2012/07/04

حين يتحول النجم إلى مجرم
حين يتحول النجم إلى مجرم

خاص بوسطة- رامي باره


(هل الإعلام الناجح مرهون بالوقاحة؟).. لعلنا إن وجهنا هذا السؤال المباشر إلى الإعلامية "وفاء كيلاني" لكان جوابها: «بالتأكيد نعم» وإن لم تلفظه صراحةً ولكن هذا ما يوحي به برنامجها "بدون رقابة" الذي تعده وتقدمه على شاشة الـLBC الفضائية اللبنانية، والذي يعتبر استمراراً لبرنامجها "ضد التيار" الذي عُرض سابقاً على إحدى محطات "روتانا".

"بدون رقابة" برنامج حواري تديره "وفاء كيلاني" مع ضيف من نجوم السينما أو التلفزيون أو المسرح أو الإعلام في استديو مظلم يحاول من خلاله المخرج مراراً إظهار نجومية المقدِمة على حساب الضيف بشتى الوسائل، سواء من خلال إدخال لقطات لفنّيّي غرفة (الكونترول) وهم ينصتون إلى سؤال المقدِمة بحالة من التقديس والورع، أو من خلال إضافة بعض المؤثرات الصورية واللونية والصوتية لكلمة يتفوه بها الضيف في سياق ما، كإعطاء حركة زووم قافزة مع مؤثر صوتي عالٍ يعطي إيحاء للمشاهد بأن ما تفوه به الضيف يعتبر بمثابة اعتراف حصري وخطير للمقدِمة، أما إذا كان الضيف أكثر برودة وحذراً في إجاباته فإن ذلك لا يعني توقف المخرج عن إضافة هذه المؤثرات، التي سرعان ما تحولت إلى محاولة إعطاء قيمة وطابع الاعتراف لما هو أقل من عادي.

أما المقدِمة التي تظهر دائماً بلقطة قريبة جداً، فهي تتخذ دائماً موقف القاضي الذي يحاكم النجم ويفاتشه حتى في أكثر خصوصيه العائلية والشخصية، محولةً النجم الذي عُرف سابقاً بإنجازاته في أحد الفنون البصرية إلى متهم أو مجرم في جلسة إعتراف مشحونة بالتوتر والعدائية الشديدة.

و"كيلاني" تتفنن ببراعة في زيادة هذه العدائية بشتى الأساليب، سواء بالبحث الدائم على أحد النقاد الذين بإمكانهم توجيه نقد لاذع للضيف، أو من خلال المحاولة المستمرة في دفع الضيف للبوح و(الاعتراف) بما لا يرغبه فعلاً، ففضلاً عن تفاصيل حياته الشخصية تطلب المقدِمة من الضيف اختيار أحد النجوم بإلغاء الثلاثة المتبقين من قائمة بأربعة نجوم في مجال عمل الضيف، وتمنع عنه اختيار اسمين لأن المراد دائماً من الضيف هو تصريح استثنائي لا سابق له.

وتكرر "وفاء كيلاني" في كل حلقة المجموعة نفسها من الأسئلة (المثيرة) والمتشابهة حول زواج المثليين وتبنيهم للأطفال، وتأجير الأرحام، والقتل الرحيم....، لتبتسم نهايةً عندما يعترف الضيف بجهله عن هذه المصطلحات الغريبة عن ثقافته الشرقية ولتظهر المقدمة بمستوى أعلى من حيث (الثقافة).

قد لا يستحق البرنامج كل هذا الهجوم عندما نُقيّم بعض الحلقات التي استضافت من خلالها المقدِمة فنانين من الصف الثالث أو الرابع، ولكننا بالتأكيد سنستغرب أسلوب البرنامج في الحلقات التي استضافت بها "كيلاني" نجوم الصف الأول الذين قدموا الكثير لتاريخ الفن العربي ومازالوا يقدمون، وسبب استغرابنا هو تساؤلنا عن معنى إثارة وتكبير بعض التفاصيل الاعتراضية وغير المتكررة التي من الطبيعي أن يقع فيها فنان "بمستوى الكوميديان سعيد صالح مثلاً" بعد أربعين عام أو أكثر من العمل الفني.

ولنوجه اخيراً سؤالنا إلى الإعلامية "وفاء كيلاني": ألم يكن من الممكن الحصول على نفس (التصريحات) بأسلوب أكثر احتراماً يليق بمستوى النجوم الذين قدموا تاريخاً فنياً بهذا الحجم؟!.