2012/07/04

برامج اقتحام البيوت وكشف المستور
برامج اقتحام البيوت وكشف المستور

ملف أعدته: دارين شبير – دار الخليج

بين حين وآخر، تطل علينا برامج تثير الجدل، وتتسبب في رسم علامات استفهام حول هدفها وجدواها، أو مضمونها الذي يتعارض مع مجتمعاتنا بشكل أو بآخر، أو ربما لجرأتها غير المعهودة، لتنتج عنها ردود أفعال مختلفة . وبين الرفض والقبول نجد أنها تحظى بنسب مشاهدة مرتفعة، لتصبح حديث الناس في المجالس والمقاهي والبيوت .

هي برامج تجاوزت كل الحدود، واخترقت خصوصية البيوت، وتناولت الأمور الشخصية، وقدمتها للجمهور . بدأت مع الفنانين، وتفننت في فتح الأبواب المغلقة وكشف المستور، فعلى كرسي “حلو وكذاب” انهال محمود سعد على ضيوفه بوابل من الأسئلة التي حدد صدقها وكذبها جهاز كشف الكذب المتصل بالكرسي الذي يجلسون عليه، وفي “الجريئة” تميزت إيناس الدغيدي بجرأة غير معهودة من خلال برنامجها الذي لم يعرف الخطوط الحمر، وعزف “المايسترو” نيشان مقطوعته في برنامجه الذي لعب فيه على الأوتار الحساسة للفنانين، وتحدثت وفاء الكيلاني “بدون رقابة” مع ضيوفها في برنامج تميز بجرأة جديدة من نوعها، ولم يتفوق على طوني خليفة في “لماذا” إلا أسئلته الجريئة جداً . واليوم جاء دور عباس النوري لينبش في حياة الناس ويفضح أسرارهم وخصوصياتهم باسم “لحظة الحقيقة” .

الجمهور يراه مستفزاً وصادماً"لحظة الحقيقة" جرأة تتحدى القيم

“لحظة الحقيقة” آخر العنقود في عائلة برامج كشف الأسرار وفضح الخصوصيات . والبرنامج تعرضه إم بي سي 4 ويقدمه الفنان عباس النوري، وبحث عن حقيقة مستورة في حياة الناس العاديين، الموظف والطبيبة والسكرتيرة والبائع والمدير، ويتطرق لحياتهم الشخصية وعلاقاتهم الاجتماعية، متحدياً جرأتهم بجهاز كشف الكذب الذي يحدد أحقية المشارك في الحصول على جائزة البرنامج التي تصل إلى 500 ألف ريال سعودي من عدمها .

فما رأي الناس في هذا البرنامج، وكيف يقيمونه، وما الجديد الذي يقدمه لهم، وهل يقبلون المشاركة فيه؟ الإجابة عن هذه الأسئلة في الملف التالي .

تستنكر هيفاء بطي، موظفة في البنك العربي المتحد بعجمان، جرأة البرنامج والمشاركين فيه وتقول: من تقاليدنا وقيمنا العربية احترام الخصوصيات، وعدم الحديث عن أمورنا الشخصية أمام الآخرين، فكيف بأشخاص يجلسون أمام أمهاتهم أو أزواجهم أو زوجاتهم ويعترفون بأمور وأسرار قد تسبب المشكلات والإحراج لهم؟ وتضيف: من المستحيل أن أشارك في البرنامج، وأتسبب في جرح مشاعر الآخرين .

وذكرت هيفاء أنها من غير الممكن أن تتابع البرنامج مع أبنائها، فهو برأيها يتعارض مع مبادئ وثقافة المجتمع العربي، ويخدش حياء الأسرة العربية .

واستنكرت بعض الأسئلة ومنها كما تقول: فوجئت بسؤال إحدى المشاركات إن كانت تغازل مديرها للحصول على علاوة أم لا، وسؤال لأحد المشاركين إن كان قد كذب على زوجته في مكان كان يسهر فيه، وهذه الأسئلة لا بد أن تزرع الشك في قلوب الأزواج، وتزعزع العلاقة بينهما ما يؤدي بالتالي إلى تفككها .

وأكدت هيفاء أن البرنامج لا يضيف شيئاً للمشاهد، وتقول: هو استنساخ لبرنامج أجنبي، وكان من الأولى أن يتم تقديم برنامج أغنى في المضمون والمحتوى .

وترى هيفاء أن بعض الأسئلة فيها خبث ومراوغة، وهو ما يسبب الإثارة في البرنامج، رغم أن الأمر الذي تتحدث عنه قد يكون أبسط من المعنى الذي وصل لبال المشاهد .

وتحدث عبدالله محمد، مهندس ترشيد بهيئة كهرباء ومياه دبي، عن “لحظة الحقيقة” فقال: نسخة مقلدة سيئة من برنامج لا يمت لثقافة المجتمع العربي بصلة . ويضيف: كل إنسان لديه أسرار وجوانب مظلمة في حياته، فما الهدف من تسليط الضوء عليها، وما النتيجة من كشف تلك الأسرار والعيوب؟

ويتساءل : منذ متى كان مبلغ من المال يساوي قيمة شخص؟ وما الذي غيرته معرفة المشاهدين لأسرار المشاركين؟ وذكر عبدالله أن أسئلة البرنامج تزرع الشك في قلب المحيطين بالمشترك فيه، ويقول: استغرب كيف يبيع شخص نفسه مقابل المال، وكيف يشعر بعزة نفسه بعد حصوله على المال، وإن كان قد كسب المال ويرغب في بناء مستقبل جديد له، فهل سيبدأ بداية صحيحة وهو مشبع بالفضائح؟

وعن مبدأ البرنامج القائم على التجرد من العيوب يقول عبدالله: الاعتراف بالخطأ قمة الرجولة ولكن الأهم أن يكون لمن وكيف وأين، هل هو الاعتراف لناس لا يمتون للشخص بصلة، وهل يكون لأجل المال وعلى مرأى ومسمع من ملايين المشاهدين؟ هنا لم يعد الأمر اعترافاً بالخطأ بقدر ما هو مجاهرة بالمعصية . ويضيف: أستغرب كيف يقولون إنه بعيد عن الدين، لأن الدين ستر وأخلاق، وليس عبادات، وأغلب الأسئلة تكشف الستر وتعكس الأخلاق .

“أسئلة البرنامج غير مقبولة في مجتمعنا” هكذا بدأت ميثة حمدان، خريجة إعلام بكليات التقنية العليا في دبي للطالبات حديثها عن “لحظة الحقيقة”، فهي ترى أن المجتمع العربي محافظ وفيه مساحة من الخصوصية لا يجب التطرق إليها وطرق بابها، وتقول: هناك أسرار يجب أن تبقى حبيسة الجدران، فهي خصوصيات لا تخص إلا أصحابها .

وترى ميثة أن البرنامج بطبيعته يجذب المشاهد، ولكن كان لها انتقاد وهو كما قالت: هناك ألفاظ ساءني استخدامها مثل “هل غازلت مديرك؟” وهو لفظ خجلت منه، ولذا أرى أنه يجب انتقاء ألفاظ أفضل .

وأكدت ميثة أنها لا تحبذ أن تتابع البرنامج مع إخوتها الصغار، وتقول: لا أفضل أن يشاهدوه، ففيه بعض الأسئلة المحرجة التي لا أتمنى أن يسمعوها . وعما إن كانت تقبل المشاركة في البرنامج تقول: مستحيل، فلست أنا من يضع نفسه في هذا الموقف .

وذكرت ميثة أن البرنامج لا يضيف أي فائدة للمشاهد إلا انه يتدخل في خصوصيات الناس وشؤونهم الخاصة، وتقول: حتما سيؤثر البرنامج في علاقة المشارك بأفراد أسرته، وقد يؤدي إلى تدمير الأسرة، ولا بد أن يقع المشارك في شباك الخصام والقطيعة سواء مع والدته أو زوجته أو إخوانه أو أصدقائه، وهذا برأيي الثمن الحقيقي الذي يدفعه لصراحته التي اختار أن تكون على الملأ .

يرى أحمد القصاب، مهندس تخطيط شبكة الهواتف المتحركة باتصالات، أن “لحظة الحقيقة” برنامج جريء يعتمد على الإثارة في جذب الجمهور، ويقول: أسئلته مستفزة، لا يتقبلها مجتمعنا، وتتسبب في نشر الفضائح للمشارك أمام الملايين، فالكذب على الصديق فضيحة، والتجسس على رسائل الزوج فضيحة، وهذه الأمور يجب التعامل معها بحذر، لأن مجتمعنا مبني على العلاقات الاجتماعية الطيبة، وقد تؤثر أسئلة كهذه في تلك العلاقات سلباً .

وعن سبب إقبال الناس على متابعة البرنامج يقول: كل ممنوع مرغوب، والناس دائما ما تشعر بالرغبة في متابعة كل الأمور المثيرة وخاصة التي تحتوي إثارة سلبية .

ويرفض أحمد المشاركة في البرنامج رفضاً قاطعاً، ويقول: قد يدعي البعض أنه شارك من أجل الاعتراف بالحقيقة، غير مدرك أن شاشة يشاهدها الملايين ليست المكان المثالي لذلك، وقد يدعي البعض أنه يحب التحدي، ولكن المجتمع العربي لا يمتلك ثقافة حب التحدي، ولذا فالاشتراك في رأيي هدفه الحصول على المال .

واستنكر أحمد أن يقوم الفنان عباس النوري بتاريخه الطويل بتقديم مثل هذا البرنامج، ويقول: كان من الأولى أن يقدم برنامجا فيه فائدة أكبر وقيمة أعمق .

تحرص أحلام عبدالرؤوف، ربة منزل، على متابعة “لحظة الحقيقة” وتقول: كنت أنتظره حتى قبل عرضه، فالإعلان الذي سبق العرض كان مشوقاً جداً، ولا يزال البرنامج في نظري مشوقاً وأنتظره حلقة بحلقة . وترى أحلام أن بعض المجتمعات قد ترفضه وترى فيه اقتحاماً للخصوصيات وتقول: مبدأ البرنامج معروف، ويعتمد على كشف الأسرار والاعتراف بالحقيقة، وهذا هو سبب الإثارة التي تزيد إقبال الجمهور على متابعته .

وأكدت أحلام أنها من المستحيل أن تشارك في البرنامج وتقول: كنت أضع نفسي محل المشاركين في كل سؤال، وتوصلت إلى أنني من المستحيل أن أشارك فيه أو أن أضع نفسي في ذلك الموقف، خصوصا أن جميع أفراد الأسرة والمقربين يشاهدونه .

وذكرت أحلام أن الهدف من المشاركة في البرنامج هو الحصول على المال، وتقول: ما الذي يدفع شخصاً لأن يجازف بحياته سوى مبلغ كبير من المال؟ ولولا وجود المال كمقابل لما تحمس أحد ولو للحظة واحدة لأن يجلس على كرسي أمام الملايين ليكشف أسراراً قد تهدم حياته .

ورغم حرص نهى أبو علي، سنة ثانية هندسة اتصالات بجامعة خليفة، على متابعة “لحظة الحقيقة” إلا أنها ترفض رفضا قاطعا المشاركة فيه، وعنه تقول: أحرص على متابعته كونه برنامج إثارة وجرأة، وأسئلة صادمة للمشارك والمشاهد، ولكني لاحظت أن النسخة العربية ليست بقوة الأجنبية، وهذا بسبب طبيعة المجتمع العربي .

وذكرت نهى أن من يشارك في البرنامج يفضح نفسه أمام العالم، ويبيع نفسه مقابل المال، وتقول: لا بد أن تؤثر مشاركته في علاقاته الاجتماعية .

وتابعت نهى ما عرض من البرنامج وترى أنه مقبول، وتقول: الخوف الأكبر من الحلقات المقبلة وما قد تطرحه من أسئلة


المختصون يرون أن من لجأ إليه للتجرد من عيوبه ضل الطريق الأسرار ليست للبيع على الشاشة

عبارات كثيرة سمعناها في برنامج “لحظة الحقيقة” منها “هذه فرصتك للتجرد من عيوبك والاعتراف بالحقيقة” فهل المكان الأمثل للتجرد من العيوب هو شاشة التلفزيون وأمام الملايين، وهل يستدعي مبلغ من المال وقوف شخص أمام العالم ليعترف بحقيقة تكون مرة في أغلب الأوقات، وما فائدة التجرد من العيوب، وما الإضافة التي يقدمها مثل هذا البرنامج .

كل هذه الأسئلة وجهناها لأساتذة مختصين في مجال الإعلام وعلوم المجتمع، وإجاباتهم أكدت أن الأسرار ليست للبيع على الشاشة وقد رصدناها فيما يأتي:

تحدث د . خالد الخاجة، عميد كلية الإعلام والمعلومات والعلوم الإنسانية بجامعة عجمان، عن “لحظة الحقيقة” فقال: لا أرى فيه أي إضافة للمشاهد وللمجتمع، بل أرى فيه إساءة كبيرة لهما وللمشارك، فهناك أسرار شخصية لا يجب إفشاؤها على الملأ . وهذه النوعية من البرامج مخالفة لمبادئ الدين والثقافة العربية ولعادات المجتمع وتقاليده، وأتساءل: كيف يقبل المشارك في هذه البرامج أن يفضح نفسه على الملأ، ويكشف أسراره ويبيعها مقابل المادة، ويبيع بالتالي روابطه الاجتماعية، ليصبح هو نفسه بضاعة تباع وتشترى من قبل تلك البرامج .

وذكر الدكتور الخاجة أنه من الضروري ألا تسمح قنواتنا ببث مثل هذه البرامج ويقول: أنا لست ضد الحرية، ولكن هناك حدوداً يجب الالتزام بها، وهذه البرامج تسيء للمجتمع .

وحول مبدئها الذي يعتمد على تجنب الخوض في الدين والسياسة والجنس، ما يجعلها مقبولة بعض الشيء يقول: على مجتمعنا ألا يقارنها بالنسخ الأجنبية منها، بل يجب مقارنتها بضوابط الدين وعادات وثقافة المجتمع العربي الإسلامي . وأكد الخاجة أنها تؤثر بشكل سلبي في الأسرة العربية وقال: لا شك أنها ستؤثر في العلاقات الزوجية والأسرية وقد تؤدي في بعض الأحيان إلى الطلاق .

وعن سبب انتقال هذه البرامج من كشف أسرار الفنانين إلى كشف أسرار الناس العاديين يقول: إن الناس ملت من فضائح الفنانين لكثرة ما اعتادوا عليها، فلم تعد تجذبهم، ولم يعد لها قيمة، واتجهوا للبحث عن إثارة جديدة .

تحدثت د . هبة الله السمري، أستاذة الإعلام بقسم الاتصال الجماهيري بجامعة الإمارات، عن حرية الإعلام فقالت: حين نطالب بحرية الإعلام فإننا نطالب بحرية مسؤولة، تدافع عن حقوق الناس وتعبر عن آرائهم وأفكارهم، حرية تخترق خصوصياتهم وتقتحم حياتهم الشخصية وتكشف أسرارهم وعيوبهم وأخطاءهم وتنشرها على الملأ، وتقول: أرفض استنساخ البرامج الغربية وتقديمها للمجتمع العربي بعد تعريبها، لأنها لا تتناسب مع المجتمع العربي وعاداته وتقاليده وثقافته وأفكاره، واستنساخها يدل على فقر الأفكار، رغم أن الواقع غير ذلك، فشبابنا يمتلكون أفكاراً قوية وحقيقية وجميلة غنية بمحتوياتها ومضامينها، وهذه الأفكار تدعم الإعلام وترتقي بالمجتمع وأفراده .

واستنكرت الدكتورة هبة الله طبيعة الأسئلة التي عرضت في البرنامج وتقول: منطقتنا العربية لا تخلو من القضايا المهمة والحساسة، ألم يتبق لدينا سوى سؤال إحدى الزوجات عما إن كانت تقرأ رسائل زوجها دون علمه، أو إن كانت تتجسس على مديرها أو تغازله رغبة في الحصول على علاوة؟ . وأكدت أن هذه الأسئلة تؤثر في العلاقات الأسرية وتؤدي إلى تفككها وزعزعتها .

وعن مبدأ البرنامج الذي يعتمد على التجرد من العيوب تقول: برأيي أن التجرد من العيوب لا يكون بإبرازها أو إظهارها أو الاعتراف بها على الملأ، إلى جانب أن تلك العيوب ليست ظاهرة لتسليط الضوء عليها، وأرى أن التركيز عليها يدعو الآخرين لتقليدها والقيام بها مادام هناك أشخاص آخرون يقومون بها ويعترفون بذلك على الملأ .

وذكرت أن هدف المشاركة بهذه البرامج مادي بحت، لأن كشف الأسرار ليس أمرا سهلا، ولا بد أن يكون له ثمن ومقابل .

وعن الانتقال من برامج كشف أسرار الفنانين لكشف أسرار الناس العاديين تقول الدكتورة السمري: اعتاد الناس على أسرار الفنانين ولم تعد تمثل لهم أي إثارة، ولجوء القنوات لهذه البرامج يهدف إلى تحقيق نسب مشاهدة عالية وتحقيق الأرباح .

وعما سيضيفه برنامج ك”لحظة الحقيقة” في زمن “تويتر” و”فيسبوك” و”يوتيوب” التي ساعدت على كشف الأسرار والعيوب وغيرها تقول: هذه الوسائل تؤدي دوراً مهماً في التواصل، وتنشر أموراً هادفة، واستطاعت كشف الكثير من ممارسات وعيوب بعض الأنظمة، وذلك في الثورات الأخيرة في بعض الدول، إلى جانب أنها تنشر بعض الخصوصيات وهذا الجانب السيئ فيها، ولكن أن تأخذ التلفزيونات هذا الجانب السيئ فهذه كارثة .

ولا يرى د . محمد الأمين، أستاذ الإعلام بكلية الاتصال بجامعة الشارقة، أي حرية للإعلام في هذه النوعية من البرامج، فهي مبنية على واقع اجتماعي ونفسي معين ونشأت في بيئة تقوم على أسس مختلفة عن الأسس التي يقوم عليها المجتمع العربي، ويقول: طبيعة العلاقات الاجتماعية في المجتمعات الغربية تختلف عنها في المجتمعات الغربية، ونحن في المجتمع العربي نعتبر العلاقات الاجتماعية من الأولويات في حياتنا، وديننا الإسلامي يأمرنا بألا نتذمر من والدينا، أو نقول لهما “أف”، على عكس المجتمعات الغربية التي لا تعطي العلاقات الأسرية أولوية كبرى، وتعاني من تصدعات في العلاقة بين الوالدين والأبناء .

ويضيف: برنامج ك”لحظة الحقيقة” يدخل في خصوصيات العلاقة بين الأبناء ووالديهم، والعلاقات الزوجية والاجتماعية، وطبيعة البرنامج قائمة على الاعتراف بالأخطاء وكشفها على الملأ، ما ينافي مبدأ الإسلام الذي يقول: “إن ابتليتم بالمعاصي فاستتروا” .

ويرفض الدكتور الأمين استيراد البرامج الأجنبية وتعريبها ويقول: هذه البرامج غير مناسبة لمجتمعنا وأفكاره ومعتقداته وعاداته، وبرأيي أن الاستنساخ والتقليد عملية غير ناجحة، فقنوات كثيرة حاولت استنساخ برنامج “أوبرا” ولكنها فشلت لأن طبيعة تلك المجتمعات تختلف عن مجتمعاتنا، ف”أوبرا” لا تضغط على المشاركين ليعترفوا ببعض الأمور أو يتحدثوا عن أمور أخرى، بل المشاركون هم من يبادرون بذلك، على عكس بلداننا العربية التي لا تشجع ثقافاتها الحديث على الملأ وخاصة في الأمور الشخصية والخاصة، ولهذا تؤثر هذه البرامج في العلاقات الاجتماعية بشكل سلبي، وتؤدي بكل بساطة إلى انهيارها .

وذكر الدكتور الأمين أن الهدف من المشاركة في البرنامج مادي، ويقول: في المشاركة تضحيات كبيرة، ومن المؤكد أن هناك مقابلاً لهذه التضحيات، فإما أن تكون الكسب المادي، أو التعبير عن تمرد لا يقبله المجتمع .

وأنهى حديثه بالقول: كل مجتمع يفتح النوافذ للتطور في مجالات عدة، ولكنه لا يقبل بأن يصبح مجتمعاً آخر .

ومن خلال ثقافته التي تجمع بين العربية والفرنسية أكد د . كمال حميدو، أستاذ مساعد بقسم الاتصال الجماهيري جامعة الإمارات، أن برنامج ك”لحظة الحقيقة” دخيل علينا، فهو نسخة تم تجربتها في وقت سابق في الدول الغربية، وحققت نجاحاً كبيراً ونسب مشاهدة عالية، لتأتي للقنوات العربية رغبة في الحصول على نفس النجاح .

وعن كونها تتجنب الحديث عن الدين والسياسة والجنس يقول: كل ما في الحياة لا بد أن يرتبط بشكل أو بآخر بهذه النواحي الثلاثة، وما يطرح في البرنامج ما هو إلا التفاف حول تلك الأمور الثلاثة ولكن بشكل غير مباشر، فسؤال إحدى المشاركات عما إن كانت تغازل مديرها أو غير ذلك يتعلق بتلك الأمور ولكن بطرح غير مباشر .

ويضيف الدكتور حميدو: جرأة الطرح لا حدود لها، وعادة ما نعرف بداية تلك الجرأة ولكننا لا نعرف نهايتها، وهذه النوعية من البرامج تبني نجاحها على معيار الإثارة، وفيها استجابة لرغبات فئات عمرية محددة، ولا أجد أنها تخدم المجتمع أو تضيف إليه أي فائدة .

وأكد الدكتور حميدو أن إثارة مثل تلك الأسئلة وطرحها فيه ضرر على الأسرة العربية ويقول: تؤثر في العلاقات بشكل سلبي، كما تؤدي إلى زعزعة الثقة بين الزوجين، فحين يعلم زوج أن زوجته تقرأ رسائله من دون علمه، فلن يمنحها نفس الثقة التي منحها إياها سابقاً .

وتحدث عن معياره فيما يخص الجيد والسيئ من البرامج فقال: البرنامج الذي لا أستطيع مشاهدته مع أبنائي، فهو في نظري برنامج غير هادف ولا فائدة منه .

وأكد الدكتور حميدو أن مثل تلك البرامج لا تناسب المجتمعات العربية وخصوصا المحافظة منها، ويرى أن هدف المشاركة فيها هو الحصول على المال ولا علاقة له بالتجرد من العيوب أو الأخطاء، وعن ذلك يقول: إن كان مبرر المشارك هو التجرد من عيوبه على الشاشة وأمام ملايين المشاهدين، فقد ضل الطريق .

وعن سبب ارتفاع نسب مشاهدة هذه النوعية من البرامج التي تكشف أسرار وعيوب المشاركين تحدث د . فاكر الغرايبة، أستاذئالعمل الاجتماعي والسياسة الاجتماعيةئبقسم علم الاجتماع بجامعة الشارقة، فقال:المشاهد العربي يميل إلى مشاهدة البرامج التي تتحدث عن الجوانب الغامضة والشخصية والعاطفية في حياة الآخرين، وكون المجتمع العربي محافظاً بطبيعته، فسيقبل على متابعة هذا النوع من البرامج الذي يحمل في طياته الإثارة، ولكنه لا يحمل الفائدة والقيمة الاجتماعية .

وذكر الدكتور فاكر أن برنامج ك”لحظة الحقيقة” يدخل في خصوصيات وأسرار الأسر، ما يهدد بقاءها وديمومتها، ويقول: الأسر تبقى مقدسة ما دامت معنية بأحوال أفرادها، وما دامت تحفظ مشكلاتها بعيداً عن الأضواء .

ويؤكد الدكتور الغرايبة أن ما يحدث بعد انتهاء البرنامج قد ينقلب على الأسرة، ويقول: نحن بشر، قد تكون ردة الفعل في الأستوديو طبيعية، ولكن هذا لا يعني أن تستمر على ما هي عليه بعد انتهاء البرنامج، وأتوقع أن خلافات كثيرة وحالات من الخصام والوصمة الاجتماعية سيعاني منها المشاركون في البرنامج، ولذا فمن الضروري إجراء دراسة عن حالة الأسر والأفراد بعد الخروج من الأستوديو لنرى مدى تأثير مشاركتهم في البرنامج فيهم من عدمها .

وتحدث عن رسالة الإعلام فقال: أعتقد أن رسالة الإعلام أكثر عمقاً من طرح مشكلات الناس على الهواء، وهنا كان من الضروري العمل على إبراز وتفعيل دور الخبراء والباحثين الأسريين والاجتماعيين في حل مشكلات المجتمع .

“ما زلنا في مرحلة مبكرة جدا لأن نطرح مثل هذه البرامج ونتقبلها” هكذا بدأ د . أحمد العموش، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الشارقة حديثه حيث أكد أن “لحظة الحقيقة” برنامج فيه من الجرأة ما يكفي لتسبب الإحراج للمشارك وعائلته والمحيطين به والمشاهد، ويقول: الإشكالية في البرنامج أنه يخالف منظومة القيم العربية، ويتسبب في مشكلات أسرية واجتماعية، حيث يطرح البرنامج أسئلة لم يتعود مجتمعنا عليها . ويضيف: ليس كل برنامج قابل لأن يتم استنساخه من النسخ الأجنبية، فما يناسب المجتمع الغربي قد لا يناسب المجتمع العربي، ورغم تجنب البرنامج الحديث عن الدين والسياسة والجنس بشكل مباشر، إلا أنه يتدخل في الجانب الاجتماعي، غير مدرك لحقيقة أن المجتمعات العربية مجتمعات أسرة، وليست مجتمعات فردية كالمجتمعات الغربية .

وذكر الدكتور العموش أن المجتمع عنصر مهم في اختيار نوعية البرامج التي تقدم له، ويقول: مجتمعنا لم يصل إلى مرحلة الحرية المطلقة في تقبل البرامج العربية الجريئة، حيث من الممكن أن يتقبل المشاهد العربي نفس البرنامج بنسخته الأجنبية، ويرفضها بالنسخة العربية .

ويرى الدكتور العموش أن هذه البرامج من الممكن أن تتسبب في زعزعة الثقة بين أفراد الأسرة الواحدة، وتثير فضول بعض المشاهدين ليقوموا بتقليد بعض التصرفات التي اعترف بعض المشاركين بقيامهم بها .

عباس النوري: نسعى إلى تقوية الأسرة لا تدميرها




بكل رحابة صدر تحدث مقدم “لحظة الحقيقة” الفنان عباس النوري عن البرنامج فقال: هو برنامج عالمي له سمعة كبيرة وحضور مميز، أثبت مكانته في أكثر من دولة وبلغات مختلفة في الدول الغربية، وجاء الآن دور العرب ليقتبسوا البرنامج ويحصلوا على النجاح نفسه .

وذكر عباس النوري أن تقديم “لحظة الحقيقة” يعد خطوة جريئة ويقول: مسؤولية كبيرة أن نأخذ على عاتقنا تقديم برنامج نعرف مسبقاً أن ردود الأفعال تجاهه ستكون متناقضة . وعما إن كان الاعتماد الأكبر على سمعة البرنامج بنسخه الأجنبية في حصد نسب المشاهدة يقول: بل الاعتماد الأكبر على الفكرة، فالفكرة هي الأساس، واتجاهي لتقديمه كان اتجاهاً نحو إغراء الفكرة، وليس إغراء السمعة، ولكن هذا لا ينفي تخوفي في البداية من الأمر رغم مشاهدتي للبرنامج بنسخه الأجنبية وحبي له .

ويرى النوري أن هذا البرنامج مجازفة كبرى من “إم بي سي” ويقول: تبني “إم بي سي” لهذا البرنامج جرأة كبيرة، فهذه النوعية من البرامج أراها”على النار” بما تثيره من نقاشات عدة وآراء مختلفة، وخصوصا أن مبدأ البرنامج يعتمد على التجرد من العيوب والاعتراف بالحقيقة .

وعن هدف وفائدة التجرد من العيوب على الملأ يقول: للحقيقة معنى جميل ومهم، ومن الضروري أن نعترف بالحقيقة بحرية وألا نخشى من مواجهة عيوبنا، ففي هذا صفاء نفسي وروحي، ينعكس إيجاباً على علاقاتنا بالمحيطين بنا، ويضيف النوري: بعيداً عن البرنامج، فإن قناعاتي الخاصة توافق أي حراك اجتماعي يهدف إلى تطوير الشخص من نفسه، وهذا عملاً بقول الله تعالى “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” .

وعن فائدة بعض الأسئلة كاعتراف زوجة بضعف شخصية زوجها أو رغبة شخص في أن تكون له أسرة غير أسرته يقول: على مجتمعنا أن يتقبل هذه الأسئلة رغم أنها قد تكون صادمة، فالقيم الأساسية التي نعيش عليها هي قيم موروثة، لتتحول مع الوقت إلى فطرة، وما نفطر عليه لا نناقشه، ولكن العالم يتطور ونحن في مكاننا، وهنا علينا أن نتطور، ولن نتطور إلا بأن يحدث لنا اكتساب، والاكتساب يأتي بتحقيق شيء، وهذا الشيء هو نقاش أمور قد تكون مهملة، ولكنها في حقيقة الأمر في غاية الخطورة .

وعما إن تم التفكير بعواقب البرنامج على الأسرة العربية قبل عرضه يقول: أخذت ثقافة المجتمع العربي بعين الاعتبار قبل عرض البرنامج، وتم تناول الموضوع من قبل فريق العمل، وهو فريق مختص يتضمن مختصين في علم النفس، ويضيف: البرنامج نقاش عام لأخطائنا الصغيرة، ومن خلال الوصول لها يجب أن نبحث عن مستقبل أجمل .

سألناه “أي مستقبل أجمل في اعترافات قد تثير الشك وتقتل الثقة بين المشارك وأسرته” فأجاب: نحن شعب مكبوت عاطفياً، وحالة الكبت دائما ما تقودنا إلى الوراء في علاقاتنا، وأنا لا أسعى لتدمير الأسرة العربية بقدر ما أسعى لتقويتها، ولكي يتحقق ذلك، فعلينا ألا ننظر إلى فكرة الحقيقة على أنها مسألة مرعبة، بل للحقيقة جمال من نوع خاص، وهي جانب قوي يدعم قوة الشخصية العربية .

وعما يضيفه “لحظة الحقيقة” في زمن “يوتيوب” و”تويتر” و”فيسبوك”، وهل يشاركها في تقديم الصدمات للأسرة العربية يقول: يختلف برنامجي عنها تماما، فتلك الوسائل متاحة للجميع وتكاد تكون إعلاماً منفلتاً، ونحن في “لحظة الحقيقة” لا نقدم صدمات تعتمد على إثارة الفضائح، بل نعالج بعض الأمور دون وعظ، وحين قبلت تقديم البرنامج كان علي أن أكون قريباً وبعيداً ولطيفاً وحاسماً، من دون الدخول في تفاصيل مزعجة، وقد هربنا من تفاصيل كانت مزعجة جدا لبعض المشاركين، وهذا ما يؤكد أن ما نريده من خلال البرنامج هو جلاء ووضوح العلاقات الاجتماعية وتوطيدها .

وعن المكسب الذي سيعود به البرنامج على مقدمه يقول النوري: أنا سعيد به وبنتائجه، وأشكر “إم بي سي” التي أتاحت لي هذه الفرصة المميزة، وقد شكل لي البرنامج صدفة حقيقية، وجعلتني أكون واحداً من مثيري النقاش الاجتماعي، وهي المسألة التي أؤمن بها إيماناً كبيراً، فأنا مع نقاش أي أمر يؤدي لإعمال العقل وتطوير المجتمع وتغييره للأفضل .

مازن حايك: للجرأة ثمن

في حوار صريح مع مازن حايك، مدير عام العلاقات العامة والشؤون التجارية والمتحدث الرسمي باسم مجموعة “MBC”، سألناه فيه حول ما إن كان اعتمادهم الأكبر على سمعة برنامج “لحظة الحقيقة” بنسخته الغربية في كسب نسب مشاهدة عالية للنسخة العربية منه .

قال مازن حايك، مدير عام العلاقات العامة والشؤون التجارية ان هناك عدة عوامل تجلب نسبة مشاهدة عالية للبرنامج، أولها القناة التي يعرض عليها، ف”إم بي سي 4” قاطرة قوية تحظى بمشاهدة كبيرة، وثانيها نوعية البرنامج نفسه والذي يحظى بجمهور كبير، إلى جانب مقدم البرنامج وجماهيريته الكبيرة، بالإضافة إلى يوم وتوقيت العرض، وعوامل أخرى تضاف للعوامل السابقة كالقدرة على التسويق والترويج لما يعرض، إلى جانب سمعة البرنامج ونجاحه العالمي وجماهيريته، ونحن واثقون مسبقا في أن “لحظة الحقيقة” بنسخته العربية سيحظى بنسبة مشاهدة عالية، وذلك من خلال حصوله على هذه النسب في النسخة الأجنبية التي عرضناها على قناتنا في وقت سابق .

وفي سؤال عما إن كانت أسئلة البرنامج تؤثر سلباً في العلاقات الأسرية يجيب مازن: المشاهد والمشارك هما من يقرران هذا الأمر، فطبيعة البرنامج تعتمد على التحدي والجرأة، والبرنامج فيه بعد جديد يعتمد على كشف الأسرار والفصل بين الصدق والكذب، وهذا الأمر يخلق حالة من الترقب والحماس، فإن كان المشارك مستعداً لدفع الثمن مقابل أن يربح خمسمائة ألف ريال سعودي، وأن يحظى بالنجومية فهو المسؤول عن ذلك وليس “إم بي سي 4” لأنه من قرر المشاركة وكان على علم بطبيعة البرنامج، ولكننا رغم ذلك حريصون على أن نعرض على شاشاتنا كل ما يتلاءم مع عاداتنا تقاليدنا، ولكن هذا لا يعني ألا نقدم برامج فيها الجرأة والتحدي، ولهذه الجرأة ثمن .

وعما إن كان يقصد بذلك تبرؤ “إم بي سي 4” مما سيحدث للمشترك بعد خروجه من البرنامج يجيب: لا ننسى 20 عاما من التزام قناتنا بالعادات والتقاليد، ولكن هذا لا يجعلنا نقف في مكاننا، بل يدفعنا لأن نذهب نحو التجديد، وإنتاج برامج ناجحة عالميا، ومن حقنا وحق المشاهد علينا أن نعطيه ما هو جديد، و”لحظة الحقيقة” يقع ضمن فئة “أفضل برنامج مسابقات”، ولذا فقد قدمناه لمشاهدينا .

وكشف حايك عن رغبة كبيرة من الجمهور للمشاركة في البرنامج فقال: “من قال إن طبائع العرب لا تقبل الصدق وإن كان حرجا'' فليست لديه دراية كافية بما قال، فالبرنامج كشف رغبة كبيرة وحقيقية لدى الكثيرين للمشاركة في البرنامج والاعتراف بالحقيقة .

وعما إن كان بعض المشاركين قد وضع شروطا أو رفض بعضها يقول: “إم بي سي” لا تسمح للمشاركين بأن يضعوا شروطهم في برنامج مسابقات له “فورمات''“معينة، طوعناها ليناسب مجتمعنا .

وحول اتجاه مجموعة “إم بي سي” للتعريب واعتمادها الكبير عليه يقول: سبب بسيط، وهو التزام مجموعتنا تجاه مشاهديها ومعلنيها، ووعدها الذي توفي به، وهو توفيرها لأفضل محتوى عالميا ومحليا، واستحواذها على الأفضل سواء بتعريبه أو دبلجته، أو إنتاج محلي أو إنتاج مشترك، ونحن نفخر بموضوع ال “فورمات” العالمي، وهو ظاهرة في عالم التلفزيون، فنحن أول من أقدم على هذه الخطوة، وأول من عرض “من سيربح المليون” الذي حقق نجاحا كبيرا، وكنا السباقين في عرض “أوبرا” و”دكتور فيل”، وبعض البرامج عرضناها كما هي، وبعضها حصلنا على حقوق نسخها وتعريبها وحورناها لتناسب مجتمعنا، وبعضها رفضناه كونها لا تناسب مجتمعنا وعاداته وتقاليده، ونحن أول من بدأ ظاهرة الدراما التركية وخلقنا المنافسة في الأسواق فيها لتحصد نسب المشاهدة العالية، كما أن لدينا 20 سنة من الإنتاج المحلي النوعي في كل المجالات، وأنا لست بموضع لأن أجيب عن 20 عاما من التميز والريادة .

وذكر حايك في نهاية حديثه أن اعتماد “لحظة الحقيقة” على فكرة جهاز كشف الكذب يخلق الإثارة واللهفة والتحدي، ويقول: سيحظى البرنامج بإعجاب المشاهدين، وسيتعاطف الجمهور مع بعض المشاركين، وسيرون أن البعض الآخر جازف بحياته، وستختلف ردود الأفعال حوله

وهذا أمر طبيعي