2012/07/04

تامر إسحاق: تستحق الشام أن يـُحكى عنها بجدية أكبر
تامر إسحاق: تستحق الشام أن يـُحكى عنها بجدية أكبر

ميسون شباني – تشرين

صدق العمل لا تقنياته.. ما يهم المشاهد

لا يختلف اثنان على جدلية وجدية ما يقدمه المخرج تامر إسحاق فقد حققت أعماله نجاحا كبيراً في فترة قصيرة والمرتبطة بطريقته المميزة برؤية النصوص التي يقدمها على الشاشة أعمالاً،

ورغم أنها تنوعت بموضوعاتها إلا أن تميزه في دراما البيئة الشامية جعله واحداً من مبدعيها الرئيسين، وكان قد انتهى مؤخراً من تصوير عمل بيئي شامي اختار له عنواناً غريباً وهو (الاميمي).

عن هذا العمل التقينا المخرج تامر إسحاق الذي أكد أن عنوان العمل مرتبط بالشخصية الرئيسة وهو صاحب المهنة،ودائماً في المهن الشامية القديمة كانت تنسب المهن إلى أصحابها مثل الحكواتي والكلاس وغيرها ،والذي يعمل في الاميم-بيت النار في حمام السوق ومكان وجود المياه وتسخينها- ومن يعمل فيه هنا هو (الاميمي) نسبة إلى الاميم ومن هنا جاءت التسمية وعنوان العمل والذي يقوم بدوره الفنان عباس النوري..

حول جديد ما يحمله (الاميمي)، قال:أعتقد أن العمل يختلف عن أعمال البيئة الشامية وارغب بتوصيفه كعمل تاريخي يتحدث عن دمشق أكثر منه بيئة شامية، فهو يتحدث عن مرحلة حقيقية وغنية وعن فترة عاشتها دمشق وعاشها أهل الشام، وهو بعيد عن حكايا الجدات والفانتازيا الشامية إذا أمكن تسميتها، و(الاميمي) له علاقة بالتوثيق أكثر كونه يرصد فترة خروج إبراهيم باشا من دمشق وعودة العثمانيين إليها.. هذا الضياع الذي عاشته دمشق كانت له ارتداداته بالنسبة لأهل الشام، وهو يتحدث عن هذا الموضوع بقالب اجتماعي أي أننا لم ندخل في القصص السياسية بشكل مباشر كون الحارة التي تدور أحداث المسلسل فيها تعيش هذه التغيرات الاجتماعية، ونلمس إلى أي مدى أثرت التغيرات السياسية على حياة الناس ، وهذا التوثيق الذي نقدمه يشكل خلفية للأحداث الاجتماعية في العمل ، فهي خلفية سياسية بحتة وموثقة وتشبهنا في هذا الوقت إلى حد بعيد .‏

وأكمل: لكن هذه المشكلات التي حدثت في ذلك الوقت من الجميل جداً أن يشاهدها الناس وأن يصدقوا ما يشاهدونه عن تاريخ الشام، لأن دمشق تستحق أن يُحكى عنها بجدية وبشكل حقيقي، ودائماً نذهب إلى أشياء لها علاقة بالزعيم وبالعكيد وبالمشكلات البسيطة التي تحدث في أي حارة لذا تستحق الشام أن يحكى عنها بجدية أكبر..

وبخصوص ما تقدمه هذه الأعمال عن طبيعة دور المرأة في تلك الفترة لفت إسحاق إلى أنه عبر (الاميمي) استطاع الدخول إلى كل شيء ممكن أن يكون حقيقياً وخاصة فيما يتعلق بدور المرأة التي كانت تعيش في ذلك الوقت، وكانت لها مشاركاتها الجادة بقرارات الرجل.. وأضاف: هذه النماذج كانت موجودة آنذاك وأنا بتصوري خرجت منها ولا أريد الحديث بسلبية عما قدم في بعض الأعمال لأن الناس يحبونها ولها شعبيتها ولا نستطيع أن ننكر ذلك، إضافة إلى أن هذا النوع من أعمال البيئة الشامية  مطلوب وخاصة في رمضان وتحولت هذه الأعمال إلى مادة رئيسة على المائدة الرمضانية، ولكن هذا لا يعني أن أقدّم عملاً غير مقتنع به فقط لأن الجمهور والمحطات الفضائية تريد ذلك النوع من أعمال البيئة الشامية والتي تنتظرها نسبة عالية من المتابعين على كل المحطات في الوطن العربي وهذا خلق شيئاً له علاقة بالطلب الدرامي لهذا النوع من الأعمال.

وبالنسبة لجديد ما يقدمه على صعيد الرؤية الإخراجية لفت تامر إلى أن تقنيات العمل ونوعية الكاميرا التي صور بها وطريقة التصوير وغيرها من الأمور لاتهم المشاهد ولا تعنيه فالناس يحبون رؤية شيء يصدقونه بالدرجة الأولى، ومهمته كمخرج تكمن في إقناع الناس بما يقدم سواء أكان عملاً بيئياً شامياً أو عملاً اجتماعياً أو تاريخياً، والسباق بين كل المخرجين في رمضان له علاقة بالكثير من التفاصيل التي لها علاقة بالصورة البصرية بكل أشكالها..


الأميمي عمل تاريخي دمشقي أكثر من كونه بيئة شامية

وأكمل أنا استفدت من فصل الشتاء ومن المطر نوعاً ما لأنني بدأت التصوير في فصل الشتاء وانتهيت منذ فترة وأعتقد أن الفصول الأربعة مرت علينا في العمل، وقدر الإمكان حاولت أن أوفق بينهما، ولكن المسلسل أخذ طابعاً شتوياً فهناك تفاصيل غير مطروحة سابقاً يقدمها في هذا الفصل، إذ نرى الناس في شكل مختلف وجديد نوعاً ما، وهذه أحد الخطوط الجديدة التي أقدمها في المسلسل وأتوقع أن يكون هناك شيء جديد وغريب في العمل.

وحول وجود المخرج سيف الدين سبيعي أمام الكاميرا وعودته إلى التمثيل بعد غياب قال إسحاق: وجود سيف أشعرني بالسعادة لأنني في بداية عملي كنت مخرجاً منفذاً مع سيف في الفترات الأخيرة ،وهو ساعدني جداً، وحقيقة أنه أصبح أمام الكاميرا أسعدني جداً وأشعرني بالفخر،وهذا التعاون بيني وبين سيف في (الاميمي)  سببه إصراري على الوجود فيه وطلبت منه أداء دور حقيقي وأوسع ،فاقتنع وأحب الفكرة، صحيح أنه مخرج ولكنه يحب التمثيل أمام الكاميرا من وقت لآخر وأن يقدم دوراً وأتمنى أن يكون سعيداً بالإنجاز الذي سيقدمه.

وعن عمله المتواصل مع النجم عباس النوري خلال عدة سنوات أكد أن الشراكة بدأت بالخبز الحرام، واستمرت في العشق الحرام، وحالياً (الأميمي)، فعباس النوري نجم عربي كبير، وفنان ذو قدرات استثنائية ويرتاح لوجوده معه إضافة إلى حالة التفاهم بينه وبين عباس والتي بدأت بتعاونه منذ كتابة النص مع الكاتب سليمان عبد العزيز، أي أن الفنان عباس كان في تفاصيل العمل منذ لحظاته الأولى وحتى نهاية تصوير العمل.. وأضاف: أحب هذه الحالة وأحب وجوده وطريقة تفكيره  وخاصة في هذا النوع من الأعمال، وهو فنان له بصمته ويضفي شيئاً له علاقة  بالتفاصيل الصغيرة التي قد لا نعرفها كثيراً ولا يعرفها المشاهد فتظهر نكهات  مميزة وأنا في العموم علاقتي بكل الفنانين علاقة صداقة وهي أكثر من علاقة مخرج مع ممثل ولكنها أمام الكاميرا تتحول إلى علاقة مخرج مع ممثل..

وعن حالة الارتجال الممنوحة للممثل قال إسحاق:غالباً حالة الارتجال لا تكون جيدة فهناك أمور يجب الاتفاق عليها والممثل في النهاية  روح ودم  ومن غير المنطق أن يقدم الدور بحذافيره ويجب أن تكون هناك لمسته الخاصة والتي يضفيها على الدور بطريقته ويقتنع هو بها وهذا النقاش الذي يحدث حول ماهية الدور وتفاصيله أحبه جداً لأنني أسمع رأي الممثل ووجهة نظره في الشخصية حين تتحول إلى شخصية حقيقية وهذا النقاش يريحني ويريح الممثل.

وبخصوص الدور الذي قدمه الفنان الراحل خالد تاجا وعملية الربط التي قدمها كي يتابع تقديمها الفنان سلوم حداد قال: رحمة الله على الفنان الكبير خالد تاجا  كنت أتمنى وجود كلا الممثلين في (الاميمي) لان الأستاذ سلوم قامة كبيرة جداً ووجوده أضاف شيئاً للعمل وأيضاً الخسارة الكبيرة التي خسرناها برحيل الفنان خالد تاجا وكان الفنان قد صور عدداً من المشاهد لا أريد الحديث عن هذه التفاصيل لأنها مؤلمة جداً وخاصة في الفترة التي تعب فيها الفنان خالد تاجا في أيامه الأخيرة وقد صارحني بخوفه من عدم قدرته على إكمال العمل وكانت علاقتي به علاقة ابن بوالده لكن لم يكتب النصيب له ليكمل دوره وفارق الحياة ، ولكني سأبقي مشهداً هو تحية لروح الفنان خالد تاجا وذكرى له وذلك بعد أن أخذت رأي الأستاذ سلوم والذي أكد عدم ممانعته وسيبقى للذكرى والمشهد صوره قبل وفاته بيومين لكن قمنا مع الفنان سلوم بإعادة المشاهد كلها في النهاية وبالنسبة لهذا المشهد سأتركه مفاجأة كيف سأقدمه وهو مشهد ذكرى تحية لروح الفنان خالد تاجا..

وحول توجهه نحو أعمال البيئة الشامية أشار إلى أنه يحب الأعمال البيئية منذ بدايته كمخرج منذ كان يعمل مع المخرج سيف سبيعي من (أولاد القيمرية) و(الحصرم الشامي) بجزأيه ثم الدبور والاميمي. وأكمل: أحب هذا النوع من الأعمال وأنا حريص على أن أقدم في كل عام عملاً بيئياً شامياً شرط أن يكون النص جيداً، ولكن في العموم أرتاح لهذا النوع من الأعمال، هذا لا يلغي أن للأعمال الاجتماعية حيزاً خاصاً عندي وأعمال معينة «العشق الحرام» و«الخبز الحرام» نموذج لهذا الشيء الذي أحبه ولكن أنا في النهاية مخرج ومطلوب مني أن أجرب كل الأمزجة الدرامية وليس صحيحاً أنني مختص بنوع واحد وأحب مع الوقت أن أقدم عملاً كوميدياً وعملاً تاريخياً كي أثبت ما لدي كمخرج ولكن البيئة الشامية لها وضعها  الخاص عندي.

وحول ما سيميز الاميمي عن غيره من أعمال البيئة الشامية أكد إسحاق أن (الاميمي) سينافس بنصه ونجومه وبطريقة الإخراج ابتداءً من النص ووجود نجوم كبار ووجود شيء خاص يقدم من خلاله. وأضاف: أنا أعمل وأقدم قدراتي ورؤيتي وأسلوبي وأتمنى أن يعجب الناس لأنهم في النهاية هم الحكم، ومهمتنا أن نبقى نعمل في أحسن صورة كي نستطيع  إبقاء المشاهد وإقناعه بإكمال العمل، خاصة أن هناك شيئاً مختلفاً من ناحية الكاركترات على مستوى أشكال الممثلين.. وأكمل: أنا حريص أن أشاهد كل شيء في رمضان وأن أستفيد من أخطائي لأن مشاهدة التلفزيون تختلف عن وقت التصوير،وأحياناً أرى أشياء لا أحبها أحاول أن أتلافاها  في الأعمال الثانية وأتجاوزها وأعتقد أن رمضان المقبل سيشهد أعمالاً نخبوية أكثر وستكون على مستوى أفضل والسبب قلة الأعمال هذا العام فهناك 20 عملاً أو أكثر بقليل ستشهد تنافساً من ناحية النص والإخراج والتمثيل.