2013/05/29

الشبيهة ... اهتمام بالأحداث الجانبية على حساب الصراع المركزي
الشبيهة ... اهتمام بالأحداث الجانبية على حساب الصراع المركزي

تشرين -  فنون

يعرف العالم العربي بقلة كتاب الرواية البوليسية، والدراما البوليسية، ويلعب الأساس القصصي والروائي البوليسي دوراً كبيراً في صناعة دراما بوليسية،

وهذا ينطبق على كل الدراما البوليسية، إذا كانت سوف تحجز لذاتها موقعا متقدما في الدراما البوليسية، لكن الأعمال الروائية البوليسية السورية نادرة جداً، ويظهر أن أي بناء حكائي درامي بوليسي سوري بعيد عن الأساس الروائي والقصصي السوري إذا ما أردنا مقارنة ما سمي بدراما الجريمة البوليسية في سورية عبر عمل درامي بوليسي يحمل «أبواب الحقيقة» من تأليف وإخراج سامر خضر، وكذلك العمل الدرامي «الشبيهة» من تأليف محمود سعد الدين، وإخراج فراس دهني ومن بطولة «جنان بكر، نضال نجم، صباح عبيد، ضحى الدبس، ديمة الجندي، خالد القيش، سليم صبري، ليلى سمور، لونا أبو درهمين، ناهد الحلبي».

الشبيهة عمل اجتماعي بوليسي يتناول قصة فتاة (عذاب، جنان بكر) تتعرض للاغتصاب، ويموت والدها نتيجة الدفاع عنها، لكن سرعان ما تتعرض لعدد كبير من حالات الاغتصاب، ابتدأ من اغتصاب (عمها، حسن عويتي)، للعائلة بعد زواجه من أمها (أم وحيد، ضحى الدبس)، بمساعدة أخيها (ماجد، خالد القيش)، حيث يقدم الاثنان على بيع أملاك الورثة بموجب الوكالة العامة التي لديه، ويقوم كذلك بتزويج عذاب بموجب صفقة تتم على طاولة لعب القمار، وتتعرض للضرب من زوجها (غالب، صباح عبيد) نتيجة عدم موافقتها على بيع البيت الذي تسكن فيه أمها واخوها لكي يسدد عمها خسارته في لعب (البوكر، القمار)، فتتدخل اخت زوجها (عبير شمس الدين) في عملية تهريبها، ويعيدها عمها بموجب صفقة مع غالب، وتتعرض من جديد إلى الضرب على يد زوجها، فتهرب بتغطية من أخته إلى المشفى لكي يتم علاجها، وهناك تتدخل أمها في المشفى للمساعدة على تمضية أيام العلاج، فتهرب الفتاة من جديد، وبالمصادفة يعثر عليها طلحت حمدي وشغيلته، ويعتقد أنها خلود ابنته، وتنقطع أخبار(عذاب، خلود) عن الحي القديم، نتيجة فقدان الذاكرة وتبدأ بتقمص شخصية خلود معتمدة على مذكراتها الموجودة في خزانة خلود في غرفتها الخاصة، ولاسيما علاقتها بحبيبها (ربيع، نضال نجم)، حيث تصطدم عائلة(ابو ربيع، سليم صبري) بعودة خلود بعد موتها، وعدم ذكرها، في حين يمضي ماجد إلى أخته أم وحيد، ويخلصها ثمن المنزل، و يخرج مسرعاً وتصدمه سيارة، ويذهب نتيجة ذلك بصره، في حين تعتقل العصابة «غالب وأعوانه»، وهنا تعمل أم وحيد في بيت «أبو ربيع» وهي لا تعلم أن ابنتها في بيت صديقهم(طلحت حمدي)، بل حتى لا تعلم أن أخاها يعيش في مزرعتهم، وتنشر إعلاناً عن غياب عذاب في زمن يزور سورية (محمود نصر، صلاح)، ابن أخت «ابو ربيع»، ويخطب ابنته منال، على أساس أن لديه مالاً، ويريد أن يقيم مشاريع في سورية، لكنه يهرب بالأموال التي يأخذها من خاله، ويترك منال في حيرة كبيرة، ويغادر هذه الحياة «حسن عويتي»، وتتهم (ندى، ديمة الجندي) زوجة ربيع، أم وحيد بسرقة مصاغها الذهبي تضع إحدى القطع في ثيابها الخارجية، وهنا يطلب «صلاح»، من ربيع أن يحضر الشرطة، لكن ربيع يأخذ أم وحيد و يوصلها إلى بيتها على ألا تعود حتى يكتشف مكان وجود بقية المصاغ، ويكتشف أن زوجته هي وراء وضع المصاغ في ثوب أم وحيد الخارجي، وعلى أثر ذلك تعود أم وحيد إلى البيت، وتذهب ندى إلى بيت أهلها «حردانة»، لكن «أبو ربيع» يعيدها من دون أن يأخذ رأي زوجها.

إن الهجرة التي تقدم عليها «خلود، عذاب»، وأبوها (طلحت حمدي) من أجل الدراسة ، تجعل الأحداث الدرامية في العمل كجزء من تأجيل الأحداث المهمة والفاعلة بعيداً عن المركز، ويظهر ذلك في خط (صلاح، محمود نصر)، وكذلك أفعال السجن البعيدة عن المركز، وهكذا تمرر مجموعة من الحلقات من دون فعالية درامية، وتتسارع الأحداث بعد عودتها، التي تفتح كل الملفات دفعة واحدة، عودة ربيع كعلاقة عاطفية، وتتضح عمليات النصب التي قام بها «ابو ربيع» تجاه صديق عمره «طلحت حمدي، أبو خلود»، ولا يعترف بها، وكان يخترق شركة صديقه من خلال موظفين يعملون لحسابه، وحاول ذلك بوجود عذاب، هذه الحالة تجعل «أبو خلود» في وضعية صحية سيئة ويصاب بـ(جلطة)،  فيعاجله الموت ويكون قد أنجز نقل الملكية إليها باسم عذاب الذي تعرف عليه من خلال إعلان الجريدة.

ويخرج غالب من السجن مع عمر وهو أحد أبناء الحي القديم الذي سكنته أم وحيد، وعندما تعود أم وحيد لابنتها تطلب منها زيارة ربيع في المشفى، وهكذا تبدأ الذروة الدرامية بالحلحلة عبر هذا الصدام في حين يطارد غالب عذاب من جديد وتسجل التهديدات التي تتلقاها وتسلمها إلى ضابط الشرطة بينما تطلب الشرطة غالب بعد مداهمة مستودع التهريب، ويحاول غالب وأعوانه مهاجمة عذاب ويفشل، بينما عمر يشاهد أخته مع (وحيد، سعد لوستان)، فيشهر السلاح ويطلق الرصاص ويصاب وحيد وأخته ويقتل غالب... وهكذا يمضي العمل نحو النهايات السعيدة بلقاء ربيع وعذاب ولمّ شمل العائلة كاملة.

الشركة المنتجة والإخراج

عندما ينهي مخرج عقده مع شركة عمل معها ويطلب منها عدم وضع اسمه على العمل، كما صرح المخرج فراس دهني في حديث لجريدة تشرين، وتقوم الشركة بوضع اسمه على العمل، وهو مخل مسؤوليته عن إخراج العمل، فإن الشركة تستغل اسم المخرج في محاولة لصناعة مشاهدة درامية أعلى للعمل... من جهة أخرى أعتقد جازماً أن المخرج فراس دهني لا يمكن أن يمرر كلمات شعبية على بوابة مزرعة «أبو ربيع» من مثل (ذكرى ثائر والحمار وائل في العام 2008)، فهذه العبارة الموجودة على الباب تؤكد أن المونتاج والإخراج لم يجر عليه التدقيق والتشييك النهائي، لذلك بقيت هذه العبارة، ولم أستطع تحديد فائدة مثل هذه العبارة، وهذا ما يدلل على أن المونتاج جرى بالمعنى الشعبي (شلف)، ويبين أن المخرج الذي قام بإكمال عملية التصوير وأشرف على المونتاج لم يقم بالعمل بالجدية اللازمة ولم يجر تحليل الصراع والتركيز على الأساسي في العمل، وإنما أظهر «وبروظ» الصراعات الجانبية على حساب الصراع الأساسي.

ورغم الحشد الكبير للعديد من الأسماء التي شاركت في العمل مثل (طلحت حمدي، سليم صبري، ناهد حلبي، ضحى الدبس، ديمة الجندي، صباح عبيد، ليلى سمور)، فإن ذلك لم يستطع أن يجعل المعالجة عملاً بوليسياً كاملاً، ولم يخلق أجواء متابعة درامية بوليسية.