2012/07/04

ضيـوف مختلفـون فـي مواجهـة إعـلام أحـادي
ضيـوف مختلفـون فـي مواجهـة إعـلام أحـادي


علي وجيه - السفير



لم تكن الآراء التي طرحها الفنان سلّوم حداد في برنامج «صباح الخير عالدنيا» عبر شاشة «الدنيا» مؤخرا متوافقةً تماماً مع توجّه المحطة السورية الخاصة الموالية للسلطة. فالممثل السوري، الذي كان ضمن وفد الفنانين الذي التقاه الرئيس بشار الأسد مؤخراً، افتتح حديثه على الهواء مباشرةً بمدح الرئيس والإشادة بتواضعه وانفتاحه على الجميع، لكن كان ذلك للتمهيد لأقوال من نوع آخر، إذ قال لمقدّمَي البرنامج الصباحي الزميلَين محمد دوبا وكندة عصفورة بعبارة «اسمحولي كون مختلف».

دافع حداد عمّا عُرفَ بـ «بيان الحليب» المتعلق بمحافظة درعا، والذي أثار جدلاً عاماً واسعاً، مؤكداً أنّه «لو عُرضَ عليّ هذا البيان منذ البداية لوقعته». وشدّد على أنّ «درعا كانت محاصرة.. لأسباب أمنية». هنا بدا المقدّمان الشابان كأنهما فوجئا بسقف الحديث المرتفع. ولم تنف المذيعة مسألة «الحصار» كما اعتادت القناة، ربما للحفاظ هنا على المصداقية، بل علقت بالقول بأنّ هذا تمّ «بناءً على طلب المواطنين.. لإعادة الأمن والأمان». فقام المخرج أحمد إبراهيم أحمد عبر مداخلة هاتفية بنفي موضوع «الحصار»، لكنه كان «سعيداً بسماع رأي مختلف عبر شاشة وطنية».

الدفاع عن البيان كان مجرّد البداية. فبطل «الزير سالم» انتقد بشدّة بعض الممارسات الأمنية، وساق مثالاً على ذلك ما حصل في ساحة «عرنوس» في دمشق منذ فترة. وطالب كاميرات «الدنيا» والتلفزيون السوري بنقل المظاهرات على الهواء مباشرةً «للرد على الصورة بمثلها في عصر الصورة»، في إشارة إلى أداء بعض الفضائيات العربية وتضخيمها لما يحصل في سوريا.

بعد ذلك، اتهم حداد حزب البعث الحاكم بالفشل في تحقيق أهدافه في الوحدة والحرية والاشتراكية خلال 48 عاماً من تولي السلطة، وعندما حاول المقدّم مقاطعة ضيفه بالسؤال عن طرح موضوع التعددية خلال لقاء الفنانين مع الرئيس الأسد، استمر حداد في متابعة فكرته الأولى وصولاً إلى سؤال التعددية المطروح.

في ما يخصّ رئيس الجمهورية، كان حداد جريئاً بالدعوة إلى عدم المبالغة في مدح الرئيس، «فـالسيد الرئيس بشار قد يخطئ وقد يصيب»، داعياً إلى نقد المراسيم التي يصدرها وإيصال رسالة بذلك إليه حتى يتم التراجع عنها أو استدراكها في حال وجود خلل ما. وطالب بطل «القعقاع بن عمرو التميمي» المعترضين بالالتزام بالقوانين والمدد الدستورية «حتى العام 2014 (موعد الانتخابات الرئاسية القادمة). عندها اختر ممثلك في صناديق الاقتراع. قد نختلف حول شخص لكن ليس على الوطن».

ولم يكن سلّوم حداد الفنان الوحيد الذي تحدّث بنَفَس مختلف عن الخطاب الإعلامي السائد. حادثة الارتباك التي تسبّبت بها تحية بسام كوسا «للمعارضة السورية الشريفة» أثناء حواره مع الزميلة ريم معروف على نفس القناة في بداية الأحداث، ما زالت حاضرة في ذاكرة المتابعين.

لا يختلف اثنان على تقصير الأداء الإعلامي السوري في مواكبة الأزمة التي تشهدها البلاد منذ أكثر من شهرَين. الأحادية وغياب المرونة والذكاء في تسويق وجهة النظر السورية داخلياً وخارجياً. محاورون متواضعون غير جاهزين لمواكبة الخطاب المختلف. إغلاق المنابر المحلية في وجه المعارضين الوطنيين المعتدلين.. أداء يأمل الجميع بتغيّره في ظل الإدارات الجديدة لقنوات التلفزيون السوري. وفي ظل نية قناة «الدنيا» استضافة أسماء من المعارضة، حسب وعد الزميلة هناء الصالح (خلال مقابلتها الأخيرة مع الزميل غسان بن جدّو). وهذا هو الأهم. فلتبدأ «الدنيا» بتغيير النهج الإعلامي، عبر توسيع نطاق ضيوفها.. لعلها تكون الخطوة الأولى في مجال تطوير الرؤية الإعلامية في سوريا، للوصول فعلا الى مستوى الأزمة.