2012/07/04

الفنانون السوريون لهذا الموسم.. إبداع وتميز...أداء من طراز رفيع.. ومشاهد لا تنسى
الفنانون السوريون لهذا الموسم.. إبداع وتميز...أداء من طراز رفيع.. ومشاهد لا تنسى


علي الحسن – الوطن السورية

أن تقطع لسانك فتلك حالة احتجاجية لا تحتاج إلى تعليق وإن كانت شديدة الوقع ورسالة بليغة جداً، ونادرة!! وأن تكون بدافع المحبة بعدما تتقطع السبل بوالد تجاه إقناع ابنه فتلك مبالغة كبيرة قد نتصالح معها فنياً في فيلم هندي لكنها صادمة وتبدو خارج السياق- أقله المعتاد- في الدراما السورية, حيث تشاهد العائلات بمن فيها الأطفال المسلسلات في طقوس فرجة عائلية غير متشنجة أما على الصعيد «المشهدي» فلا يمكن أن يمر «المشهد» مرور الكرام إذ سيتذكر المشاهد طويلاً سلوم حداد (واصل) في «الولادة من الخاصرة» وهو يقطع لسانه أمام ابنه (علام) مكسيم خليل المشهد الذي يؤديه حداد ببراعة كبيرة إذ يعيش واصل حالة تفاعلية انفعالية تصاعدية شديدة تعطي للمشهد فرادة لا نظير لها تكتمل ملامحها وتحضر خصوصيتها بالأداء اللافت المتفاعل والمنفعل للحالة التي جسدها مكسيم خليل. وبدا كل من حداد وخليل قد استخدم أدواته ومخزونه التمثيلي بإبداع لافت.. وبصرف النظر عن تصالح المشاهد أو عدم تقبله للحالة (المشهد) أو حتى نفوره لدرجة الإشاحة بالوجه والاشمئزاز ربما إلا أنه مشهد سيعيش طويلاً ويسجل نقدياً للعمل الذي كتبه سامر رضوان وأخرجته رشا شربتجي.

العقد المتراكمة.. والأنفلونزا

الفنانان نفساهما حداد وخليل سيجمعهما عمل آخر هذا الموسم «سوق الورق» الذي كتبته آراء الجرماني وأخرجه أحمد إبراهيم الأحمد وسيظهر كل منهما وبمعزل عن الآخر وإن بدرجات أداء عالي ومميز إذ يجسد حداد شخصية (عزو) مدير الجامعة الشخصية المركبة والمعقدة نفسياً التي تضطر أن تخفي وجعها وآلامها ومشكلاتها وعقدها- المتراكمة من أيام الطفولة- لاعتبارات عائلية ومناصبية ونفسية وبالمقابل فإن خليل يجسد شخصية (تامر) ابن مستخدم الجامعة الذي يعيش هو الآخر حالات متناقضة ومركبة ويعاني تداعيات شتى ينجح خليل في تجسيدها.

ومن الفنانين الذين استمروا في تجسيد أدوار على غاية من الإبداع يحضر بسام كوسا الذي يتعملق كما هو دائماً فناناً من طراز رفيع ويجسد هذا الموسم في «السراب» للثنائي نجيب نصير وحسن سامي يوسف تأليفاً، ومروان بركات إخراجاً شخصية (أبو الخير) صاحب المسلخ الرجل المشتت الباحث عن استقرار أسرته الذي يصاب و(صبحة) سلافة معمار في دور البنت الساذجة بأنفلونزا الطيور.

التصالح.. والعلامة الفارقة

رشيد عساف يفاجئ الجمهور بعد انقطاع ينال العلامة الكاملة عن دوره في «الخربة» للثنائي الليث حجو مخرجاً وممدوح حمادة تأليفاً إذ يؤدي عساف شخصية (بو نايف) بكركترها المهضوم التي تسحب البساط من نجوم بإعجاب كبير وفي العمل ذاته يشهد الأداء التمثيلي لدريد لحام متصالحاً مع الجمهور وهو الذي بنى نجومية امتدت لعقود طويلة ونشير هنا بإعجاب إلى أداء كل من باسم ياخور (توفيق) أحمد الأحمد (سمعان) ومحمد حداقي (فياض)، إذ كانوا على موعد مع التميز والإبداع وترفع هذه الكوكبة من الفنانين إلى جانب آخرين نسبة المشاهدة في الخربة العمل الكوميدي الناقد الذي كان علامة فارقة هذا الموسم في الدراما السورية.

الشارة الضوئية.. والدبكة

وفي «بقعة ضوء» يستمر الأداء العالي لكوكبة من الفنانين السوريين الذين تتصاعد نجوميتهم لحسهم الإبداعي وهاجسهم المسكون بالتفوق وإخلاصهم لمسيرتهم الفنية التي حصدوا من خلالها نجاحاً تلو النجاح: عبد المنعم عمايري، أيمن رضا، أمل عرفة وآخرون ويحضر هنا الفنان بشار إسماعيل الذي أدى دوراً في لوحة «الدبكة» أظهر فيه طاقة تمثيلية عالية وهو يؤدي دور مدير عام سابق اعتاد التصفيق في «المناسبات الوطنية»!! فسكنته الحالة بعد إحالته على التقاعد فظل يمارس أنواعاً من الدبكة على أنغام أغان يسمعها في البيت أو في الشارع أو حتى عند شارة المرور لتظل هذه «اللوحة» واحدة من أكثر لوحات «بقعة ضوء» إبداعاً تسجل لبشار إسماعيل وهو يؤدي الدبكة بانسجام وتحليق.

الهدوء.. و«طوطح»

رفيق سبيعي الفنان الكبير والتاريخي يشارك هذا الموسم بدور مغاير عن كل أدواره السابقة على تنوعها وتعددتها إذ يجسد شخصية «طوطح» بحضور الأسر في «طالع الفضة» لعباس النوري وعنود الخالد تأليفاً وسيف الدين سبيعي إخراجاً المسلسل الذي يستمر من خلاله عباس النوري كواحد من أفضل الفنانين السوريين في تجسيد شخصيات شامية بالتقاطاته العميقة والشفيفة لروح الشخصيات وحساسيته العالية في الأداء.

وسجل هذا الموسم مشاركة لافتة للفنان اللبناني رفيق علي أحمد الذي اعتدناه في أدوار تاريخية وربما هي المرة الأولى التي يلعب دوراً ينتمي للعمل الاجتماعي إذ يجسد شخصية (فادي) الهادئ والرومانسي والمتوازن في «جلسات نسائية» لأمل حنا الكاتبة والمثنى صبح المخرج.

«الغياب».. التنكر وعلو الكعب

أسعد فضة النجم الكبير يحافظ على مستوى أدوار مميزة وتأتي مشاركته من خلال في «حضرة الغياب» لحسن م يوسف ونجدة أنزور لتؤكد استمرارية عطاء فضة اللافت عبر عقود كذلك يأتي اسم الفنان أيمن زيدان في «يوميات مدير عام» لخالد حيدر كاتباً وزهير قنوع مخرجاً إذ يؤدي زيدان شخصيات كثيرة في شخصية (أحمد عبد الحق) المدير العام المتنكر في سبيل مكافحة الفساد وهو الدور الذي يحتاج إلى طاقة كبيرة وتلوّنات مختلفة ومركبة في الأداء يبرع فيها زيدان الذي لعب دور شخصيات تاريخية في أعمال سابقة كان زيدان فيها نجماً كبيراً..

ولا يمكن بطبيعة الحال الوقوف عند كل الأدوار المميزة والأداء عالي المستوى للفنانين السوريين هذا الموسم لكن عدداً ليس بقليل منهم كان دائماً «بيضة القبان» أو العامل الأساس الذي يسهم في نجاح الأعمال وإن لم تكن على مستوى عالٍ من حيث الطروحات والمعالجات الكتابية والإخراجية ذلك أن الممثل السوري أثبت دائماً علو كعبه على صعيد الأداء وأنه محط إعجاب وثناء أينما حل.