2012/07/04

توم هانكس : أجد نفسي منجذبا للأعمال التي تقوم على معالجات إنسانية
توم هانكس : أجد نفسي منجذبا للأعمال التي تقوم على معالجات إنسانية


محمد رُضا – الشرق الأوسط

في «لاري كراون» يعود توم هانكس إلى المدرسة، ليس على طريقة عادل إمام في أحد أفلامه الأخيرة، بل على طريقة توم هانكس نفسه. إنه ممثل لا يتوقف عن الرغبة في التعلم رغم أن وقته لا يسمح له بالكثير من الوقت ليمضيه في ذلك. وفي السنوات الـ21 التي أمضاها في السينما تعلم الكثير. ليس فقط أن يصبح ممثلا محبوبا، بل أساسا أن يحافظ على ما يحققه من نجاح بحيث يصبح في الوقت ذاته ممثلا جيدا وممثلا ناجحا.. أو كما يقولون دائما، نجما.

هذا ليس كل شيء. في سنواته هذه تدخل في شرايين العمل السينمائي على أكثر من وجه. لجانب التمثيل هو منتج (لنحو 50 فيلم بما فيها 8 مشاريع مستقبلية) ومؤلف موسيقي ومخرج. الصفة الأخيرة أخذته في دروب العمل من وراء الكاميرا 8 مرات منها مرتين في السينما والباقي تلفزيونية أو مجرد أفلام قصيرة. سنة 1996 أخرج فيلمه الروائي الطويل الأول «ذلك الشيء الذي تقوم به»، فإذا بالنقاد يباركون خطوته. حينها قال في مقابلة سابقة بيننا: «لا يعني ذلك أن لدي مشروعا آخر أقوم به قريبا. بل من المرجح أنني سوف لن أرغب في القيام بالإخراج مرة ثانية إلا بعد حين». وبالفعل، مرت 5 سنوات قبل أن يصبح جاهزا لثاني فيلم من إخراجه: «لاري كراون».

فيه يؤدي شخصية رجل أعمال يتعرض لعملية تقليل مهام بعدما أمضى في الشركة سنوات كثيرة. يطرح على نفسه سؤالا حول ما الذي يستطيع القيام به لو كان لديه وقت فراغ، ويجد أن الجواب إنما في العودة إلى الكلية ليواصل دراسته. هناك يلتقي بالمدرسة (جوليا روبرتس) وكلاهما - بعد عقبات ومراحل - يقع في حب الآخر.

* فيلمك الجديد «لاري كراون» كوميديا عاطفية. ماذا تشكل لك الكوميديا العاطفية شخصيا؟ لماذا هي مهمة؟

- في اعتقادي أنها ما نحتاجه أكثر من سواه من أنواع الأفلام. هناك الكثير من الأفلام الخيالية وأفلام الإثارة والتشويق والكثير من أفلام القتال والعنف، وبين كل ذلك أفلام كثيرة من النوع الكوميدي الذي لا أراه مضحكا لكن لكل شأنه. الفيلم العاطفي يفرض نوعا من الاستقرار النفسي حين مشاهدته. إنه كناية عن قصة من القلب يتبادلها اثنان. هذا الغلاف الخارجي الرقيق يخفي تفاصيل تتجدد من فيلم لآخر. لكن نعم، أهتم بالفيلم الكوميدي العاطفي وأرى أننا بحاجة إليه أكثر من سواه هذه الأيام. بحاجة إليه لكي نستوحي منه ولكي نضحك مع الكوميديا ونتعاطف مع الحكاية الغرامية.

* أحد عوامل نجاح هذه الأفلام هو «الكامستري» بين الرجل والمرأة. هل توافق؟

- بالطبع. هناك ضرورة ملحة لمثل هذه «الكامستري» حتى ولو كان على الطرفين قضاء معظم الوقت يتبادلان المواقف المناهضة والمعادية، كما في هذا الفيلم. إنه من المسلي بالنسبة لي مشاهدة مواقف غريبة ناتجة عن سوء التفاهم. حتى حين أشاهد الأفلام القديمة.. أفلام سبنسر ترايسي وكاثرين هيبورن مثلا أو غاري غرانت وروزيلاند راسل، وكل الممثلات اللاتي لعبن أمامه كن مناسبات، أشعر بقيمة اللعبة التي تمارسها تلك الأفلام. ابتداع خلافات ثم تحويلها إلى ذروة الحدث قبل أن يكتشف كل منهما أنه يحب الآخر وعليه أن يتنازل له.

* أنت هنا مع جوليا روبرتس وهناك «كامستري» على الشاشة، لكن ماذا عن الفترة التي قضيتماها في التصوير؟

- جوليا فنانة محترفة وليست مجرد ممثلة. إنها كثيرة الحرص على عملها وشخصيتها، كما أنها وعلى نحو متساو على عمل الآخرين معها، لأنها تعلم أن التمثيل أمر مشترك وبقدر ما ينجح الممثل الذي أمامها تنجح هي والعكس أيضا. نحن صديقان ولدينا احترام متبادل، ولذلك فإن التمثيل أمامها كان مطلبا مهما بالنسبة لي. حين قرأت السيناريو تصورتها أكثر من سواها في هذا الدور وحين أخبرتني موافقتها على التمثيل أمامي شعرت بسعادة غامرة. إنها ممثلة نموذجية.

* حين تتحدث عن موجة الأفلام الخيالية والتشويقية وغياب الأفلام الرومانسية، هل تقصد القول إنك مرتاح أكثر لما تقوم به؟

- المسألة ليست إذا كنت مرتاحا أكثر أو أقل. لكن هناك طبيعة العنصر التكنولوجي التي تمكنك من تحقيق أي شيء تريد. تستطيع أن تصور بحيرة ميتشيغان خالية من الماء أو تستبدل بالماء النباتات والديناصورات ثم تجعل هذه الديناصورات تطير إلى المريخ. التقنية تجعلك تستطيع أن تنجز أي خيال تريد. في مواجهة ذلك، أجد نفسي منجذبا إلى الأعمال التي تقوم على معالجات إنسانية وحكايات ما زالت الشخصية تؤدي فيها الدور الأول، بالتالي هي أفلام ممثلين. لست ضد ما يقومون به، لكن مع ما أقوم به بنفسي. هل تذكر قبل سنوات فيلم جوليان شنابل «دايفينغ بل والفراشة»؟ فجأة يتقدم فيلم إنساني عميق يدفعك للتساؤل حول أين ذهبت تلك الأعمال العميقة ولماذا لم نعد نرى منها ما يكفي.

* ألهذا السبب قل ظهورك؟ «لاري كراون» أول فيلم نراه لك من سنين..

- هذا أحد الأسباب. ليس السبب الوحيد. السبب الآخر هو أنني عمليا لست بعيدا عن السينما.. أشغل نفسي بالإنتاج. لكن في الحقيقة لا أعتبر أنني مقل الظهور. آخر مرة مثلت فيها كان «ملائكة وشياطين» وهذا كان متى؟ من عام ونصف العام فقط. قبله بسنة «حرب تشارلي ويسلون». لا.. لا أعتبر أنني مقل، لكن هناك دائما مهمة البحث عما أريد تقديمه. هل على الممثل أن يظهر على نحو متواصل منتقلا من فيلم لآخر؟ البعض يرى أن ذلك ضروريا، لكن أين هي متعة العمل في هذه الحالة؟ لماذا تصلح لممثل ولا تصلح لممثل آخر؟

* «لاري كراون» هو ثاني ظهور لك مع جوليا روبرتس بعد «حرب تشارلي ويلسون». هل العمل معها الآن ناتج عن تأثير العمل الأول؟

- حين كنا نعمل على «حرب تشارلي ويلسون» كان وجودها بدافع العلاقة المهنية الجيدة التي تربطها بالمخرج مايك نيكولز من بعد تمثيلها في فيلمه «Closer» حين وضعنا المشروع قيد التنفيذ قال مايك لي: «دعنا نفكر في جوليا روبرتس» وقلت له: «هذا ممتاز.. سأتصل بها بنفسي». وهي قرأت الدور وأعجبها.

* هل اختلف الأمر حين طلبتها للعمل في هذا الفيلم؟ هل أبدت الاستعداد نفسه سريعا أم كان عليها أن تفكر فيه؟

- جوليا ممثلة بالغة الاحتراف. إنها أيضا إنسانة رائعة. تعرف ما هي عليه وتعرف ما تريد وتتصرف على هذا الأساس. نعم استجابتها كانت سريعة في الحالتين، لكنها لم تكن بسبب أن توم هانكس في الفيلم هو الذي عرض الدور أو أي شيء من هذا القبيل، بل لأنها تعرف ما تريد تقديمه ولماذا. هذا ليس منتشرا بين كل الممثلين. علي أن أقول إن معظمنا بلا خطط.

* ماذا عنك؟ حين تقبل أي دور هل تفحصه من الناحية الفكرية أيضا؟ وهل هناك دافع اجتماعي أو سياسي وراء اختياراتك؟

- لا.. كل قرار أقوم به هو قرار مستقل أتخذه عند قراءة السيناريو. إذا ما وجدت نفسي أتعامل مع الشخصية المكتوبة وأفهم ما تمر به ولماذا تمر به. السياسة لا تسترعي اهتمامي. كل اللغط الذي دار حول «شفرة دافنشي» و«ملائكة وشياطين» صور الأمر كما لو أنني مهتم بتقديم الفيلمين لأسباب دينية أو سياسية. الحقيقة أن هذا كان أبعد ما يكون عن ذهني. على الدور أن يعني لي شيئا على صعيد ما تعنيه الشخصية بالنسبة لي كممثل. إذا ما كانت تثيرني بالفعل أم لا.

* جزء من «لاري كراون» يقوم على ما سيفعله بطل الفيلم إذا ما كان لديه وقت فراغ. ما الذي قد تفعله أنت لو كان لديك مثل هذا الوقت؟

- تعلم لعب الغيتار البايس واللغة الألمانية (يضحك) هذان هما احتمالان قويان كثيرا ما يجذبانني لكني كما تقول ليس لدي وقت.

* لماذا الغيتار البايس واللغة الألمانية؟

- غيتار البايس فيه 4 أوتار فقط (يضحك) هذا هين. واللغة الألمانية هي أنني أحب أن أتحدث لغة معقدة. هل تعرف مثلا أنك في اللغة الألمانية تترك الفعل لنهاية الجملة؟ بذلك لا يمكن لمستمعك أن يعرف عما تتحدث عنه إلا في نهاية الجملة.. كنت دائما أتساءل لماذا لا يقاطع الألمان بعضهم بعضا حين الحديث (ضحك).