2012/07/04

براد بيت: أحب الأفلام التي تفاجئني
براد بيت: أحب الأفلام التي تفاجئني


سهام خلوصي – الكفاح العربي

عندما تسأل من هو السوبر ستار في هوليوود، فإن الأجوبة وبنسبة 90% تأتي: براد بيت. انه نجم متميز ليس فقط على صعيد الوسامة، وإنما أيضاً على صعيد مستوى المهنة، ليس فقط كممثل وإنما أيضاً كمشارك في الانتاج، كما حصل في فيلم"The Tree Of Life"

الذي حاز على السعفة الذهبية في مهرجان "كان" هذه السنة. عن الفيلم، وعن مسيرته الفنية يتحدث براد بيت في الحوار الآتي:


■ كيف تعرّف فيلم "The Tree Of Life" الذي أنتجته وقمت ببطولته؟

- أجد صعوبة في اختصار هذا الفيلم الذي أخرجه تيرانس ماليك لأن بنيته الروائية من النوع الانطباعي. انه تأمل في حياة عائلة صغيرة في مدينة صغيرة في تكساس في الخمسينيات. والدة البطل جاك (يلعب الدور هنتر ماككراكن، وشون بين عندما يصبح ناضجاً) تمثل الحب الصافي والنقي، والده (براد بيت) يمثل الطبيعة الخانقة وهو محصور أو مهووس بفكرة البقاء. الفيلم يكشف التمزق بين هذين القطبين المتعاكسين، وبمشاهد تأملية يكشف الرابط بين الكون واللانهائي الصغير. تلك اللحظات المعينة التي نعيشها ونحن أطفال والتي تعطينا هويتنا عندما نصبح ناضجين. انه تساؤل حول معنى الحياة، والموت.

بكلام آخر، الناضجون نحن، هم النتيجة المباشرة للأطفال الذين كنا. فيلم "The Tree Of Life" يتابع مسيرة ثلاثة أخوة يكبرون بين أم محبة تمثل الطيبة الخالصة وأب له عيوبه. الأب الذي ألعبه أنا، هو رجل متضايق بحياته، يحول حقده الى داخل ذاته مما يجعله عنيفاً أحياناً، وهذا أول تناقض في الفيلم.

■ وليس الوحيد؟

- مع تيرانس ماليك، المواضيع متنوعة، لكن دائماً متصلة بشكل حميم، عندما تبدع الطبيعة، فإن الانسان يدمر. وعندما يدمر الانسان، فهناك آخر يطمح الى البناء. انه أيضاً فيلم عن مأساة وعنف الموت. "The Tree Of Life" يصور اللانهائي الكبير واللانهائي الصغير، السطوع الأقصى والخروج عن المألوف الصغير أو الانحراف الصغير. عندما يقدم تيرانس في فيلمه "رؤياه"، اذا صح التعبير، عن خلق الكون، فهذا بالتأكيد أيضاً كي يصور الميل البشري الى تدمير الذات. في جلالة الطبيعة، نجد كل جذور للدراما أو المأساة التي ستحصل في هذه العائلة.


■ ترددت كثيراً قبل أن تجسد أوبريان، الأب المستبد. لماذا عدت وقبلت في النهاية؟


- الفيلم احتاج الى دفع ما: كانت قد مضت ثماني سنين وتيرانس يعمل على هذا الفيلم. هذا النوع من السينما لا يجلب جمهوراً كبيراً. بدأت كمنتج، ثم قبلت كممثل كي أسهل عملية التمويل. لم نجد ستوديو واحداً يلتزم هذا المشروع، وهذا خيب أمالي. ثم إن التمثيل بإدارة ماليك هو ايضاً تجربة في حد ذاتها.


■ كيف أدارك تيرانس ماليك في هذا الدور؟

- لقد تحدثنا معاً عن الدور لوقت طويل. كان الأمر يقتضي أن أغوص في شخصية صعبة لكن أيضاً في مرحلة زمنية مملوءة بالتغيرات. لقد أعطانا قصيدة، طبيعة ونعمة، كي نقرأها، وهي قصيدة ألهمته كثيراً لهذا الفيلم. بالنسبة اليه، الكائن البشري قابل للخطأ الى درجة أنه لا يستطيع إلا أن يعيش آملاً أن يحمي نفسه من الآخرين. كل شخصيات الفيلم تخضع لهذا المنطق، من الأم التي تتألم من علاقتها مع زوجها الى الأولاد الذين يسرقون أو يكسرون زجاجاً كي يؤكدوا حضورهم ويمتحنوا شخصيتهم. الفيلم يظهر ايضاً المجتمع الأميركي، خصوصاً أعوام الخمسينيات، أبان النهضة الاقتصادية التي أغرقت مجتمعنا في بعض القسوة أو الصعوبة.


■ بعد فيلم "Babel"، دورك في "The Tree Of Life" هل هو الأكثر نضجاً؟

- النضج أصبح ضرورة منذ أن أصبحت أباً (يضحك). الآن أنا أختار أدواري تبعاً لأولادي، أريد أن أكون فخوراً وأنا أريهم أعمالي عندما يصبحون في عمر يستطيعون فيه أن يروا هذه الأفلام. أتمنى من خلال الأدوار التي أجسدها أن يفهموا أكثر من أنا وأن يكتشفوا جوانب اخرى من شخصيتي.


■ يمكن أن نفهم اهتمامك بالفيلم كممثل، لكن لماذا أردت أن تشارك فيه كمنتج؟

- أنا لن أدعي أنني منتج لا أهتم أبداً بالمسائل المالية. حتى لو كنت اريد أن أضع بضعة مشاريع من هذا النوع! هدفي ببساطة أن أساعد الأفلام كي ترى النور. هذا التأثير الذي يمكننا أن نملكه، حتى ولو كانت المسألة مجرد نقطة ماء في محيط، نعمة كبيرة.


■ سنطرح عليك أسماء بعض المخرجين الذين عملت معهم كي تقول رأيك فيهم، وكي نفهم ما الذي يحفزك في خياراتك في مهنتك. لنبدأ بالمخرج غي ريتشي الذي عملت معه في فيلم "Snatch"؟

- أحاول دائماً أن أكتشف عوالم، هذا ما يغنيني. عالم ريتشي جذبني حقاً. سينماه لا تشبه أحداً غيره. أعتقد أنني خبير الى درجة جيدة كي أختار العمل مع مخرجين هم خبراء أكثر مني أيضاً. هنا يكمن اختلافي.


■ المخرج ستيفن سودر برغ (سلسلة Ocean)؟

- الشيء نفسه. كل هؤلاء الناس طوروا لغتهم السينمائية الخاصة. سودر برغ شخص لم يتوقف عن اعلاء حدوده، وعن الذهاب الى مناطق لا يعرفها.


■ كوانتين تارنتينو (فيلم " Inglourious Basterds")؟


- آه! أقول دائماً أن تارانتينو هو إله، وأن البلاتو الذي يديره هو الجنة. كل الملحدين ممنوعون من الدخول! هل هناك شخص أكثر فرادة منه؟ انه يغذي أفلامه من شخصيته الخاصة، ومن جنونه الخاص.


■ هل تحب أن تعمل معه مجدداً؟

- أعشق ذلك! قد لا يكون جيداً أن أصرح بذلك، لكن هناك فكرة بانجاز جزء ثان من "Inglourious Basterds". انه جنون كامل. لكن لن أقول أكثر، فأنا لست متأكداً من أنه سيعمله يوماً!


■ وحتماً هناك المخرج دافيد فنشر (عملت معه "Seven" و"Fight Club" و"Benjamin Button")؟

- هذا بالتأكيد هو المخرج الأقرب الي. نحن ظهرنا معاً وقطعنا مسيرة متشابهة. كبرنا معاً. انه مخرج متميز يعشق الدقة والتفاصيل، وهو صاحب فكر بين أكثر المبدعين. نحن فعلاً مقربان من بعضنا البعض وصداقتنا متينة جداً.


■ وبالعكس، هناك مخرجون لم يدخلوا بعد لائحة أفلامك كما ستيفن سبيلبرغ وتيم بيرتون. لماذا لم تعمل معهم بعد؟

- هذا صحيح، لكن هذا لم يحصل لأن الظروف ليست مؤاتية بعد. كي تحصل يجب أن نكون في مسار التفكير ذاته. ثم وهناك في مهنتنا مسائل لوجستية والوقت الملائم (بمعنى أن لا يكون الواحد منا مشغولاً بمشروع آخر). لكنني أحب جداً أن أعمل يوماً معهما. انهما مخرجان أحترمهما كثيراً وهما صديقان.



■ الآن سنختار بعض أفلامك، مثلاً فيلم "دزينة قرود" للمخرج تيري جيليام. انه واحد من أفضل افلامك؟

- في ذلك الوقت كان هذا الفيلم تحدياً شخصياً. أردت أن أعرف اذا كنت أستطيع أن أذهب الى آخر حدود الشخصية التي أديتها وكانت شخصية مضطربة نوعاً ما. تيري ساعدني كثيراً في هذا الدور. وقتها وصلت الى نقطة في مسيرتي المهنية لم أرد بعدها أن أكون مصنفاً، حتى ولو كنت. للأسف، ما زلت حتى اليوم كذلك! عملت هذا الفيلم كرد فعل على ما كنت أعيشه في ذلك الوقت. أكثر من ذلك طمحت الى تجارب مختلفة في السينما.



■ فيلم "Babel" للمخرج أليخاندرو غونزاليس؟

- هنا أيضاً كيف يمكن أن أقول "لا" لمخرج في هذا المستوى؟ أحب المخرجين الذين لديهم عالمهم الخاص، حتى ولو كان ذلك راديكالياً. "Babel" فيلم معقد الى درجة كبيرة، لكن ما جذبني عند قراءة السيناريو هو أن الفيلم يجد قوته في أحداثه الكثيرة المتصادمة.



■ فيلم "The Devil’s Own" ليس ذكرى جيدة؟

- فعلاً، هو ليس ذكرى جيدة. الفيلم كان تنفيذه صعباً، وكانت فترة غير مريحة بالنسبة الي. لأول مرة جسدت شخصية غريبة (ايرلندي)، وكان علي أن أتحدث بلكنة ايرلندية. ثم ان الفيلم كان له مضمون سياسي مهم. لكن التصوير مر بمصاعب. تعلمت من هذه التجربة الى أي درجة يمكن للنظام الهوليوودي أن يفسد فيلماً جميلاً.


■ على العكس من ذلك قبلت فيلم "Mr And Mrs Smith"، فقط من أجل المعجبين؟

- أحب الأفلام المسلية، وبكل بساطة السيناريو جعلني أضحك بشدة. هذا الثنائي الذي لا يتوقف عن الرغبة في تدمير نفسه كان فكرة جيدة، وفكرت في أن هذا يمكن أن يعطي فيلماً جيداً. ثم بالتأكيد، بعد ذلك، أصبح فيلمي المفضل (يضحك).



■ أنت لم تمثل مع أنجلينا جولي منذ لقائكما في "مستر ومسز سميث" منذ ست سنوات، أليس لديكما مشاريع معاً؟

- لدينا سياسة لتصوير الأفلام كل من جهته وبدوره، وذلك من أجل أن يحظى الأولاد دائماً بواحد منا الى جانبهم. نحلم أكثر فأكثر بالوصول الى المرحلة التالية التي يمكن معها أن نترك الأولاد ونعمل معاً لمرة واحدة.


■ أي سينما تفضل كمشاهد؟

- مع أنني كلما تقدمت وكلما عرفت خفايا وحيل السينما ما زلت أحب أن يفاجئني الفيلم ويأخذني. الممثلون الذين يغامرون، المخرجون الذين يجدون أشياء جديدة هذا ما يشدني الى السينما. عندما أفكر في فيلم "There Will Be Blood" أقول إنني دهشت بقصة ذلك الرجل الذي لا يعيش إلا بالكراهية. لا أعرف تماماً ماذا كانت أهداف بول توماس اندرسون، لكنني اجد أن الفيلم رائع. انه دائماً الأمر نفسه، أحب الأشخاص الذين يدفعون بالحدود الى ابعد.... أنتم تجعلونني أتكلم كالمثقفين رغم أنني أحب كل الأفلام!


■ أنت تحب اعطاء صوتك في افلام الصور المتحركة، وقريباً سنسمعك في الجزء الثاني من فيلم "Happy Feet"؟

- أعددت الأصوات منذ سنة مع مات دامون، وكانت متعة خالصة. في ذلك أنت لست مضطراً لعمل ماكياج! ثم انه تمرين نتعلم منه الكثير وبحرية كاملة، خصوصاً مع شخص كما جورج ميلر وهو أيضاً رجل كبير.



■ صرحت منذ بضع سنوات انه "عندما تكون مشهوراً فإن هذا يضعك في جلد فتاة جميلة ويجعل عمال محطة المحروقات يصفرون" كيف تتقبل شهرة عائلتك اليوم؟

- عندما نخرج من المنزل يعرف أولادنا أن هناك اناساً سيلتقطون صوراً، ونحن نقول لهم دائماً أن يبقوا طبيعيين، أن يلوحوا بأيديهم إذا أرادوا. لكن يحصل أحياناً أن يخرج البابارازي من حيث لا تدري، وهنا يخافون. هنا نتدخل. نحن نتحاشى أن نصطحبهم الى حفلات الافتتاح. نحاول أن نقدم لهم نشاطات طبيعية بعيداً عن الكاميرا.


■ كمشارك في الانتاج، حصلت على أوسكار من أجل فيلم "The Departed" للمخرج مارتين سكورسيزي، وحصلت أيضاً على السعفة الذهبية من أجل "The Tree Of Life" أي طموحات مهنية تبقى لك؟

- ليس لدي مخطط مرسوم لمهنتي، لكن لا أتصور نفسي أزاول التمثيل في عمر الـ80. الانتاج، وفن الديكور والتصوير هوايات أنا شغوف بها وستأخذ مساحة أكثر فأكثر في حياتي. يبدو أنني لن أهتم بالاخراج، وأفضل أن أهتم بعائلتي.