2012/07/04

"شو هالإيام اللي وصلنالا"!
"شو هالإيام اللي وصلنالا"!

خاص بوسطة – يارا صالح


"شو هالإيام اللي وصلنالا".. مطلع أغنية لزياد الرحباني.. لكن هذه الجملة، وبعد نحو ثلاثين عاماً على وضعها، ما زالت تعبر عن الكثير من المواقف التي نمر بها، وخصوصاً في هذه الأيام..

الجملة كانت أول ما طرأ على بالي وأنا أدقق النظر في المعطيات الإعلامية التي وصل لها الإعلام في أيامنا هذه، وهذا الإشكالية الحقيقية في مفهومَي المصداقية والمهنية التي وصلنا إليها..

والشواهد هنا كثيرة.. فـ "شهود العيان" ملؤوا الدنيا وشغلوا الناس، منافسين المتنبي في ذلك، ومنافسين وكالات الأنباء والمصادر الطبية والميدانية في نشر المعلومات التي، وبشكل غير خاضع لمعايير المهنية، تصبح حقيقة وأمراً واقعاً!!..

مثال: «الاتصالات مقطوعة.. والكهرباء مقطوعة.. ولا إنترنت.. والجيش يُطلق النار على المعتصمين "السلميين" في المسجد لمدة أربع ساعات».. وهل يحتاج معتصمون عددهم بالمئات فقط لأربع ساعات من النيران المتواصلة كي يتم القضاء عليهم؟!..

العجب الثاني كان في اعتماد هذه القنوات على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من مواقع الشبكة العنكبوتية كمصادر للأخبار، وللتذكر فقط فإن أياً كان بإمكانه أن ينشر ما يريد على هذه المواقع دون رقيب من أحد، وليس ما انتشر من مقاطع مصورة لتظاهرات ستحدث في سورية إلا واحداً من ثغرات عديدة في هذه المواقع!!..

مثال: انتشر فيديو على موقع يوتيوب عن مظاهرة ستنطلق يوم الخميس 14 نيسان/ إبريل 2011 في سورية بواسطة شخص ما.. تم النشر يوم الأربعاء 13 نيسان/ إبريل 2011!! فأين تم التصوير؟ ومتى؟؟

الاستفهام الأكبر تجاه هذه القنوات يطرحه مقطع مصور، نُشر على موقع "يوتيوب"، لحوار أجرته قناة "الجزيرة" مع المفكر العربي عزمي بشارة. في المقطع يظهر المذيع وهو يُملي على بشارة ما هي المواضيع التي يجب أن يتجنبها في الحوار، ويطلب منه أن يبيض صفحة المؤسسة، ويقصد الجزيرة، معتبراً أن ذلك هو الأمر الأهم.

في المقطع المُصوّر يُبدي بشارة استياءً لطيفاً من تشديد محاوره الإعلامي علي الظفيري على علاقة المملكة العربية السعودية بما يحدث في البحرين، ويقول له: «طلعتلي كل عقدك مع السعودية»..

المقطع المصور يضع علامات استفهام حول مصداقية القنوات، التي كنا مُدركين أنها تختار لنا ضيوفها الذين تريد أن يتحدثوا على شاشاتها، لكنه (أي المقطع) يُظهر لنا أيضاً أن ما يتحدث به هؤلاء الضيوف أيضاً هو ما تسمح لهم هذه القنوات بالحديث عنه فقط!!

الأيام التي وصلنا إليها في الإعلام العربي والعالمي هي أيام مؤسفة بلا شك.. ويبقى أن نسأل زياد الرحباني: إذا كنت تعجبت من تلك الأيام قبل ثلاثين عاماً.. فما قولك في أيامنا هذه؟؟!!