2013/05/29

شجن الكلمة وعمقها في أغنيات الأم
شجن الكلمة وعمقها في أغنيات الأم


سلوان حاتم – الثورة



كثيرون لم ولن يعرفوا أن يعبّروا عن مشاعرهم بالكلمات تجاه الأم رمز الحياة والعطاء وأول من يقف خلفنا ويدعمنا ويشد من عزيمتنا .. تقول إحدى الأغنيات (يا أغلى من روحي عليّ يا أحلى شي وأغلى شي) وإن لم يقصد الشاعر والمطرب أمه فبالتأكيد قصدتها معاني الكلمات

منذ زمن الأبيض والأسود أطل علينا الفنان دريد لحام في أغنية عكس فيها شجن الكلمات وبساطتها فاستطاع بكلمات معبرة أن يدخل صميم قلوبنا وبلغة الكلام فقد غنّى غوار الطوشة السهل الممتنع الذي ترى مفرداته بسيطة ولا تستطيع المجيء بمثلها مثل (كم جوز جرابات قطبتيلي _ عذبتك كثير لتربيني _ ياما بردتي لتدفيني_ ارضي علي من قلبك وسامحيني) ولم تكن أغنية (يامو) كلمات وألحان الفنان دريد لحام وحدها التي أتت بكلمات بسيطة لأن فايزة أحمد استطاعت وضع حواجز أمام من يريد أن يغني للأم أغنية عندما أنشدت (ست الحبايب) أيضا بلحن عذب لمحمد عبد الوهاب وشجن وكلمة بسيطة لحسين السيد مثل (زمان سهرتي وتعبتي وشلتي من عمري ليالي_ نور عيني ومهجتي وحياتي ودنيتي_ يارب يخليكي يا أمي يا ست الحبايب) ما جعل المطربين والملحنين والشعراء يقفون طويلا قبل أن يغنوا للأم وفعلا غنى معظم الفنانين للأم ولكن لم يحظوا بالنجاح المطلوب .‏

إلا أن البعض استطاع الهروب من هذه القيود عن طريق الاستعانة بالشعراء الذين كتبوا صوراً شعرية غنائية استطاعت أن تحقق المطلوب فصدح صوت الكبيرة فيروز يغني من كلمات الشاعر سعيد عقل وألحان الأخوين رحباني أغنية (أمي يا ملاكي) ومن هذه الصور قولها (و لاتزل يداك أرجوحتي و لاأزل ولد _أمي و أنت زهر في عطره أضيع _و إذ أقول أمي أفتن بي أطير) مع أن السيدة فيروز غنت (أمي الحبيبة) من كلمات وألحان زكي ناصيف إلا أن (أمي يا ملاكي) دخلت أعماق الناس أكثر وعلى درب فيروز فعل مرسيل خليفة حينما لحّن كلمات الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش وربما لأن ما كتبه درويش خالط فيه ما بين الحقيقة والشعر فقصيدة أمي كتبها في السجن بعد منع والدته من إدخال خبزها وقهوتها فقال (أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي وتكبر فيي الطفولة يوما على صدر أمي_ وأعشق عمري لأني إذا متّ أخجل من دمع أمي _ خذيني إذا ما عدت يوما وشاحا لهدبك وغطي عظامي بعشب تعمد من طهر كعبك) فأتت الصور الشعرية أوكلها وحققت المطلوب.‏

ربما فيما ذكرنا نكون قد وضعنا يدنا على أكثر أغنيات الأم جمالا أداء ولحنا وكلمات ومع أن الزمن فيما سبق وفيما تلا قدّم أغنيات كثيرة للأم , ولكن تبقى أغنية الأم بحاجة لأن تعبر إلى القلب وتجتاز كل حدود أمام وصولها ، كيف لا والأم تنسج من روحها وجسدها خيوط ولادتنا ولا تتركنا إلا بعد أن تقطع الحياة مشيمتنا وحينها تضمنا إلى صدرها في أول لحظة حب وحنان نشعرها ، فهل نبخل عليها بأغنية (تعيدنا إلى طفولة كبرناها على يديها) ؟..‏