2013/05/29

بين الشتيمة والرغبة والادعاء: لقطات من شاشات نهاية الأسبوع
بين الشتيمة والرغبة والادعاء: لقطات من شاشات نهاية الأسبوع


زينب ياغي – السفير


اتصل شخص، قال أنه من البقاع، ببرنامج «مع المشاهدين» لذي يبث على قناة «المنار» مساء كل سبت، ووجه شتيمة إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، مستخدما عبارات نابية، في شتيمة يستخدمها رجال الشوارع، في خطوة شكلت سابقة عبر أي من الشاشات االتلفزيونية، تدل إلى خطورة فقدان الحد الادنى من المعايير في لبنان.

لكن الزميل علي قصير، الذي يقدم البرنامج، أظهر رباطة جأش قل نظيرها، وقال للمتصل: «نحن نأسف لقول الشتائم لأنها سمة الرجال الضعفاء الذين يخافون السجال والنقاش».

وعندما أراد متصل آخر التعليق على الشتيمة، أوقفه قصير، وقال له: «ذلك ليس موضوعنا، فالشتائم سمة الجبناء، وإنما موضوعنا هو النصر في غزة».

عبر قناة «المستقبل»، اتصل الزميل منير الحافي خلال نشرة الأخبار بالإعلامي يزن الحمصي في «شبكة شام الدولية» وسأله: «هل تحدثنا عن معركة الحسم في دمشق؟». أجابه الحمصي بأن «المعركة حاسمة والجيش الحر يسيطر على الوضع». شكل سؤال الحافي الواثق، حافزا للبحث عبر القنوات التلفزيونية عن التطورات الدراماتيكية في سوريا. فتبين أن جميع القنوات مشغولة بالحدث المصري، ولو كانت هناك معركة حسم في دمشق، لاستحوذت ولو على بعض اهتمام وسائل الإعلام. لكن توجّه الحافي، واستسهاله، أزاحا الواقع جانبا، فدمشق عاصمة سوريا، وليست قرية ريفية، ومعركة الحسم فيها.. تعني سقوط النظام.. أليس كذلك؟

خلال نشرة أخبار «إل بي سي» سألت مراسلة القناة في الشمال هدى شديد، أحد أقرباء الشبان اللبنانيين الذين فُقدوا في حمص عن مصير اقربائه، فقال أنهم ذهبوا «من أجل مساعدة إخوانهم في الثورة السورية، ولكن ماديا وصحيا، وليس بالقتال»، مضيفا أنهم «أجروا دورات إسعاف أولية قبل ذهابهم». لكن شديد أكملت بعد التقرير وصف الشبان «بالمجاهدين»، فظهرت كأنها لا سمعت ما قاله القريب، ولا اقتنعت.

في مصر، وصل مراسل قناة «الجزيرة» عباس ناصر إلى ميدان التحرير في القاهرة وهو يلهث، وقال إنه وصل للتو، مع العلم أن الاعتصام في الميدان مستمر منذ أيام عدة. ثم اعتبر في تقريره المباشر: «إن هؤلاء مازالوا يرفعون شعار إلغاء الإعلان الدستوري، وقد مضى عليه الزمن، وأصبحنا الآن في مرحلة الاستفتاء على الدستور». متى رآهم، وعرف ماذا يريدون، وما هي شعاراتهم، وحكم عليهم، إذا كان قد وصل لتوه؟.

ثم أكملت المذيعة فيروز عناني من استديو «الجزيرة» بلقاء أحد قياديي «حزب الحرية والعدالة»، فقال إن «الميدان فرغ من المعتصمين، لأن القناعات غير موجودة، ويريدون خلق ثورة وهمية».. هكذا تبدأ الثورة مع الأخوان، وتنتهي معهم.

في المقابل، كانت قناة «العربية»، تركز البث على ميدان التحرير، فقد أصبحت القناة، فجأة، مؤيدة لثورة القوى المدنية في مصر، فقط بسبب الحساسية بين السعودية وبين تنظيم الأخوان المسلمين.

أما مذيعة قناة «الميادين» فقد سألت أحد قياديي حزب «الحرية والعدالة» عن المعارضة المصرية للأخوان. وقالت له مرتين: «ولكن المعارضة كانت معكم في معترك الثورة»، وهو يجيبها بنعم. كأنها تجهل أن الأخوان التحقوا بالثورة، وليسوا من أطلقها، فقلبت المعادلة، ولو سمعها شبان الثورة، لقالوا لها: من الأفضل عدم تدخلك في ما لا شأن لك فيه، لاسيما وأن الأخوان كانوا في بداية الثورة مترددين الى أقصى الحدود بالمشاركة.

قناة «سي بي سي» المصرية كانت تنقل هتافات أحد قياديي «حزب الحرية والعدالة» في ميدان النهضة أمام جامعة القاهرة، وهو يقول: «بحبك يا مرسي وحاحبك وحبيتك كمان»، وهي مأخوذة من أغنية المطرب محمد عبد المطلب: «حبيتك وبحبك وحاحبك على طول». ثم تابع بثقة إن الموجودين في ميدان النهضة يصلون إلى ستة ملايين ثائر، وهتف بعد ذلك: «مش كفاية النائب العام طهر الاعلام، إسلامية إسلامية رغم انف العلمانية. الله معك يامرسي، والرسول معك، والقرآن معك.. فقط لا غير.» وفوق ذلك هم معه وليس هو الذي معهم.. تواضع ما بعده تواضع.