2013/05/29

الشهادة والشهداء على الشاشة البيضاء
الشهادة والشهداء على الشاشة البيضاء


م . ق . خ – الثورة

تناولت الأفلام السورية قضايا وهموماً إنسانية واجتماعية متنوعة ورصدت في قسم منها موضوع الكفاح الوطني ،والنضال في سبيل الوطن ،

ولم تخص تلك الأفلام الشهادة بشكل رئيسي أو مباشر ،لكن أي فيلم يتحدث عن الهم الاجتماعي في فترة محددة من تاريخ الوطن لا بد له إلا أن يشير ولو بشكل جزئي أو بعض المشاهد لموضع الشهادة ،فتاريخ الوطن ،وتحديدا خلال القرن الماضي تاريخ من النضال المستمر ضد الاحتلال بأنواعه وأشكاله والقديمة والحديثة، من الاستعمار العثماني إلى الفرنسي ثم المعارك التي يخوضها جيشنا وشعبنا ضد الاحتلال الصهيوني .‏


الفيلم الروائي :‏

نستذكر هنا بعض الأفلام الروائية والوثائقية التي خصت الشهداء بجانب منها أو كانت فيه بضعة خطوط درامية عنهم .‏

ونذكر اولا فيلم (عمر المختار شيخ المجاهدين) للمخرج السوري مصطفى العقاد حيث خص عمر المختار بواحد من أهم الأفلام العربية التي استعرضت سير الشهداء بل ربما هو الفيلم الروائي العربي الوحيد الذي تحدث عن سيرة شهيد ضد الاحتلال ، وقد عرض الفيلم في عام 1981 والمختار أشهر من أن يعرف حيث يروي العقاد سيرة مناضل حارب قوات الغزو الإيطالية في ليبيا، أكثر من عشرين عاماً ، واستشهد  بعد أن قبضت عليه قوات الاحتلال . وأتى بعده الفيلم الجزائري (أسد الأوراس) 2008 للمخرج الجزائري أحمد راشدي،عن سيرة المناضل مصطفى بن بولعيد ضد الاحتلال الفرنسي ،وقد أدى دوره ممثل من أصل سوري .‏

وربما الفيلم الروائي السوري الوحيد الذي خص الشهداء بكامل خيوطه عن الشهداء فيلم (كفر قاسم) إخراج برهان علوية في عام 1974 ،ولكن الفيلم كان يتحدث عن مجزرة أكثر مما يتحدث عن شهداء سقطوا وهم في معركة مع العدو. في حين كان محور فيلم (الأبطال يولدون مرتين) 1977 إنتاج المؤسسة العامة للسينما أيضا وإخراج صلاح دهني، ومحوره تطور الوعي النضالي لدى طفل في العاشرة استشهد والداه في حرب 1967، وقد ترعرع الطفل على مشاهد الهجمات الإسرائيلية على المخيمات والمداهمات ونسف البيوت ومواكب الشهداء.‏

وهناك الأفلام السورية التي خصت الشهداء ببعض خيوطها الدرامية منها (الشمس في يوم غائم)  1985 إخراج محمد شاهين يتحدث عن شاب ثري في عهد الاستعمار الفرنسي يتمرد على  واقعه يصادق ويستشهد الخياط، ،فيجد الشاب أن عليه الوقوف في وجه القاتل . وفي فيلم (ليالي بن آوى) 1989 إخراج عبد اللطيف عبد الحميد يستشهد الابن الأوسط  للأسرة  في حرب 1967 ، وتموت الأم من الصدمة، ويعطي عبد اللطيف مساحة أوسع للحديث عن مقاتل ضد الاحتلال في فيلم ( أيام الضجر) 2008 ، وجسّد دوره أحمد الأحمد  حيث يعود بعد أن أصيب في آخر الفيلم . كما نذكر فيلم (حسيبة) 2008  إخراج ريمون بطرس ، وحسيبة ابنة ثائر ذهب إلى فلسطين للقتال ضد الصهاينة ، واستشهد هناك.‏

ويتناول فيلم (دمشق يا بسمة الحزن) 2008 إخراج ماهر كدو تفاصيل حياة عائلة دمشقية منذ الاحتلال الفرنسي وحتى أواسط الخمسينيات واختلفت مواقف أفرادها تجاه الاحتلال بين مؤيد للكفاح وبين رافض له لكن المخرج أيَّد خيار النضال بمنحه شخصية سامي صفات لا يملكها إخوته كالرجولة والأفكار التحررية، ويلتحق بالثوار لينال الشهادة . ويلاحظ أن جميع هذه الأفلام من إنتاج المؤسسة العامة للسينما، وهي حقيقة تفردت في الحديث عن الموضوع النضالي،في حين اتجهت أفلام الشركات الخاصة إلى مواضيع غير جادة في أحسن تعبير عن مضمونها ومستواها.‏

ومن الإنتاجات الرديفة للقطاع السينمائي العام نذكر الفيلم الروائي (حتى الرجل الأخير) 1971إخراج أمين البني إنتاج قسم السينما في الجيش وهو عن مجموعة مقاتلين يرفضون الاستسلام ويقاتلون حتى الرجل الأخير. كما نذكر من إنتاج قسم السينما فيلماً متوسط الطول بعنوان (تل الفرس) إخراج لطفي لطفي،عن واقعة حقيقية حدثت خلال حرب تشرين حيث قام طاقم دبابة سورية بالقتال حتى اللحظة الأخيرة والتصدي للدبابات الإسرائيلية.‏

ونجد من المناسب أن نذكر الفيلم العربي (عمالقة البحار)1960 إخراج السيد زيادة، حيث تحدث بشكل رئيسي عن العملية الاستشهادية التي قام بها ضابط سوري هو الملازم جول جمال ،فعندما كان يتابع تدريباته العسكرية في مصر وقع العدوان الثلاثي عام 1956 ، فقاد جول قاذفة طوربيدات ونجح في أن يصيب المدمرة الفرنسية( جان بارت )بالشلل ،وكان من نتائجها تدمير بارجة فرنسية مما أضعف الآلة الحربية للمعتدين ، وقد أدى شخصية جول جمال شقيقه عادل ،حيث كان يدرس في مصر، وربما هو الدور الوحيد له في السينما المصرية .‏


الفيلم القصير والوثائقي :‏

إذا استعرضنا الأفلام الوثائقية والقصيرة ،سنلاحظ ان موضوع الشهداء نال اهتمام الرواد منذ بدايات السينما السورية ، وأول هذه الأفلام فيلم (صورة) نور الدين رمضان وعرضه في عام 1932 ، وأظهر فيه زيارة وفود شعبية لضريح الشهيد يوسف العظمة في ميسلون ،ونجد في إعلانات الفيلم أنه عرض في صالات السينما وعلى مدرج جامعة دمشق في كانون الثاني من عام 1933 .‏

وفي عام 1963أنجز المخرج جميل ولاية عدة أفلام سينمائية وثائقية عن شهداء السادس من أيار، وكان لديه خطة لتوثيق حياة كل الشهداء الذين أعدموا في السادس من أيار 1916، ولكنه كما ذكر لنا لم يوثق سوى فيلمين، الأول عن الشهيد عبد الحميد الزهراوي والثاني عن الشهيد رفيق رزق سلوم، كما أنجز فيلماً وثائقياً عن يوسف العظمة.‏

ونذكر من الأفلام القصيرة فيلم (الأرجوحة) في عام 1974 إنتاج التلفزيون وإخراج هيثم حقي، ويظهر الفيلم كيفية تلقي الأسرة خبر استشهاد الأب، وتؤكد الأسرة أن الشهيد جزء مقدس من أمتنا التي تفخر بالشهادة والشهداء.‏ ونذكر من الأفلام الوثائقية فيلم (مذكرات وطن) إخراج أمين البني، وإنتاج التلفزيون ، وقد تحدث في  الجزء الثاني عن شهداء السادس من أيار ، وفي الجزء الثالث عن الشهيد يوسف العظمة ،وفي الجزء السادس عن الشهداء الذين دافعوا عن البرلمان السوري في أيار من عام 1945 .‏