2012/07/04

حصدنا 6 جوائز ذهبية وأنجزنا 1200 ساعة وثائقية د. عمران: التربوية مشروع وطني
حصدنا 6 جوائز ذهبية وأنجزنا 1200 ساعة وثائقية د. عمران: التربوية مشروع وطني


أمينة عباس - البعث


ست جوائز ذهبية كانت حصيلة مشاركة الفضائية التربوية السورية في مهرجان بيروت للسينما الذي أقيم مؤخراً، وهو حصاد وفير لقناة تعمل بجد وهدوء بعيداً عن أي صخب إعلامي حولها، ولا يخفي مديرها د.طالب عمران سعادته الكبيرة بهذا الحصاد الثمين عبر الجوائز التي نالتها القناة عن جدارة وقد اقتنصتها لجودة أعمالها المشاركة.. والجوائز كما يبيّن د.عمران تعطي قوة دفع جديدة وتعترف بالجهود المبذولة في تلك الأعمال، مع أنه لا ينكر أن بعض الجوائز تُمنَح أحياناً لبلد من البلدان لتحقيق شكل من أشكال التوازن المطلوب، إلا أنه يؤكد أن ما حققته التربوية السورية سواء في هذا المهرجان أم في مهرجانات أخرى لم يخضع لهذه الاعتبارات بأي شكل من الأشكال، وبالعودة إلى بعض هذه الجوائز التي نالتها القناة يذكّرنا د.عمران بالجائزتين الذهبيتين اللتين نالتهما الفضائية في مهرجان القاهرة عام 2010 عن الفيلم الوثائقي «القديس حنانيا» الذي حصل عبر الانترنت على أعلى نسبة تصويت، وفيلم آخر يجمع ما بين الكارتون والغرافيك ويتحدث عن البيئة والطفولة، وفي مهرجان بيروت 2011 حصدت التربوية جائزة الإبداع الذهبي عن فيلم «شحنة الدماغ» .

ويؤكد د.عمران على مصداقية الجوائز التي نالتها التربوية، خاصة وأنه لم يرشح فيلماً من الأفلام إلا بعد تفكير طويل ولأنه كان بالفعل متميزاً، خاصة وأن الترشيحات تخضع لشروط معينة في الأساس، لذلك لم يرشح أي عمل إلا وكان مدركاً أنه قادر على المنافسة ويستحق المشاركة، وهذا ما أكدته ردود فعل المشاركين في المهرجان الأخير بعد عرض الأعمال جماهيرياً، ولا يمكن له أن ينسى ردود الفعل الكثيرة التي تلقاها بعد عرض فيلم «الموت حباً» في مهرجان بيروت الأخير حيث فوجئ بعد الانتهاء أن أحد النقاد المصريين أثنى بحرارة عليه مؤكداً له أن السينما العالمية تحتاج لمثل هذا الفيلم المختلف بعد أن ملّ الجمهور من قصص الحب المكررة، الأمر الذي جعل الناقد يحرص على امتلاك نسخة منه لعرضه في مصر.

وباتجاه آخر لكن يصب في الموضوع ذاته يوضح عمران أن الفضائية التربوية تحتاج للإعلان عن نفسها أكثر، كما تحتاج إلى نظام داخلي ووجود قانوني لها، ويؤكد أن التربوية وعبر إدارتها التي يترأسها كانت في البداية بحاجة لإنتاجات منتقاة، أما اليوم فإن الانتقائية فيها أصبحت رغبة في تحقيق إنتاج مختلف ومميز يقوم على طرح موضوعات جديدة، ويشدد عمران هنا على جدّة الموضوعات، خاصة وأن القناة تردها الكثير من الموضوعات إلا أن معظمها مكرر باعتبار أن التربوية لم تترك باباً إلا وولجته ولم تترك ثغرة إلا وسدّتها، لذلك فإن القناة اليوم في مرحلة انتقائية بامتياز، ويشير د.عمران إلى أن إنتاجات الفضائية بلغت اليوم نحو 1200 ساعة وثائقية و2000 برنامج تعليمي و480 ساعة دراما بمختلف أنواعها، كما تسعى القناة في الفترة الأخيرة لإثبات وجودها في مجال الدراما التربوية الموجهة للأطفال، لكل ما سبق وبحثاً عن التميز يؤكد عمران أن القناة توجهت منذ عام 2011 لإنتاج دراما مختلفة حققت حضوراً قوياً.

ولا يخفي عمران أن القناة تعرّضت في بدايات العمل لحرب شعواء من قبل الكثير من العاملين في الحقل الإعلامي لأن الجميع برأيه كانوا يريدون فرصة فيها، في حين أنه صدّ الكثير منهم لأن ما يقدمونه وهو مكرر وخالٍ من أي جديد، إضافة إلى أن بعض العاملين في القناة –برأيه- لم يستوعبوا حتى الآن أن التربوية مشروع تربوي وطني بامتياز، ومن أجل ذلك أخذ على عاتقه ومنذ تعيينه في إدارة القناة تحمّل هذه المسؤولية في أن تكون القناة مختلفة ومتميزة، وهو يفتخر بالعديد من الإنجازات التي حققتها وظلّت في الظل لعدم وجود صخب إعلامي حولها، ولأن القناة مازالت تبث على العربسات والنيل سات وهذا يحقق تواجداً محدوداً لها، في حين أنها اليوم كما يشير د.عمران بحاجة لأكثر من قمر حتى تغطي برامجها مناطق مختلفة في أوربا وإفريقيا والأمريكيتين، خاصة وأن الكثير من المغتربين موجودون في تلك المناطق وهم يتوقون لمتابعة القناة ببرامجها التي يمكن أن تهتم بأطفالهم لتكون مصدراً تربوياً جيداً لهم .


إنتاج التربوية


ويشير د.عمران إلى أن الفضائية التربوية اعتمدت في بداية انطلاقتها على عرض الأفلام الوثائقية نظراً للإنتاج القليل نسبياً لها، والناتج عن طبيعة العلاقة التي كانت تربط الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بالتربوية، باعتبار أن الأولى كانت تشرف على إنتاج برامج الثانية، ويبيّن أن هذه العلاقة كانت على مدى سنوات عديدة متعثرة وتعرضت لتقلّبات كثيرة ارتبطت بالشخصيات التي تولّت إدارة الهيئة، إلا أن هذه العلاقة أخذت مؤخراً شكلاً إيجابياً فأصبحت لدى التربوية حرية حركة أكثر، وقد نجحت في إنتاج الكثير من البرامج الوثائقية والأفلام والدراما التربوية التي لها علاقة بالطفل والعائلة، وعن سبب نجاح التربوية في إنجاز أفلام وثائقية هامة نال معظمها جوائز، يرى د.عمران أن ذلك يعود إلى أنها قُدِّمَت بطريقة مختلفة وبمشهد بصري عالي المستوى ومقرون بمعلومة عميقة ومختصرة، وقد تحقق ذلك نتيجة توفّر معدٍّ حقيقي ومخرج جيد يحوّل النص إلى مشهد بصري متميز، ويبيّن د.عمران أن التربوية لم تعتمد في أعمالها على كادرها من المخرجين بل استعانت بمخرجين متميزين في الساحة السورية، وكذلك بفنانين نجوم دعتهم للمشاركة في هذه الأعمال وقد تجاوبوا معها لقناعتهم بأهمية ما تقدمه هذه الفضائية .

أما العائق الموجود حالياً أمام التربوية فيلخصه بالوضع المادي الناتج عن الظرف الصعب الذي تمر به سورية، مبيناً في الوقت ذاته أن لدى الفضائية مشاريع عديدة أُنتِجت وستجلب رصيداً مالياً جيداً لها، وعن حضور القناة محلياً ومدى رضا د.عمران عنه يعتقد أنه ومن خلال ما ترد إلى التربوية من رسائل واتصالات مستمرة قد لبّت حاجة ملحّة لدى طلاب الشهادتين والكثير من المتطلبات لهؤلاء الطلاب، إضافة إلى أهمية ما تقدمه من أفلام عن قصص عالمية والتي لها علاقة بالتعليم والمنهاج، إلى جانب البرامج الأخرى المتنوعة التي لها علاقة بالفلك وعالم الحيوان والبيئة وتقنيات الحاسوب وبرامج الأطفال والأعمال الدرامية التي تتحدث عن حضارة العرب والحضارات السورية القديمة، ويؤكد أن لدى القناة الكثير لتقدمه ويفيد الناس وهو يعرف الكثير من العائلات التي لا تترك أطفالها يتابعون إلا برامجها لثقتهم الكبيرة بأنها تقدم كل ما هو مفيد ومشوق، ومن هنا يبيّن د.عمران أهمية الإعلام التربوي، خاصة في مجتمعاتنا العربية، وهذا يفرض على المسؤولين –برأيه- أن يتفهموا أهمية الفضائية التربوية ليساعدوا في إبراز شكلها القانوني والإداري في ظل عدم وجود نظام داخلي لها، إضافة إلى أشياء كثيرة يجب أن تكون محققة وهي ليست كذلك على أرض الواقع، ويأسف في هذا الاتجاه لأن مشروع هيئة للفضائية التربوية كان قد تم تداوله في فترة من الفترات إلا أنه أُجِّل دون معرفة الأسباب، وهذا ما جعل د.عمران يطمح اليوم على أقل تقدير إلى أن تصبح الفضائية التربوية مديرية عامة لتتمتع بشيء من الاستقلالية التي قد تساهم في تجاوز الكثير من العوائق الناتجة عن تبعيتها للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ويوضح د.عمران هنا وبالعودة إلى البدايات أنه وكمدير لهذه الفضائية حاول جاهداً أن يكون الوضع فيها مختلفاً عن التلفزيون باعتبارها فضائية وليدة وجزءاً من مشروع تربوي كبير، كان من الممكن أن يكون اليوم في مرحلة متقدمة إلا أن مشاريع كثيرة كان لها الأولوية بالنسبة لوزارة التربية كمشروع المناهج والمركز الوطني للمتميزين والمركز الإقليمي للطفولة المبكرة، وهذا ما أدى برأيه إلى بعض البطء في مسيرة القناة، لذلك يدعو المسؤولين لأن يكون للفضائية التربوية الأولوية، خاصة وأن النية لأن تكون شخصية مستقلة موجودة وبقوة لدى وزير التربية.

كما لا ينفي د.عمران أنه ربط كل شيء في الفضائية بشخصه بنوع من المركزية التي لا يحبها ولا يفضّلها، إلا أنه وجد نفسه مضطراً لاعتمادها بعد أن فقد الثقة بالكثير من الأشخاص الذين خذلوه بعد أن اكتشف عدم أهليتهم للعمل فيها، لذلك فهو ومنذ حوالي سنة ونصف يمارس عمله فيها بشكل مركزي متابعاً لكل التفاصيل، جاداً وصارماً في عمله، يتعاون مع من يثبت ذاته وتميزه ومعتذراً ممن يستسهلون العمل، مؤكداً أن مسيرة الفضائية التربوية مستمرة وهي ستقدم إنتاجات متميزة ومختلفة في المستقبل ليكون لها حضورها في الساحة السورية والعربية، إضافة إلى سعيها نحو الاستقلالية، مركِّزاً في المرحلة القادمة على إنتاج المزيد من الأفلام الوثائقية والدراما بكل أنواعها، إضافة إلى مشروع آخر تعمل على تنفيذه القناة اليوم وهو تقديم البرامج التعليمية بشكل جديد بعد تطويرها إلى جانب الاعتماد على برامج تُقدَّم على الهواء مباشرة .

وبعيداً عن تفاصيل العمل في الفضائية التربوية أسف د.عمران للإهمال الكبير الذي يعانيه مبدعونا والتعتيم الذي يُمارَس عليهم بعد أن أصبحت الساحة الإبداعية متروكة لإنصاف المبدعين في مجتمعاتنا، في حين أننا نحتاج اليوم إلى المبدع الحقيقي الذي يعطي الإنسان من حوله ولا يفكر بنفسه وهو الأكثر غيرة والبعيد كل البعد عن الأنانية، أما إنصاف المبدعين الذين يملؤون الساحات، وهم برأي د.عمران جزء من الانهيار الحاصل في الوطن العربي والذي حذّر منه في روايته «الأزمان المظلمة» الصادرة عام 2002 والتي أشار فيها إلى أن هذا القرن هو قرن المتاهات والظلمات وقد تجلّى ذلك بعد سنة ونصف من إصدارها بحرب العراق ومن ثمّ بالاغتيالات التي حدثت في لبنان والفبركات الكثيرة الناتجة عنها، ويؤكد د.عمران أنه كان من اللازم في تلك الآونة أن يتم التوقّع بأن حدثاً ما كبيراً سيحدث في العالم العربي، وهذا ما تحقق اليوم، مشيراً إلى أن مجتمعاتنا العربية تسير في خط منهار ولا ندري هل نستطيع أن نتماسك أم لا، مع إشارته إلى أن الكثير من الناس لا يملكون القدرة على التماسك والرؤية عن بعد، لذلك كان من الطبيعي أن تبدأ الانهيارات التي نشهدها اليوم في مجتمعاتنا وأن نرى الناس ضائعين تائهين بعد أن ألهوا بالكثير من المصائب والكوارث، إلى درجة أن بعضهم لا يدرك حتى الآن أن ما يحدث في سورية والوطن العربي كان مخططاً له، في الوقت الذي كانت فيه شعوبنا تتوقع حدوث مفاجآت سارّة، في حين أقول للعرب لا تنتظروا حدوث مفاجآت مفرحة في المستقبل لأن ما هو آتٍ مخيف جداً، خاصة في دول الخليج العربي، مع تأكيد د.عمران على أنه حذّر في مؤلفاته من الأجيال الرقمية حين أشار إلى أن المحطات الفضائية الموجودة والتي تكاثرت بشكل رهيب تخرّب في غالبيتها عقول الشباب العربي حين تتوجه إليهم بالغرائز عن طريق فيديو كليبات وأفلام ليس فيها إلا الإباحية، ومن خلال محطات دينية تعزف على غرائز من نوع آخر تلغي فيها الآخر وتعزز غريزة الدم والقتل، في حين أن الحضارة العربية قامت على التنوع .

وفي ختام كلامه يوضح د.عمران أن العودة السريعة للتاريخ تعلمنا أن هذه المشاريع الموجودة بين ظهرانينا اليوم والتي تخرب العالم تبيّن أن اليهود هم سبب البلاء وقد أسسوا لحركات إسلامية ودخلوا في الإسلام ليخربوا ما يمكن تخريبه، ومن المؤسف برأيه أن نجد أن الكثير من الناس يدعون اليوم إلى السلام مع الكيان الغاصب الذي اغتصب أرضاً وشرّد وقتل شعباً وأن بعض الحكومات تبرر وجوده في ظل وجود حركات عربية متطرفة ما وجدت إلا خدمة للصهيونية العالمية، من هنا يدعو د.عمران إلى بناء علمي في سورية يقوم على توفير مراكز أبحاث متطورة لتكون مجالاً إبداعياً وأداة لمحاربة ما نجهله.