2012/07/04

خالد تاجا.. دفق حياة ..
خالد تاجا.. دفق حياة ..


الثورة – فنون

« إنه مشروع العمر بالنسبة إلي ، فرواية (الشيخ والبحر) لأرنست همنغواي مغامرة وأعتبر أنها ستكون تجربة ختامية لمسيرتي ، وأشعر بالفرح لأنه وجِد الممول للفيلم ، وأعتقد أنه سيكون عملاً سينمائياً على مستوى عالمي .

وأقول بكل ثقة بالنفس وبعيداً عن الغرور ، أنني دخلت هذا التحدي مع أنطوني كوين وسبنسر تريسي ، فقد أصبحت بعمر الشيوخ وتنطبق علي كلمة (الشيخ) ولن يكون من الغريب أن أعكس تجربتي في صراعي مع الحياة من خلال هذا الفيلم « .. كان ذلك حلماً عبّر الفنان الكبير خالد تاجا عن قرب تحقيقه في لقاء أجريته معه منذ قرابة العام وحينها أسر أن التصوير سيكون بعد شهرين من ذلك التاريخ ، ولكن ما لبث هذا الحلم أن عاود للاختباء مرة أخرى حين أعلن الفنان تاجا عن تأجيل التصوير بسبب الظروف التي تمر بها سورية ..‏‏‏

رغم أنه عبّر عن رأيه في النص قائلاً : « سيكون نص الفيلم عاماً ، بمعنى أنه نص إنساني موجود في كل زمان ومكان والبحر موجود في كل زمان ومكان ، فالأعمال العالمية سواء ارتديت فيها (الشروال) أو (الجينز) سيبقى الجوهر فيها هو نفسه، ذاك الجوهر الذي تحدث عنه أرنست همنغواي». لقد شكلت الرواية تحدياًٍ حقيقياً خاصة أنها كانت بمثابة حلم للكثير من الفنانين لما تحمله من عوالم مختلفة وخاصة في تجسيدها لمبدأ صراع الإنسان مع الحياة .‏‏‏

المسرح ثم المسرح‏‏‏

القريب من الفنان خالد تاجا يكتشف ما يكتنز في داخله من خبرة في الحياة والفن والثقافة .. إنه إنسان مليء من الداخل ، يرفض الرضوخ للحلول السهلة ، وعبر إحدى لقاءاته مع جريدة الثورة أكد هذه الفكرة مجدداً عندما كان يتحدث عن نوعية الشخصيات التي يؤديها وغناها وتنوعها حيث قال حينها : «اشتهرت بأنني ممثل ألبس لباس الشخصية ولا ألبس الشخصية لباسي أنا ، وأنا لا أؤمن بالممثل النمطي إلا إن كان على مستوى شارلي شابلن الذي كان لديه مشروعه ، على الممثل أن يغير سلوكه وشكله وحركته في الشخصية ، وعندما تقرأ الشخصية عليك في البحث عن ماضيها وحاضرها وأن تستشرف مستقبلها المرتبط بظرفها الاجتماعي .. فهنا أنت تحكي عن إنسان متكامل عليك معرفته جيداً لتؤدي دوره ، وكل هذا البحث يعتبر متعة « . ومن الموضوعات التي أكد عليها أكثر من مرة عشقه للمسرح ، يقول : « لا أزال اعتقد أن المسرح هو مكاني الطبيعي» .‏‏‏

تاجا الشامي ..

‏‏‏

لم يأتِ هذا الغنى من فراغ وإنما هي موهبة واجتهاد ومثابرة ثقلتها الأيام والتجارب بحلوها ومرها .. ولكن ، من هو خالد تاجا ، ذاك النسر الذي يعانق طموحه عنان السماء ؟.. إنه وفقاً لموقعه على الأنترنت : خالد تاجا بن عمر من مواليد حي ركن الدين الدمشقي (6 تشرين ثاني 1939) ، تم اعتباره أحد أفضل خمسين ممثلاً في العالم وفقاً لمجلة (تايم الأميركية) عام 2004 ، أطلق عليه الشاعر الكبير الراحل محمود درويش لقب (انطوني كوين العرب) ، في حين أن كان لقب (تاجا الشامي) هو اللقب الذي يحب هو أن يدعو نفسه به . تم اكتشاف موهبته في الرسم في سن الثامنة ، وكان خيال الظل أولى مشاهداته الدرامية والذي أسره عندما كان في الثامنة ، وفي سن العاشرة بدأ يتردد إلى المسارح لحضور العروض المسرحية ، وفي المرحلة الثانوية قام عام 1955 بأداء دور البطولة في عملين مسرحيين من تأليف وإخراج أحد أساتذته آنذاك تحت اسم (نادي الزهراء الفني لشباب المساكن الشعبية) ، وعمل عام 1956 مع فرقة المسرح الحر مع توفيق العطري وكانت هذه الفرقة من أهم الفرق المسرحية المحترفة وضمت مجموعة كبيرة من الفنانين ( عبد اللطيف فتحي وصبري عياد وفهد كعيكاتي وأنور البابا وحكمت محسن ..) وقد أسند إليه عبد اللطيف فتحي في تلك الفترة عدة أدوار صغيرة ضمن عروض لموليير ، وقدم العديد من الأعمال المسرحية ، مثل (بالناقص زلمة) التي قدمها في المسرح العسكري وهي من تأليفه وإخراجه ، و(خدم أكابر) من تأليفه وبطولته ، كما ألف مسرحية (المجنون) التي لم تر النور بسبب الظرف المادي السيء بعد وفاة والده .‏‏‏

تنوع استثنائي‏‏‏


انتقل عام 1965 إلى المسرح العسكري ومن على خشبته اختاره المخرج اليوغسلافي بوشكو فوتونوفيتش للقيام ببطولة فيلم سينمائي (سائق الشاحنة) وهو أول عمل تنتجه مؤسسة السينما (1966) . وبدأت من هنا مسيرته السينمائية التي تتضمن العشرات من الأفلام السينمائية في القطاعين الخاص والعام ، ومنها : (رجال تحت الشمس) للمخرج نبيل المالح 1970 ، (الفهد) للمخرج نبيل المالح 1972 وقدم في العام نفسه فيلم (بنات آخر زمن) إخراج تحسين قوادري وفيلم (زواج بالإكراه) ، وفي العام الذي تلاه مثل في (عروس من دمشق) و (ذكرى ليلة حب) ، أما في عام 1974 فقدم عدة أفلام (العار) الذي تدور أحداثه ضمن ثلاثية من إخراج بشر صافية، ثلاثية (حب وكاراتيه) إخراج فيصل الياسري وشاركه بطولته مديحة كامل وهاني الروماني ، (فاتنة الصحراء) إخراج محمد سلمان، (غراميات خاصة) إخراج فيصل الياسري . وفي عام 1975 شارك في (عرس التحدي) إخراج محمد سلمان ، كما مثل في (أيام في لندن) إخراج سمير الغصيني 1978 ، ومن أفلامه أيضاً (شيء ما يحترق) إخراج غسان شميط 1993 ، (آه يا بحر) إخراج محمد شاهين 1994 ، (المتبقي) لـ المخرج الإيراني سيف الله داد عن رواية (عائد إلى حيفا) لغسان كنفاني 1995 ، (المهد) إخراج محمد ملص 2006 ، (الليل الطويل) إخراج حاتم علي 2009 ، (نصف ميليغرام من النيكوتين) 2009 ، (دمشق مع حبي) إخراج محمد عبد العزيز 2010 ، الفيلم القصير (أنفلونزا) إخراج رياض مقدسي 2010 .‏‏‏

أما على صعيد الشاشة الصغيرة فسيتابعه الجمهور في رمضان القادم عبر مسلسلي (الانفجار) و (الأميمي) ، ومن أعماله التلفزيونية الكثيرة نذكر : هجرة القلوب إلى القلوب ، صيد ليلي ، الأبواب السبعة ، شبكة العنكبوت ، جريمة في الذاكرة، نساء بلا أجنحة ، نهاية رجل شجاع ، إخوة التراب ، أيام الغضب ، المحكوم ، يوميات مدير عام ، شام شريف ، ملوك الطوائف ، أحلام كبيرة ، الحصرم الشامي ، أهل الراية، حاجز الصمت ، غزلان في غابة الذئاب ، الخبز الحرام ، أسعد الوراق ، أبو خليل القباني ، القعقاع ..‏‏‏

لقد قدم الفنان خالد تاجا تنوعاً استثنائياً من خلال الشخصيات التي جسدها ، واستحق التكريم الذي ناله أكثر من مرة ، حيث نال مجموعة من الجوائز والأوسمة وشهادات التقدير والدروع التكريمية ، منها تكريمه في مهرجان بودابست في بلجيكا 2010 ، جائزة لجنة التحكيم للدراما السورية أدونيا 2005 ، الميدالية الذهبية في مهرجان دمشق السينمائي التاسع .‏‏‏