2012/07/04

خرجت عن صمتها وفي أول حوار لها منذ بدء الأزمة...منى واصف لـ«الوطن»: أنا ضد التدخل الدولي وأزمتنا نحلّها بالحوار والمحبة
خرجت عن صمتها وفي أول حوار لها منذ بدء الأزمة...منى واصف لـ«الوطن»: أنا ضد التدخل الدولي وأزمتنا نحلّها بالحوار والمحبة

علي الحسن – الوطن السورية


أكدت الفنانة الكبيرة منى واصف أنها لا تسمح لأحد أن يزاود على وطنيتها ويخوّنها لافتة إلى أن تاريخها الفني خلال نصف قرن يشهد عليها واعتبرت واصف في حوار لها مع «الوطن» هو الأول لها منذ بدء الأزمة أن ما مر على سورية خلال الأشهر السبعة الأخيرة هو الأصعب وأنها ليست مع سقوط النظام وأن النظام قابل للإصلاح.

وشددت واصف على أنها ضد كل أشكال العنف معتبرة أن متظاهرين رفعوا شعارات متخلفة وأن الحل هو بالحوار والمحبة وأن يأخذ كل ذي حق حقه مشيرة إلى أن اختلاف الآراء لا يعني المتاجرة بالوطن، مستغربة كيف تم تصنيفها على أنها معارضة مؤكدة أنها لم تكن من أصحاب اللاءات على الرغم من أنها كانت تتحدث بكل شيء ولم يمنعها أحد من الكلام لافتة إلى أنه لم يخطر على بالها ولو للحظة أن يأتي يوم يتم الحديث فيه عن تدخل خارجي في سورية مشددة أن أزمتنا نحلها بأيدينا.

لم أكن... وليروا إن أرادوا

في حديث لها مع «الوطن» تبدأ منى واصف من حيث «انتهى» إليه آخرون في البلد عبر أقوال وردات فعل وأحكام وحملات مست «خطاً أحمر» في شخصيتها تتعلق بـ«تخوينها» إذ تقول: لم أفكر أو أتصور طوال حياتي.. في أحلام يقظة أو أفكار أو هواجس أو أي نوع من الأفكار التي تراود بني آدم أياً كانت أن يأتي يوم يتم فيه تخويني بوطني!! «فليقولوا ما يقولوا» وليتحدثوا بأي شيء يريدون.. لكني لا أسمح لأحد أن يزاود على وطنيتي ويخوّنني فتاريخي يتحدث عني طوال خمسين سنة في رحلتي مع الفن والحياة زرت خلالها العالم فليقولوا لي أين أخطأت بحق الوطن عبر مسيرة نصف قرن وليروا إن أرادوا أين أصبت ولا أريد أن أتحدث عن نفسي.

الصمت.. وماذا لو تركيا؟!

وحول ردها على حملات التخوين التي أطلقت بحقها عبر صحف ومواقع إلكترونية تقول منى واصف: كان ردي الصمت والثبات ولم أغادر البلد منذ سبعة أشهر على الرغم من دعوات جاءتني من هنا وهناك بينها من الأردن للمشاركة في مهرجان الشارقة الذي تم نقله إلى هناك واعتذرت أيضاً عن دعوة للمشاركة في الحفل الذي تنظمه سنوياً الـ«إم بي سي» للفنانين وعن مهرجان بيروت السينمائي علماً أنني مكرمة في المهرجان واعتذرت أيضاً من التلفزيون التركي للمشاركة في برنامج لجمع تبرعات للصومال- وهنا تعقب واصف- لم أغادر بلدي وتم تخويني فما بالك لو سافرت إلى تركيا حيث توجد المعارضة هناك؟!! فبقائي هنا أهم رد إلى جانب اتباعي كمواطنة سورية التعليمات الخاصة بالحفاظ على الليرة السورية بمعنى أنني أسحب حاجتي ولم أتاجر مثلاً بالدولار وكنت أقوم بأي شيء يمكن أن يفعله مواطن صالح ذلك أن الموقف كان يستدعي كيف أفكر وكيف أتصرف.. وهذا كان أفضل رد.

الابتسامة.. والرصاصة

وترى منى واصف أن كل ما مر على سورية منذ عام 67 مروراً بعام 73 وانتهاء بثمانينيات القرن الماضي أهون مما مر خلال الأشهر السبعة الماضية لغاية اليوم ذلك أنه في تلك المراحل والمحطات كان عدونا واضحاً ودورنا نحن الفنانين واضحاً أما اليوم فالعدو غير واضح.. قد يأتيك بابتسامة لطيفة أو برصاصة أو بقنبلة لكنك لا تعرف من هو!! وقد أصبح سائداً في الآونة الأخيرة: أنك إن كنت ضدي فإنك لا تحب الوطن، وتتساءل واصف هل الاختلاف بالآراء يعني المتاجرة بالوطن؟

الكذب... واللعب الألعن

وتؤكد واصف أنه لا حاجة لنا بمهرجان السينما وصرف العملة فنحن نريد مهرجان حوار.. مهرجان محبة نرجع من خلاله نفهم بعضنا ونشعر أن سورية ليست لي أو لك أو له إنها لنا جميعاً فأنا كنت قادرة على السفر وأترك «الشقا على من بقى» وأدير ظهري لكن هذا وطني أمي وأبي وابني فهل يترك المرء أمه المريضة ويسافر؟!

وفيما يتعلق بالإعلام تقول منى واصف: أتابع كل المحطات ولست ممن يقتصر على محطات بذاتها لأني أريد أن استخلص كل الآراء.. هم يلعبون بنا ويكذبون لكن إعلامنا بنفس الوقت لم يكن على قدر الأزمة ولم يرق إلى مستواها ولم يمسك خيوط اللعبة الإعلامية ولنعترف أنه ثمة أخطاء لكن بنفس الوقت اللعبة الإعلامية المقابلة ألعن.

الجرح... النزف والممارسات الخاطئة

وترى واصف أنه ثمة جرح وثمة انقسامات ولا أدري إن كانت صحّية لأننا اعتدنا الرأي الواحد وعندما قلت منذ البداية أنا مع الإصلاح قالوا لي ماذا ينقصكم أنتم الفنانون؟!

ألسنا أبناء هذا البلد؟! ألا يمكن أن نتحدث باسم الناس؟! لماذا أرادوا أن يضعونا في برج عاجي؟! وبالنسبة لي كنت دائماً منذ أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد لا أتحدث عن نفسي إنما أتحدث باسم أو عن الفنانين وكذلك فعلت خلال لقاءاتنا الرئيس بشار الأسد وهنا تقول منى واصف لقد مسني كثيراً ما أشار إليه الرئيس الأسد في خطابه الثالث عندما تحدث عن «كرامة الناس» وأنا في اللقاء التشاوري كنت أريد الإشارة إلى هذا الأمر الذي لمسه السيد الرئيس عندما التقى وفود المحافظات إذ يقول الرئيس الأسد: «عبر المواطنون في تلك اللقاءات عن غضبهم الممزوج بالمحبة وعن عتبهم المصقول بالوفاء لشعورهم أن دولتهم ابتعدت عنهم سواء ببعض السياسات أم ببعض الممارسات ولمست معاناة مرتبطة بجوانب عدة بعضها بالجانب المعيشي والخدمي وبعضها متعلق بالمساس بكرامة المواطن أو تجاهل آرائه أو إقصائه عن المشاركة في مسيرة البناء» فما أريد أن أقوله- تعقب واصف- هناك ممارسات خاطئة وإلا لماذا خرج الناس في البداية في المظاهرات السلمية (وتصر واصف على السلمية) فأنا لست مع العنف وأحتقر العصابات المسلحة وأنا ضد أن ينزف أي دم سوري ومن خرج في المظاهرات هي الأحياء الفقيرة التي حكم عليها بالانزواء وهنا تفتح منى واصف قوساً لتقول: أنا لست مع إسقاط النظام وذلك لسبب بسيط جداً أننا رأينا ماذا حدث في الدول التي سقطت أنظمتها ونرى معاناتها.. وربما يرون أن الثورات لها ضريبة وأن الأمور حتى تستقيم تأخذ وقتاً طويلاً.. لكني لا أرى الأمر كذلك ولا أرى ذلك هو الحل.

الإصلاح... العنف والشعارات المتخلفة

وشددت واصف أنا لست مع الحرق.. أو تقطيع الأوصال لست مع أي شكل من أشكال العنف ولا أعرف إذا كان ثمة عنف مبرر أو غير مبرر لكني ضده، مشيرة إلى أن النظام قابل للإصلاح وثمة إمكانية للإصلاح وللانتخابات وتعدد الأحزاب، وبالنسبة للمادة الثامنة فإن تعديلها يحتاج إلى مواد أخرى وعلى أي حال- تعقب واصف- أنا لا أفهم بالقوانين ولكن ما أفهمه: رجعوا لي وطني مستقراً وآمناً، متسائلة ما هذه الشعارات في الشوارع؟! «لا دراسة ولا تدريس...» على أي أساس يرفعون شعارات متخلفة بالعكس كان عليهم أن يقولوا «بدنا دراسة وتدريس وإلا...».

حليب.. وتخوين

وتستغرب واصف كيف أنها صنفت كمعارضة فقط لأنها وقعت على بيان «نداء» الحليب ذائع الصيت متسائلة: ألا يمكن أن أكون معترضة؟! ولكن المؤلم هو أن يتحدث الناس عن التخوين وأن تشعر أن أحداً ما يسكتك بطريقة مهينة وهذا لا يجوز حتى ولو كنت مخطئاً ألا تتم الأمور بغير هذه الطريقة؟! فأنت عندما تخون أحداً ما كأنك أطلقت عليه رصاصة أو سمحت أو بررت لآخر أن يطلق عليه الرصاصة فالأمور جرت أحياناً على طريقة المسلسلات.

الطارئ.. الأخطاء وشجر الزيتون

وعن مطالبات تتعلق بسحب الجنسية أو الوسام عن منى واصف فإنها تتساءل بأي قانون يتحدثون، المؤلم أن تجد من يفكر بهذه الطريقة ولكن وبذات الوقت يمكن أن تتلمس أعذاراً لطرق تفكير من نوع ما فالذي حدث طارئ علينا وجديد وربما كلنا وقعنا بأخطاء ذلك أننا لم ندرك في البدايات خطر وحجم الواقعة علينا والآن انظر إلى أين وصلنا؟! بات الأمر يتعلق باحتمال تدخل خارجي وأنا لم أكن أريد أو أفكر ولو ثانية أو للحظة أن تصل أمور البلد لدرجة يكون فيها التدخل الخارجي مطروحاً لدى البعض فأزمتنا نحلها بالحوار والنقاش نحلها بأيدينا ولكن دون قتل ودون دم فشجر الزيتون ارتوى هذه السنة كثيراً بالدم السوري والسؤال: من الرابح ومن الخاسر؟!

الرفاهية.. الفقر والإقصاء

وتلفت واصف إلى أنه ثمة فقر كثير وكبير وثمة مناطق تحت خط الفقر ولم نكن نعترف بذلك وأنا خلال عملي في الأمم المتحدة كسفيرة للنوايا الحسنة «انجرحت» عندما ذهبت إلى المناطق النائية ووجدت هناك الفقر والجهل والإقصاء وبالوقت ذاته ثمة ثروات غير طبيعية عند عدد ليس بقليل من الناس.

وتنوه واصف بأن السنوات العشر الأخيرة تخللها نوع من الرفاهية وأنا شعرت بها وثمة ما يمكن الإشارة إليه كـ«إنجازات» وعلينا أن نعترف بذلك ولكن عندما أنظر إلى غيري بمنطق ما أجد الشكوى التي لا تستطيع أن توصلها وصرت تشعر أن الحياة أخذتك إلى حيث صرت عاجزاً عن إيصال الشكاوى.

النكتة الجارحة.. والقبر

وتشير واصف إلى أن أصدقاء وأعداء (أعدقاء) سألوها ماذا لو سحبوا عنك الجنسية السورية فماذا أنت فاعلة؟! فردت عليهم واصف بالقول: أطلب اللجوء في وطني لأنه السباق في قبول اللاجئين وهذه ربما نكتة جارحة فبيتي في الشام وقبري جاهز فيها وأقول لمن طلب مني مغادرة بلدي عبر المواقع الإلكترونية أنهم هم من يغادرون إن أرادوا فأنا أحب وطني ولست من أصحاب اللاءات في السنوات التي مضت لكني أتحدث بما أريد ولم يحرمني أحد من الكلام وأنا أعتبر نفسي من الصامدين وأنا لست ممن يرفض رأي الآخر أو كلام الغير والأهم دائماً ألا تستعمل صفات بالوطن قاتلة كالخيانة.

السعادة.. المرض... وكتلة النار

وحول منحها وسام الاستحقاق تقول واصف فعلاً عشت بسعادة حقيقية بعد منحي الوسام من السيد الرئيس وخصوصاً أنني لم أكن أتوقعه وكان حدثاً مفاجئاً وهذا لا يعني أني لم أكن أحلم به لكني استبعدته لموقف ما وفجأة شعرت أن هذه السعادة وهذا الاستقرار وهذا النعيم أتى من يرمي عليه كتلة نار. وتقول واصف أنا لم أتاجر بمواقفي وقد كتبت بوصيتي أن أدفن في بلدي أينما حانت ساعتي.. وقد كان بإمكاني أن أذهب إلى ابني عمار ولكني ليس فقط لأني لا أحمل غير الجنسية السورية وأن لا بيت لي غير بيتي في الشام إنما لأنه لم يحصل خلال 50 سنة أن غبت عن دمشق أكثر من 100 يوم وكانت بسبب منحة اطلاعية إلى ألمانيا ولأنه عندي مرض اسمه دمشق مثل نزار قباني وأنا رأيت لاجئين ونازحين من كل الأنواع!! اقتلني ولا تشردني.. خذ روحي ولا تأخذ بيتي ووطني.

الاعتراف.. والعودة

ورأت واصف أن الحل أن يرجع الوطن مثلما كان قوياً لا مهاترات ولا عنف ولا من يصطاد في المياه العكرة ولا الإحساس باللامبالاة.

وعبرت واصف عن تفاؤلها بأن سورية ستعود لكن من له حق يجب أن يأخذه والمظلوم يجب أن ينصف والفقير يجب أن تحل مشاكله وعندما نعترف بمكامن الوجع نستطيع أن نشفي ونسهم في الشفاء وإذا تجاهلنا وأنكرنا فإن المرض ينتشر ويكبر ويحتاج إلى عملية.