينما والسينمائيين السوريين في حين لم يفكر أحداً منهم الذهاب أو تقديم مشروعه إلى القطاع الخاص أو لم يجد أي جهة قطاع خاص تستعين به  لأي عمل سينمائي ولا حتى تلفزيوني فالنظرة السائدة في منظور القطاع الخاص بالنسبة للسينما أن هؤلاء السينمائيين لن يستطيعوا التكيف مع عقلية القطاع الخاص التجارية البحتة وفي الحقيقة هذا تفكير محق فالقطاع الخاص عندما يصرف أمواله في جانب فعليه ضمان جانب الربح سلفاً وتجارة السينما لا تعتمد على السماسرة بعكس تجارة الدراما التلفزيونية التي عمادها العلاقات والسمسرة بعكس السينما التي تعتمد على الدعاية الجيدة للفيلم والنص الجيد والنجم وهذه المعادلة لا تأكل بعقل القطاع الخاص الذي يتظاهر بوضع العراقيل والحجج من حيث عدم وجود صالات عرض وعدم وجود سينما ولكن في الحقيقة هي هروب  من عدم المعرفة بالشيء وهذا ما دفع البعض للاستغراب عندما يسمع بفيلم من إنتاج القطاع العام وقد تصل تكلفته لحوالي الثلاثين مليون ليرة سورية ولم يحقق شيئاً وهذا من حيث المبدأ صحيح لكن من حيث الشكل لا يصح أن يكون الطرف الأخر والمهم في هذه المعادلة وهو القطاع الخاص أن يقف موقف المتفرج أو الشامت في بعض الأحيان فكل المؤدى هو في سبيل إعلاء مستوى الصناعة السينمائية في سورية ولفتح فرص عمل كثيرة للمخرجين والفنيين والمعنيين بالشأن السينمائي ,,, وهناك جانب من هذا الواقع السلبي يقع على عاتق السينمائيين السوريين حيث التعالي هو أحد العناوين المهمة عند البعض منهم والبعض الذي يجد انه اكبر من مشروع أو سيناريو يُقدم له فحسب رأيه يجب أن يكون هو صاحب الفيلم والسيناريو دونما حتى قراءة نصوص الغير وبالتالي الهوة تكبر وتكبر دونما حل

وكان هناك بعض المحاولات من  المؤسسة العامة للسينما والهيثة العامة للإنتاج التلفزيوني التابعة لوزارة الأعلام بإنتاج مجموعة من الأفلام القصيرة وهي  خطوة جديرة بالاحترام لكن نتائجها أتت بمستوى مقبول نوعا ما حيث لم تقدم الأرضية الإنتاجية اللازمة لهذا المشروع وتم التعامل معه على انه واجب وظيفي ليس أكثر حيث كان من جميع المتقدمين لهذا المشروع الخضوع و الأمتثال لعقلية اللجنة الفكرية الذي اختلف البعض حول جدارتها وحول مصداقيتها وعدلها وحسب رأي البعض أن الفرص أعُطيت وفق محسوبيات معينة  مما خلق نوعاً من التشنج  في الوسط السينمائي وطبعا بدون أدنى شك قد أثرت الأزمة التي تمر بها سورية على الواقع السينمائي والدرامي ولكن لم يخطر ببال أحد أو ببال شركات القطاع الخاص أن يتكاتفوا مع مؤسسات القطاع العام لتبني مشروع سينمائي يُكحل عيون السوريين ويجعله يكون ضمن فسحة أمل لمشاهدة سينما سورية جديدة قوية لكن هيهات ....

و حزين جداً و أقول من منطلق شخصي تماما بعيداً عن أي شيء أخر وهو أنني أستطيع الجزم بأني كمتابع سينما لن أرى سينما سورية  كما أريد و أشتهي حتى لبعد خمسين عاماً  و غير متفائل بمستقبل منير للسينما السورية في ظل انعدام الخبرة في هذا المجال وانعدام الحس عند الجميع أن هناك شعب سوري يعشق السينما ....