2014/03/08

رابعة الزيات
رابعة الزيات

 

سناء بزيع – دار الخليج

 

 

 

هي الإعلامية رابعة الزيات، رسمت لها الحياة دروباً مختلفة فلونتها بالأحلام، وعادت لتسرد أسرار عذوبتها على شاشة فضية . تألقت في لقاءاتها وحواراتها بدماثة ولطف، تلتزم حدود الإصغاء وحد الكلام، تدرك أن للضوء خفوته وللشهرة هذيانها، فبنت بلهفة الزوجة وحنان الأم بيتاً تحرسه وأسرة تحتضنها بدفء .

* من تجارب الحياة العادية إلى نجمة إعلامية، كيف حصل ذلك وهل المصادفة أم الإصرار على تحقيق الحلم؟

- هو البحث الدائم عن أنفسنا، والركض خلف أحلامنا . ربما المصادفات توصلنا إلى بعض الأماكن، لكن ما الذي يضمن الاستمرار والنجاح، هي الأحلام التي تزهر دائماً وتهدينا إلى ذواتنا، لا يعني ذلك أن نحلم فقط ولا نسعى إلى تحقيق الحلم، حينها نبقى في مطارحنا لا نبارحها وتهرب أحلامنا مسرعة منا . لذلك ومنذ طفولتي كنت أطمح إلى أن أدخل هذا العالم، صحيح أننا نتجه أحياناً إلى أماكن مختلفة ونسلك طرقاً أخرى، ولكن في النهاية ولن نكون إلا ما نحن عليه . وبالمثابرة والإصرار لا بد أن نصل إلى ما نحب أن نكونه في الحياة إذا قدر لنا ذلك وشاء رب العالمين .

* تجربتك الإعلامية الأولى كانت في تلفزيون "إن بي إن"، حيث قدمت أكثر من برنامج منها "سجال"، وبرنامج آخر يعنى بالموضة والجمال والتجميل بعنوان "الحياة أحلى"، هل الحياة أحلى مع الموضة والتجميل؟

- من منا لا يحب الجمال؟ لكن البرنامج لم يكن يسلط الضوء على الجمال بمعناه السطحي، بل حاولنا إيجاد شيء مفيد باستضافة المختصين في مجال الموضة والجمال، ليستفيد المشاهد من العلم والتطور في هذا الموضوع . من منا لا يذهب لشراء الثياب ومستحضرات التجميل وكل الكماليات الأخرى؟ لذا حاولت أن أقدم للناس المساعدة على اختياراتهم وإبراز شخصياتهم من خلال مظهرهم الخارجي إذا جاز التعبير .

* هل الجمال جواز المرور إلى وسائل الإعلام، خاصة المرئية منها؟

- هذا صحيح للأسف، ولكنني أرى اليوم أن حدة هذا الموضوع بدأت تخفت، في النهاية لا يصح إلا الصحيح . لقد رأينا تجارب عدة فشلت ولم يعد لها وجود بعد خوض تجربة الإعلام متكلة فقط على شكلها الخارجي، لست ضد الجميلات أن يكنّ إعلاميات ومنهن ناجحات طبعاً . نحن في عصر الصورة، وأن تكون طلتك بهية وتدخلي بيوت الناس هذا شيء حسن ولطيف، إنما الاعتراض على الإسفاف والاتكال على الشكل فقط لتكوني مذيعة أو مقدمة برامج على حساب العلم والمعرفة والثقافة . وألاحظ اليوم أن هناك وعياً لهذا الموضوع فأرى العديد من البلدان العربية لم تعد تركز على المذيعة أو مقدمة البرامج الجميلة فقط، بل القديرة المتمكنة التي تفرض مقدرتها مهنياً .

* ماذا عنك، ألم يكن جمالك جواز مرورك؟ .

- لا أنكر أني وعيت على جمالي طفلة، وذلك ما يراه بك الأهل والأقارب، دائماً ما نلفت نظر أولادنا إلى جمالهم . طبعاً سمعت الكثير من المديح والإطراء ووعيت وكبرت على هذه النظرة خاصة من أمي لأنها ككل الأمهات ترى أطفالها الأجمل والأفضل، لكن الحمد لله لم أبق أسيرة مرآتي، ولم آخذ هذا الشكل ركيزة لما سأكونه . عملت على نفسي، تعلمت وبنيت ركيزة جمالية داخلية وفكرية قدر الإمكان . هكذا أحاول أن أربي ابنتي، كما أنني محظوظة جداً بوجود زوجي زاهي إلى جانبي الذي دائماً ما يحثني للتطلع إلى داخلي لإظهار مكامن الجمال فيها . وبالعودة للعمل بالتلفزيون أعي حقيقة مُرة أن هذا مجد زائف، وعلينا ألا ننبهر باللحظة المؤقتة، لأن التلفزيون ينساكِ بسرعة رهيبة . كلنا نذكر الإعلاميات اللواتي قدمن لنا وللتلفزيون أوقاتاً جميلة جداً، وكن قديرات وجميلات أين هنّ الآن؟ إذاً علينا أن نحصّن أنفسنا وألا تغشينا الأضواء المؤقتة .

* نرى الكثير من البرامج الترفيهية والفنية الهابطة، مع القليل من البرامج الجدية لماذا برأيك؟

- لأن بعض المؤسسات الإعلامية تعمل "بيزنس" والإعلام أصبح كغيره من المؤسسات التجارية يبتغي الربح على حساب المضمون، وهذا مؤسف طبعاً . ومع أنني لست ضد الترفيه إنما علينا أن نحترم الناس وألا تتحول "النكتة" إلى كلام بذيء لنضحك الناس أو إلى تلميحات جنسية لنظهر أننا منفتحون أو مضحكون . أين البرامج الثقافية البحتة على شاشاتنا هل تشاهدين أياً منها؟ كانت هناك محاولات لأسماء كبيرة، لكنها لم تستمر لأن المحطات مملوءة بالبرامج الخفيفة والمسلية، والمشاهد العادي يستسيغ التسلية والترفيه للتخفف من الهموم، أو هذا ما عودوهم فاعتادوا .

* بالعودة إلى برامجك قدمت أيضاً برنامج "سجال" في تلفزيون "إن بي إن" وكنت تستضيفين أهل السياسة والثقافة والفن والإعلام، هل كان هذا البرنامج هو الخميرة التي أوصلتك إلى ما وصلت إليه؟

- برنامج "سجال" ناجح أفتخر به جداً ويصلح لأن يكون خميرة لما وصلت إليه . وإنما لا يمكن لإعلامي أن يقف عند برنامج ويقول لقد وصلت وحققت ذاتي، بذلك يكون قد انتهى مع نهاية البرنامج . كل عمل أقدمه هو علامة، هو معرفة وخبرة .

* ماذا عن برنامج "بعدنا مع رابعة" على شاشة " نيو تي في"، هل هو ما كنت تطمحين إليه؟

- هو برنامج ترفيهي ومسل، ولكن ليس على طريقة التسلية التي تكلمنا عنها سابقاً، على العكس تماماً أسعى في هذا البرنامج إلى تقديم الكثير من الاحترام لضيوفي أكرمهم كأنهم في بيتي . معظم الضيوف من أهل الفن والإعلام، نضحك نغني نرقص نتحاور ونحافظ على القدر الكافي من الانسجام فيما بيننا لنظهر للمشاهد برقي ورصانة في التعاطي من دون أن ننحدر إلى ما تتطلبه بعض البرامج الحوارية من شتم وسباب . صحيح أنه برنامج ناجح، ولكن كما قلت سابقاً لا يمكن لبرنامج أن يوقف طموحي فأنا أتطلع دائماً إلى الأمام .

* زواجك من الشاعر والإعلامي زاهي وهبي هل قربك من الشعر، أم من الإعلام أكثر؟ .

- أساساً أحب الشعر كثيراً منذ طفولتي وأنا أقرؤه وأتذوقه، لذا فالشعر قرّبني من زاهي لأنني أحببت زاهي الشاعر، أحببت شعره قبل أن ألتقيه وكنت متابعة له، فالتقينا في الإعلام وفي الشعر وفي الحياة

* هل الحياة مع الشاعر تشبه الشعر؟

الحياة هي الحياة، مملوءة بالتفاصيل والأحداث والمسؤوليات تفرحنا وتحزننا وتبكينا وتضحكنا . أما الشعر فهو القصيدة، تلطف الحياة ولكننا لا نسكنها، بالمعنى العملي للعيش، إذاً حياتي مع زاهي تشبه حياة كل الأزواج، مع الأولاد والمسؤوليات والعمل، ولكن ما يميز زاهي كثيراً أنه يشبه قصيدته إلى حدٍ بعيد، فلا انفصام بينه وبينها، وهذا يجعل حياتنا تشبهنا .