2018/01/16

تشرين - ماهر منصور

يتوقف سيل الأخبار الفنية الواردة من كواليس الإنتاج الفني، التي تجتاح القلب بغصة، وتضع فوق صدورنا صخرة تخنقنا بعشرات من الأسئلة عن هذا الجسد المنهك للدراما السورية، الذي ما فتئ يتلقى الطعنات، واحدة بعد أخرى.

ورغم أن تلك الطعنات بدأت منذ زمن طويل، يوم صارت معادلة الفن في ذيل حسابات الإنتاج الدرامي، إلا أن تسارع الطعنات المتزايد في الفترة الأخيرة، أوحى كما لو أن أحداً يستعجل هدم ما أنجزته درامانا في نصف قرن، إذ لم نشهد من قبل ارتهانها لرأسمال يفتقد الوعي بأهمية العمل الدرامي كما يحدث اليوم. وكم يبدو مؤسفاً اليوم أيضاً أن نجد طاقات فنية مبدعة كاملة، تطوع كل مهاراتها الفنية في خدمة سلعة هذا الرأسمال، فتطيح معه وخلفه، بكامل البنيان الثقافي والإبداعي الفني للدراما السورية، وتكرس ثقافة الرداءة على صعيد المضامين والشكل الفني، بل وتحجب النذر اليسير الجيد الذي ينتج من درامانا، بسيادتها مشهد العرض التلفزيوني لكونها «تسوق حسب السوق».

ثقافة الرداءة التي تكرسها الدراما السورية اليوم.. بدت جزءاً من بضاعة الوقت الضائع في سنوات الحرب، ولنعترف أننا فشلنا في امتحان السنوات السبع العجاف، وقد دخلناها بعري السنوات الطويلة التي قبلها من دون قوانين تحمي الدراما، ولا أعراف تحفظ لها بعضاً من ماء الوجه، فما نجحنا في التقدم خطوة عما أنجزناه من قبل، ولا استطعنا تالياً الحفاظ عليه، وقد استسلمنا للكلام المعسول عن درامانا، ولم ننتبه أن السوس ينخر في جسدها وأنها ستنهار بأكملها في لحظة واحدة، وهو ما شهدنا إشاراته القوية في الموسم الدرامي الرمضاني الفائت، حين تكدست كثير من أعمالنا في مستودعات منتجيها، كبضاعة كاسدة لم تجد من يشتريها.

ولكن هل تعلمنا من الدرس، وتلقفنا تلك الإشارات التحذيرية بقرب الانهيار الكامل..؟
ببساطة تلقفناها بالكلام.. تماماً كما احتفينا من قبل بنجاحات الدراما السورية بالكلام، ولكننا لم نتعلم.. وإلا ما معنى أن تمتد ثقافة الرداءة أمام الكاميرا وخلفها في كواليس الدراما السورية… هذا العام أيضاً؟!.