2012/07/04

شاهد عيان ... لا يُرى
شاهد عيان ... لا يُرى

بشار إبراهيم - دار الحياة

قبل أن تتشكل لجنة إعلامية في إطار المجلس الانتقالي الليبي، اضطرت فضائيات عدة لابتداع أسلوب التعامل مع ما أسمته «شاهد عيان»، يتولّى مهمات التغطية الإخبارية، عبر الصوت الذي لا تدعمه أيّ صورة، سواء كانت صورته الشخصية، أم الصورة المنقولة من قلب الحدث... بل وحتى دونما الإفصاح عن اسمه، مما لا يحمله أي مسؤولية، ولا يضفي عليه سوى صدقية افتراضية، قائمة على نزعة الفضول لدى تلك الفضائيات لأدنى معلومة، أو أقل تفصيل، حتى وإن كانت لا تدعمه دعائم، سوى قول «شاهد عيان» ذاته.

الجذر الأساس في موضوع «شاهد عيان»، الذي يرقى إلى مستوى الإشكالية الحقيقية، ويصل، في غالب الأحيان، إلى درجة الطعن في المهنية والحرفية اللازمتين في التعامل مع الخبر، هو منع الفضائيات من التواجد في مكان الحدث، وخنق مصادرها التي يُفترض بها أن تمتلك المؤهلات الفنية والتقنية، والمواصفات المهنية والحرفية، لالتقاط الخبر، ونقله مدعوماً بالصور اللازمة، أو التصريحات المسؤولة، أو المطلعة.

ولأن البث الفضائي فضولي بطبعه، ونهم إلى أقصى درجة، سيجد مزيداً من الخيارات في طرق الحصول على الأخبار والمعلومات، حتى لو اضطر للتنازل عن قسط من الموثوقية بمصادره، بخاصة المصدر الأعمى، الذي لا يُرى، والمُسمَّى «شاهد عيان»، إذ من الخطأ البيّن أن يُمنع وصول الفضائيات إلى حيث الحدث، والحدّ من حركة مراسليها وكاميراتها.

فالبديل العملي، أو البديل المُتاح، للمراسل الميداني، الخبير المحترف، والمُدرَّب والمجرّب، المعروف والموثوق، لن يكون إلا «شاهد عيان»، لا يعلم أحد من هو؛ لا اسمه ولا هويته. ولا يعرف أحد مدى خبرته، ولا عمق معرفته، ولا مقدار صدقيته. مع ضرورة الانتباه إلى أن أياً من الفضائيات لن يقف مكتوف الأيدي، منصاعاً للمنع، وسيجد سبيلاً، في العمل، حتى لو غلا ثمنه، وزادات أخطاره.

واللافت أن بمجرد أن تشكّلت لجنة إعلامية في إطار المجلس الانتقالي الليبي، وتمكّن بعض مراسلي الفضائيات من الوصول إلى مكان الحدث، لم يعد من داعٍ للتعامل مع «شاهد عيان»، إلا باستثناءات، بقيت تفرض وقائعها في الأمكنة التي ما زالت منغلقة أمام الفضائيات ومراسليها.

وبالانتقال إلى سورية، ومع انتشار ظاهرة «شاهد عيان»، في شكل واسع، في تعامل الفضائيات، ينبغي الانتباه إلى أن كثراً من السوريين لا يوافقون على منع الفضائيات من التواجد على الأراضي السورية، وممارسة أعمالها. قالت ذلك نائب عميد كلية الإعلام في جامعة دمشق الدكتورة نهلة عيسى في تصريح لفضائية عربية، ويتفق معها كثيرون، بلا شك. ولكن يبدو أن ثمة من هو في مركز القرار، المتعلق بهذا الشأن الإعلامي، ما زال يؤمن بإمكان تغطية السماء بغربال