2012/07/04

شاهد عيان.. لكن على طريقتنا!!
شاهد عيان.. لكن على طريقتنا!!

رمضان إبراهيم - البعث

قد يبدو العنوان نافراً ومستفزاً للكثيرين من أبناء هذا الوطن ولاسيما في هذه الظروف الحرجة التي بتنا فيها قاب قوسين أو أدنى من أن نفقد الثقة بحقيقة ما يجري من حولنا!.

وإذا كنّا ولسنوات عديدة انصرمتْ قد عانينا من شاهد العيان الذي تبينت فيما بعد حقيقة فبركته وتزييفه في قضية استشهاد رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري فإننا نعاني هذه الأيام من شاهد العيان المزيف أيضاً الذي يتنقل كالسوبرمان أو كالشبح من مكانٍ إلى آخر دون أن يدع لنا فرصة للتحقق من صحّة رواياته المتناقضة والمرتبكة في أكثر الأحيان.

لقد تضافرت الجهود خلال هذا الشهر الذي يكاد أن يلفظ أيامه الأخيرة لاحتواء الأزمة التي نعاني منها نتيجة قيام البعض بالتسلل إلى داخل النسيج الوطني السوري للعبث بأمنه وأمانه. ومن هنا كان لوسائل الإعلام السورية دور كبير(على الرغم من مستواها المتواضع) في فضح زيف مايلفّق ويفبرك في غرف العمليات التي أعدوها لنا. وضمن هذا التوجه كانت استضافة تلفزيون الدنيا الإعلامية المستقيلة من قناة الجزيرة الفضائية لونا الشبل في حوار كشفت فيه بعض ما كان يحصل في كواليس تلك القناة.

سوف أعالج بعض ماجاء في هذا اللقاء تحت عناوين متعددة أهمها: المؤامرة المخططة، حيث تحدثت الإعلامية لونا الشبل من خلال ماحملته معها من كتب ومقالات عن الدور الأمريكي والبريطاني والأيادي الشيطانية للوبي الصهيوني الذي خطط على مدى سنوات عديدة لتغيير سياسة النظام "حسب تعبيرها" أو لتغيير النظام وقد استشهدت بما يؤكد كلامها من خلال مذكرات جورج دبليو بوش وطوني بلير وهما الشيطانان اللذان أقنعا العالم بوجود أسلحة دمار شامل في العراق، وقادا حرباً مجنونة قضت على حضارة عمرها آلاف السنين، وقتلت ويتّمت ورمّلت وشرّدت مايقارب نصف الشعب العراقي. ففي كتاب(اللوبي الصهيوني والسياسة الخارجية الأمريكية ) قرأت لونا مقاطع منه حيث بيّنت أنه وبعد سقوط بغداد عاد اللوبي المكون من المقربين من إسرائيل والمحافظين الجدد لإطلاق حملته ضد سورية ولم يعد بعض أنصار إسرائيل في أمريكا يريدون تغيير السلوك بل تغيير النظام.

وتضيف لونا الشبل: بأن بول وولفتيز قد أعلن صراحة أن تغيير النظام في سورية بات ضرورياً.. وهذا ما أشار إليه أيضاً ريتشارد بيرل عندما قال: بأنهم قادرون على توجيه رسالة قصيرة إلى المترددين في سورية مفادها أنه قد حان دورهم الآن.. ولم يقف الحد عند هؤلاء إذ أعلن جون بولتون أن قاتل أطفال العراق( بوش) قد وعد الإسرائيليين بأنه سيهتم شخصياً بمصير النظام في سورية.

بعد هذا الغيض من الفيض هل علينا أن نتردد في وصف ما نتعرّض له الآن بأنه مؤامرة خارجية قذرة تعمل على تنفيذها أجندات خارجية وداخلية أشد قذارة ؟!!.ثم اسمحوا لي بأن أتساءل بكثير من الحب لماذا لم تخصِّص وسائل إعلامنا التي أجلّّها وأحترمها ساعات وندوات وحوارات لفضح هذه المذكرات والكتب وتسليط الضوء عليها ليتمكن المواطن من معرفة الطرق التي يفكر بها أولئك الذين يتباكون على حقوق الإنسان والديمقراطية، وكيفية تعاملهم مع الشعوب بدلاً من قضاء الوقت الكثير في البحث عن أسباب تعثر فريق الكرامة في مباراته مع فريق العهد اللبناني مثلاً، أو بدلاً من تخصيص صفحات في صحفنا المحلية للحديث عن المسلسلات المدبلجة وآخر ما وصلت إليه الدراما؟

وفي مجال الصدمة الإعلامية تحدثت الإعلامية لونا الشبل عن الصدمة التي تلقيناها في البداية والتي كادت أن تسيطر علينا لولا أن المواطن في سورية ملقّح بلقاح الوطنية وواع وقادر على محاكمة الأمور وتحليل مايرى ويسمع قبل أن يصدر أحكامه على ذلك، مشيرة إلى أننا صُدمنا في البداية ببعض المحطات الفضائية التي كانت لسنوات عديدة موضع ثقتنا والتي غيّرت مسارها تدريجياً إلى أن وصلت إلى ماوصلت إليه الآن من "عهر" إعلامي وفقدان لميثاق الشرف وخيانة للأمانة الصحفية. وفي هذا السياق أشارت مثلاً إلى أن قناة الجزيرة "الأجنبية" قد أعلنت أن من اعتصموا في حمص لا يتجاوزون الألف وأن شخصاً واحداً قد جرح ثم عادت لتقول إن شخصاً واحداً قد قتل!!.وأضافت في معرض تقديم الشواهد على طريقة هؤلاء في تحطيم البنية الداخلية للدول واستشهدت بما قاله نعوم تشومسكي الذي حدد عشر نقاط للتلاعب بالعواطف ومنها تشتيت انتباه الجمهور بقضايا جانبية بحيث لا يهتم بما يحاك ضده، ثم خلق مجموعة من المشاكل الآنية واقتراح حلول لها والتركيز على المشاعر وليس على العقل لأن المشاعر تفتح أبواب اللاوعي بغية زرع أيّ مشاريع ممكنة!.

كما  أوضحت الإعلامية لونا الشبل أن معظم الإعلام العربي بيد دول خليجية ممولة له "وهذا ليس سراً" ومن خلال هذا التمويل تستطيع هذه الدول أن تتحكّم بقرار تلك المحطات وأكدت أن هذا الإعلام في هذه الدول ليس بالإعلام الحر أبداً بل مسخّر لخدمة من يمولونه لتمرير سياساتهم ومخططاتهم ومحاربة كل من يقف في طريقهم، مشيرة إلى القلق الخليجي من إيران، ومن هنا لابدّ وأن نجد مبرراً لما تناقلته تلك المحطات عن وجود عناصر من إيران تساعد في قمع( كما قالوا) المظاهرات في سورية. وفي هذا السياق أرى (وبشكل شخصي) أنه علينا أن نقلق من الدول التي يرفرف العلم الصهيوني في سمائها ويتنقّل عناصر الموساد الإسرائيلي بكل حرية على أراضيها، لا من تلك الدول التي تعلن على الملأ دعمها لحق الشعب الفلسطيني ومساندتها لاسترجاع الحقوق العربية المغتصبة.

أما شهود الزور فهنا تكمن خطورة مايجري على شاشات تلك المحطات، ونحن قد عانينا لسنوات عديدة من العدالة الدولية التي بنت الأحكام وأصدرت القرارات التي كانت لها نتائج كارثية في العديد من الدول وفق شهود الزور الذين باتت وجوههم مفضوحة، ومآرب من وقفوا خلفهم مكشوفة لكل من أراد أن يستعمل عقله بدلاً من أن تسيطر عليه غريزته ويتحرك كما القطيع.

لقد أشارت الإعلامية لونا الشبل في ذلك اللقاء إلى الكثير من المغالطات التي يستطيع المرء بقليل من التروي والتدقيق أن يتأكد من زيفها وعدم صحتها ومصداقيتها فهل من المعقول أن يتصل شاهد عيان على الجزيرة من درعا وبعد ساعة أو أقل يتصل على القناة نفسها من بانياس علماً أنه يحتاج لأكثر من أربع ساعات ليصل؟!

ومن المقولات المتداولة والمعروفة بأن الهجوم هو خير وسيلة للدفاع وانطلاقاً من هذا أشارت الشبل إلى أنه من الواجب علينا ألا نكتفي بالدعاء وبالدفاع عن مصداقيتنا بل علينا أن ننتقل للهجوم متوجهة بالطلب من وزير خارجيتنا للقيام بالإعراب عن قلقنا مما يجري في شوارع فرنسا ومن تعاطي الحكومة الفرنسية مع مطالب المتظاهرين مثلاً، وتساءلت: لماذا يحق لهم التدخل بقضايانا دون أن يحق لنا ذلك؟!!. من جهة أخرى وفي معرض ردّها على سؤال الإعلامي نزار الفرا حول استخدام بعض رجال الدين أشارت إلى أن الشخص الذي قام بحرق المصحف الشريف قد أعيد إلى العمل مع تعويض مالي ودفع تكاليف المحاكمة التي رفعت ضده مع دفع رواتبه دون أن نسمع أي صوت من شيوخ أو رابطة علماء المسلمين في سورية والتي بينت أن مقرها الرياض!!!

وترى الإعلامية الشبل أن أخطر ما تتداوله وسائل الإعلام المحلية وغير المحلية هو بعض المصطلحات الغريبة عن عاداتنا وأدبياتنا  وممارساتنا كالحديث عن الطائفية فنحن في سورية نعيش حالة من التآلف والمحبة دون أي ذكر للطائفية ونحن لا نريد أن نشرب من الكأس الذي شرب منه جيراننا أبداً.

وأضافت: الإعلام قد وقع في الفخ بهذا الخصوص وتم التركيز أيضاً على الجانب الأمني دون أن يتم التركيز من قبل هذه الوسائل المحليّة على مراسيم الإصلاح التي صدرت مؤخراً "ونحن جميعاً نشاركها هذا القلق".

وختمت الإعلامية الشبل قولها بقناعتها المطلقة أن سورية ستتجاوز هذه المحنة بفضل تلاحم الشعب السوري على امتداد هذا الوطن الغالي وبفضل القيادة الحكيمة للسيد الرئيس بشار الأسد لأن سورية قد مرّت بمؤامرات عديدة وبات لدى المواطن السوري الخبرة الكافية في التعامل مع هكذا ظروف لكن المشكلة تكمن في الآخرين الذين لا يتورعون عن مدّ أيديهم إلى الجحر لأكثر من مرّة !!