2012/07/04

عباس النوري: الدراما الشامية شوّهت وجه دمشق
عباس النوري: الدراما الشامية شوّهت وجه دمشق

زبيدة الإبراهيم - البعث

أخيراً سوف تطل دمشق بوجهها الحقيقي، بحاراتها التي كانت ولا تزال كما هي، بناسها الذين لهم حياتهم الحقيقية وهمومهم وآمالهم، ستعود الصورة الحقيقية لدمشق كما كانت عليه، والوثائق المؤكدة ستدعم كل حدث مهما كان صغيراً.. هذا ما يؤكده الفنان النجم «عباس النوري» الذي لا يخفي أسفه عمَّـا لحق بدمشق وأهلها من مسلسلات لم تكن تنتمي لهم إلا بالمكان الذي استخدم مجرد (ديكور) للأحداث التي لم تمثل حقيقة ما عاشته دمشق وأهلها.

عباس النوري في مسلسل جديد كتبه هو وزوجته السيدة  عنود الخالد، وأسميـاه «طالـع الفضـة»، يعدان جمهور الدراما السورية بعمل يعيد لدمشق وجهها الحقيقي، ويرد الاعتبار لأهل دمشق الحقيقيين كما هم بالفعل.

مسلسل "طالع الفضـة" يتحدث عن مرحلة زمنية موثقة سياسياً واجتماعياً، حيث يتناول نهايات الحقبة العثمانية في سورية (العقد الثاني من القرن العشرين الماضي)، حيث انطلقت الثورة العربية الكبرى، من الحجاز أولاً (السعودية الآن)، وما تلا تلك الثورة من انحسار للوجود العثماني ثم دخول الفرنسيين إلى سورية بعد معركة ميسلون الشهيرة التي قضى فيها وزير دفاع سورية الشهيد يوسف العظمة.. ومع انتهاء هذه المعركة تنتهي وقائع المسلسل الذي تدور وقائعه في حارة لا تزال موجودة حتى الآن هي حارة " طالع الفضة "، وفيها يتعايش المسلم والمسيحي واليهودي، ومن هنا فإن كل ركن من هذه الحارة موجود بقوة في الحدث، وبحضور الشخصيات التي عاشت فيه فعلاً.

«تيلي دراما» زارت موقع تصوير «طالع الفضة» وأجرت هذه  الدردشة  مع الفنان عباس النوري  لتسأله عن الدافع لكتابة هذا العمل وهل بقي شيء لم يقدمه عن دمشق؟.

<< بداية، هذا ليس مسلسلاً تقليدياً - إن صح التعبير- فهو يختلف عمَّـا عرفه الناس من خلال المسلسلات التي لم تدخل حقيقة إلى البيئة الدمشقية كما هي.. في هذا المسلسل آثرنا أن ندخل في حياة الناس وعلاقاتهم كما عاشوها بالفعل.. من مسيحيين، إسلام، ويهود، حيث عاشوا معاً وتعاونوا معاً في الدفاع عن بلدهم ضد الغزاة من كل الأمم القريبة والبعيدة.. أناس امتزجوا بمواقف واحدة وثقافة واحدة، وبتقاليد حرصوا كلهم على الوفاء لها.. ابتعدنا عن الشخصيات الكرتونية المخترعة، وحاولنا فعلاً أن نعيد الاعتبار لدمشق بوصفها أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ.

> هل تجسد-أنت- شخصية حقيقية من شخصيات الواقع الذي تتحدث عنه؟.

<< ليس شخصيتي أنا فقط، بل كل شخصيات المسلسل، ابنة الحدث، والواقع الاجتماعي الذي عرفته دمشق في عام 1914 ولغاية عام 1920، حيث كان جمال باشا والياً على دمشق، في هذه الفترة التي كان يجنَّـد فيها أبناء سورية رغماً عنهم فيما عرف بالسفر برلك، وصولاً إلى الأيام التي شهدت وصول طلائع الثورة العربية الكبرى، ثورة الشريف حسين، وأخيراً قدوم ولده فيصل الذي صار ملكاً على سورية ثم خروجه منها بعد وصول الفرنسيين واحتلالهم لدمشق وسائر المحافظات السورية.. بما فيها كيليكيا التي هي الآن ضمن الحدود الجغرافية للجمهورية التركية.

إذن، سوف نرى في هذا المسلسل جنوداً سيقوا رغماً عنهم إلى معسكرات الحرب العالمية الأولى، ونرى شخصيات من بقايا الإمبراطورية العثمانية في لحظة انهيار تلك الإمبراطورية، وهذه الأحداث تطلبت منا أن نرجع إلى وثائق حقيقية لها مصداقيتها.. والمخرج «سيف الدين سبيعي» بذل مجهوداً كبيراً لإخراج المشاهد بما ينبغي من صدق في الصورة والتعبير عن الوقائع كما كانت.

> هل ترغبون بتوجيه رسالة معينة من استحضار تلك الوقائع التاريخية، أم هي  محاولة لإسقاط الماضي على الحاضر..؟.

<< لم تكن لدينا الرغبة في تقديم مادة تاريخية مفصلة، فالوقائع تمتد إلى مدى زمني طويل يتجاوز ما يستطيع المسلسل تقديمه، نحن أردنا تقديم لوحة حيَّـة عن دمشق وأهلها في العقد الثاني من القرن العشرين، نريد توثيق صورة من صور الحياة، وليس تقديم الوثائق ووضعها للدراسة في الوقت الحالي، لقد اهتممنا كثيراً بالناس كما هم، فتوقفنا عند حملات دفعت الناس إلى تغيير دينهم، وأردنا من خلال ذلك رد الاعتبار لكل الأديان والتأكيد على فكرة أن كل الأديان لله، وأن الناس غير ملزمين بترك دينهم لأي سبب كان، ومهما كان دور الشخصية محدوداً أو قصيراً، فقد حرص المخرج على الاستعانة بكبار النجوم لدينا لأداء تلك الشخصيات لأنها كلها أساسية ومهمة، فمعنا الفنان  الكبير رفيق سبيعي، والنجوم: سلوم حداد، جمال سليمان ، نادين خوري، إضافة للعديد من الوجوه الشابة.

> أنت مشارك بكتابة هذا النص، فهل لك رأي خاص بالشخصية التي تؤديها أم أنك أمام المخرج مثلك مثل أيٍّ من النجوم المشاركين معك؟

<< لست أنا وحدي من له رأي بشخصيته، فكل ممثل متمكن من أدواته يجب أن يفهم شخصيته، و أن يعرض وجهة نظره على المخرج، و أن يتفقا  معاً على كيفية ظهور هذه الشخصية. الممثل ليس مجرد (روبوت) بين يدي المخرج الذي هو أيضاً لا يرضى بذلك، فلابد من تبادل الاقتراحات والاتفاق على الحلول الإخراجية المناسبة.

> اعتدنا عليك ومن خلال أعمال درامية عديدة، في شخصيات مثل الحلاق وعكيد الحارة وسواها.. هل هذه من الشخصيات الموثقة في هذا العمل أيضاً؟.

<< هذه الشخصيات التي تتحدثين عنها، هي التي ارتبطت -للأسف - مع المسلسلات التي شوهت الحارة الشامية وأساءت إليها، بمعنى أنها لم تقدم عنها صورة حقيقية، بل كانت متخيلة وبعيدة عن واقع الناس.

لقد كان مسلسل (أيام شامية) سبَّاقاً في تقديم هذه الشخصيات، وكان واقعياً ومدروساً بشكل جيِّـد.. ويبدو أن نجاحه أغرى الكثيرين بالنسج على منواله ولكن باستسهال شديد، ودون العودة لأية وثيقة صادقة.. شخصيات (طالع الفضة) لن تكون من هذا النوع أبداً.

> هل ستكتفون بجزء واحد لهذا المسلسل أم ستتبعونه بأجزاء أخرى..؟.

<< قطعاً لا، لن تكون هناك أجزاء أخرى، نحن ملتزمون بمدة زمنية محددة، وهي مدة غنية بأحداثها وشخصياتها، وقد اخترنا من هذه الشخصيات ماله تأثير مباشر في حياة الناس: شخصية عبد الرحمن الشهبندر التي يؤديها الفنان جمال سليمان، وهو من الشخصيات المؤثرة في الحياة الاجتماعية والسياسية في سورية طيلة أكثر من نصف قرن.

*ما الجديد في شخصيتك أنت؟

<< أؤدي شخصية مهمة، «قائمقام المدينة»، وتجمعني الحوادث بالطبع مع معظم شخصيات المسلسل، خاصة الرسمية منها، فأجتمع في مشاهد كثيرة مع الزملاء: رفيق سبيعي وجمال سليمان وسلوم حداد، ومع سلوم حداد تظهر خفايا هذه الشخصية وطبيعتها الداخلية أكثر.

> كيف تقيِّـم تجربتك مع المخرج سيف الدين سبيعي.. وقد عملت معه في أكثر من عمل؟.

<< سيف الدين سبيعي صديقي الذي أحترمه كثيراً وأحب العمل معه وبإدارته، ونحن متفاهمان حول ما يناسبني من أدوار، وقد تعاونا معاً منذ أكثر من ثلاث سنوات.. قد نختلف على مشهد معين ولكننا بالنقاش نتوصل للاتفاق المناسب.

> هل هذا ينسحب على طريقة سيف الدين سبيعي بالتعامل مع سائر الممثلين؟

<< في الحقيقة نعم، لأنه رجل يحب عمله، ويحب أن يوفر له كل فرص النجاح، وهو يترك للممثل مساحة كافية ليؤدي دوره بارتياح .. وهو محاور جيَّـد ويحترم آراء الآخرين واقتراحاتهم.. من أجل ذلك تكون ملاحظاته وتوجيهاته من خلف الكاميرا قليلة جداً، وهذا هو السر في نجاحه ونجاح من يعملون معه.

نجـوم وشخصيــات

> الفنان رفيق سبيعي: يجسد شخصية «طوطح»، وهو رجل يهودي من يهود الشام، يعمل اسكافياً ويتابع بدقة حركة الناس، ويسهر معهم عازفاً على العود في خمارة ليلية، يمثل ضمير الحارة ونبضها، وهي شخصية تتطلب أداء عالياً يليق بمستوى تجربة الفنان رفيق سبيعي العريقة.

> الفنانة نادين خوري: تؤدي دور منيرة، زوجة الخال، وهي امرأة متمدنة، جريئة، تخرج سافرة، وعلاقتها بأسرتها متوازنة، لها ولد وحيد هو محور حياتها واهتمامها.

> الفنان سلوم حداد: يؤدي شخصية «أبو نزيه»، صائغ ناجح في عمله، يقيم مستأجراً عند عباس النوري وتقع بينهما مشاكل كثيرة، لديه ولد مريض، وشخصيته متسلطة وتميل إلى الشر، ودوره أساسي في العمل.

> الفنان جمال سليمان: هو ضيف شرف يجسد شخصية الدكتور «عبد الرحمن الشهبندر» في خمسة عشر مشهداً، وهو على علاقة جيّـدة بالخال «أبو مصطفى» عباس النوري.

> الفنان مكسيم خليل: يؤدي دور الشاب «عزيز»، شاب فقير، متزوج، يؤخذ عنوة للسفر برلك، ثم يهرب من هناك ويتعرض لأحداث ومواقف كثيرة.

> الفنانة وفاء موصللي: هي «أم سليم» في المسلسل؛ امرأة بسيطة فقيرة، طيبة، تحب أولادها ولديها ولد مشاكس يعذبها كثيراً.

> الفنان حسن عويتي: يؤدي دور (أبو رياض) وهو موظف في الحكم دارية، وهو رجل بسيط، لديه فتاة تهرب مع شاب وتسبب له المتاعب.