2016/02/16

أمل عرفة في إحدى لوحات "بقعة ضوء 12"
أمل عرفة في إحدى لوحات "بقعة ضوء 12"

السفير - روز سليمان

خلال أحد عشر جزءاً، قدّم مسلسل «بقعة ضوء» ألف لوحة كوميديّة، بانقطاع لموسم واحد فقط. وفي الجزء الثاني عشر، يجتمع أكثر من مئة فنان لتصوير نحو 70 لوحة، من إنتاج شركة «سما الفن»، وإخراج سيف الشيخ نجيب، للعرض في رمضان 2016.
تتنقل الكاميرا في اليوم الواحد بين أكثر من عشرة مواقع تصوير في أحياء دمشق من القصاع، إلى باب توما، وأبو رمانة، والمهاجرين، ومشروع دمر. نصل منطقة كفرسوسة.

ندخل مبنى صحيفة «الثورة» حيث وصل فريق العمل للتوّ من معمل الاسمنت، استعداداً لتصوير لوحة «الرسالة السرية». يؤدي بشار اسماعيل بروفة المشهد. يطلب المخرج من فنيي الكاميرات الاستعجال، الطقس بارد وعليهم الانتقال إلى داخل البناء، حيث ينتظرهم جرجس جبارة ونزار أبو حجر وغادة بشور وفوزي بشارة وآخرون.
يؤكد سيف الشيخ نجيب بأنّ تميز «بقعة ضوء» يكمن في «المشروع بحد ذاته. فهو الأكثر مشاهدة في سوريا. يبقى واجبنا كتقنيين وفريق فني هو إيصاله كما يحبه الجمهور من دون أن تهبط سويته». يضيف المخرج في حديثه لـ «السفير»: «نوعيّة كلّ جزء وتميّزه عن الأجزاء الأخرى، يعودان إلى الاجتهاد على النصوص والشخصيات والتصوير. ابتعدنا قليلاً عن الأزمة من دون أن نتجاهلها. من خلال لوحات اجتماعية نحاول أن نكون ناقدين بطريقة لطيفة كوميدية ساخرة».

من جانب آخر، يعتبر الشيخ نجيب إنّ «بقعة ضوء» مشروع لكل الفنانين السوريين. «كان تواجد عدد كبير من النجوم مطلباً رئيسياً هذا العام، وتمّ تحقيقه». يضمّ العمل كل من أمل عرفة، وأيمن رضا، وعبد المنعم عمايري، وجرجس جبارة، وصفاء سلطان ، وفادي صبيح، وبشار اسماعيل، ونزار أبو حجر، وفوزي بشارة... وآخرين.

يواجه فريق العمل مشكلة كبيرة مع النصوص، يقول المخرج: «تكمن المشكلة في إفلاس الأفكار المقدمة وانحصارها في مشاكل الأزمة اليومية، إلا أنَّنا نحاول التحايل بالاشتغال على الشخصيّات وتبسيط الفكرة».
من جانبه يرى مدير الإنتاج تميم حوارنة أن «بقعة ضوء 12»، «من أضخم الأعمال إنتاجياً إضافة إلى خصوصية ظروف تصويره وصعوبتها، ورغم ذلك فإن الجهة المنتجة مستمرة في تبنيه. في كل يوم ينتقل فريق العمل من بيت إلى شارع إلى مؤسسة حكومية مثلاً وهذا التنقل بحد ذاته إرهاق للجميع سواء الممثلين أو المخرج أو الجهة المنتجة؛ بالمقابل فإن سر نجاح العمل يكمن هنا». ويضيف: «بقعة ضوء يصنّف من الأعمال المضيافة من ناحية استيعاب ممثلين ومنحه مساحات لوجوه شابة. فهو منذ بداياته كان منطلقاً لكل من نراه نجماً اليوم».
من جهته، يعتبّر الممثل فادي صبيح أنّ تناوب المخرجين كلّ سنة أو سنتين على إنتاج السلسلة هو «حالة صحيّة». يقول: «يرصد العمل كلّ ما له علاقة بمشاكل المواطن الاجتماعيّة والثقافية والسياسية، ومن الأفضل ألا يتم إنتاج جزء من السلسلة كل عام، لإعطاء فرصة لقصص تحدث وقوانين لها انعكاساتها السلبية كي تختمر». ويضيف: «في العمل مساحات تمكّن الممثل من مسودات في الأداء وتجريب شخصيات لا يمكن لأعمال أخرى أن تحققها، وبناء شخصيّة ظريفة ومستمرّة خلال عشر دقائق وهذه المهمة الأصعب التي يتولاها المخرج. والمسؤولية تبدأ من قرار تنفيذ هذه اللوحة أو تلك مهما كان نوع الرسالة التي تحملها».
يشارك الممثل جرجس جبارة في خمس عشرة لوحة اختارها، مؤكداً على أهميّة استمرار المشروع «طالما تتوافر أفكار جديدة». يقول: «العمل كوميديا محترمة وابتسامات مؤلمة تحمل قيماً فكرية. ليس العمل نكتاً مصوَّرة كما يظن البعض» رافضاً حصره ضمن إطار الأعمال الكوميدية فقط. يوضح: «هو عمل إنساني لا يستخفّ بعقل المشاهد. فكرة أيّ حدث فيه يمكن أن تجري الآن أو بعد مئة عام، إضافة إلى أن أيّ دور مهما كانت مساحته صغيرة يقف وراءه ممثل كبير محترف، ومن هنا تأتي أهمية البعد الذهني المتوافر».
يشبّه الممثل بشار اسماعيل «موسم رمضان من دون «بقعة ضوء» اليوم، بموسم رمضان سابقاً من دون «مرايا». يقول: «غياب هذا العمل يعني أن نقصاً يحصل في عملية إمتاع المتلقي في سوريا وفي الوطن العربي عموماً»، رافضاً أن يصنّف العمل بالكوميديا بل «بوصفه برنامجاً مسليّأً يحاكي الواقع مع قليل من المبالغة أحياناً لخدمة الفكرة». يشارك الممثل نزار أبو حجر في أكثر من عشر لوحات، في كل منها يؤدي دوراً مختلفاً يقول: «خيط رفيع يفصل بين الغلاظة والكوميديا، وهذا محقق هنا».

معتبراً أنّ «الكوميديا لا يمكن صناعتها، بل تكون بالفطرة والممثل يجب أن يعرف نفسه ويطوّر هذه المعرفة بما يتناسب مع إمكانياته». من جهته يعتبر الممثل فوزي بشارة أن نجاح العمل مرتبط بممثل ذو دم خفيف وفكرة جميلة وليس له علاقة بالنجومية، مضيفاً: «من المفترض أن يرسم العمل الضحكة، وأن يتطرّق لمشاكل المواطن». كذلك ترى غادة بشور في العمل «قوة إضافية للمثل من ناحية الأداء طالما أن بإمكانه تجريب عشر شخصيات خلال عشر لوحات مثلاً».
مهما كانت الأفكار المطروحة، سواء من داخل الحرب أو خارجها يبقى «بقعة ضوء»، أكثر من أي عمل آخر، «بيت سرّ» الضحكة التي تغيب، والمسلسل القادر على تصوير كلّ ما يجري في الشارع من الداخل.