2013/05/29

سمير حسين: لا قيمة للدراما إن لم تتحدث عن هموم الناس
سمير حسين: لا قيمة للدراما إن لم تتحدث عن هموم الناس


لبنى شاكر – تشرين

«حائرات» مسلسل لنساء من حولنا، آلامهن انعكاس لفوضى مبادئ وقيم يعيشها المجتمع، لم تغب إلا لتحضر من حيث لم يتوقعها أحد. العمل الذي تنتجه المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، كتبه أسامة كوكش، ويخرجه الفنان سمير حسين، يتناول حكاية مجموعة من النساء،

راصداً قصة كل واحدة منهن وهمومها وأحلامها وحيرتها التي تعيشها، كما يرصد أيضا تأثير عدد من الموضوعات الشائكة في حياتهن كالعنوسة والطلاق والهجران الزوجي والرغبة في الإنجاب والعنف والخيانة والمشكلات القانونية المتعلقة بحضانة الأطفال، ومشكلات الشباب وانحرافهم. كل هذا ضمن الظروف التي تعيشها سورية، وما تركته من أثر اجتماعي واقتصادي.   شارك في العمل نخبة من فناني الدراما السورية منهم أسعد فضة، رشيد عساف، أيمن رضا، جهاد سعد، فاديا خطاب، وائل رمضان، مصطفى الخاني، نادين خوري، ضحى الدبس، سوزان نجم الدين، لينا دياب، ميلاد يوسف، تيسير إدريس، مروى أحمد، ماسة زاهر.

أزمة أنوثة مستباحة

عن موضوعي العمل، ومدى قدرته على السير بهما معاً أشار كاتب العمل أسامة كوكش في حديثه لـ«تشرين» إلى أن: الأزمة لم تنفصل عن حياتنا اليومية، على العكس فقد أثرت في علاقاتنا مع الآخرين، وكانت سبباً في خلافات بين الأخوة في البيت الواحد، وهذا طبيعي لأننا لم نعتد الاختلاف، ولم نعتد كذلك أن نتقبل الآخر، فنحن إما مع وإما ضد، فالنسبية غير موجودة في حياتنا.

ويتابع كاتب العمل: (حائرات) هن نساء غير قادرات على اتخاذ موقف في الحياة، لأن قرارهن ورأيهن على الأغلب يكون مسلوباً منهن وتالياً، هن قلما يسألن، وحتى لو سئلن ظاهريا فهن غير قادرات على اتخاذ موقف حقيقي على اعتبار أنهن موجهات.

يقول كوكش: ضمن المنظومة الاجتماعية التي نعيشها يأتي سؤال المرأة حالة تجميلية وليست حقيقية، ليتم تحميلها مسؤولية القرار الخاطئ من وجهة نظر الرجل فينفي المسؤولية عن نفسه على اعتبار أنه دائما على حق كما هو معروف في مجتمعنا.

«حائرات» نساء من حياة الكاتب، نماذج شاهدها تتعرض للظلم، وكان رده هذا العمل، محاولاً ضمن مشروعه عن «الإنسان»، ملامسة المرأة والنفوذ إلى مشاعرها، تاركاً الحكم على مدى النجاح أو عدمه للجمهور لكنه مع ذلك يتركها حائرة، فالقضية لم تحل والخروج من القوقعة يحتاج لعشرات السنوات علماً بأن الرجل ليس أفضل حالاً لكن وضعه يختلف.

أما عن الموضوعات الحساسة في العمل فيفترض كوكش أن (حائرات): ينقد الواقع في أحد جوانبه، والنقد عموما ليس بالسهل في مجتمع اعتاد تقديم الصورة الجميلة فقط، بعيدا عن الوجه السلبي، ومع أن الخطأ موجود في أي مكان في العالم لكننا اعتدنا التستر عليه، والأزمة كشفت هذا الكذب وتالياً، موضوعات العنف الجنسي أو الخيانة الزوجية موجودة بكل تأكيد. مضيفاً: بأنه قدّم هذه الموضوعات بما يسمح به الرقيب الداخلي أولا، محاولا الدخول للعمق ضمن حدود الرقابة، بعيدا عن تقديم الإنسان السيئ بالمطلق، فحتى المخطئ أو المعنف فيه جوانب إيجابية إلى حد ما.

ديمقراطية الدراما


الجديد في «حائرات» والمختلف كما يراه مخرج العمل الفنان سمير حسين هو تناول مجموعة من قضايا المرأة بالعموم على اختلاف انتماءاتها الطبقية والمعرفية والثقافية داخل ما يحدث الآن في سورية عبر نماذج فتيات وسيدات العمل، من الموظفة والفتاة القاصر إلى السيدة المتزوجة.

ورأى حسين أنه من المبكر جدا طرح أي قضايا أو معضلات سياسية في أي عمل فني إلا إذا ذهبنا باتجاه وجهة نظر واحدة مدافعين عنها، ومع إمكانية حدوث هذا، فهو يبدو إشكالياً في حد ذاته. مشيراً إلى أن مرحلة تقديم عمل متوازن برؤية سياسية لم تحن بعد، وفي (حائرات) تحضر نتائج ومفرزات الأزمة اجتماعياً واقتصادياً على شخوص العمل.

مضيفاً: إن طرح قضايا المرأة بالعموم في مجتمعنا ضمن صيغة فنية، ومنها موضوعات الخيانة الزوجية، وغيرها أمر حساس جداً، وإن كان العمل لا يقدم أي شيء يخدش حياء المجتمع أو يثير حفيظته، كما إن معظم الطروحات فيه مألوفة جداً، فالخيانة الزوجية والعنوسة والاغتصاب مثلا تم التطرق إليها ضمن أشكال مختلفة في أعمال أخرى.

وقال حسين: في معظم أعمالي تعاملت كمخرج مع قضايا يمكن أن تثير حفيظة المجتمع أو تعرضت للوقوف مع وجهة نظر على حساب أخرى لكنني كنت حريصا على ألا تحوي هذه الأعمال لفظ شتيمة واحداً، وتالياً هناك إمكانية لطرح قضايا بجرأة على ألا تسيء على الإطلاق لطفل يحضر العمل على سبيل المثال.

ويرى صاحب «قاع المدينة» أنه يوجد دائماً شرط درامي للتعبير عن قضايا شائكة وملحة وربما حساسة؛ لكن ليس كما تطرح حقيقة، وهنا يوجد شرط فني أيضا، فالفن يستلهم من الواقع لكن لا يماثله أو يطابقه بدقة، وتالياً، كل ما سيقدمه العمل من قضايا حساسة يراعي ما يحدث الآن في سورية، ويراعي كذلك طبيعة مجتمعنا المحافظ عموماً.

رسائل درامية

وفي سؤال عن تكرار عرض موضوعات وقضايا سبق تقديمها، أجاب صاحب (وراء الشمس): هذا له علاقة بوجهة نظر الكاتب، بمعنى، أن معالجة القضية تختلف من شخص لآخر، فالحرب العالمية الثانية على سبيل المثال قدمت بعشرات الأعمال، إذاً كانت هناك زوايا مظلمة وتفاصيل ما زال الكتاب يستلهمون منها، وكذلك قضية المرأة حساسة وعميقة وإشكالية في مجتمعنا وغيره عالميا لسيطرة العنصر الذكوري، وربما تكون مشكلاتها مألوفة وتم التطرق إليها مسبقا في الدراما السورية والعربية والعالمية لكن كيفية معالجتها، وبناء الحتوتة ضمن بنية النص هما المختلف.

يقول صاحب (دليلة والزيبق): إننا بحاجة لتنوير متفرجنا تجاه قضايا لها علاقة بالمرأة، لكونها تعيش جانباً من الاضطهاد في الشارع والبيت وحتى مكان العمل، هذا اللاتوازن واللاتكافؤ حاضر بقوة جداً، لذا تأتي الإضاءة الآن أكثر جدوى ، وتصبح أكثر إلحاحاً حين يكون الطرح مهما وغير ساذج أو سطحي. موضحاً: لا قيمة لصناعة دراما أو فن أو سينما إذا لم تكن هناك رسالة عبر أي مادة تقدم للناس، تختلف لا شك تلك الرسالة ومدى وصولها من مجتمع لآخر، تبعا لثقافته وتطوره معرفياً، لكن يجب طرحها بشكل مستمر مع مراعاة خصوصية المتفرج.

شخصيات من العمل

يؤدي الفنان رشيد عساف شخصية «أحمد» المزاجي، وهو شخص متسلط يملك معملاً، ويواجه نتيجة تسلّطه مشكلات مع عائلته التي تجبره على إعادة النظر في حياته.

في حين يجسد الفنان مصطفى الخاني شخصية الشاب «راغب»، الذي يعيش كثيراً من المتناقضات في حياته حيث لا يمكن أن تُصدر عليه حكماً نهائياً فهو كريم وأناني في الوقت ذاته، يقوم بالكثير من التصرفات المتناقضة، وفي كل مرة يشعر بالذنب ويحاول أن يبدأ من جديد لكنه يجد نفسه في مواجهة المجتمع الذي لا يساعده على ذلك.

الفنانة نادين خوري أمّ لفتاة موظفة في مؤسسة حكومية تتعرض للكثير من مصائب الظرف الحالي، وينعكس كل ذلك على الحالة في المنزل. بينما تؤدي الفنانة ناهد حلبي شخصية أم لفتاة وشاب، لدى كل منهما مشكلاته الخاصة، وتقع على عاتقها مسؤولية البحث عن حلول لمشكلات لا تعرف الكثير عنها بحكم تقدم العصر.