2013/05/29

«بنات العيلة»... فخّ العناوين العريضة وفتنة الماكياج
«بنات العيلة»... فخّ العناوين العريضة وفتنة الماكياج


ماهر منصور – السفير


حائرة هي، حكايات مسلسل «بنات العيلة»، للمخرجة رشا شربتجي والكاتبة رانيا بيطار. تدور أحداث العمل حول نفسها، مرفقةً بالكثير من الثرثرة الكلامية والتصنع الفاقع. وإن مضت إلى الأمام، تمتد بشكل أفقي، من دون عمق أو تجذر. فلا تقدّم لنا المخفي المتعلق بالقضيّة التي تطرحها، ولا تفككها. بل تقدّم نماذج عامة، بطريقة سطحيّة: فالمطلّقة هدف سهل، والصبية التي تتزوج من خارج دينها، يقاطعها أهلها، والشابة التي تبحث عن تحقيق طموحاتها، تجعل من نفسها جارية لرجل ثريّ. هذه هي بعض العناوين التي تشغل المسلسل بأكمله،ومهما أمتد الحدث وتأزّم درامياً، نجده يدور حول عنوان عريض، من دون الغوص في تفاصيله. إذ تكتفي الكاتبة بسوق أمثلة مباشرة ومكشوفة عن القضية التي تطرحها. على سبيل المثال، نرى المطلقة الطبيبة صبا (جيني إسبر) تكابد بسبب نظرة المجتمع السلبية تجاه المطلقات... إذ تقترح عليها زميلتها زوجاً كبيراً في السنّ، وتكون عرضةً لتحرّشات مفضوحة من أحد زملائها الرجال، لتقضي الليل باكيةً حظها العاثر. على نحو مشابه نقرأ الحدث الدرامي المتعلق بزواج ريتا (ديمة قندلفت) المسيحية من شاب مسلم. ونجده مأسوراً بحالتين اثنتين يدور الحوار والحدث حولهما. في بعض المشاهد نرى ريتا محامية، وفي أخرى، زوجة تعاني من قسوة أهلها، وتتبادل مع عائلة زوجها حالات من التسامح والتآخي الديني. وتصرّ الكاتبة على تسليط الضوء على هاتين النقطتين، من دون الدخول في عمق العلاقة الزوجية، والتعقيدات التي تترتب على الزواج المختلط بين الأديان. انجرار الكاتبة نحو العناوين العريضة، سيظهر أيضاً في الخط الدرامي المتعلّق بالصحافية سارة (نسرين طافش). نرى فتاةً تضع الحب جانباً، لتختار علاقة مبنية على «العقل»، قد تحقق لها أماناً مادياً. لكنّ الشخصية سرعان ما تقع في مطب التناقض، بين سلوكها هذا، وتكوينها الثقافي وممارستها الحياتية. فهي صاحبة برنامج إذاعي جماهيري، تحاول من خلاله حلّ مشاكل المستمعين. لكنّنا نراها في المقابل عبدةً لطموحاتها المادية، تلهث خلف رجل، يعاملها كجارية. هذا التناقض الجوهري كان يمكن معالجته بطريقة أقلّ سطحيّة ومباشرة.

المثير للاستغراب أن الكاتبة اختارت رسالة مجهولة تصل إلى الخالة ملك (ثناء دبسي) لتكون العقد الجامع لخطوط مسلسلها الدرامية. إلا أنّ لغز الرسالة، يتم كشفه في الحلقة السابعة عشرة، بزيارة ملك إلى ابنة اختها ميرفت (نظلي الرواس). ولو حذفنا حدث الرسالة بأكمله، لن يتغيّر شيء في الحبكة. وإن كانت وظيفة الرسالة «شيطنة» ميرفت، فتلك الفكرة تمّ إشباعها من خلال الحوار.

ما سقط من نص المسلسل، عوّضه الإخراج. إذ أبدت كاميرا المخرجة رشا شربتجي واقعية في قراءة النص. وجاءت صورتها خالية من الثرثرة، خلافاً لبعض حوارات العمل. اختارت حلولاً إخراجية لا مبالغة فيها، مخلصة لروح النص، ولطبيعته الأنثوية. وكعادتها في كل مرة يحسب لشربتجي، قدرتها على أخذ عدد من ممثليها نحو مساحات تمثيلية جديدة لم يطرقوها من قبل. وقد قدمت الفنانتين تولين البكري، ونظلي الرواس في دورين مميزين، سيتركان تأثيراتهما الإيجابية على حضورهما في المواسم القادمة. كما يسجل للفنانة كندة علوش حضورها المتمكّن في شخصية عليا، وهو دور جديد، يختلف عن طبيعة الأدوار التي قدمتها علوش من قبل. في المقابل تأرجح أداء نجمات «بنات العيلة» الأخريات، بين العادي والأقل من العادي. حتى أنّ يعضهنّ تراجع في مستوى أدائه عمّا عهدناه في السنوات السابقة. وإن كان البعض قد رأى أنّ البطولة المطلقة في المسلسل كانت لغرف الماكياج والملابس، إلا أن تلك البطولة ليست بالأمر الطارئ. فالمسلسلات التي تشهد بطولات نسائية، تشهد أيضاً سباقاً إلى غرف الماكياج. ولا نرى أنّ في ذلك عيباً، إن ترافق مع مبرّرات درامية. ولكن ما هي المبرّرات الدرامية التي استند عليها هذا الحرص على الماكياج، والمبالغة في انتقاء أزياء «بنات العيلة»؟ وهذا سؤال نترك الإجابة عليه للمتفرجين، من دون تعليق.