2012/07/04

المنتجون تجار وبعيدون كل البعد عن الفن مروان خوري لـ«الديار» : الغرب لن يُقدّم لنا شيئاًَ «وحلنا نعرف وين موقع لبنان العربي المقاوم»
المنتجون تجار وبعيدون كل البعد عن الفن مروان خوري لـ«الديار» : الغرب لن يُقدّم لنا شيئاًَ «وحلنا نعرف وين موقع لبنان العربي المقاوم»


يوسف بلوط - الديار

عقدة الإنتاج أخرت إنطلاقته الفنية لكن ثقته بموهبته الموسيقية والشعرية جعلته يحقق النجاح السريع في إطلاق أغنياته متخذا من اللون الرومانسي هـوية تميزه عن الفنانين الآخرين متأثرا في ذلك بالعندليب الراحل عبدالحليم حافظ الذي كان متميزا بين أبناء جيله من الفنانين.
إنه الفنان مروان خوري الذي قال في حديث لـ «الديار» أن ما يحصل اليوم من فوضى على الساحة الفنية مرده إلى أن المنتجين بعيدون كل البعد عن الفن وينظرون إليه فقط من زاوية الربح المادي وهم بذلك يتحكمون بالفنانين وبأذواق الناس بما يروجونه من فن رخيص.
واعتبر خوري أن الثقافة تفرض نفسها على الفن ورغم أن الموهبة هي الأساس يجب أن تقترن بالعلم والثقافة.
وقال:أي بلد في العالم يمكن معرفة حضارته وثـقافته من خلال الإطلاع على موسـيقاه. فالانحــطاط ينسحب على كل شيء وخصوصا الثقافة والفن وأنا آمل في تغيير عام على كافة الصعد لينـعكس ذلك على الموسيقى، أما حاليا فلــيس هناك بديل سوى أن يعي الفنانون خطورة ما يجري وتقــديم فن جيد يحترم الناس وأذواقهم وذلك بالإعتماد على المقومات الاساسية التي هي الكلمة واللحن والصوت إضافة إلى الشكل الذي أصبح ضروريا في عصرنا الحالي.
وأكد أن ما يحصل في لبنان بحاجة إلى التعاطي معه بمنــطق ووعي بعـيدا عن الإصــطفافات خصــوصا من الجيل الجديد وقال: «أنا لا أخاف على لبنان ككيان لأنني مدرك أن اللبنانيين سيدافعون عنه وقت الضرورة لكنني أخاف على القيم والأخلاق» معتبرا أن الحل هو إقامة نظام علماني في لبنان.
ورأى أن الجيل الجديد يجب أن يثور من اجل لقمة عيشه وأن يعي خطورة الإصطفافات الموجودة، دون التأثر بالخارج والتعويل عليه وخصوصا الغرب فهذا الغرب لن يقدم لنا شيئا.
ولفت خوري إلى أن ما يحصل في العالم العربي لا سيما في مصر التي اعتبرها أم الفن ليست فقط سياسية بل اجتماعية وثقافية وفنية آملا في أن تتمكن هذه الثورات من تغيير الوضع.

بداية تحدث خــوري عن تحــوله من التأليف والتلحين لفنانين آخرين إلى الغــناء فقال: «الغـــناء كان دائما في بالي وقد كانت لي بعـض المحـاولات الـغنائية الخـجولة لكن العائق الإنتاجي كان يحــول دون توسعي أكثر فالإنتاج يلعــب دورا كبـــيرا في إظهار الفنان وانتشار أعماله فركزت على أن أبرز نفسي من خلال ما توفر لدي من مواهب ولم أكن اعتبر إطــلاقا أن في ذلك انتقاصاً لقيمتي كفنان، لكـــن ظل حــلم الغناء يراودني إلى أن قدمت في العام 2002 أول ألبوم غنائي بعنوان «خيال العمر» من إنتاج شــركة «ريــلاكس إن» لكن تلك الشركة لم تستطع أن تستمر فقدمت الألبوم الثاني مع شركة «روتانا» وهو «كل القصايد» الذي حقق نجاحا كبيرا وشكل الإنطلاقة الفعلية لي غنائيا.
ولفت إلى أن الغناء جعله أقرب إلى الناس الذين اختبر معهم إحساسا جديدا من خلال المسرح وأضاف: عندما غنيت برز لوني الغنائي أكثر للناس وهو اللون الرومانسي الذي حفظته لنفسي كهوية تميزني عن بقية الأصوات الجميلة الموجودة كما أنني اختبرت محبة الناس من خلال التفاعل معهم أثناء وجودي على المسرح وكان ذلك شعورا رائعا.


* بمن تأثرت من الفنانين وكان مثلا أعلى لك؟


-على صعيد الغناء فقد تأثرت كثيرا بالعندليب الراحل عبد الحليم حافظ خصوصا من ناحية اللون الغنائي الذي اخترته، أحببت شخصيته وغناءه التعبيري. أما موسيقيا فقد تأثرت بالموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب فهو رمز فني كبير، لكنني لم أحاول تقليد أحد أو التشبه باحد لأن التقليد يوقع الفنان أسير الشخص الذي يقلده أردت أن أكون فنانا شاملا ومتميزا.
وشدد خوري على أن الثـقافة تــفرض نفسـها على الفن رغم أن الموهبة هي الاساس وهي التي تسيطر في النهاية وقال: هناك عدد كبير من المواهب لم تكن عــلى قدر كبير من العلم لكنها تركت علامـة وبصــمة مميزة لكن برأيي وخصوصا في أيامنا هذه يجب أن تقترن الموهــبة بالعلم والثقافة، وبالنسبة لي فإن ذاكرتي مثقلة بالإرث الفني القديم وأنا محظوظ جدا لأنني عاصرت جزءا من مرحلة الفن القديم واحزن لأن الجيل الجديد لم يعاصرها.


* ألحانك تردنا إلى ذلك الماضي الجميل,برأيك إلى أي مدى يجب أن تكون الأغنية الحالية مرتبطة بأغنية الماضي؟


- ألحاني مرتبطة ومستوحاة دون أن أقصــد بالماـضي ربما لأنني كما قلت عاصرت جزءا من تلك المرحلة. لا بد من أن يكون هناك توازن بين الماضي والحاضر إذ أن القاء في الماضي يعزلنا عن الحــاضر ,كما أن الحاضر لا يمكن غزله عن الماضي لأن لكل شيء أصلاً وجذوراً. وبالنسبة لي يهمني كثيرا أن أنــال احترام الكبار لكن يهمني أيضا أن يسمعني ويــردد أغاني أبناء الجيل الجديد لأنهم مستمعو المستقبل ولدي إيمان عام بأن الفن تواصل بين الماضي والحاضر وللأسف فإن الجزء الأكبر من الفن الحالي مفصول تماما عن الماضي


} فن أم تجارة }


* ما رأيك بما يحصل اليوم على الساحة الفنية؟


-الإعلام يلعب دورا كبيرا في تسويق نوع معين من الفن, وليس هناك أي إحساس بالمسؤولية عند الذين يقدمون هذا النوع من الأغاني الرخيصة، فالفنان عندما يقدم عملا معينا للجمهور يجب أن يكون مسؤولا أمامه وما يحصل اليوم عنوانه العريض هو الإستسهال. القيمون على شركات الإنتاج اليوم ليسوا متخصصين في الموسيقى بل اشخاص متمولون وبعيدون كل البعد عن كل ما له علاقة بالفن.
وتابع: الفن جزءان: جزء حضاري وثقافي وجزء ربـحي تجاري فهو صناعة ككل الصناعات, لكن المشكلة تكمن في أن نرى الفن من الجانب المادي فقط وبما أن منتجي اليوم هم تجار فهم يفرضون شروطهم على الفنانين في نوعية الأعمال وبالتالي يتحكمون في أذواق الناس.
ومع أن الجزء الأكبر من الناس يجري وراء الأسهل والأسرع لكنني أعول على فئة مهمة من الناس موجودة في كل عصر هي النخبة. في السابق كان الفنانون يتوجهون إلى النخبة التي تعود بدورها وتفرض ذوقها على البقية، وما يحصل اليوم هو العكس والإعلام يتوجه نحو الكمية وليس نحو النخبة، هي لعبة استنزاف وللاسف الفنانون مشاركون في هذه اللعبة الخطرة. أنا لست ضد مراعاة ذوق الناس ولكن إلى حد معين لأن الناس لا يعرفون دائما ماذا يريدون ويتلقون أسرع وأسهل ما يقدم لهم.
في السابق كان الفنانون يدركون أهمية مراعاة الناس لذلك كانوا يقدمون فنا جميلا وسهلا إلى حد ما لكي يتمكنوا من إيصاله إلى الشريحة الأكبر من الناس لكن مع الإلتزام بمعايير معينة من الرقي.
وأضاف: لقد تدخل الرئيس جمال عبد الناصر شخصيا بين السيدة أم كلثوم والموسيقار عبد الوهاب حين لحن لها أغنية «إنت عمري» فقد كان الرئيس عبد الناصر يولي اهتماما كبيرا للفن وكان هذا الامر يقربه شعبيا من الناس.


* مع من تعاملت من شركات الإنتاج؟


-بدأت مع «ميوزيك بوكس ريلاكس إن» وكان التعامل كما ذكرت قصيرا أما التعامل الفعلي فكان مع شركة «روتانا».


* لماذا انفصلت عن «روتانا»؟


- لأن العقد انتهى.


* فقط لأن العقد انتهى أم لأسباب أخرى خصوصا وان «روتانا» تروج في جزء كبير من إنتاجها لفن رخيص؟

- لا أريد أن اذم أحدا لكن «روتانا» شركة تجارية والمعيار الفني فيها ضئيل ويأتي في الدرجة الثانية.


* برأيك كيف تستمر شركة مثل «روتانا» مع أن هناك من يقول أنها في خسارة دائمة؟

- أنا أعتبر أن استمرارهم وقبولــهم بالخسارة فإن ذلك يعني أن هناك تغــطية من مصــدر آخر وأظن أن ذلك المصـدر بات معروفا لدى الجمــيع.وأريـد أن ألــفـت هنا إلى أن شركات الإنتاج لم تعد تحقق أرباحا كما في السابق لأن «السي دي» و«الأوديو» ســقطا بوجود القرصنة عبر الإنترنت مما ادى إلى تراجع المبيعات


} ثورة فنية }


* هل نحن بحاجة إلى ثورة فنية على الواقع الحالي؟

- ساذكر هنا على سبيل المثال الثورة التي اندلعت في مصر فأنا أعتبر أن تلك الثورة لم تكن فقط ثورة ضد شخص أو نظام فقط بل هي ثورة شاملة سياسية واقتصادية واجتماعية وفنية ولدي أمل كبير في أن تلك الثورة ستعيد الفن والموسيقى في مصر إلى ما كانا عليه في السابق.
وأشار إلى أن الموسيقى وحدها لا تغير شيئا بل هي نتيجة, فإن أي بلد في العالم يمكن معرفة حضارته وثقافته من خلال الإطلاع على موسيقاه. فالانحطاط ينسحب على كل شيء وخصوصا الثقافة والفن وأنا آمل في تغيير عام على كافة الصعد لينعكس ذلك على الموسيقى، أما حاليا فليس هناك بديل سوى أن يعي الفنانون خطورة ما يجري وتقديم فن جيد يحترم الناس وأذواقهم وذلك بالإعتماد على المقومات الاساسية التي هي الكلمة واللحن والصوت إضافة إلى الشكل الذي أصبح ضروريا في عصرنا الحالي.


* كتبت ولحنت لعدد كبير من الفنانين والفنانات حتى أن أغانيك ساهمت في انطلاق معظمهم لمن تحب أن تكتب وتلحن من الذين لم تتعاون معهم بعد؟


- الحمدلله لقد تمكنت خلال مسيرتي الفنية من تحقيق نجاح وتميز في الوطن العربي, وبالنسبة للأسماء التي لم أتعاون معها بعد فقد التقيت مؤخرا الفنان هاني شاكر والسيدة ميادة الحناوي والفنانة شيرين على أن يحصل تعاون بيننا لكن الظروف لم تنضج بعد وآمل أن يحصل ذلك قريبا.


* حين تكتب أغنية معينة هل يكون حاضرا في ذهنك الفنان أو الفنانة التي ستغنيها؟


-بالتأكيد لأن لكل فنان شخصيته ونوعاً معيناً من الأغاني يليق به وبصوته وأذكر مثلا أغنية «حدودي السما» التي لم أتخيل أن تغنيها فنانة غير كارول سماحة لأنها تعبر عن شخصيتها وتقول:
لا بتفهم بالكلام ولا بتفهم بالوما
إنت حدودك هالأرض وأنا حدودي السما
أما الفنانة إليسا فأذهب نحوها بأغان أكثـر رومانـسية مثل «بتمون وغيرها» من الاغاني القريبة من شخصيتها.


* البعض يقول أن هناك تكراراً لديك في بعض الجمل الموسيقية ما رأيك؟


- هذا أمر طبيعي عند أكبر الفنانين ولا يقلقني.


* تعاونت مع أصوات مميزة مثل وردة الجزائرية, أصالة,صابر الرباعي,وغيرهم من الأصوات المــهمة، لو كـانت السيدة أم كلثوم موجودة هل كنت تستطيع أن تلحن لها؟


- أحب هذا التحدي كما أن في داخلي مخزونا موسيقيا كبيرا لم أترجمه حتى الآن. أستطيع أن أقول أنني مقموع موسيقيا لكن لا أستطيع أن أعاكس السوق بل أحاول أن أقيم شيئا من التوازن, لكن أتمنى أن يأتي الوقت الذي أستطيع خلاله تفجير كل طاقاتي الموسيقية الحقيقية.


} المسرح والدراما }


* ما هو المسرح بالنسبة لك ولو أردت تقديم عمل مسرحي بمن تستعين؟


- المسرح هو المكان الامثل والأقرب للتفاعل مع الجمهور عن طريق الرابط القوي الذي هو الموسيقى.
أما إذا أردت تقديم عمل مسرحي غنائي فأفضل أن لا يكون دراميا أي فقط غناء دون حوار وأتمنى أن يكون من إخراج الأستاذ ريمون جبارة وأن يكون التأليف الموسيقي لي بالكامل.
أما على صعيد الفنانين فأحب أن يكون من بطولة الفنان غسان صليبا والفنانة كارول سماحة.


* هل عرض عليك التمثيل في اعمال درامية لبنانية؟


- في الحقيقة أنا لا أتابع الاعمال الدرامية اللبنانية الجديدة وبكل أسف أقول أن الدراما اللبنانية تراجعت كثيرا بسبب الحرب وعدم معرفة المنتجين بأمور الفن. أما بالنسبة للمشاركة في أعمال درامية فأنا لست ضد المشاركة بحد ذاتها لكن أين هي القصة المناسبة؟ لدينا كتاب رائعون لكنهم لا يقبلون التماشي مع ما هو موجود في عالم الدراما اليوم.
* من بين الأغنيات التي قدمتها لفنانين أو تلك التي غنيتها أي منها بقيت في ذاكرتك؟
- «كل القصايد» لأنها كانت انطلاقتي الفعلية «معقول» لفضل شاكر «تطلع فيي» لكارول سماحة «الدلعونة» لنوال الزغبي «علقتني» لريدا بطرس.


* هل هناك أغان لم تاخذ حقها برأيك؟

- نعم هناك أغنية «حلوة الحياة» غنيتها أنا واغنية «بنوب» لنجوى كرم.


* غنيت من كلمات الشاعر المصري الكبير عبد الرحمن الأبنودي هل سيكون هناك تعاون بينكما مجددا؟

- هو شاعر كبير وقد غنيت من كلماته أغنية «دواير» اتصلت به منذ أيام لتهنئته على ما حصل في مصر وعلى مواقفه الجريئة دائما وقد وعدني بكلام أغنية.


} خائف على القيم }


* تقول دوما في تصريحاتك وفي إحدى أغنياتك أيضا أنا لست خائفا على لبنان من أين ينبع هذا الإطمئنان؟


- أنا لا أخاف على لبنان ككيان لأن اللبنانين سيدافعون عنه عند اللزوم لكنني أخاف على القيم اللبنانية ومن ثقافة الإنقسام السائدة، كما أنني لا أنتمي إلى اية جهة سياسية بل إلى هذا الوطن مع أنني قد أذهب بإحساسي باتجاه معين.


* ما رأيك باصطفاف بعض الفنانين في جهة معينة؟


-الفنان ليس مضطرا لمسايرة أحد لأن الناس معه ويجب أن نتخذ من الرحابنة والسيدة فيروز مثالاً في هذا المجال، ومع احترامي الشديد للفنانة جوليا بطرس والفنان مرسيل خليفة فإن أخذهم باتجاه معين أمر غير منطقي لأن الفنان له رسالة وطنية وإنسانية والإنسان أسمى وأعلى من كل المواقف السياسية وقد عبرت عن ذلك في أغنية «الحدود».


* هل هناك أمل في اندلاع ثورة في لبنان على غرار ما يحصل في دول عربية أخرى؟


- المشكلة في لبنان هي أن اللبنانيين لا يثورون ضد الزعماء والحكام بل معهم وأنا أسأل: لمــاذا لا يثـورون من أجل لقمة العيش والبنزين وغيرها من متطلبات حياتهم.
ورأى أن الجيل الجديد يجب أن يتولى هذه المهمة وأن يعي خطورة الإصطفافات الموجودة, دون التأثر بالخارج والتعويل عليه وخصوصا الغرب فهذا الغرب لن يقدم لنا شيئا و«حلنا نعرف وين موقع لبنان العربي المقاوم».


* ما هو جديدك؟


- اغنية ديو مع فنانة جديدة.