2012/07/04

«ذاكرة الجسد» تفقد ألقها على الشاشة البلورية
«ذاكرة الجسد» تفقد ألقها على الشاشة البلورية

جمال آدم - البيان هل فشلت أحداث مسلسل «ذاكرة الجسد» في نقل عوالم الرواية التي استطاعت أن تثير عوالم الشباب والكبار في العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه وخلال فترة زمنية قصيرة..؟ هل غاب بريق الجسد وذاكرته وهو يمضي صوب الشاشة الفضية من عالم الورق إلى عالم الفن..؟ ربما ولكن الدلائل تشير إلى أن العمل المأخوذ عن رواية الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي لم يكن بحجم الرواية أصلاً وقد لا يكون في هذا ذنب الذين نفذوا العمل أو ذنب الروائية نفسها بل هو نتيجة ضياع حلقة مفرغة بين مختلف الأطراف التي ساهمت في إنجاز عمل درامي من المطولات الدرامية الرمضانية، وهي التي قادت نجدت أنزور سريعاً لتنفيذ هذا العمل المغامرة لصالح تلفزيون أبوظبي بدعاية لم يشهدها عمل درامي آخر وتوج بمؤتمر صحافي جمع إليه نجوم العمل ومستغانمي ومخرجه والسيناريست ريم حنا ومدير عام تلفزيون أبوظبي كريم سركيس وعدد كبير من وسائل الإعلام العربية. ولكن يبدو أن كل هذا الإعلان لم يحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع وهذا له علاقة باعتبارات درامية وروائية في آن معاً، وثمة رأي ثالث بين المؤيدين وهم قلة والمعارضين، يقول إن العمل لو نفذ كفيلم سينمائي ربما كتب له النجاح بحيث يتجاوز المطولات وحالات الاسترخاء التي مرت بها كاميرا نجدت أنزور أو جمل الحب والغرام والهيام التي مجّها النص وكررها كثيراً، والتي صارت تثير شكوكاً حقيقية حول أهمية رواية أحلام مستغانمي ومقاطعها التي لم تخدم درامياً كفاية! وأمام تحد من نوع خاص خاض المخرج نجدت أنزور مغامرة من نوع جديد، مغامرة قائمة على تحدي الرواية وتقديم عمل من وحيها، ونلفت هنا أن هناك عدداً من المخرجين الذين تم ترشيحهم خلال السنوات الثلاث الماضية لإخراج العمل ولكنهم وجدوا أن هناك فخاً ما في نقل الرواية بحذافيرها إلى الشاشة فعزلوا عن الفكرة ومنهم المخرج باسل الخطيب وحاتم علي الذي وصل إلى مرحلة تنفيذ العمل، ولكنه تراجع في اللحظات الأخيرة، وظل تلفزيون أبوظبي يبحث عمن يخرج العمل إلى أن ظهر نجدت أنزور ليمسك بقبضة هذا المشروع الصعب. ولعل العمل الذي اعتمد بالكامل على الرواية وعوالمها سقط في امتحان اللغة العربية الفصحى التي وإن كشفت حرفية المتحدثين بها ولكنها لم تكن بطاقة ضمان في رصيد هذا العمل ومنذ زمن طويل لم تدخل اللغة العربية في متن عمل درامي معاصر وربما كان الأمر غريباً عن المشاهدين، وهذا بطبيعة الحال ليس لأن اللغة العربية لا جماليات فيها بل على العكس ربما لأن الإعداد لهذه الرواية لم ينقل روح اللغة العربية التي بدت زائفة عن العرض التلفزيوني، أو هي لم تخدمه في أفضل الحالات. ولأن «ذاكرة الجسد» كرواية قائمة على التوصيف والسرد مع ضعف في عنصر الخيال فيها، فلذا انتقل هذا الأمر للمشاهدة التلفزيونية وكان لزاماً أن يعالج هذا السرد بإعداد متقن ومشهدية تنقلها عين مخرج فنان ولا ننفي هذا عن أنزور ولكن عدم توفر بطانة فنية هامة للعمل جعل المخرج يتنقل بين الفلاش باك ومشهد الحرب التي عمل عليها وبين القليل من التفاصيل وثمة مطبات كثيرة أظهرت أن لغة التلفزيون ليست كلغة الرواية بل هي أخف وأقل ثقلاً مما يسعى البعض لتضمينها. وإلى جانب كل هذا بدا إيقاع العمل متثاقلاً لم يكن برشاقة أعمال أنزور الأخرى ولم يقترب من العوالم المدهشة التي حققتها الرواية الأم التي أعيدت طبعاتها عدة مرات، وبطبيعة الحال لن نكترث لتصريحات تطلق من هنا وهناك ولكن سنتوقف عند خوف مشروع أطلقته الكاتبة ريم حنا من هذه التجربة الجديدة ومن قلق للفنان القدير جمال سليمان قبل بدء العمل، ومن حقهم هذ، ولكن كان يجدر لهذه التجربة أن تنضج على نار هادئة لجهة الإعداد واجتزاء التفاصيل الزائدة والمملة والمتعبة . وكان حري بالروائية أحلام مستغانمي أن تكون حريصة على روايتها وهي تنقل إلى رؤية جديدة.لا تلزم القراءة السابقة أن نلغي صوراً جميلة حققتها كاميرا المخرج أنزور الذي كان يتعذب لنقل صورة تواكب نصاً متعباً، ولا يمكن التغافل عن حضور خاص لعدد من الفنانين الذين شاركوا في هذا العمل وعلى رأسهم النجم جمال سليمان الذي حمل عبء مهمة متعبة في حفظ مقاطع طويلة من حوارات الرواية أو الشكل المعد عنها.