2013/05/29

صاحب «الأميمي» لـ«الوطن»: بعض المسلسلات عالجت القضايا المجتمعيَّة بشكل سطحي
صاحب «الأميمي» لـ«الوطن»: بعض المسلسلات عالجت القضايا المجتمعيَّة بشكل سطحي


وائل العدس – الوطن السورية



لا يفكر الكاتب سليمان عبد العزيز بالابتعاد بتاتاً عن مسلسلات البيئة الشامية، بل يدأب على تأليف وملامسة تاريخ الشام بالمزيد من الأعمال تحضيراً للموسم الجديد.

ونفى أن يكون عمله «الأمّيمي» مسيئاً لتاريخ الشام، مطالباً منتقديه بقراءة التاريخ جيداً.

بالبداية ما سر توجهك إلى الكتابة عن البيئة الشامية؟

لا سر، فأنا كاتب ومحترف لأن رزقي يأتي من الكتابة فقط، ولا أعتقد أن كاتباً لا تستهويه أي بيئة، إلا أن كان لا يحب التعب أو الغوص والبحث في مكونات المجتمعات السابقة فالبيئة الشامية حاضرة إلى الآن بشكلها ومضمونها من الحارات والمنازل والشخوص التي إلى الآن لا تستطيع أن تنسلخ عنها، وهي أيضاً غنية جداً بالأحداث التاريخية لكون دمشق أعظم وأقدم مدينة مأهولة وبالضرورة ستحمل إرثاً غنياً بكل شيء وعلينا استثماره بشكل موضوعي وصادق من خلال الكتابة الدرامية.

بماذا يتميز مسلسلك «الأميمي» عن باقي الأعمال الشامية؟ وما تقييمك للعمل بعد عرضه؟

امتاز «الأمّيمي» بصُبغَتِه التاريخية وسلَّط الضوء على حقبة مهمة من تاريخ دمشق، إضافة إلى مجموعة حكايا كانت تعاني الفساد المتمثل بشخوص (مبنى الحكمدارية) الذي يمثل مركز القرار الذي تراعى فيه مصالح الناس وتحل قضاياهم على خلاف ما كان سائداً في الأعمال الشامية التي عرضت.

أما ما يخص تقييم العمل فهذا يعود بالتأكيد للمشاهد وعلى ما أعتقد أن «الأمّيمي» حقق الكثير والحمد للـه.

هل ما زالت أعمال البيئة الشامية مطلوبة جماهيرياً؟ ولماذا؟

نعم.. لأن عنصر التاريخ هو الذي يجذب المشاهد لكي يستمتع بالحكايات التي كانت تروى على ألسنة الجدات ثم تطورت إلى صورة بصرية والماضي الذي يتم التحدث عنه ليس ببعيد وما تتميز به الأعمال الشامية هي الحكايات البسيطة غير المعقدة وجمالية العلاقات الأسرية التي كانت صبغة المجتمع في حينها على عكس ما يحدث في عصرنا الحالي من قطيعة على الصعد كافة فإنك تستطيع القول إن المواطن هو دائماً في حالة قطيعة مع كل شيء.

هل أساءت الدراما الشامية لدمشق بشكل عام؟ وما ردك على اتهامك شخصياً من خلال «الأميمي»؟

البيئة الشاميَّة تتحمل كل الافتراضات (الدراميَّة) التي تم تسويقها للعالم العربي وتكمن الإساءة في خلق ما هو ليس منتمياً للبيئة الشاميَّة، هناك أعمال رافقها نجاح عظيم ولم تحظ بنقد إلا من الجمهور المحلي لأنه ابن البيئة ويعرف مكونات البيئة الشاميَّة، على حين هناك أعمال طرحت دمشق بصبغتها التاريخية مثل «الحصرم الشامي» و«طالع الفضة» ويحمل العمل التاريخي نوعاً من التعقيد والنخبويَّة وهذا ما يرفضه الجمهور البسيط الذي اعتاد على أعمال طرحت البيئة الشامية بأفكار بسيطة جداً وهي في ذات الوقت لا تنتمي للبيئة الشاميَّة فلذلك في «الأميمي» قمنا بمسك العصا من المنتصف.

أما ما يخص الاتهام بتشويه البيئة الشامية، فأنا أستغرب من هذا الاتهام لأن صاحب الفكرة هو الفنان عباس النوري، وهو رجل دمشقي أصيل وليس من الممكن أن يسمح لي بتشويه البيئة الشامية، أما مُطْلِق هذا الاتهام فنقول له اقرأ التاريخ جيداً قبل إطلاق مثل هذه الاتهامات.

لماذا تظهر المرأة الشامية على أنها ثرثارة ومجرد عبد عند زوجها؟

في مرحلة ما بعد إبراهيم باشا لم تظهر شخصيات نسائية عامَّة لها حراك في المجتمع لكي أستفيد منها ضمن السياق الدرامي، أما ما يخص الشخصيات النسائية في «الأميمي» فكان قصدنا قدر المستطاع تغيير المألوف والاعتيادي للمشاهد لأن المرأة الدمشقية بطبيعتها تعيش في هذا المناخ المغلق وتتكيَّف معه، وقد قدمنا قصة حب وامرأة خالفت العرف من الناحية الأخلاقيَّة.

لماذا ابتعد معظم كتّاب الدراما عن الأزمات السياسية في الوطن العربي؟

لأن الأزمات لم تنته بعد ومن ثم لم تفرز مادة درامية يمكن الاعتماد عليها، وأنا مع ترك الأزمات حتى بعد انتهائها بسنوات لأنها ستفرز كل ما هو مختبئ وخفي من الأحداث والمراهنات والمزاودات، في حينها يستطيع الكاتب من وجهة نظري أن يعتمد على مادة درامية صادقة بالمُطلق لأننا إلى الآن نكتشف أشياء أو أسراراً أحاطت بأنظمة عربية فارقت الحياة العامة من أكثر من عقود.

هل تفكر بالابتعاد عن الأعمال الشامية والغوص في قضايا اجتماعية أو سياسية أم إنها لا تستهويك؟

مطلقاً، لا أفكر في الابتعاد عن الكتابة في البيئة الشاميَّة وقد شارفت على الانتهاء من كتابة مسلسل «الدومري» مع الصديق السيناريست عثمان جحى، وأما ما يخص القضايا السياسية والاجتماعية فقد انتهيت من كتابة عمل بعنوان «مسودَّات حكاية» وهو عمل اجتماعي سياسي، وعلى الصعيد التاريخي انتهينا من كتابة عمل عن السيرة الذاتية للخليفة العباسي «المعتصم بالله» بالشراكة أيضاً مع الصديق عثمان جحى.

برأيك.. هل تلامس الدراما السورية الواقع الحقيقي أم إنها تدور خارج السرب؟


الأعمال الدرامية السورية لامست الواقع في بعض الأعمال واستطاعت أن تغوص في عمق الواقع وهناك في الوقت نفسه بعض الأعمال أساءت الطرح وظهرت بشكل سطحي في معالجتها لقضايا مجتمعيَّة.

ما آخر مشاريعك؟ وهل من جزء ثان للأميمي؟


شخصياً انتهيت من كتابة «مسودات حكاية»، أما المشاريع المشتركة مع السيناريست عثمان جحى فهي:

«الدومري»، «بهيَّة خانم» وهو عمل تأريخي يتحدث عن كارثة إنسانية لحقت بالطائفة الأرمنية، «نساء القصور» وهو عمل تاريخي يتناول حقبة الخديوي إسماعيل والسلطان عبد العزيز محيطاً بالذي يحدث في أجواء القصرين ويسلط الضوء على ظاهرة (الخصي) و(تجَّار الرقّ)، وأخيراً عمل تاريخي يتناول سيرة سيدنا موسى عليه السلام. أما ما يخص الجزء الثاني من مسلسل «الأميمي» فالأمر لم يُحسَم بعد.

ما أهم الصعوبات التي تواجه كتاب الدراما؟ وهل تشعر أنك مظلوم مادياً مقارنة بالمخرج والممثلين؟



ومتى لم تكن هناك صعوبات تقف في وجه الكاتب؟ فالكاتب يقدم نصاً إلى أي شركة وقد يتزامن الأمر مع وجود نصوص لكتَّاب معروفين فيتم تفضيل نصوص الكتاب المعروفين بغض النظر عن جودة المكتوب، وبذلك فنحن نفتقد الأمانة المهنية، ثم تأتي المطبات الصناعية أن تم اختيار نص الكاتب المبتدئ فيصطدم بمنتج غير مثقف وغير مهني، فالمنتج يريد قدر المستطاع أن يجهز عمله بأقل التكاليف غير مبال للمجهود المبذول في كتابته وقد يصطدم أيضاً بملاحظات شخصية من البعض «وقد تكون أحياناً غبية» لو تم العمل بها لوجب إعادة كتابة المسلسل. أما ما يخص الأجر فمرتبط باسم الكاتب وقِدَمهِ وأعتبر هذا من أكبر الموبقات.