2013/05/29

العروض المسرحية السورية.. شروط نوعية تؤهلها للإعادة دوماً
العروض المسرحية السورية.. شروط نوعية تؤهلها للإعادة دوماً


آنا عزيزالخضر – الثورة

ايجابية (الريبوتوار) في المسرح أنها تحافظ على الذاكرة المسرحية ،ليتم إعادة العروض الناجحة التي تركت أثرها عند الجمهور، مما يتيح الفرصة من جديد لمتابعتها من قبل جمهور جديد من جهة،

و تراه أجيال جديدة من جهة أخرى، حيث يحرص القائمون على المسرح في سورية على التحقق ،من التقديم لأميز الشروط الفنية والفكرية و الدرامية الهامة ،كما الأساليب المتنوعة في العروض، لذلك تحتفظ بحيويتها ورونقها كي تكون مؤهلة دوما للعرض ،ويدخل في هذا السياق مسرح الطفل أيضا ،حيث يتوفر له كوادر أكاديمية و خبرات متميزة في مجاله ، فغالبية العروض السورية التي توجهت إلى الطفل في سورية ،جمعت المعلومة و المفاهيم ذات الأبعاد العميقة و القيم، جنبا إلى جنب الشكل الفني و أسلوبه ،الذي يرسخ غالبا الأفكار التي ينقلها. من هذا المنظور أعيد عرض (فلفله و الأمير المسحور) على صالة مسرح القباني في دمشق ،و قد حمل العرض العديد من الملامح الفنية التي توجه مشاعر الطفل إلى وجدانيات راقية، كما أنها تشغل خياله، و تداعب مفاهيم قريبة من ذهنه ،و ذلك من خلال الاستحضار لمفردات، تعنى بعالم الخيال و السحر و الحكايات ،تلك التي تمتلك خصوصيتها في الثقافة العربية ،و التي بقيت لازمان طويلة تنقل الثقافة و الأمثال و العبر و التجارب ، وهذا ما لم يغفله العرض ،بل اعتمدها لتقديم مبادئ الصدق ،و ترسيخ حالات وجدانية، من شانها أن تؤسس لشخصيات ،تتجه تلقائيا نحو الرقي الإنساني، ف (فلفله) تحاول استمالة الأمير، كي تجعله مثلها كي يقترب منها، فتسعى لسحره، فيهمل النظافة، و يصبح محبا للفوضى ،و مستهترا بسلوكيات جادة ، ليربط العرض هنا بين مسالة الفوضى و السلوكيات السلبية،بين عدم النظافة والاستهتار ،وبين الإهمال ومساوئ وتبعات التخلي عن المسؤولية ، ومقاربا ما بين القيم التي تهذب الإنسان ،والنظافة بمعناها الأعم و الأعمق، ليلفت نظر الطفل لقضية هامة ،و هي أن النظافة يجب أن تكون في كل مساحات الحياة ،في تعاملها و علاقاتها كما السلوكيات والدواخل البشرية ،كي يقترب الإنسان من النقاء و الصدق ،و يكون بالتالي إنسانا حقيقيا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ، كل هذه الأفكار قدمت للطفل ،عبر عرض (فلفله و الأمير المسحور) ذلك العرض نفسه، الذي تضمن فنوناً متنوعة ،أبهجت الطفل ـ المتلقي ،فكانت الأغاني و الموسيقاوتشكيلات مبهرة ، كلها خلقت المتعة الفنية ،التي تمكنت من إيصال أفكار و ايجابيات كثيرة في كل الاتجاهات .‏

حول العرض و فكرته ، أسلوبه ، الجديد فيه ،وحول إعادة عرضه ، تحدث كاتب نصه الأستاذ ( زهير البقاعي) فقال : لم نضف على العرض المسرحي (فلفلة و الأمير المسحور) أي أفكار بشكل عام ،فحكايته كما هي ،و مفرداته أيضا ،إنما تم العمل على بعض المفاصل ،التي تترك أثرها في تقديم المقولة للطفل، فكان العمل من جهتنا على شد بعض المفاصل ،أن صح القول ،و التركيز على تحسين إيقاع العمل ،و إضافة ملامح جديدة لإضفاء مزيدا من الحركة و الحيوية على العرض ،والتي من شانها شد الطفل و جذبه، و إن كان العرض إعادة ،إلا انه من الضروري بمكان الاستفادة من التجربة السابقة ،و تطويرها لتقديم أسلوب فني متجدد، يشوق الطفل حتى في تفاصيل صغيرة، و قد عملنا على أن لا تمر أي لحظة من العرض بشكل مجاني، كي تترك تلك اللمسات الجديدة ،و إن كانت بسيطة ، أثرها الهام على العرض ،وذلك لأننا نأخذ بعين الاعتبار المتلقي الطفل ،أما المضمون هو ذاته، إذ تم التركيز على ثقافة النظافة، و ضرورة تعميمها على السلوكيات ،بدءا من الداخل وحتى الخارج ، و ذلك حتى لاتقتصر النظافة على الشكل الخارجي، و إنما يجب أن تسكن النفوس ،و تكون حاضرة في الأخلاق و الضمائر و السلوك مع الأخر، خصوصا أن المسرح عالم قادر بميزاته الخاصة ،أن يوصل كل ذلك، فهو حالة حضارية راقية، يبنى على التفاعل المباشر، و هذه الحالة بحد ذاتها تشكل حالة متعة كبيرة ، و مدهشة إلى حد الذهول عند الطفل، فهو يتفاعل مع شخصيات و أبطال ونماذج محببة له،و يتبادل الحوار معها مما يشعره بالتالي بشخصيته و حضوره، و يشعره بنضج خاص، رغم عمره الصغير، و قد توجه العرض إلى عمر ما بعد الثامنة حتى الرابع عشر، فالمسرح يشد الطفل أكثر من أي فن آخر، من هنا أقول : إن تم العمل عليه بالشكل المطلوب ،فهو يقد م الكثير للطفل، و قد حمل العرض أسلوبا إخراجيا بلور الرؤية الخاصة و المميزة للمخرج، خصوصا أن لكل مخرج مرجعياته الجمالية ،والذي يرى من خلالها آليات توضيح المقولة، ليؤكد عليها، و قد حاول المخرج تقديم الشخصيات بشكل ظريف و سلس و عفوي ،كانت قريبة من الطفل ،و لامست ذهنه على صعيد الحدث و الحوار و الكوميديا البسيطة ،التي تضحكه ،دون أن ننسى وجود جماليات خاصة ،داعبت عقل الطفل و خياله ،بدءا من الأغاني والموسيقا والألوان و الديكور و جمالياته ،و قد كانت احد المرتكزات ،التي اعتمد عليها المخرج لصياغة تكوينات مبهرة لذهن الطفل و تلقيه الخاص ،هذا عن حضور فنون أخرى يحبها الطفل، و لا بد من الذكر لجانب على قدر من الأهمية ،و هو أن العرض حمل مراعاة حضور الطفل مع أسرة، فحاول الخلق لجو اجتماعي خاص و ممتع، في الكثير من جوانبه ،دون أن ننسى ميزة هامة وأساسية ،وهي احترام عقل الطفل ومفاهيمه بدرجة مطلقة.‏