2013/05/29

عشــرات الســنوات ومئــات الأعمال المتميزة.. ودرامـانا بـلا جوائز!
عشــرات الســنوات ومئــات الأعمال المتميزة.. ودرامـانا بـلا جوائز!


عمر محمد جمعة – البعث

يكفي أن نعدّد الجوائز التي حصدتها المسلسلات السورية في السنوات الأخيرة محلياً وعربياً، ولاسيما بعد النهضة التي شهدتها خلال العقدين الأخيرين مع دخول شركات الإنتاج الدرامي الخاصة حلبة المنافسة وكثافة الأعمال المنجزة، لنكتشف مدى الظلم الذي حاق بدرامانا المحلية التي لم تلتفت المؤسسات الرسمية في سورية إلى إحداث جائزة تشجيعية أو تقديرية تؤكد أن المسلسلات التي يتخمنا بها الموسم الرمضاني ونصرف وقتاً في متابعتها تسير كلّها في الاتجاه الصحيح.

>  قد يتساءل البعض: وهل تعدّ الجوائز مقياساً؟، أو تستطيع أن تحدّد نجاح العمل الدرامي أو فشله؟!، لنقول لا بالتأكيد.

لقد أُطلقت في سورية جائزة "أدونيا" التي تبنّتها المجموعة المتحدة للنشر والإعلان والتسويق، وخصّصتها لجوائز: أفضل عمل متكامل، وأفضل مخرج، وأفضل ممثل دور أول، وأفضل ممثل دور مساعد، وأفضل ممثلة دور أول، وأفضل ممثلة دور مساعد، إضافة إلى أفضل نص وأفضل ماكياج وأفضل تصوير وإضاءة وأفضل تصميم ملابس وأفضل موسيقى تصويرية، فهل عجزت مؤسسات الدولة في الإذاعة والتلفزيون والثقافة والإعلام، مع تاريخنا الدرامي الطويل، عن إطلاق جائزة أو مسابقة سنوية تحتفي تكريماً وتقييماً بالمنجز الدرامي السوري الذي زاد إنتاجه اطراداً حتى فاق الثلاثين مسلسلاً، وربما الأربعين؟!. وهل يرضى القائمون على هذه المؤسسات أن تسحب مؤسسات عربية البساط من تحتهم ليظل المسلسل السوري وصنّاعه رهين الحلم بالتتويج على منصّات الغير في دبي أو القاهرة والإسكندرية وسواها؟!..

إن قراءة ومراجعة متأنية للمشاركات السورية محلياً وعربياً، وكي نرتقي بإنتاجنا المحلي ونقيّمه تقييماً صحيحاً، تستدعي إحداث مثل هذه المسابقة أو الجائزة، خاصة إذا اعترفنا أن مسلسلاتنا حقّقت مراتب متقدمة في المسابقات والمهرجانات العربية وحتى المحلية المحصورة بـ"أدونيا" اليتيمة.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد فاز مسلسل "زمن العار" للكاتبين حسن سامي يوسف ونجيب نصير ومخرجته رشا شربتجي بأربع جوائز في مسابقة "أدونيا" للأعمال الدرامية السورية، وفي الموسم نفسه فاز عربياً بالجائزة الأولى في مسابقة محمد بن راشد للدراما العربية التي تُنظّم في الإمارات العربية المتحدة، حيث أُعلنت النتائج في حفل ختام مهرجان دبي السينمائي.

كما فاز مسلسل "أسمهان" بعدد من جوائز "أدونيا"، وفي إحدى الدورات نال الفنان عباس النوري جائزة أفضل ممثل عن دور البطولة في مسلسل "ليس سراباً"، ونالت الفنانة أمل عرفة جائزة أفضل ممثلة دور أول عن دورها في مسلسل "بعد السقوط"، ونال الفنان بسام كوسا جائزة أفضل ممثل دور أول عن دوره في مسلسل "وراء الشمس"، فيما ذهبت جائزة أفضل إخراج للمخرج الليث حجو عن مسلسل "ضيعة ضايعة".

وعربياً شاركت الأعمال السورية في جوائز "تايكي" أو ما يُطلق عليها "الجوردن أورد" التي توزع سنوياً لنجوم الدراما في الوطن العربي، وتُقام فعالياتها بمنطقة البحر الميت في الأردن، وأصبحت واحدة من الجوائز المهمّة التي ينتظرها صنّاع ونجوم الدراما في كافة أنحاء الوطن العربي، حيث فاز المسلسل السوري "ربيع قرطبة" لمخرجه حاتم علي بالجائزة الذهبية كأفضل دراما تاريخية، كما فاز كاتبه وليد سيف بجائزة أفضل سيناريو، وفي المسابقة ذاتها نال المخرج هيثم حقي الجائزة الذهبية عن مسلسل "ذكريات الزمن القادم" في الإخراج مناصفة مع المخرج المصري نادر جلال عن مسلسله "الناس في كفر عسكر". كما حصدت الأعمال السورية الدرامية، مثلاً، في الدورة الثانية عشرة لفعاليات مهرجان القاهرة الدولي للإذاعة والتلفزيون العديد من الجوائز، حيث نال الجائزة الذهبية مسلسل "غزلان في غابة الذئاب" لكاتبه فؤاد حميرة ومخرجته رشا شربتجي عن الأعمال الاجتماعية مناصفة مع المسلسل المصري "أماكن في القلب", فيما حصل مسلسل "ملوك الطوائف" للمخرج حاتم علي على الجائزة الذهبية في مسابقة المسلسل التاريخي مناصفة مع مسلسل "الأمين والمأمون"‏ لمخرجه شوقي الماجري. وفي مسابقة جوائز الإبداع في المسلسل التاريخي فاز الفنان عابد فهد بجائزة أحسن ممثل عن دوره في المسلسل التاريخي "الظاهر بيبرس", مناصفة مع الفنان المصري حسن يوسف عن دوره في مسلسل "الإمام المراغي". كما فاز المخرج محمد عزيزية بجائزة الإخراج عن العمل التاريخي "الظاهر بيبرس".‏

وبات لزاماً بعد كل النجاحات ألا نكتفي بعقد الندوات التلفزيونية والإذاعية أو كتابة المقالات الانطباعية والنقدية في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، بل الحاجة الملحة تفرض أن نسعّر المنافسة أكثر من خلال إطلاق جائزة أو مسابقة ترعاها الدولة على غرار المسابقات العربية، مؤكدين أن هذا الأمر سيساهم في تقديم الإنتاج الأجود والأفضل، وبالتالي فرز الغث من الثمين، والحشف المجتر من المشهديات العميقة الراقية التي تستفزنا وتشدّنا لمتابعتها، ولا بأس من استفتاء رأي الجمهور في بعض الجوانب التي تتطلّب وتقتضي ذلك.

نجزم بالمعنى العام والعناوين العريضة أن الجمهور هو الحكم الأول في تقييم نجاح أو فشل أي عمل درامي، غير أن هذا وحده لا يكفي، كما لا يكفي أن تنال مسلسلاتنا الجوائز العـــربية وتقف عندها وحسب، بل الأجدى أن يكون الاحتفاء والتقييم محلياً صرفاً، وإلا ضحّينا بعشرات السنوات ومئات الأعمال المتميّزة.. وصرنا نقدّم دراما بلا جوائز!!