2012/07/04

اليوفو والدراما العربية
اليوفو والدراما العربية

شكري الريان

اليوفو للذين لم يسمعوا بالاسم قبلا، كلمة مقصود بها الأطباق الطائرة الغريبة القادمة من الفضاء. وقد بدأ الإعلامي الأمريكي لاري كنغ بتناولها مؤخرا في برنامجه الشهير عبر محطة CNN. والبرنامج تناول الظاهرة من مختلف وجوهها. وكعادته فقد قدم كنغ الموضوع بطريقة لا يمكنها إلا أن توحي لك بأن هناك شيء جديد وطارئ حدث فعلا مما يستدعي أن تنشد إلى شاشته ولو لبضعة دقائق، لتدرك بعدها أن الأمر لا يتعدى التكهن المعتاد مع إضافة بعض اللقطات الجديدة والمثيرة فقط لإكساب الحوار نوعا من الحرارة.. مع بعض شهود العيان الجدد.. وبعض المعلقين المطالبين بجعل الأمر معروضا بالكامل أمام الرأي العام بالاستناد إلى شكوك أو معطيات في بعض الحالات تقول أن هناك "حقائق" تخفيها بعض الإدارات الأمريكية المتخصصة. ومعلقين آخرين معترضين جملة وتفصيلا على الأمر ومحيلين الظاهرة إلى مجرد تخيلات عند البعض لها تفسيرها العلمي.. وهكذا من تفاصيل الخلطة القديمة والمحدثة بعض الشيء، ولكن المثيرة دائما، وهذا في أية لحظة يمكن أن تمر ولو مرور الكرام أمام شاشة برنامجه ولا يسعك إلا أن تتوقف فقط من باب الفضول.. وقد تتابع أمام بعض التفاصيل الجديدة التي تقدم في وقتها تماما!!!.. سيقفز البعض إلى استنتاج أننا نريد أن نقارن ما تقدمه الدراما العربية مع ما يعرضه برنامج ذو طابع إخباري يتفوق عليها فرادى ومجتمعة، حتى ولو تناول موضوعا معادا مئات المرات. وسأخيب أمل هؤلاء "القافزين" فأنا في نهاية المطاف لست أحمقا حتى أقارن. ولكن ما دعاني للتفكير في "معجزتنا" الدرامية وأنا أشاهد برنامج كنغ هو تلك الغرائبية العجائبية التي تجمع بين ما يقدم على شاشاتنا وبين ما يمكن أن نتوقع وجوده في تلك الأطباق الطائرة الغريبة والتي لم تحط على أرض كوكبنا بعد وتخاطبنا حتى نعرف إن كانت موجودة فعلا. مع فارق أنه يمكن أن يكون في تلك الأطباق، وسيكون فيها إن وجدت، الكثير من المفاجآت.. على عكس درامانا جملة وتفصيلا.. وإن تجاوزنا موضوع المقارنة ودخلنا في صلب موضوعنا وهو تلك الكائنات الغريبة العجيبة.. لا أقصد تلك الكائنات التي تقرر ما يعرض على شاشاتنا بالطبع، بل تلك الكائنات الموجودة في الأطباق الطائرة.. لو فرضنا أن تلك الكائنات الغريبة العجيبة قد قررت مغادرة مكان ظهورها المعتاد، والذي يكاد يكون الوحيد في فضاء كوكبنا، وهو ولاية تكساس الأمريكية.. واسمحوا لي ببعض الاستطراد هنا لأقول أن الغرائبية في ولاية تكساس لا تقتصر على ظهور الأطباق الطائرة في سمائها، ومن لا يصدق عليه أن يتذكر إلى أية ولاية ينتمي الرئيس الأمريكي السابق W بوش.. أعود إلى موضوعي.. لو تلك الكائنات قررت الطيران في فضائنا نحن العرب فماذا ستفعل؟!!. في تكساس وبسبب بوش ربما، قررت تلك الكائنات عدم الهبوط وبقوا في الفضاء محيرين الجميع بما فيهم لاري كنغ.. الذي ومن باب الاستطراد أيضا أقول بأنه وغزة تحترق لم يحتر للحظة واحدة وقرر أن يكون الخبر الرئيسي في برنامجه هو حول وفاة ابن جون ترافولتا في الوقت الذي كان فضاء العالم بأكمله ينقل أخبار الجريمة لحظة بلحظة. ربما كان بدوره ينتظر أن تستعر النيران حتى يرى، وأعذره لسماكة نظارته الطبية. أعود إلى كائناتي العزيزة وأقول أنها في فضائنا ستزداد حيرة تفوق حيرة كنغ ذات نفسه.. والسبب أنها سترى في الفضاء العربي ما لايمكن أن تفهمه أبدا، ليس في السياسة لأن ليس لتلك الكائنات مصلحة بأن (يفوتوا وما يطلعوا)، بل في صناعة الترفيه. ولو فرضنا أن بين طاقم تلك الأطباق واحد مختص بصناعة الترفيه في كوكب الأرض لما فهم لماذا مثلا وليس على سبيل الحصر.. لماذا ثلاثين حلقة في كل مسلسل؟!!!!.. وسيتذكر ولابد خبرا ورد قبل وقت قصير يشير إلى أن سكورسيزي (لا تقولوا يوفو تاني.. الكل بيعرفه للزلمة) وفي أول عمل تلفزيوني له بعد تاريخ سينمائي حافل قرر أن يخرج سلسلة لصالح HBO عن المافيا الأمريكية (موضوعه المفضل دائما).. السلسلة متوقع لها أن تحرز أعلى معدلات مشاهدة في الولايات المتحدة، وقد رصدت لها ميزانيات ضخمة.. ولكن هل تدرون كم عدد الحلقات لهذه السلسلة؟!!.. أحد عشر حلقة فقط لا غير!!!.. سيقول الكائن الفضائي المختص بصناعة الترفيه لزملائه على نفس الطبق، مستغربا أمر الثلاثين حلقة الأزلية عند العرب. وقد يصدف أن يكون في نفس طاقم مركبته الفضائية واحد آخر مختص بتاريخ هذه الصناعة.. فسيقفز هذا الكائن بدهشة قائلا بأن هناك مسلسل تلفزيوني آخر رآه جميع سكان الكوكب بدون استثناء ولم ينسوه للآن بالرغم من مرور أربعين عاما على عرضه واسمه "الجذور"، وهو سبع حلقات فقط لا غير!!!.. هذا فقط لو نظروا للأمر من الخارج ودون الدخول في تفاصيل ما يعرض، وسنكون محظوظين لو اكتفوا. إذ أنهم لو لم يكتفوا ودفعهم فضولهم للمزيد من التفاصيل حول فظائعـ.. أقصد بدائعنا الدرامية وأنواعها وقدرتها على الجذب ومعالجاتها وطريقة عرضها وكل تفاصيلها مقارنة مع ما يمكن أنهم شاهدوه من إبداعات درامية أخرى عند شعوب أخرى، فسيصلون إلى نتيجة "لئيمة" جدا.. هذه النتيجة ستكون مبنية على تحليل عبارة يوفو أو UFO باللغة الإنجليزية والتي لابد وحسب وجهة نظر الكائنات الفضائية تحوي الكثير من العنصرية تجاه أبناء جنسهم من الفضائيين. فهذه العبارة هي الأحرف الأولى من الجملة الإنجليزية "unidentified flying object" أي وبالترجمة الحرفية "جسم طائر غير محدد الهوية". ونفهم جيدا لم ستستفز عبارة "غير محدد الهوية" تلك الكائنات التي ترى نفسها وبنظر نفسها محددة الهوية، وبالتالي هل يحق لنا أن نعتب عليهم فيما إذا قاموا بإطلاق اسم UBO أو "يوبو" على ما رؤوه في فضاء صناعة الترفيه العربية.. وهذه الكلمة اختصار للجملة الإنجليزية "unidentified broadcast object".. أي جسم مبثوث عبر الفضاء غير محدد الهوية؟!!!.. سؤال أعتقد أن تركه دائما لكائنات لا هي فضائية ولا هي أرضية للإجابة عليه، سيجعله عصيا على الإجابة دائما وأبدا..